ذبح الأطفال والرجال إساءة مقصودة للأمة ورسالتها

تابعنا على:   11:47 2016-07-25

ا. علاء محمد منصور

تعددت الحالات التي شاهد فيها القاصي والداني, العربي والأعجمي, أفراد ينتمون لجماعات مسلحة اسلامية التوجه, يقومون بكل صلافة واسفاف وعنجهية وتبجح بذبح طفل أو رجل مسلم يقول ربي الله ونبي محمد رسول الله, والأدهى والأنكى من ذلك لا يكتفون بالقتل بطريقة تقليدية كاطلاق الرصاص مثلاً, بل يبحثون عن أرذل الطرق وأقبحها بالقتل سواء عن طريق الحرق البشع, أو الإغراق بالماء, أو الإلقاء من فوق قمة جبل ليهوي في وادٍ سحيق, أو باستخدام أداة حديدية تُجز بها عنق الانسان سواء كان شيخ أو رجل أو طفل, كل تلك الممارسات تتم وفق سيناريو موثق ومصور يتم نشره وتوزيعه ليصل بني البشر بجميع أنحاء العالم خلال دقائق معدودة, فما الهدف من الممارسة ومن النشر والتوزيع؟ الهدف ببساطة هو قذارة منقطعة النظير تدور حول اظهار اسم الحركة أو الجماعة التي قام عناصرها بذلك الفعل المزري, ليصار بعد ذلك الى حجز مقعد لها بالوفد المفاوض مع الحكومة السورية الشرعية, وتزداد حصتها من التمويل الدولي المقدم من الراعي الأمريكي وحلفاؤه بالمنطقة.

ولكن لماذا يُطبق علماء الأمة الاسلامية(القرضاوي, والعريفي, وحسان, وغيرهم) أفواههم أمام مشهد بل مشاهد الذبح للأطفال والرجال وقطع الرؤوس بسوريا الشقيقة والتي لا تمت للدين الحنيف بصلة؟ حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في الكتاب المحفوظ "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " أي : لا تقاتل من لا يقاتلك, والله يمقت الذين يجاوزون حدوده، فيستحلون ما حرمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حرم قتلهم من نساء المشركين والصبيان والرهبان, والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الشيخ الفاني و النساء والصبيان من المشركين فكيف الحال بأبناء الاسلام وصبيانهم، وإلى ذلك ذهب الامام مالك والأوزاعي فلا يجوز ذلك عندهما بحال من الأحوال قتل الصبيان والنساء، حتى لو تترس أهل الحرب بالنساء والصبيان أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقه.

والعقاب بالموت قتلاً له وسائل متعددة في عالمنا المعاصر قد تكون مألوفة أو رحيمة أكثر من نحر الرقاب بالسكين أو قطعها بالسيف والساطور, كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِن اللهَ كَتب الْإحسان على كُل شَيء، فإِذا قتلتم فأحسنوا القِتلةَ وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح), وهنا فرق الشرع بين قتل الانسان والحيوان فجعل القتل للإنسان بينما الذبح للحيوان, وقديما أشعلت النار عبر ضرب حجرين من الصخر ببعضهما, وتطور الى استخدام البترول الى عود الثقاب الى شعلة الغاز الى الشرارة الكهربائية, بمعنى أن لكل زمان وسائله, وتبقى هذه دعوة خاصة لعلماء المسلمين حول ضرورة بيان وتوضيح موقف الدين من تلك الممارسات والتشديد على تحريمها, والتأكيد على الاسلام دين الرحمة والسلام, وأن أبعد القلوب من الله القلب القاسي، ومن لا يَرحم لا يُرحَم.

ولعل وعسى أن يكون ذبح الطفل الفلسطيني اللاجئ ابن مخيم حندرات بمدينة حلب السورية آخر تلك المشاهد, ولكن السؤال الذي يتبادر للعامة والخاصة بات يقول : أين موقف ما يسمى دول العالم الحر من الجرائم التي تنتهك بحق الانسانية في فلسطين, وسوريا وليبيا, ولماذا لا يتم اصدار قرارات أحكام من الجنائية الدولية بجلب الأفراد المجرمين ومحاسبتهم على أفعالهم؟ فقرارات الجنائية الدولية لها قوة رادعة, وتعتبر نافذة ولها قوة معنوية وأخلاقية ملزمة للدول الحرة, ولكن تلك الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تغض النظر عما يجري من جرائم بحق المسلمين أينما وجدوا, بل تعمل على زيادة شأن تلك الجماعات المسلحة وترفع مكانتها بتمويل مالي وعسكري مباشر, أم عبر وكلائها بالمنطقة وخاصة بالجزيرة العربية, والهدف أمامها واضح جلي, ينشغل العرب والمسلمين بذبح وتقتيل بعضهم البعض ليبتعدوا بعيداً عن حارسة المصالح الامريكية وشرطيها بالمنطقة "اسرائيل", وتركها ترتع وتصول وتجول بأمن وسلام فوق الأرض العربية.

أن القتل ذبحًا طريقة لم تعهد عن المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن بعدهم من أهل العلم والقضاء, واطباق علماء الأمة أفواههم لتلك المشاهد المريعة, لسبب واضح رواه أشرف الخلق والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام, بأن أفضل الجهاد قول الحق في وجه سلطان جائر, فمعظم من يطلق عليهم علماء المسلمين وبالأحرى مشايخ السلطان ليسوا سوى دُمى بأيدي حكام عرب موالين من الألف للياء للسيد الأمريكي وسياسته بالمنطقة, واستشهد على ذلك بموقف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي عشية الأحداث بسوريا وتقديمه الشكر لأمريكا لتبرعها ب 60مليون دولار للمعارضين السوريين, ودعوته إياها لتقف وقفة رجولة وتمد المعارضين بالمزيد.

الطرق المشينة والممارسات البشعة في عملية مقتل بل ذبح الطفل الفلسطيني لم تترك مجالاً لأي مسلم مهتم بأمر دينه وبأمور المسلمين الا أن يعمل أولاً وبفاعلية عالية على اجتثاث وخلع الأفكار المتطرفة والتي تؤدي لارتكاب مشاهد اجرامية مسيئة للإسلام والمسلمين جميعاً.

وبات مطلوب فلسطينيا أولاً وبعيداً عن الأجندات الاقليمية والتحالفات المرحلية ضرورة قيام كافة الحركات والفصائل الفلسطينية بتنظيم المسيرات الجماهيرية المنددة والمستنكرة للفعل الهمجي الذي راح ضحيته اللاجئ الفلسطيني الطفل عبد الله عيسى ابن مخيم حندرات بمدينة حلب, فذبح الطفل عبد الله كان ذبح للكل الفلسطيني أرضاً وشعباً وهوية.

اخر الأخبار