تكامل اشكال النضال

تابعنا على:   02:14 2015-10-10

عمر حلمي الغول

مع تصاعد وتيرة الهبة الشعبة في محافظات الشمال الفلسطينية دفاعا عن الارض والمصالح والاهداف الوطنية، تتصاعد اشكال كفاح اخرى لا تقل اهمية عن المقاومة الشعبية، منها الكفاح السياسي والديبلوماسي، الذي تَوجه الرئيس محمود عباس بخطابه التاريخي في الجمعية العامة للامم المتحدة وبرفع العلم الفلسطيني لاول مرة في التاريخ امام مقرالامم المتحدة، ليرفرف عاليا وسط اعلام الدول إيذانا بالانتقال خطوة للامام نحو الدولة المستقلة، وايضا كفاح البناء لترسيخ وتطوير ركائز مؤسسات الدولة، وتعزيز الاستثمار في اراضيها بكل اشكاله في ميادين الاقتصاد والحياة المختلفة.

هذا التكامل بين اشكال الكفاح في بناء صرح الدولة الفلسطينية المستقلة يعكس التصميم والاصرار الوطني على المضي قدما في كنس وطرد الاحتلال الاسرائيلي البشع، الجاثم على الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران عام 1967. ويؤكد على حكمة وشجاعة القيادة الشرعية الفلسطينية، بربطها العميق والديالكتيكي بين اشكال النضال، وعدم وضعها في تناقض مع بعضها البعض، وبالادارة المبدعة للعملية السياسية، رغم الاقرار المسبق بوجود نواقص وثغرات وارباكات وهفوات، إلآ انها لم تحد يوما عن مؤشر البوصلة، المتجه دوما نحو هدف الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.

كان يوم الخميس الموافق الثامن من إكتوبر الحالي، يوما هاما في مسيرة الاستثمار، حيث قام الرئيس ابو مازن بافتتاح برجين، الاول بيت  الCCC (شركة اتحاد المقاولين العالمية) والثاني "إعمار" (مقر صندوق الاستثمار الفلسطيني) في سنتر الارسال التجاري، الذي يفترض ان يصبح في قادم الايام، مركز رام الله والبيرة التجاري. وهو ما يعتبر خطوة هامة في حقل الاستثمار، وتشجيع اصحاب رؤوس الاموال من الاشقاء والاصدقاء الاجانب على اقتحام الميدان لحرث وتعمير الارض الفلسطينية البكر، والمفتوحة على الافق البعيد في عالم الاستثمار. ومع أن الصدفة جمعت في لحظة تاريخية بعينها كل اشكال الكفاح باجلى اشكالها، إلآ انها الضرورة الذاتية والموضوعية، التي تؤكد للقاصي والداني، ان ارض الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67، وارادة الشعب وقيادة منظمة التحرير، قادرة على إحتضان وحماية الاستثمار اي كان شكله ومجاله، وكفيلة بالقدر الذي تستطيع على تأمين  شروط النجاح، مع إدراكها ان دولة الاحتلال الاسرائيلية وقطعان مستعمريها، لن تتوانى بين الفينة والاخرى بالتهديد المباشر لكل المشاريع الاستثمارية عن سابق إصرار وتصميم، متنكرة لكل الاتفاقيات والمعاهدات وللشرائع والقوانين الدولية. لتبقي الاقتصاد الوطني في دائرة المحوطة والتبعية. وبالنتيجة لتحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967. 

رغم ذلك، كل من يثق باهمية وإستثنائية الاستثمار في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، لا يتورع عن المغامرة المحسوبة للاستثمار في مجال اختصاصه الاقتصادي او الصناعي والعمراني. وهذا يتناقض مع النظرية العامة للاستثمار الرأسمالي،التي تؤكد، على حبن رأس المال، وعدم إستعداده للاستثمار في مناطق الحروب والاحتلال والفوضى. لان الرأسماليين، واي كانت جنسياتهم القومية يبحثون عن المناطق الامنة، والكفيلة بتسهيل شروط الاستثمار في مناخ سياسي واجتماعي إيجابي. مع ذلك، يشهد التاريخ على وجود عباقرة مغامرين من اصحاب رأس المال، مثلما فعلت شركة ال CCC العالمية، وهي ليست المرة الاولى، التي تقوم فيها الشركة والقائمين عليها بالاستثمار في الارض الفلسطينية، وهذا دليل على النجاحات، التي حققتها الشركة في المشاريع السابقة. ولا يكفي الاتكاء على بعد الانتماء الوطني، الذي لا يمكن التقليل من اهميته لمؤسسي الشركة المغفور لهما: سعيد خوري وحسيب الصباغ ولا لورثتهما. لان الشركة إسوة بكل الشركات العالمية تبحث عن الربح وتطوير فروعها وتعزيز مكانتها العالمية. لذا التأصيل لوجودها في فلسطين، يعود لما تحمله عملية الاستثمار السابقة والراهنة من افاق رحبة في المستقبل المنظور والبعيد. 

اما في حالة إستثمار صندوق الاستثمار الفلسطيني، فالامر مختلف نسبيا، وان كانت القواعد الناظمة للاستثمار واحدة في العالم، إلآ أن عليه مسؤولية خاصة بلعب دور هام في تعزيز ركائز الاقتصاد الوطني عبر الاستثمار في حقوله المختلفة. مبروك للشركة والصندق على حد سواء الاستثمار في ارض الدولة الفلسطينية. وسيبقى التكامل بين اشكال الكفاح مرشدا وهاديا للقيادة السياسية الفلسطينية في مختلف مراحل النضال.

    [email protected]

[email protected]

اخر الأخبار