أبرز عناوين الصحف الإسرائيلية 29/8/2015-28

تابعنا على:   15:46 2015-08-29

هل سيقوم الجيش الاسرائيلي خلال الحملة القادمة باحتلال مستشفى الشفاء في غزة؟

تحت هذا العنوان يكتب امير بوحبوط في موقع "واللا" ان الضغط الذي مارسه لواء غولاني خلال عملية "الجرف الصامد"، بدعم من المدفعية والغارات الجوية، اتى ثماره. ففي المراحل الأولى من المناورات البرية، انسحب معظم كبار قادة حماس في مخيم الشجاعية للاجئين الى الخلف. واختبأ بعض القادة في محيط مستشفى الشفاء، وهو أكبر مركز طبي في قطاع غزة. وسرعان ما ظهر القلق الذي عصف بهم: في مرحلة ما تم فتح النار على الفضوليين الذين جاءوا لإلقاء نظرة على المجمع الذي نقل اليه الجرحى. واشتبه نشطاء حماس بأن المقصود متعاونين مع إسرائيل، جاءوا لجمع معلومات استخبارية. كما تم وقف البث التلفزيوني المباشر عدة مرات من منطقة المستشفى، لأن قادة حماس تخوفوا من تصوير الصواريخ التي أطلقت من ساحة المستشفى. لقد انفجر صاروخ داخل المجمع الطبي وتسبب بخسائر في الأرواح بين المدنيين الذين كانوا في المستشفى. واضطر الجيش الإسرائيلي لدرء المزاعم بأنه كان مسؤولا عن الهجوم القاتل، حتى قام صحفيون اجانب بنقل صورة لقاذفة صواريخ جاهزة للاستخدام في منطقة العيادات الخارجية لمستشفى الشفاء.

 لقد سيطرت اجواء الخوف على القبو الآمن في المبنى الرئيسي للمستشفى. قبل ثماني سنوات، قررت حماس اقامة مقر قيادة تحت الأرض، يمكن لقداة المنظمة الاختباء فيه هربا من الجيش والشاباك. وتحول الجرحى والمرضى إلى دروع بشرية. ومع ذلك، لم يكن قادة حماس فقط هم الذين استمتعوا بالحصانة الهشة للمستشفى  خلال "الجرف الصامد"، وانما لجأ مئات سكان غزة الى بهو غرفة الطوارئ، الذي اعتبر احد أكثر الأماكن أمانا في قطاع غزة. مع ذلك فان استمرار الانشغال الاعلامي في مسألة ما اذا كان مستشفى الشفاء يشكل قاعدة للعمل الارهابي، زاد المخاوف من استهداف إسرائيل للمستشفى.

 لقد اعادت احداث صيف 2014، التساؤل في الجيش والجهاز الامني حول سبب الامتناع عن مهاجمة مستشفى الشفاء. منذ عام 2008، خلال عملية "الرصاص المصبوب" قال رئيس الشاباك في حينه، يوفال ديسكين، إن قادة حماس يختبئون في المستشفى: ورغم ان المعلومات حول ما يجري في أقبية الشفاء تراكمت في السنوات التالية، الا انه تم رفض المبادرات التي تم طرحها للقيام بعمل هجومي ضد العناصر الإرهابية، وذلك بسبب التخوف من الانتقاد الدولي لاسرائيل اذا هاجمت المركز الطبي. وهكذا تحول مستشفى الشفاء الى رمز للمقاومة. مكان واق بالنسبة للفلسطينيين وهدف للهجوم بالنسبة للكثيرين في المجتمع الإسرائيلي.

 لقد تم انشاء المبنى الرئيسي في مستشفى الشفاء، ليس بعيدا عن الشاطئ، في عهد الانتداب البريطاني. وفي حرب الأيام الستة عالج اطباء الشفاء جرحى الجيش المصري. وبعد الانتفاضة الأولى، خلال فترة الحكم العسكري في الأراضي المحتلة، وسع الجيش الإسرائيلي البناء في الشفاء، بناء على خطط اعدتها شركة هندسة إسرائيلية، وتم العمل بموجبها في المستشفيات القديمة في البلاد. وخلال الانتفاضة الثانية، استوعب المستشفى الذي يقوم على عشرات الدونمات، نحو ألف سرير، وتم تفعيل عيادات خارجية فيه. بعد وصول حماس إلى السلطة في عام 2007، كان احد القرارات التي اتخذتها القيادة العسكرية تحويل قبو المستشفى الذي بنته إسرائيل الى  مقر لها مع مركز سيطرة وتحكم. وهكذا سيحمي المبنى الراسخ  قادة المنظمة من الهجمات الإسرائيلية، في وقت يديرون فيه من هناك الهجمات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. حتى الآن برر خط التفكير في حماس ذاته. فالنشاط الإرهابي في المستشفى اصبح سرا مكشوفا، وتحول المجمع كله الى هدف محمي.

خلال عملية "الرصاص المصبوب" نوقش في الجهاز الامني الهجوم على المستشفى، ولكن التخوف من الانتقادات الدولية وإيذاء المرضى والمدنيين غير الضالعين في الإرهاب ازال الموضوع عن جدول الأعمال. وفهمت حماس أنه في لحظة الشدة يمكن لإسرائيل ان تنفذ عملية خاصة. وقبل عملية "عمود السحاب" في عام 2012 قامت ببناء انفاق للهرب في محيط المبنى وأنشأت غرف حرب مماثلة في جميع أنحاء قطاع غزة، بالقرب من المنشآت الحساسة كالعيادات والمستشفيات الأصغر. وهكذا تحولت معضلة مستشفى الشفاء الى احدى أكثر القضايا تعقيدا للجيش في الصراع المسلح مع حركة حماس في قطاع غزة. وليس من المتوقع أن تزول هذه المعضلة عن جدول الجيش في المستقبل ايضا. خلال احدى الندوات التي عقدت لاستخلاص العبر من حرب "الجرف الصامد" قال قائد المنطقة الجنوبية سامي ترجمان: " العملية القادمة ضد حماس في غزة ستبدأ تماما حيث توقفت العملية الأخيرة. وستشمل تهديدات اكبر بكثير من  التهديدات التي واجهتكم حتى الآن ".

الشفاء على الطاولة

يدعي منسق اعمال الحكومة في المناطق، سابقا، الجنرال (احتياط) ايتان دانغوت، ان منظومة "القبة الحديدية" غيرت شروط اللعب وستسمح للجيش الاسرائيلي بتغيير طرق العمل في غزة – ايضا بالنسبة للعمل السري.  ويقول: "اذا فتح الجيش المعركة القادمة من خلال عملية خاصة ستترك صدى خاصا في القطاع، كما حدث في "عمود السحاب" التي بدأت باغتيال احمد الجعبري، فان ذلك سيؤثر بشكل درامي على تنظيمات الارهاب في جوانب كثيرة".

ويدعم رئيس مقر قيادة اللواء الجنوبي سابقا، العميد تسفيكا فوغل، تنفيذ عملية ضد مقر المخربين داخل مستشفى الشفاء، ايضا. ويقول: "السؤال هو ما الذي تريد تحقيقه في نهاية الامر. اذا كنت تريد هزم التنظيم، وكان ذلك يتطلب الوصول الى الاقبية تحت مستشفى الشفاء، فانا اؤيد ذلك. لقد طرحت مسألة معالجة اقبية مستشفى الشفاء عدة مرات على طاولة البحث في السنوات الأخيرة ولكنه تقرر عدم القيام بذلك. هناك امكانيات اخرى بأن يتم تطبيق ذلك من خلال كثير من الابداع، ولكن هذا يحتم توفر الشجاعة والحسم".

 لقد اثبت الجيش الاسرائيلي انه يعرف كيف يخاطر ويهاجم اماكن حساسة تجري فيها نشاطات ارهابية تحت ستار النشاط الانساني. في حرب لبنان الثانية هجمت قوات الكوماندوس على عيادة لحزب الله بهدف جمع معلومات حول جنود الجيش الاسرائيلي المفقودين. وخلال عملية "الرصاص المصبوب" سيطرت قوة من لواء غبعاتي على مباني حي تل الهوى في غزة، وفي الطريق تم فتح النيران عليها من الطابق العلوي لمستشفى القدس، فرد الجنود على النيران واخمدوا مصادرها. وفي "الجرف الصامد" هاجم الجيش مستشفى الوفاء الذي اقيمت فيه قواعد لحماس والجهاد الاسلامي. وعندما انتقدت وسائل الاعلام الدولية الهجوم، قال الناطق العسكري ان "منطقة المستشفى استخدمت لتفعيل غرف حرب وقيادة للتنظيمات الارهابية".

وحسب تقديرات داغنوت فان الهجوم على مستشفى الشفاء في ظروف معينة سيحمل تأثيرا استراتيجيا وعسكريا على شكل تعامل حماس مع الجيش الاسرائيلي، رغم المخاطر الكامنة في ذلك. "يجب ان تؤخذ في الاعتبار المخاطر التي سيتعرض لها الجنود وغير الضالعين في القتال، وكذلك قوانين الحرب الدولية، ومن ثم اتخاذ القرار" يقول داغنوت، ويضيف: "من قال انه يمكن فقط مهاجمة المستشفى؟ يمكن ايضا عزله وتنفيذ عمليات اخرى. والشفاء هو مثال واحد فقط. يجب ان نفهم بأن هناك منشآت اخرى حساسة في القطاع، تستخدمها حماس بشكل ساخر ومتوحش لأغراض الارهاب".

وفقا لما يقوله ضابط احتياط كبير عمل لسنوات في الجنوب، فان "استخدام المستشفى كمنشأة عسكرية يرفع الحصانة عن الشفاء. أستطيع القول انه بشكل مباشر خرج من هناك الإرهاب وتمت ادارة الإرهاب. ولا شك في ذلك على الإطلاق. ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي لن يتسامح مع مهاجمة المكان، حتى لو اثبتنا استخباريا ادعاءاتنا بشكل حاد وواضح. من ناحية أخرى، إذا كان قادة حماس الذين جلس بعضهم في الشفاء واداروا الحرب ضد اسرائيل ليسوا هدفا، فمن هم الأهداف اذن؟ السؤال هو ما الذي تريده. ان تختطف؟ ان تقتل؟ ان تهدد فقط؟ هناك عدة طرق للوصول إلى مستشفى الشفاء – من البحر والجو والأرض، وهذه مسألة مجدية عمليا، وقد طرحت الإمكانية وازيلت عن الجدول في الماضي. والسؤال هو ما هو مدى استعدادك لتحمل المخاطر".

لم تتعلم إسرائيل فقط من التجربة. بل تعلمت حماس أيضا، درسا من عملية "الجرف الصامد". ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن استخدام المواقع الحساسة للإرهاب سوف يصبح أمرا شائعا على نحو متزايد، وفي اعقاب ذلك سيزداد الاستخدام الساخر للمدنيين. ولذلك، يرى الضابط الرفيع ان مسألة ما إذا كانت مهاجمة مجمعات الإرهاب في المستشفيات والعيادات ستطرح مرة أخرى لا تعتبر مسألة مستبعدة بالنسبة له.

ويقول: "إذا كنت تتحدث علنا عن احتلال قطاع غزة يجب أن تأخذ في الاعتبار احتمال الاضطرار الى احتلال مرافق طبية". ويضيف: "اذا كانت القيادة السياسية تتحدث عن تدمير سلطة حماس، فان احتلال مستشفى الشفاء او السيطرة عليه بهدف اختطاف او تصفية قادة التنظيم لن تكون حدثا تكتيكيا، وانما ستكون له ابعاد استراتيجية يجب الاستعداد لها جيدا. انا بشكل شخصي، اعتقد انه لا مفر من خطوة كهذه. يجب تقويض مشاعر الأمن لديهم ونقل رسالة تقول ان الجيش يعرف كيفية الوصول الى كل مكان. الهدف هو زرع البلبلة والخوف طوال الوقت، ليس في المعركة نفسها فقط، وانما في الأيام العادية، وتحطيم توجه الهدوء سيقابل بالهدوء. نحن نرى بأن هذا التوجه لا ينجح، وفي هذه الاثناء تتعاظم تنظيمات الارهاب. وللأسف فان القيادة العسكرية تقوم في العقد الاخير فقط بشرح كيف لا يمكن القيام بعمليات معقدة وليس كيف يمكن تنفيذ مثل هذه العمليات، والقيادة السياسية توافق على ذلك".

"ويز تقسم القدس"

كتبت "يديعوت احرونوت" انه على خلفية اعمال الارهاب في القدس الشرقية، بدأ تطبيق التوجيه الخليوي "ويز" بتوجيه السائقين الى شوارع لا تمر في الاحياء العربية في العاصمة، كما لو انها اصبحت خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية وليس للسيطرة الاسرائيلية. وحسب الخيارات التي يطرحها التطبيق، يتم توجيه السائقين الإسرائيليين الى طرق لا تشمل مناطق A و B، أي تلك الواقعة في مناطق السلطة الفلسطينية. وقبل عدة اسابيع حظيت هذه المناطق بـ"اضافة" تتمثل في الاحياء العربية في مدينة القدس، رغم انها تخضع للسيطرة الإسرائيلية ولمنطقة نفوذ بلدية القدس، وبعضها لا تبعد سوى عدة مئات من الأمتار عن مركز المدينة.

والنتيجة هي ان هذا التطبيق يمنع المستخدمين من الوصول الى مناطق واسعة من القدس الشرقية. ومن يريد تغيير ذلك يمكنه الدخول الى اعدادات التطبيق والسماح لنفسه بالدخول الى المناطق A و B، ولكنه عندها سيعرض نفسه لخطر الدخول الى مناطق مثل رام الله او نابلس الخاضعة فعلا لسيطرة السلطة الفلسطينية والتي يعتبر الوصول اليها ممنوعا حسب القانون. يشار الى ان المسارات التي تلتف على الاحياء العربية في القدس، يفترض ان تحمي السائقين الاسرائيليين، ولكنها تؤدي احيانا الى تأخير السفر لفترات طويلة.

 وقالت شركة "ويز" انها تلقت في السابق شكاوى من اسرائيليين تذمروا من توجيههم الى طرق تمر في الاحياء العربية، وان الشركة تحافظ على اتصال مع الشرطة وقوات الأمن، واذا ما تلقت توجيهات اخرى فستعمل بما يتفق معها. واعتبر عضو بلدية القدس ارييه كينغ ان توجيهات "ويز" الجديدة تقسم القدس، وانه يتوقع من وزير الأمن الداخلي اصدار اوامر الى الشرطة بتقديم توجيهات اخرى الى "ويز" تجعلها تتوقف عن تقسيم القدس بشكل فعلي. ودعا رئيس بلدية القدس نير بركات، شركة "ويز" الى "تغيير الاعدادات وعدم تحويل التطبيق التكنولوجي الى اداة سياسية".

شبهات ضد هيرش قد تمنع تعيينه قائدا للشرطة

علم انه تم قبل اكثر من شهر من اعلان قرار تعيين العميد غال هيرش قائدا عاما للشرطة، طرح مواد امام سلطات تطبيق القانون تثير الاشتباه بقيام هيرش بتنفيذ صفقات امنية غير قانونية، وان المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين يفحص المعلومات كي يقرر ما اذا كان من شأنها الغاء تعيين هيرش قائدا عاما للشرطة. واكدت وزارة القضاء (الجمعة) هذه المعلومات بعد النشر عن الموضوع في صحيفة "هآرتس" صباح الجمعة.

وحسب موقع "هآرتس" الالكتروني، فان مصدر المعلومات يكمن في شكوى تتعلق بصفقتين نفذتهما شركة يترأسها هيرش، الاولى تعود الى عام 2008، والثانية تمت قبل فترة وجيزة. وحسب المعلومات التي وصلت الى الصحيفة فقد طرحت هذه المعلومات للنقاش خلال جلسة شارك فيها رئيس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، ميني يتسحاقي، ورجال النيابة العامة. وتم فحص المعلومات من قبل مسؤولين كبار في الشرطة والذين قرروا توسيع الفحص وتحويله الى وحدة "لاهف 433".

وتبين ان وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان لم يعرف عن الموضوع ووقف على تفاصيله مما نشر في وسائل الاعلام فقط. وقال مقربون من فاينشتاين يوم الخميس، انه خلافا للمتبع، لم يقم الوزير اردان باطلاع المستشار القضائي للحكومة على نيته تعيين هيرش قبل قيامه باعلان ذلك رسميا، علما انه حسب المتبع في السابق، كان يتم تحويل اسم المرشح لمنصب القائد العام للشرطة الى وحدة التحقيق مع الشرطة، والتي كانت تحول ما يتوفر لديها من معلومات حول المرشح الى المستشار القضائي للحكومة. ولكنه كما يبدو فقد رغب اردان بالتكتم على مرشحه ولذلك لم يتم اجراء الفحص المبكر، وحين اعلن اسم هيرش لم يكن يعلم بوجود شبهات ضده لدى المستشار القضائي.

 وستقوم نائب المستشار القضائي للحكومة دينا زيلبر بفحص هذه المعلومات. وتستعد وزارة القضاء لاحتمال اضطرار التوجه الى الشرطة وطلب استدعاء عدد من الجهات كي تسلط الاضواء على المعلومات المتوفرة بشأن هيرش. كما من المحتمل ان يتم تحويل المواد المتوفرة الى لجنة تيركل، المكلفة فحص طهارة المرشحين للمناصب القيادية العالية والتي من المقرر ان تستجوب هيرش، الأسبوع المقبل.

ويفهم اردان انه سيجد صعوبة في ظل التطورات الجديدة، باستكمال تعيين هرش في الاول من ايلول المقبل، ولذلك تم استدعاء القائم باعمال القائد العام حاليا، بنتسي ساو، وطلب تمديد ولايته حتى يتم اتخاذ قرار نهائي. وعلم ان ساو ابلغ اردان بأنه على استعداد لتمديد ولايته حتى مطلع 2016.

ربما يحسم الجنرال الموغ الموضوع ويمنع تعيين هيرش

في السياق نفسه، تكتب "يديعوت احرونوت" ان "غال هيرش لا يستطيع تولي منصب قيادي" حسب ما حدده الجنرال (احتياط) دورون الموغ، بعد حرب لبنان الثانية، عندما تطرق الى من كان قائدا للكتيبة التي اختطف منها جنديين الى لبنان، ويطرح اسمه اليوم كمرشح لقيادة شرطة اسرائيل.

لقد كان الموغ هو الشخص الذي ترأس اللجنة العسكرية لفحص حادثة اختطاف أودي غولدفاسر والداد ريغف من قبل حزب الله في الثاني عشر من تموز 2006. تلك الحادثة التي قادت الى بدء حرب لبنان الثانية. لقد نشرت توصيات لجنة الموغ في نوفمبر 2006، بعد عدة أشهر من الحرب، واحدثت هزة في الجيش الاسرائيلي. فقد حدد الموغ انه "كان يمكن منع عملية الاختطاف. وامام الفشل القيادي والمهني الجوهري والعميق الذي تم التوصل اليه، توصي اللجنة بمنع العميد هيرش من اداء أي منصب قيادي او ترقيته في الجيش الاسرائيلي".

وفي حينه، وقبل فترة وجيزة من نشر توصيات لجنة الموغ، قدم هيرش استقالته من الجيش. وحددت اللجنة وجود فجوة عميقة بين امر منع الاختطاف، الذي كتبه هيرش بنفسه، وبين تنفيذ الامر من قبل جنوده: "ليته تم تنفيذ الاوامر التي كتبها قائد عصبة الجليل، لكن شيئا منها لم يصرخ حتى السماء".

يشار الى ان الموغ منح في اعقاب نشر التقرير، لقاء لصحيفة "يديعوت احرونوت" كال فيه الانتقادات لهيرش، وقال انه اظهر فشلا قياديا كاملا. كما انتقد الموغ سلوك هيرش بعد نشر التوصيات: "الاحظ لدى غال توجها غير صحي بتاتا. اختياره تعريف نفسه كضحية ليس صحيحا. من جهتي اعتبرت الحادث فشلا مهنيا جوهريا، فشلا قياديا. لو كان هذا قد حدث لي لكنت قد سلمت المفاتيح وانصرفت، لأن هذه ليست مسألة صغيرة. في مرحلة سابقة خلال النقاش قال: "انا ضحية"، فقلت له: "ان الضحايا الوحيدين هم الجنود الذين قتلوا". وقال الموغ ان هيرش يعاني من مسألة قيادية ايضا، فهو لا يصغي الى ما يحدث تحت قيادته، ولا يولي اهمية لمراقبة تنفيذ الامور كما قصدها، ويبدي قليلا من الحساسية ازاء ما يحدث في الميدان.

"السلطة تكثف الاعتقالات ضد رجال حماس"

تكتب صحيفة "هآرتس" ان قوات الأمن الفلسطينية اعتقلت خلال الاسبوع الاخير، 25 فلسطينيا على الاقل من المتماثلين مع حركة حماس في الضفة الغربية، ليصل عددهم بالتالي الى 70 معتقلا. وتم اعتقال 12 شخصا ليلة الثلاثاء – الاربعاء، في الخليل ونابلس وبير زيت وجنين. وتم التبليغ يوم امس الاول، عن اصابة شخص جراء اطلاق النار عليه من قبل قوات الأمن الفلسطينية في مخيم اللاجئين عين بيت الما في نابلس.

وحسب التقرير فقد اجتاحت قوة امنية منزل عائلة زامل واعتقلت احدى بنات العائلة وصادرت حوالي عشرة الاف شيكل، تتبع، حسب صاحبة المنزل، لجمعية غير حكومية. ولدى خروج القوة من المنزل تعرضت للرشق بالحجارة من قبل اولاد المخيم، ففتحت النار واصابت احد اقرباء العائلة، الذي لا ينتمي لحركة حماس. وعلم ان 19 من بين المعتقلين في الأيام الأخيرة، هم طلبة في جامعة النجاح في نابلس، كانوا قد شاركوا في نشاط نظمته "الكتلة الاسلامية" في الجامعة بمناسبة افتتاح السنة الدراسية الجديدة.

ووصفت حركة حماس ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان هذه الاعتقالات بأنها سياسية، وقالت الضمير انها تعتبر الاعتقالات تدخلا غير قانوني في الحياة الاكاديمية ومسا بحقوق الطلاب في التعليم. وحسب الضمير فان هذه الاعتقالات تكمل سلسلة الاعتقالات التي نفذتها قوات السلطة في اعقاب انتخابات مجالس الطلاب في الجامعات الفلسطينية.

 ورفضت السلطة الفلسطينية هذه الادعاءات وقالت ان الاعتقالات تعتمد على شبهات بحيازة اسلحة غير قانونية او اموال تهدف الى تنفيذ نشاطات غير قانونية. وقال مصدر في حماس لصحيفة "هآرتس" انه تم تقديم لوائح اتهام مثيرة للسخرية ضد البعض، كالاتهام بالانتماء الى طائفة. واضاف ان بعض المعتقلين فكروا فعلا بنشاطات ضد الاحتلال الاسرائيلي.

وقال المصدر ان بعض المعتقلين اعلنوا الاضراب عن الطعام، لأنهم يعتبرون اعتقالهم يشبه الاعتقال الاداري الاسرائيلي، لأنه لم يتم تقديمهم الى القضاء ولا يعرفون ما هي التهم الموجهة اليهم. وعلم ان احد المعتقلين، اسامة قيسية يضرب عن الطعام منذ 11 يوما. وحسب حماس فان المعتقل فراس ازعر، اعلن الاضراب عن الطعام ايضا. وكشفت الحركة ان المعتقل محمد اشتية، من سلفيت اطلق سراحه قبل ثلاثة ايام من سجون السلطة بعد اضرابه عن الطعام لمدة شهر. وفي اليوم التالي لاطلاق سراحه من سجون السلطة اعتقله الجيش الاسرائيلي.

وعلم انه تم في الاسابيع الأخيرة اعتقال عشرات النشطاء بأيدي السلطة، بعضهم لعدة ساعات، والبعض الآخر لعدة ايام، والبعض يتم دعوتهم للتحقيق ثم يتم اعتقالهم دون سابق انذار. وحسب ذويهم فان قوات الأمن تنقلهم الى سجون بعيدة عن اماكن سكناهم، ولا تتمكن العائلات من زيارتهم بشكل منظم. وعلم ان قوات السلطة اعتقلت في اواخر حزيران حوالي 250 ناشطا في حماس، وذلك في اعقاب عملية اطلاق النار قرب مستوطنة "شفوت راحيل"، والتي اسفرت عن اصابة المستوطن ملاخي روزنفيلد الذي توفي لاحقا متأثرا بجراحه.

لأول مرة في تاريخ إسرائيل: يهدوت هتوراة تتسلم منصبا وزاريا

كتبت "يسرائيل هيوم" ان مجلس حكماء التوراة، في حزب "اغودات يسرائيل" (المتحالف مع "يهدوت هتوراة") اجتمع صباح الخميس، وصادق ولأول مرة في تاريخه، على تسلم منصب وزاري في الحكومة، بعد قرار المحكمة العليا الغاء تعيين النائب يعقوب ليتسمان نائبا لوزير الصحة برتبة وزير. وجاء هذا القرار خلافا للأيديولوجية المتزمتة – الاشكنازية المتبعة حتى اليوم. وقال ليتسمان في اعقاب صدور قرار الحاخامات انه تقبل قرار مجلس حكماء التوراة وتجاوب مع طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وعليه سيتولى منصب وزير الصحة. واضاف انه لا يرى أي فرق بين منصبه كنائب وزير للصحة، كما هو الآن، وبين منصب الوزير، وسيواصل خدمة المواطنين بالمسؤولية ذاتها ومن دون أي تغيير في المهام اليومية.

المصادقة على تعيين دانون سفيرا لدى الامم المتحدة

كتبت "يسرائيل هيوم" ان الحكومة صادقت من خلال استطلاع هاتفي بين الوزراء، يوم الخميس، على تعيين الوزير داني دانون سفيرا لإسرائيل لدى الامم المتحدة. وفور ذلك اعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ان الوزير اوفير اوكونيس، المسؤول عن سلطة البث والقناة الثانية، سيتسلم ايضا منصب وزير العلوم والتكنولوجيا والفضاء، خلفا لدانون. وستصوت الحكومة على تعيين اوكونيس في جلستها القادمة يوم الاحد القريب، ومن ثم تصوت عليه الكنيست يوم الاربعاء.

حماس تكشف تفاصيل جديدة حول يوم الجمعة الاسود

كتبت "يسرائيل هيوم" ان حركة حماس كشفت من خلال شريط تم بثه على شبكة الجزيرة، تفاصيل جديدة حول معركة رفح المعروفة باسم "يوم الجمعة الأسود" والتي تم خلالها اختطاف جثة الضابط هدار غولدين، الذي قتل مع قائد "دورية جفعاتي الرائد بنياه شرئيل، والعريف اول ليئال غدعوني. وتدعي حماس في الشريط ان الجيش الاسرائيلي اخذ بالخطأ جثة ناشط من حماس، كان يرتدي زي الجيش الاسرائيلي، ولذلك بدأ الهجوم الاسرائيلي على المنطقة بتأخير ساعتين، بعد اكتشف الخطأ.

وقال مدير مستشفى ابو يوسف النجار في رفح ان الجيش الاسرائيلي اتصل بالمستشفى ثلاث مرات في ذلك اليوم وقال ان لديه معلومات حول اختطاف جندي اسرائيلي وانه يحتمل وجوده في المستشفى. ونفى مدير المستشفى ان يكون الجندي لديه، فهدده الجيش بقصف المستشفى. ويظهر في الشريط احد رجال الذراع العسكري لحماس المكنى ابو الوليد والذي روى ان المعركة دامت خمس دقائق، بين الساعة 7:30 و7:35 صباحا، قبل وقف اطلاق النار. وقال ان "جيش الاحتلال لا يتجرأ على اعلان سبب تأخير الهجوم الى ما بعد ساعتين من وقوع العملية". وادعى ابو الوليد ان قوات الجيش الاسرائيلي لم تدخل الى النفق بتاتا. وقال: "لو دخل جنود الجيش الاسرائيلي الى النفق لكان قد انفجر عليهم".

مقالات وتقارير

تعرف على العدو: تجنيد تعليم اللغة العربية في المدارس العبرية لاحتياجات الجيش

يكتب اور كاشتي، في "هآرتس" ان برنامج تعليم اللغة العربية الذي يتم تمريره الى طلاب المدارس الاعدادية في الوسط اليهودي على ايدي جنود من الجيش الاسرائيلي، يبدأ بعبارة: "كطلاب تدرسون العربية، نحن بحاجة الى مساعدتكم لاحباط عمليات تم تلقي انذارات ساخنة بشأنها"! ويأتي ذلك في اطار برنامج شامل يقوم بتمريره سلاح الاستخبارات بالتعاون مع وزارة التعليم، كي يجعلوا الطلاب "يعرفون اهمية اللغة العربية".

والطريقة التي تم اتباعها لاقناع الطلاب بدراسة العربية، تنطوي على قناع من التهديد والوعيد. فالعملية الموهومة يفترض ان تحدث في مدرسة الطلاب، كما يبدو بهدف تضخيم الشعور بها. ويقول البروفيسور رؤوبين شنير، رئيس قسم العلوم الاجتماعية في جامعة حيفا، واحد رؤساء قسم اللغة والادب العربي، ان "الجهاز التعليمي يركز منذ سنوات على تأهيل "لحم استخباري للجيش".

البرنامج التدريسي المشار اليه، والذي يعود تاريخ اعداده الى آب 2014، كتبه مرشدو قسم "تنمية دراسات الشرق الأوسط" الذي ينشط في المدارس كجزء من وحدة الاستخبارات 8200. وكتب في البرنامج انه يستهدف طلاب الثامن والتاسع اعدادي، لكنه كتب في مكان آخر انه يمكن تطبيقه في صفوف السابع ايضا. ويتألف البرنامج من اربعة مهام: الاولى، اكتشاف مكان العملية بواسطة مربع الكلمات المتقاطعة، والثانية، التوصل الى معلومات حول المخرب ("له شارب، ونظرته جدية وشعره اسود")، والثالثة، تحليل محادثة باللغة العربية، تركز على نقل وسائل قتالية، والرابعة، اكتشاف توقيت العملية. وحسب البرنامج التدريسي فانه اذا نجح الطلاب بترجمة عبارة باللغة العربية، "يمكن القول انه بسبب معرفتهم للغة العربية انقذوا الكثير من طلاب مدرستهم". وينتهي الدرس بتأكيد كون "اللغة العربية حتمية للوجود وللتعايش في دولة إسرائيل!".

هذا الدرس هو نتيجة واضحة لإخضاع تدريس اللغة العربية للاحتياجات العسكرية وللعلاقة الوثيقة بين نظام التعليم والجيش الإسرائيلي. ويتواصل في الصفوف الأعلى التركيز على تسلسل الأخطار، من خلال التعبير عن الاعتزاز بعمليات الاغتيال المعروفة، بالإضافة الى معلومات قليلة حول المحرقة. وتشمل نشاطات قسم تنمية دراسات الشرق الأوسط للصف التاسع، درسا حول تهديد الأنفاق و"ميراث الحملة المثيرة" لاغتيال ابو جهاد. ويمكن لطلاب الصف العاشر اختيار درس حول تصفية يحيى يعاش، فيما يتعلمون في الصف الحادي عشر حول "تأثير مصادر الإسلام القديمة على طابع عمل داعش وحماس". ويمكن لطلاب الصف الثاني عشر اختيار احد مسارين: تصفية زعيم حزب الله عباس موسوي، او درس حول "الجهاد العنيف المتزايد في اوروبا"، كجزء من "احلام المسلمين بفرض هيمنة الإسلام على العالم كله". وهناك درس آخر لطلاب التاسع – الثاني عشر، يمكن طلبه في فترة ذكرى المحرقة فقط، وعنوانه "دور الاستخبارات في القبض على ادولف آيخمان".

هذا التكافل العسكري – التعليمي، لم  يبدأ في الآونة الأخيرة. اذ تكشف دراسة جديدة للدكتور يوناثان ماندل من معهد فان لير والجامعة العبرية في القدس، والمدعمة بسلسلة من الوثائق، جذور التعاون بين الجهازين الأمني والتعليمي في تدريس اللغة العربية للطلاب اليهود. في عام 1956 كتب مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربية شموئيل ديفون، الى رئيس شعبة الاستخبارات، يهوشفاط هركابي، تحت عنوان "تجنيد خريجي قسم الشرق الاوسط في المدارس الثانوية" انه يجب "الاهتمام بتطوير كوادر يمكنها القيام بمهام تتعلق بالشؤون العربية"، وهي مهام تتطلب "ملاءمة الجهاز التعليمي لهذه الاحتياجات الخاصة". وبعد ثماني سنوات اطلع سلاح الاستخبارات "اللجنة القطرية لمدرسي اللغة العربية" على انه "وفقا لازدياد احتياجات الجيش، بادر رئيس شعبة الاستخبارات الى لقاء مع وزارة التعليم، بهدف تشجيع تعلم اللغة العبرية".

وتشير رسالة كتبت في عام 1967، الى "لقاء تنسيق" بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية شلومو غازيت ووزير المعارف اهرون يادلين. ويستدل من البحث انه تم تأسيس قسم "تنمية دراسات الشرق الأوسط" بعد حرب يوم الغفران، كجزء من سلسلة قرارات تم اتخاذها في الجيش حول تدريس اللغة العربية. ليس من المؤكد ان الأمور تغيرت كثيرا منذ ذلك الوقت. حتى اذا انتقل التدخل العسكري في السنوات الأخيرة، الى ما وراء الكواليس.

وتقول مدرسة مخضرمة للغة العربية "ان الذين ينفذون دروس قسم "تنمية دراسات الشرق الأوسط" هم جنود يتمتعون باللطافة ودقة التعبير، لكن اجندتهم هي عسكرية بشكل مطلق.  انهم يصلون الى المدرسة بالزي العسكري، ويسحرون الأولاد. وزارة التعليم لا تحارب ذلك، لا بل انها هي التي تدعوهم. هناك معلمون يعتقدون ان هذا الترابط مسألة طبيعية، وهناك من تزعجهم العسكرة، لكنهم يحذرون من توجيه الانتقاد. ربما يتخوفون في وزارة التعليم من انه بدون الجيش لن يرغب احد بدراسة اللغة العربية".

وقال شخص اخر يلم بتدريس اللغة العربية، انه "لشدة الوطنية تبدو ايران والعراق وداعش نفس الشيء. كان يجب على وزارة التعليم موازنة النظرة الأمنية، لكن هذا لا يحدث تقريبا". باستثناء الدروس في المدرسة، يقوم قسم "تنمية دراسات الشرق الأوسط" بتفعيل برنامج "غدناع المستشرقين" – "اطار شبه عسكري لمدة اربعة أيام، يهدف الى تشجيع الطلاب على توسيع دراسة اللغة العربية"، كما ورد في الكراسة التي تم ارسالها قبل عدة ايام الى مدرسي اللغة العربية.

 خلال السنة الدراسية الأخيرة، شارك في هذا الاطار 3388 طالبا من صفوف التاسع والعاشر، من 128 مدرسة. كما يقوم القسم بتفعيل "استخبارات في الأفق" لطلاب الحادي عشر، وينظم مؤتمرات لطلاب الثاني عشر، ويقود "مسابقة اللغة العربية القطرية" الخاصة بطلاب الثانوية، ويشارك في دورات الاستكمال ومؤتمرات مراقبة تدريس اللغة العربية في وزارة التعليم. يبدو أن المسؤولين في وزارة التعليم يفضلون إخفاء التعاون الوثيق مع الجيش.

 وقالت سيغاليت شوشان، المسؤولة عن تعليم اللغة العربية في وزارة التعليم، خلال نقاش جرى في لجنة التعليم البرلمانية، العام الماضي، "إن الهدف من تعليم اللغة العربية في إسرائيل هو التعرف على الثقافة واللغة والتراث وتاريخ الأمة العربية". وعندما قال رئيس اللجنة، في حينه عمرام متسناع، ان تدريس اللغة العربية يجب ان لا يستخدم فقط "كبرنامج تحضيري للجيش"، قاطعه رئيس اللجنة الاستشارية لموضوع اللغة العربية في وزارة التعليم، البروفيسور ابراهام شلوسبرغ، من جامعة بار ايلان، قائلا: "لقد اجتزنا منذ زمن المرحلة التي كان فيها جهاز التعليم يستخدم للتحضير للجيش". وقبل عدة اشهر من ذلك، اعتبر البروفيسور شلوسبرغ قرار وزير التعليم السابق شاي فيرون، الغاء تدريس اللغة العربية في الصف العاشر "يمس بأمن الدولة".

في العام الماضي صدر باللغة الانجليزية البحث الذي اعده د. مندل، في اطار رسالة الدكتوراه التي قدمها الى جامعة كامبريدج، حول خلق "العربية الأمنية" – لغة خاصة لا تتم كتابتها او التحدث بها، وانما ترجمتها والاصغاء لها، وتستخدم للفصل وليس للاتصال. ومن المنتظر صدور البحث باللغة العبرية في العام المقبل. وحسب د. مندل فان "موضوع الاستشراق" (اول برنامج مكثف لتدريس اللغة العربية في المدارس اليهودية) تأسس في مطلع الخمسينيات بمبادرة مشتركة من قسم الارشاد في الجيش الاسرائيلي وسلاح الاستخبارات والحكم العسكري، سوية مع ديوان رئيس الحكومة، وخاصة مكتب مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربية، ووزارة الخارجية. ويقول مندل ان "وزارة التعليم كانت العامل الأقل اهمية في انشاء هذا البرنامج، وعملت فقط في كتابة بيانات مكتب مستشار الشؤون العربية. وهكذا بدأ يتولد جهاز يعتبر العربي اجنبيا، وجنود الاستخبارات شركاء طبيعيين. وهذه هي احد اسباب عدم اشراك العرب في تدريس اللغة العربية في المدارس العبرية، وعدم ضم أي عربي طوال سنوات الى لجنة موضوع اللغة العربية. هذه منظومة تقوم على خريجي الاستخبارات، وتعد رجالا للاستخبارات".

 د. باسيلا بواردي، المدرس في جامعة بار ايلان وفي كلية اورانيم، هو العربي الوحيد في "لجنة الموضوع" التي تضم 15 اكاديميا وموظفا في وزارة التعليم ومعلمين مخضرمين. ويقول بواردي: "لست صهيونيا، ولكن لا يهمني توجه طلاب العربية الى الاستخبارات، لأن هذا سيخدم اهدافا اخرى في نهاية المطاف". وبهذه اللهجة الدبلوماسية المطلوبة يرد بواردي على قول شلوسبرغ  بأن "المس باللغة العربية يمس بالنسيج الاجتماعي بين الاقلية العربية والغالبية اليهودية، ولذلك فانه يشكل مسا حقيقيا بأمن الدولة".

وزارة التعليم تقوم بتشغيل 1317 معلما للغة العربية، من بينهم 167 عربيا فقط (حوالي 12%). وهذا الرقم لا يشمل المعلمين الذين يتم تشغيلهم بالتعاون مع جمعية "مبادرات صندوق ابراهيم" التي  تدير برنامج التدريس العربي "يا سلام" في حوالي 190 مدرسة ابتدائية. ويقول المدير المشارك في الجمعية امنون باري – سولتسيانو، ان "وزارة التعليم تفضل منذ عشرات السنوات قيام اليهود بتدريس العربية. ظاهرا يصعب تفسير ذلك في دولة لا ينقصها المعلمون العرب. السبب هو الدوافع العسكرية لتعليم العربية. ولذلك لا يمكن للمعلمين العرب ان يكونوا جزء من اللعبة".

 في السنة الماضية، قدم 2487 طالبا يهوديا امتحان البجروت الموسع في اللغة العربية (5 وحدات). ويزيد هذا الرقم قليلا عن السنة التي سبقتها (2200 طالب)، ولكنه زيادة طفيفة لا تتعدى 3.5%. ويستدل من المعطيات المقارنة مع سنوات سابقة ان موضوع اللغة العربية هو أقل المواضيع المطلوبة في المدارس الثانوية العبرية. السؤال هو ليس كم عدد الطلاب الذين يدرسون اللغة العربية، وانما ما هي اسس المعرفة التي تمررها اليهم وزارة التعليم. حسب ما يقوله شخص مطلع على الموضوع عن قرب، فانه لا يتم تقريبا تدريس التحدث باللغة العربية. وهذا يجب ان لا يفاجئنا: غالبية معلمي العربية، حسب ما تؤكده عدة مصادر، لا يجيدون التحدث باللغة العربية.

 ويقول احدهم: "ليس من المؤكد ان 10% من معلمي اللغة العربية يستطيعون التحدث بها بطلاقة وادارة درس باللغة العربية". وحسب مندل، فان "السبب الأساسي لهذا الفشل المتواصل في تعليم العربية هو ترسخ المفهوم الأمني، الذي بلور طريقة تدريس العربية وتأهيل القوى البشرية لتعليمها. اذا كان المعلم يعتقد انه لا توجد مشكلة في التدريس بواسطة ملصقات لسلاح الاستخبارات معلقة على الحائط، فان الطالب سيتقبل ذلك ايضا. واذا كان المعلم يعتقد انه لا حاجة الى اجادة التحدث باللغة، فهكذا سيعتقد طلابه أيضا".

ويقترح مندل بدء الانقلاب المطلوب بالاعتراف من قبل الجهاز كله "بما يقوله الطلاب منذ عشرات السنوات، وهو انهم درسوا العربية لكنهم لا يعرفون شيئا منها". وبالتالي يجب اجراء تغيير لمجمل تدريس العربية وطرق تعليمها. اخراج الاستخبارات من المدارس وتحويل العربية الى لغة مدنية: "لن يحدث التغيير اذا لم يتم تمدين الجهاز وتحرير انفسنا من القواعد التي تحدد التوجه". في وزارة التعليم يقولون ان الجيش لا يتدخل في صياغة برنامج تدريس العربية. وحسب مصادر مختلفة فان اعضاء لجنة الموضوع لا يلتقون بممثلي الجهاز الامني. ربما لا تكون اللقاءات رسمية كتلك التي كانت حتمية في السابق. لكن مسؤولا في جهاز التعليم يقول: "من الواضح ان هناك اتصالات كهذه في الخفاء، مثلا بواسطة قسم "تنمية دراسات الشرق الأوسط"، "جدناع الاستشراق"، او التعارف المسبق. الجيش هو عامل لا يمكن تجاهله".

حسب ما يقوله البروفيسور مئير بار اشير، من الجامعة العبرية، والذي كان في السابق رئيسا للجنة الموضوع، فان "العربية الوظيفية" التي تركز على "النشاط التخريبي المعادي" تحظى بمكانة مبالغ فيها. "هذا جانب هام، ولكن لا يمكن التركيز عليه فقط. لقد حاولت التغيير، رغبت بتعليم العربية من خلال التركيز على الجانب الثقافي الواسع، لكن هذا لم يلائم الوزارة". وحسب اقوال البروفيسور محمود أمارة، رئيس قسم الدراسات العصرية في كلية بيت بيرل، فان "الجيش يسيطر على تدريس اللغة العربية، كما يفعل في كثير من مجالات الحياة. وبدل ان يتم التفكير بشكل مستقل، اختارت الوزارة الارتباط بالجيش".

ويقول البروفيسور شنير: "امضيت سنوات في برنامج "تعرف على العدو" وتلك التي حاولت "التعرف على الجار"، ما يتم استثماره من ميزانيات واهتمام في النوع الأول يفوق كل خيال، لكن الحكومة ليست معنية بتطوير النوع الثاني. العلاقة المستعصية بين الاستخبارات وتدريس العربية الحقت الضرر بالجهاز التعليمي فقط. ربما فوتنا الموعد وبات من الصعب جدا تغيير تجاه السفينة".

قبل دفن حزب ميرتس

يكتب زئيف شترنهال، في "هآرتس" ان حزب العمل، رغم تغيير اسمه، بقي نفس الحزب العاجز الذي يفتقد الى الجوهر، ويواجه حالة الموت ببطء ويجر معه نحو المنحدر المجتمع بأسره. في الوقت الذي تخلص فيه اليمين على مراحل من أسسه الليبرالية وتحول الى قوة قومية راديكالية تثق بطريقها واهدافها، أعلن حزب العمل أنه ليس حركة يسارية ولم يكن كذلك؛ لقد تحول الى “معسكر صهيوني”.

 صحيح أنه يمكن للمعسكر أن يكون كل شيء في الوقت ذاته: اجتماعي وليبرالي جديد، يغمز للاستيطان ويؤيد حل الدولتين، يرفض الاحتلال ويسلم به. لقد أظهرت الانتخابات من وما هو المهم بالنسبة للناخب: حزب تجتمع فيه كل المواقف والتناقضات، ويتصرف كالبهلوان على الحبل الدقيق، أم حزب يعرف ما يريد ويقول ذلك بصوت عال: السيطرة الدائمة على المناطق وابقاء الفلسطينيين تحت الحكم الاستعماري الى الأبد.

بالنسبة لليمين لا توجد فرصة للسلام في جيلنا، ولا حتى في الجيل القادم. ليس هناك حل للصراع، ولذلك فان حل الدولتين مات ودُفن، بينما ستؤدي الحلول الأخرى الى نهاية الهيمنة اليهودية على ارض اسرائيل، ولذلك فهي مرفوضة تماما. وما بقي هو “ادارة الصراع″، أي اجبار الفلسطينيين على التسليم بالنظام الاستعماري.

عدم التماثل هذا بين القطبين هو الذي جلب الانتصار الأخير لليمين، وهو سر نجاحه منذ 1977. قلة هم الذين اقلقتهم السياسة الاجتماعية – الاقتصادية المدمرة لليكود، وكثرة هم الذين جذبتهم رغبة نتنياهو بالتمسك بالأيديولوجية القومي واستعداده للوقوف ضد كل العالم من اجل ارض اسرائيل، وسعيه المكشوف الى ضرب الفلسطينيين. وحقيقة أنه نجح في الابقاء على الوضع الراهن ولم يتنازل عن أي شبر من الأرض، ترضي اغلبية المواطنين اليهود.

على هذه الخلفية جاءت المساعي الى تدمير ميرتس ودمجها بـ “المعسكر”. اذا حدث ذلك، ستكون اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم الغربي التي تفتقد الى حزب يساري. يبدو أنه لا خيار أمام "المعسكر" سوى الصيد في مياه الوسط العكرة. ومن يعرف، ربما ينجح في الحصول على مقعد أو اثنين هناك، لكن من السخرية الادعاء أنه عند القضاء على ميرتس، ستنشأ قوة تنتزع السلطة من ايدي اليمين.

ميرتس تتحلى بدور اخلاقي وايديولوجي، وظيفته تحديد الطريق. عدد المؤيدين المحتملين لها يضاعف، كما يبدو، ما كان في الانتخابات، لأن الكثيرين آمنوا بأسطورة أن رئيس الحزب الاكبر هو الذي سيشكل الحكومة. اسرائيل تحتاج وتستحق وجود حزب يسار حقيقي، يقول إن العدالة والمساواة الاجتماعية هما وجه واحد لقطعة النقد، التي حفر على جانبها الآخر مطلب العدالة والمساواة للواقعين تحت الاحتلال. محاربة الاحتلال والفقر هي نفس الحرب على حقوق الانسان.

 اسرائيل تحتاج الى يسار، حتى لو كان صغيرا، لا يخاف من القول إن الاشتراكية الديمقراطية هي وريثة الليبرالية، وليست حفار قبرها، وأن يبقى هذا اليسار مخلصا للقيم الثقافية ولمفاهيم الانسانية الليبرالية. ربما يجدر بنا بعد سنوات من الفشل المتكرر، تعلم الدرس. وبدل الانجرار الى الوسط والمضي معا مرة اخرى نحو الهزيمة، يجب اظهار الشجاعة والتصميم والثقة بالنفس. وربما بدل دفن ميرتس يجدر التفكير باحداث ثورة في داخلها وفي طابع عملها.

هل تستحق الأمور الرد؟

يكتب الجنرال (احتياط) يعقوب عميدرور، في "يسرائيل هيوم" ان مدافع الجيش الاسرائيلي هدرت في الاسبوع الماضي في هضبة الجولان ردا على اطلاق الصواريخ نحو اسرائيل. وبعد ذلك تم – حسب بيان الجيش الاسرائيلي – تصفية الخلية التي نفذت العملية قبل بضعة ايام من ذلك. هناك خلاف في البلاد حول الرد الاسرائيلي المناسب.

ثمة من يدعي بان اسرائيل ملزمة بالرد بشكل قاطع وعدم الاكتفاء بإطلاق النار فقط على منطقة الحدث او توجيه ضربة موضعية لمنفذي العملية فقط. فضلا عن ذلك، وفي نظرة أوسع، ثمة من يدعي بان اسرائيل منشغلة جدا في التهديد الايراني، حتى وان كان خطيرا بحد ذاته، لدرجة انها تتجاهل القوة الجهادية السنية الصاعدة في ارجاء سوريا، على شكل حركات متمردين متطرفة، كالدولة الاسلامية (داعش) او كتلك القريبة من القاعدة. ولذلك، تدعي هذه الجهات انه عندما يتحقق هذا التهديد، لن تكون اسرائيل جاهزة كما ينبغي لمواجهته.

يجدر بنا، أولا، ان نوضح ما هو المقصود. تعمل في هضبة الجولان اليوم قوات من المتمردين، المتباينة من حيث تطرفها، في القسم الجنوبي فقط. وفي الوقت الحالي لا ينشط هؤلاء ضد اسرائيل، وانما يركزون على اسقاط الاسد ونظامه. لا احد منهم يعتبر مؤيدا كبيرا لإسرائيل – بل ان العكس هو الصحيح كما يبدو – لكن لديهم هدفا يعملون عليه، وطالما لم يتحقق هذا الهدف، فانهم لن يتفرغوا لمواجهة اعداء آخرين.

وبالمقابل، في وسط الهضبة وفي شمالها تنشط قوات تؤيد الحكم العلوي وتخدمه. وهي تحافظ على اتصال مباشر مع ايران او مع حزب الله، الذي يعتبر الذراع الطويلة للسلطة الايرانية في المنطقة. السلاح والمال والتوجيه، بل واحيانا القيادة في الميدان هي ايرانية، احيانا بالتعاون مع حزب الله واحيانا بدونه.

صحيح ان هناك امريكيين يدعون بانهم تلقوا وعودا من ايران بانه سيتم في اعقاب الاتفاق النووي وقف قسم من نشاطات الارهاب والعداء الايرانية – ولكن المسؤولين الايرانيين الكبار في لبنان وسوريا لم يسمعوا عن ذلك بعد، بل انهم يوسعون نشاطهم. الجهاد الاسلامي، الذي ذكر اسمه كضالع في الحادث، هو تنظيم اقيم ويمول ويعمل بتوجيه ايراني مباشر. ويتبع، بقدر ما، لنزوات ايرانية حتى اكثر من حزب الله الذي يحافظ على مظهر خارجي من “الاستقلال اللبناني”.

الاتفاق سيف ذو حدين

تواجه اسرائيل مسألتين مختلفتين. الاولى تتعلق بالسياسة الاسرائيلية العامة بالنسبة للحرب في سوريا: حرب العلويين والشيعة ضد السنة، حرب المنظمات الجهادية، جبهة النصرة وداعش ضد الجيش السوري، المسنود من قبل ايران وروسيا ويعمل الى جانب حزب الله وميليشيات شيعية اجنبية. هل ينبغي بإسرائيل أن تتخذ موقفا وتعمل ضد أحد الطرفين او لصالح أي منهما؟ هل تفضل النظام المعروف بكل ما يرافقه من مشاكل، ام تفضل المنظمات المتطرفة جدا، التي امتنعت حتى الان عن العمل ضد اسرائيل، ولكنه من الواضح ان يوم دولة اليهود سيصل الى قلب جدول اعمالها؟

المسألة الثانية مختلفة جوهريا، ولكن يمكنها أن تؤثر ايضا على الجواب الاول: كيف يجب ان ترد إسرائيل عندما تتعرض الى عملية تستهدفها في هضبة الجولان؟ هي تكتفي فقط بالحد الادنى اللازم وبتركيز ردها على القطاع الذي وقع فيه الحادث؟ أم ان عليها توسيع ردها كي تردع من يقف وراء العملية؟ مبدئيا، يبدو أن على اسرائيل الحذر جيدا من تحولها الى جزء من الصراع غير المتناهي في سوريا، إذ أن من ناحيتها لا يوجد أي طرف افضل من خصمه. امام التطرف الذي لا يمكن فهمه والوحشية غير الانسانية لداعش، تقف قدرة حزب الله على تفعيل مئة الف صاروخ تحت عصا القيادة الايرانية، في الوقت الذي يصب ذلك في مصلحتها. وكلما ضعف الاسد، سيصبح اكثر تعلقا بايران وحزب الله، ولكن ستقل قدرته على مساعدتهما، وربما الاهم من ذلك انه سيجتذب حزب الله الى العمل في سوريا، على حساب قدرات المنظمة على الجبهة مع اسرائيل.

فلماذا يجب على اسرائيل التدخل في صالح أي من الأطراف؟ أليس من الافضل ان تستنزف الأطراف دماء بعضها البعض؟ لماذا يجب على اسرائيل المخاطرة بيحاة جنودها لصالح من سيكون عدوها غدا أو بعد غد؟ هذا المنطق ليس مفهوما لي. كقاعدة، يبدو أنه سيكون من الصعب على اسرائيل مواجهة عدو تقف خلفه دولة تساعده على التضخم، أكثر من مواجهة تنظيم قد يكون اكثر وحشية، ولكن لا توجد دولة ملتزمة بمساعدته على بناء قدراته. واذا أخذنا هذه القاعدة في الحسبان، فان اسرائيل لا تملك أي مصلحة في التسهيل على حزب الله وعلى حليفه الاسد، رغم ان البديل هو تنظيم رهيب مثل داعش.

ولكن في الوقت نفسه يبدو أن اسرائيل لن تكسب شيئا اذا ما سرعت سقوط الاسد وساعدت على فتح الباب امام سيطرة منظمات سنية متطرفة على ما يتبقى من سوريا. وعليه يبدو أن عدم تدخل اسرائيل هو السياسة العاقلة.  في المقابل، هناك نوعان من الاحداث يجب على اسرائيل أن تعمل فيهما دون مراعاة لمسألة مَن هو الطرف في سوريا الذي ستخدمه في عملها. الحالة الاولى عندما تقوم ايران أو سوريا بنقل اسلحة الى حزب الله تخرق التوازن، وتوفر له قدرات من شأنها ان تعرقل اسرائيل في كل مواجهة مستقبلية. في مثل هذه الحالة على اسرائيل منع نقل السلاح بالقوة، من خلال عملية دقيقة قدر الامكان، ولكن دون مراعاة لعمق العملية وقربها من ممتلكات اولئك الذين يساعدون السلطة – سواء كانوا من رجال الاسد، او الايرانيين او حتى الروس.

 الحدث الثاني هو عندما يتم تنفيذ عملية مباشرة ضد اسرائيل من هضبة الجولان او من منطقة أخرى. بعد حدث كهذا على اسرائيل محاولة العثور على منفذي العملية، واذ كان الأمر ممكنا على من ارسلوهم – والمس بهم. وعندما لا تتوفر امكانية كهذه (وهذا هو الوضع بشكل عام)، ينبغي ضرب اهداف توضح لمن يرسلون الارهابيين بانهم غير محصنين. ويجب ان تكون التلميحات التي يبثها الرد شديدة الوضوح بما يكفي من اجل ايضاح موقف اسرائيل، ولكن دون الزام الطرف الاخر على الرد بشدة.

 في الوضع الحالي لا تملك اسرائيل مصلحة في بدء عملية “ذهب الكرسي – جاءت الطاولة”، والتي يعرف المرء كي تبدأ ولكن لا يعرف أين تنتهي. ايجاد التوازن الحساس في الرد الحاد بما يكفي من أجل تأكيد الجدية، ولكن ليس ردا يؤدي الى تدهور الوضع، هو التحدي الصعب في اوضاع من هذا القبيل. وبالنسبة للمستقبل: لم تظهر حتى الآن دلائله على الارض، ولكن علينا أن لا نفاجأ اذا ترك الاتفاق بين الولايات المتحدة وايران تأثيرا سلبيا على سوريا. فمن جهة، هناك تخوف من أن يؤدي سير الولايات المتحدة مع ايران الى وقوف عدد اكبر من السُنة الى جانب تنظيم داعش المتطرف. ومن جهة اخرى، من المعقول جدا ان تشعر ايران (وربما ليس وحدها) بانها باتت اقوى في اعقاب الاتفاق، وان ينعكس ذلك في تعميق التدخل في سوريا لصالح الاسد، وبذل جهود اكبر لتعزيز حزب الله بسلاح حديث ودفع عمليات في هضبة الجولان. يجب ان نكون مستعدين لمواجهة التأثيرات السلبية للاتفاق في مكان غير متوقع مثل سوريا.

رجل المفتاح

يكتب يوسي يهوشع، في "يديعوت احرونوت" ان السؤال حول ما اذا كان غال هيرش سيعين في نهاية المطاف قائدا عاما للشرطة يكمن الى حد غير قليل في القرارات التي سيتخذها في الايام القريبة القادمة اللواء (احتياط) دورون الموغ. فالموغ، الذي ترأس لجنة التحقيق في اختطاف الجنديين ايهود غولدفاسر والداد ريغف الراحلين في حرب لبنان الثانية، يجلس حاليا على الجدار. وسيكون لما سيقوله الموغ وزن كبير اذا ما قرر اسماع رأيه. ولديه بطن مليئة، لكنه في هذه الاثناء لا ينوي فتح جبهة عامة. ويمكن التقدير بحذر بانه يشعر باحباط كبير، كبير جدا. واذا قرر التوجه للجنة تيركل، فسيكون من الصعب جدا على وزير الامن الداخلي غلعاد اردان عدم التراجع عن قراره.

وعندها سيطرح السؤال الجوهري الوحيد: كيف لم يتشاور اردان مع الموغ او مع اللواء (احتياط) يورام يئير (يا-يا)، الذي عين لفحص أداء فرقة هيرش في الحرب نفسها. ويدور الحديث عن جنرالين رفيعين سابقا، فعلا شيئا ما في حياتهما، وهما عمليا الأكثر صلة بفحص اداء هيرش في حادث الاختطاف والحرب. ان القفز عنهما يلامس حد الاهمال في فحص مدى ملاءمة المرشح للمنصب.

لقد كتب الموغ وقال كلمات قاسية عن هيرش. وخلافا لضباط آخرين كانوا على نزاع مع قائد الفرقة، كانت بين الرجلين علاقات متقاربة انعكست في زيارة هيرش لمنزل الجنرال الموغ وفي محادثات شخصية وقريبة. ويمكن التقدير بشكل كبير انه لو كان اردان قد التقى الموغ لكان قد ذكره بان أربع لجان مختلفة حددت فشل هيرش: الاولى لجنة العميد آفي اشكنازي، الثانية لجنته هو (الموغ)، الثالثة لجنة يا-يا والرابعة لجنة فينوغراد. ولاحقا كان سيسمع بان “التعيين سيء جدا”.

كلمة فشل، بتعابيرها المختلفة كانت ستطرح المرة تلو الاخرى في مثل هذه المحادثة، لو أنها تمت. وكان الموغ سيشرح مسؤولية هيرش كقائد الفرقة عن تخفيض حالة التأهب في الجبهة قبل الاختطاف الذي شكل ذريعة للحرب، وكيف خرجت الدورية الى المهمة وكأنها خرجت في نزهة سنوية، بدون اوامر وبدون ارشاد منظم – رغم تعليمات رئيس الاركان في حينه دان حلوتس والتي تم تحديدها في اعقاب اختطاف جلعاد شاليط قبل شهر من فقط من عملية الاختطاف. لم يكن الموغ سيعرب امام الوزير عن معارضته لانزال ضابط كبير من الجيش الى الشرطة، بل كان سيطلب فقط التفكير مرة اخرى بهوية الرجل وهل نجح في اختبار النار البالغ الأهمية. سيما انه لا ينقص الناس الملائمين من خارج الشرطة. ولو تم اجراء المحادثة بشكل ثنائي، فانه يمكن الافتراض بأن اردان كان سيمع مقولات صعبة وأشد خطورة عن سلوك هيرش الشخصي بعد كتابة التقرير وكيف تحول هو نفسه الى هدف.

وماذا كان سيحصل لو أن الوزير ذكّر بقول القاضي فينوغراد، الذي نشر في الاسابيع الاخيرة، بأن هيرش تعرض الى الظلم؟ من المؤكد ان الموغ كان سيرد عليه بسؤال: على أي اساس حدد القاضي ذلك؟ هل وصلت الى حضرة القاضي شبكات اتصال جديدة، أم ان القدرات البلاغية لهيرش سحرته هو ايضا؟

عار الكارثة والنكبة

يكتب بن درور يميني في "يديعوت احرونوت" ان معهد فان لير سيعقد يوم الاثنين المقبل، مؤتمرا حول الكارثة والنكبة، في اعقاب صدور كتاب يحمل العنوان نفسه. لقد تلقيت توجهات غاضبة من بعض الناجين من الكارثة. وسأل احدهم: من اين استمدوا صفاقة الجمع بين الكارثة والنكبة؟ انهم يدعون بأنهم لا يقصدون المقارنة، حاولت ان اشرح له. انهم يقصدون ان الحديث لدى الشعبين عن حادث جسيم أثر على الهوية. وأضفت ان الكتاب يضم مقالات، تحدد بالذات الفارق بين الحدثين. لكنه لم يقتنع. والحقيقة هي أنني ايضا لم اقتنع.

منذ سنوات طويلة تجاول جهات من بيننا تقزيم الكارثة، بل ان احد الاساتذة طلب تناسيها. الفكرة هي ان حوار الضحايا ينمي كراهية الشعوب والشوفينية والقومية وحتى الفاشية. ولكن النكبة؟ اولئك الناس يدعون انها، هي بالذات، يجب تنميتها ورفعها، انهم يريدون الانشغال بها المرة تلو المرة، حتى نفهم كارثة الجانب الآخر. وفجأة يتحول المعارضون لحوار الضحية الى انصاره. ليس كل المقالات المنشورة في الكتاب تتبع لصناعة الهراء. ولكن حقيقة الربط بين الكارثة والنكبة تدل على ان المقصود تشوش او جنون الوعي. لأن رجال قوى التقدم ذاتهم، ومعهد فان لير ذاته، الذي يستضيف المؤتمر، لم يكتبوا كتابا ولم ينظموا مؤتمرا حول النكبة اليهودية – اعمال الذبح والسلب والطرد التي طالت مئات الاف اليهود في الدول العربية. ولم يؤلفوا كتابا ولم يعقدوا مؤتمرا حول المفتي الحاج امين الحسيني، مؤيد مشروع ابادة اليهود. ولا توجد أي فرصة بأن يحكي انصار نظرية النكبة لطلابهم، او ان ينشروا مقالات، حول كون التبادل السكاني في تلك الفترة مسألة طبيعية، وان المقصود تجربة مر بها عشرات الملايين. ولا احد منهم بقي لاجئا اليوم، الا الفلسطينيين. هذا لن يحدث لأنه في اجزاء معينة من الاكاديمية الاسرائيلية تصبح نظرية النكبة مسيطرة.

النكبة هي حقيقة. يمكن ويجب الشعور بألم الذين يعانون منها. لكن المسألة هي انه خلافا لعشرات ملايين الناس الذين مروا بتجربة الطرد والسلب، استخدم العرب النكبة لهدف واحد فقط: محاربة اسرائيل. في 1949 اوضح وزير الخارجية المصري محمد صلاح الدين: "من الواضح ان مطلب العودة هدفه القضاء على دولة اسرائيل". وفي 1959 اوضحت الجامعة العربية ان "سحب حقوق اللاجئين هدفه منع اندماجهم في الدول العربية". واوضح الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 1960 انه "بعد عودة اللاجئين من الواضح ان اسرائيل لن تبقى قائمة"، واوضح مساعد عرفات، صخر حبش، للشبيبة الفلسطينية ان "حق العودة هو الورقة الرابحة في النضال من اجل القضاء على إسرائيل". وفي ايامنا يعتبر "حق العودة" شعار حركة BDS التي تعارض أي اتفاق مع إسرائيل. ويمكن الاتيان بالمزيد. وهناك المزيد. ان تمجيد النكبة في كتاب يربطها مع الكارثة يخدم ذات الهدف.

هنا وهناك يحاول اتباع النظرية تسويق الادعاء بوجود حاجة الى الاعتراف بالنكبة من اجل المصالحة والتفاهم. المصالحة هي مسألة هامة، ولكن وعي النكبة يعمل في الاتجاه المعاكس. سيتم تحقيق السلام فقط عندما يعترف الجانب العربي، عامة، والفلسطيني خاصة، بمسؤوليتهم، برفضهم، بكون قادتهم اعلنوا الحرب والابادة. لن يحدث أي تغيير دون قيامهم بمحاسبة انفسهم على رفضهم لكل اقتراح للتقسيم، وعلى كونهم كانوا يستطيعون اقامة دولة بين 1949 و1967، في وقت لم يكن فيه الاحتلال قائما. لكنهم لم يرغبوا بإقامة دولة، ولم يرغبوا بعمل أي شيء من اجل انفسهم. لقد ارادوا ترسيخ المشكلة، لكن هذا لا يحدث، ايضا لأن نظرية النكبة تشجع حوار الضحية، فانها تشرع كل اكذوبة برعاية "الرواية الفلسطينية" وتدفع قدما فانتازيا "حق العودة".

 احد الكتاب هو سلمان ناطور الذي يعرض "رواية" تنطوي بكاملها على خداع ذاتي. "أي حظ"، يكتب، "ان النازية توقفت في العلمين، لأنه كان يمكنها ان ترتكب كوارث في العالم العربي". معذرة، لكن النازيين سيطروا على جانب من العالم العربي، في شمال افريقيا، وهم لم يلاحقوا المسلمين، بل لاحقوا اليهود. وفي 1941 نفذ العرب، بتشجيع من المفتي والنازيين مذبحة "فرهود" بيهود بغداد. وجرت مظاهرات مؤيدة للنازية في انحاء العالم العربي على أمل ان يحقق رومل الانتصار. وفي حينه تم نعت هتلر بأنه "ابو علي" وسمعت تحية "هايل رومل" في تلك الايام. حتى العرب المعارضين للمفتي خططوا للهرب، لأنه كان من الواضح لهم ان المفتي النازي سيقضي عليهم ايضا. كما ان المجرمين النازيين عثروا على ملاذ لهم في مصر والاردن.

منذ سنوات يكرس ناطور كل جهده لدفع "حق العودة" تماما مثل حركة BDS. لا تقرير المصير ولا السلام، ولا الدولتين. فقط النكبة، اللاجئين والعودة المغلفة بورق سيلوفان الحقوق المتساوية. هذا لا يمر في أي مكان في العالم العربي، ولكن الاوهام محررة من الحقائق، وبالأخص، خلافا للأكذوبة التي يتم تنميتها بحرص من قبل نظرية النكبة. لا وجود لحق العودة في محكمة الشعوب، وشكرا لكل الذين يبذلون جهدهم في هذا العمل – رجال الاكاديمية، معهد فان لير، منشورات الكيبوتس الموحد. فهكذا لن نحصل على المصالحة، ولكن مطلب تحويل اسرائيل الى العراق او سوريا، برعاية حق العودة سنحصل عليه في طبعة اخرى.

مشروع الكارثة والنكبة حصل على تمويل ايضا من صندوق هاينريخ بيل التابع لحزب الخضر الألماني. هذا المال تنبعث منه رائحة، لأن الصندوق الالماني لم يكن سيتجرأ على تمويل مؤتمر حول العلاقة بين النكبة الالمانية والنكبة الفلسطينية. فالقيادة العربية، وليس المفتي فقط، اصيبت بعدوى الطموح الى الابادة. والامان مثل العرب كانوا الجانب المعتدي. ولدى هؤلاء وهؤلاء انتهى الامر بالهزيمة، أي بنكبة. ونتيجة للهزيمة طرد من دول مركز اوروبا بين 12 و16 مليون الماني، لم تكن غالبيتهم من النازيين. اذا لماذا لا توجد أي فرصة بأن يدفع الصندوق الالماني او الاكاديمية مشروع بحث حول خطوط التشابه بين النكبة الالمانية والنكبة العربية، ولكنهم يدعمون الربط بين النكبة والكارثة؟ لأن "قوى التقدم" لن تسمح بظهور الحقيقة. الوعي الكاذب ينتصر ويقمع.

يجب الاعتراف ان المبادرين على حق في نقطة واحدة. لقد شكلت الكارثة والنكبة لدى الشعبين وسيلة لبناء الذاكرة القومية، الا ان هناك فارقا عميقا: لدى اليهود تستخدم الذاكرة للبناء ولدى العرب تستخدم لتضخيم مشاعر الكراهية والانتقام. لدى اليهود لم يقم ما لا يحصى ولا يعد من التنظيمات الارهابية لتصفية الكيان الالماني، ولم تتولد صناعة تبرير الارهاب، اما لدى العرب فكانت النكبة ولا تزال المحرك الأساسي لصناعة الارهاب وتخليد اللجوء. العالم العربي يملك موارد مالية ضخمة، لم يصل منها أي دولار للترميم، بينما وصلت عشرات الملايين لصناعة الارهاب والخراب. لكن  النظرية الاكاديمية للكارثة والنكبة لن تتعامل مع هذه الأمور. لا توجد أي فرصة لعمل ذلك. 

اخر الأخبار