من يختار "الخليفة" الفلسطيني ..!!.

تابعنا على:   15:39 2015-08-29

عماد توفيق

سال حبر كثير في تحليل ابعاد الخطوات الاخيرة التي قام بها عباس وفريقه كالاستقالة من اللجنة التنفيذية لإتاحة الفرصة لعقد جلسة طارئة للمجلس الوطني بمن حضر في تحايل مفضوح على القوانين واللوائح الناظمة لطرق انتخاب وتصعيد القيادات في الهيئات القيادية العليا.

فمنهم من قال ان عباس يريد منذ ذلك:

انتخاب خليفة له، وانتخاب هيئة اكثر ولاء له، وانه سعى لجلب الاستقرار الى منظمة التحرير التي ستكون تحت سيطرة فتح الكاملة، وانه يسعى لإضعاف الخصوم المناوئين امثال محمد دحلان وابعاد المقربين المحتملين، وانه يسعى لتثبيت التابعين والمخلصين له في مواقع متقدمة، وانه يمهد الطريق للوريث الذي يفصله على مقاس توجهاته الحزبية والسياسية، حيث قام بتعيين صائب عريقات في مقعد امانة سر المنظمة خلفا لياسر عبد ربه في خطوة وصفت بالارتجالية، وهو الان يحاول فعل ذلك بطريقة اكثر قانونية.

فيما ذهب آخرون الى ان عباس يهدف وقبل ان يغادر عالم السياسة الى اعادة ترتيب اللجنة التنفيذية في المرحلة الاولى ثم اعادة ترتيب المجلس الوطني بمن حضر على مقاسات حركة فتح، ثم يتم تصميم اللجنة التنفيذية على ذات المقاس، وان ترتيب هذه الاوراق تتيح لتيار عباس الاستمرار لمزيد من الوقت، كما يتيح هذا الترتيب احكام سيطرة عباس على حركة فتح وابعاد دحلان واتباعه عن المناصب العليا فيها، حيث يتم وللمرة الاولى وعوضا عن تصعيد القيادات للمناصب العليا من المؤتمر العام لحركة فتح سيتم اسقاط القيادات العليا على المؤتمر العام لحركة فتح الذي تأخر عقده عمدا.

"اسرائيل" المتحكم عن بعد لها مصلحة عليا في تفكك المنظومة الفلسطينية، فهي اعادت الاعتبار لمخاطبة المنظومة الامنية في السلطة بخطاب مستقل وباتت تخاطب المستوى السياسي للسلطة بخطاب اخر، كما تخاطب المستويات المستقلة كرجال الأعمال بخطاب مختلف، فيما تخاطب جوقة المطبعين والمجموعات الثقافية التابعة لها بخطاب رابع وهكذا نرى قاضي قضاة عباس وعقب لقائه عدد من المسؤولين الصهاينة يصف نتنياهو ومن قلب القدس بانه مفتاح السلام..!!

وذلك يأتي في اطار فكفكة الاثقال التي كانت تمثلها السلطة ومنظمة التحرير ابان زمن الراحل ياسر عرفات عبر التعامل معها ككيانات منفصلة ذات مصالح متنافسة معزولة وضعيفة.

عموما المجلس الوطني سيصبح بعد هذه الخطوة مجرد ديكور تجميلي تستخدمه فتح وعباس في مواجهة خصومها كحركة حماس عند الحاجة.

وبين هذا وذلك يصبح لدينا تشكيلة من المنبطحين المتعاونين من الاحتلال في المجلس الوطني لصالح الصقور من حركة فتح ومن الفصائل الاخرى وستبدل وجوه العجائز بوجه الاتباع الجدد، وسينتتج حالة منضبطة لصالح عباس.

علما ان  المجلس الوطني يتكون من اربع شرائح كبيرة تنقسم بين:

- تركيبة ذات بعد امني تحوز على ربع المقاعد.

- وربع اخر تحظى به منظمات مجتمع مدني في الاغلب تنتمي لفتح او من اليسار التابع لفتح.

- ربع المقاعد الثالث يتكون من فئات مجتمعية يتم اختيارها او انتخابها وهذا لم يتم مذ عشرات السنين.

- الربع الأخير ذات بعد فصائلي من الامناء العامين وهيئاتها القيادية.

هذه الرباعية ثلاثة منها فتح والرابع تحاول ان تعمل عند فتح.

هذا استراتيجيا لا ينتج كتلة متماسكة، واذا اردنا انتاج كتلة وطنية متماسكة على الكل الفلسطيني العمل على تشكيل قواعد واسس وطنية حاكمة على اساس وطني حقيقي وليس على اساس التأطير للمقربين من حركة فتح او من اصحاب النفوذ.

اجراء عملية مصالحة ضمن دائرة الحقيقة اي ان تعطى الاطر الفلسطينية ثقلا على ساس وزنها الحقيقي في الشارع، وليس على اساس تاريخها النضالي السابق.

تعريف المساحة القانونية او الصلاحيات المتاحة لكل الاجسام الممثلة عبر اعادة الصلاحيات الوطنية للجنة التنفيذية والمجلس الوطني كمظلة للسلطة وللكل الفلسطيني، ووضع السلطة في حجمها الطبيعي كبلدية خدماتية وليست كمظلة للجنة التنفيذية والمجلس الوطني كما هو حاصل الان حيث يركع الجميع بين يدي التنسيق الامني.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل كل ما يحدث الان في المنظمة يؤسس لإنتاج خليفة للرئيس عباس..؟

الجواب قد يكون نعم ولكن بنسبة ضئيلة، وذلك نظرا لوجود عدد من العوامل والعقبات امام انتاج رئيس جديد خلفا لعباس، سواء داخل حركة فتح، او اقليميا نظرا لوضع دول الجوار، ونظرا لعامل قوي وهو العامل "الاسرائيلي".

اولا: لا يوجد حتى الان أي شخصية تحظى بإجماع داخل حركة فتح تصلح لخلافة عباس.

وثانيا: استثناء غزة من الترتيبات باعتبار انها محسوبة فتحاويا على دحلان واتباعه، وشطب الشتات من التأثير والمشاركة حيث اصبحت الضفة هي الكينونة الفلسطينية الحاضنة للمؤسسات والقيادة، يضعف فرص أي اختيار حقيقي لرئاسة السلطة.

وثالثا: الاقليم الذي يعتبر عنصر مقرر في الحالة الفلسطينية لا يجمع الان على خليفة محدد لعباس، ففي حين تناصر الامارات محمد دحلان وتريده رئيسا للسلطة فيما تشاركها مصر، نرى الاردن ترغب بشخصية مقربة منها، ويؤثر انشغال السعودية في حرب اليمن على دورها في التأثير والاختيار.

ورابعا: يبقى العامل "الاسرائيلي" عاملا مقرر في تحديد هوية وشخصية خليفة عباس، سواء عاملا متفردا او عاملا متعاونا مع دول الاقليم التي تتعاون وعلى مستويات عليا مع "اسرائيل" حفاظا على الامن المشترك بينهم.

ليبقى عباس رئيسا وهوية الخليفة القادم مجهولة .

وهنا يطرح التساؤل على فصائل المقاومة: هل ستكتفون بالمشاهدة والنأي بالنفس عن هذا الحدث الكبير..!!

المسؤولية الوطنية تقتضي من حركات المقاومة بما بات لها من وزن ثقيل ومقرر في الشأن والمستقبل الفلسطيني، ان يكون لها كلمة توازي ثقلها على الارض.

فمنظمة التحرير هي البيت المعنوي للكل الفلسطيني وليس لحركة فتح والفصائل التي تدور في فلكها، وهذا ينطبق على المجلس الوطني الذي يعتبر المظلة الجامعة لكل قوى شعبنا.

وكلمة المقاومة المنتظرة تحتمل عدة اشكال:

اما ان ترفع الغطاء عن كل ما يجري في المجلس الوطني ومنظمة التحرير وتسحب اعترافها من منظمة التحرير والمجلس الوطني باعتبار بانه لا يمثل سوى حركة فتح والفصائل الصفرية التي تتبعها، وهو ما يعزز الانقسام ويديمه ويجب ان تتبعه خطوات اخرى.

واما ان تشارك بقوة في اعادة تشكيل وانتخاب اعضاء المجلس الوطني ومنظمة التحرير، وهو امر غير متاح لعدم رغبة عباس وحركة فتح لمزاحمة حماس لها خوفا على تفردها.

واما ان تقوم بالعمل على تشكيل اجسام تمثيلية جديدة للشعب الفلسطيني مثل تشكيل مجلس وطني جديد عبر التوافق مع مختلف القوى والفصائل والشخصيات الاعتبارية والجاليات والتجمعات الوازنة في غزة والضفة والخارج تنبثق عنه لجنة تنفيذية جديدة تسحب شرعية التمثيل الفلسطيني من تنفيذية عباس وفريقه، وتحول السلطة في رام الله الى مجرد بلدية او مجلس قروي يتعاون مع الاحتلال، الأمر الذي يفتح الافاق امام اعادة الكل الفلسطيني الى دائرة النضال والكفاح المسلح من اجل تحرير كل فلسطين وتحقيق حلم العودة الذي بات اقرب من أي يوم مضى.

اخر الأخبار