أسعد الحويحي

تابعنا على:   13:27 2015-08-29

الأمن طريق الوحدة

تعلمنا منذ الصغر أن أول خطوة من خطوات حل المشكلة بعد تحديدها هو البحث عن سببها وجذورها، فمشكلتنا هي الانقسام لكن ما سببه؟ يقال لنا أن اختلاف البرامج السياسية هو السبب ولكن هو ليس كذلك لان الاختلاف السياسي أمر صحي ومحمود لا تخلو دولة منه لكن الغير الصحي والمرفوض هو إتاحة الفرصة لفرض برنامج سياسي لطرف بالقوة والعنف على الطرف الأخر.

تأسست سلطتنا الوطنية قبل أكثر من عشرين عاما بنظام حكم الحزب الواحد بقوى أمنية تنتمي غالبية قادتها لحركة فتح ولم تمنع السلطة ازدواجية العمل التنظيمي والعمل الأمني حيث تعودنا على رؤية القادة العسكريين يمارسون أعمالهم التنظيمية من داخل المقرات الأمنية والتحدث باسم الحركة وهم يرتدون الزى العسكري وكان يُسأل العسكري في استمارة الانتساب لقوى الأمن عن الانتماء السياسي حتى اصبحت قواتنا منقسمة تحت نفوذ شخصيات ومجموعات متناحرة التي استغلت انسداد الحل السياسي وتدهور الأوضاع بعد اندلاع انتفاضة الأقصى ،ثم جاءت 2006 بنجاح حركة حماس بالانتخابات التشريعية و تشكيلها الحكومة العاشرة بوزير داخلية من قادة حركة حماس فقام بإنشاء قوة ضاربة ينتمي عناصرها لحركته وأصبحت قواتنا الأمنية منقسمة تأخذ أوامرها أما من قادة فتح او قادة حماس يحاول كل طرف فرض اجندته ومصالحه على الطرف الاخر ، والنتيجة كانت اقتتال دموي ادى الى انقلاب ثم انقسام اسود تبعه حصار بغيض جلب الاحباط والياس نتج عنه ثلاثة اعتداءات إسرائيلية قاسية ومدمرة خلفت الاف الشهداء والجرحى والمشردين بدون مأوى ، وهنا وجب القول ان بناء اي قوى أمنية بمرجعية حزبية هي ظاهرة من مظاهر التخلف والعكس صحيح فبنائها على الاسس الوطنية والمهنية هو طريق الرقي والتقدم ، وهنا سيسألني سائل مستهجنا اليس نحن مازلنا تحت الاحتلال فمن واجبنا ان ننتمي الى التنظيمات لكي نقاوم الاحتلال وجوابي هو اليس المساهمة في حفظ امن البلاد والعباد لا يقل اهميته عن مقاومة الاحتلال والاستقرار الأمني هو احدى المقومات الأساسية للمقاومة بجميع أنواعها. والمادة 90 والمادة 169من قانون الخدمة لقوى الأمن تنصان على انه يحظر على منتسبي القوى الأمنية إبداء الآراء السياسية والاشتغال بالسياسة أو الانتماء إلى الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات ذات الأهداف السياسية

لا يختلف اثنان ان بالأمن تتيسر الاعمال وتطمئن النفوس وتتسع التجارات وتحقن الدماء وتحتفظ الاموال والحقوق ، لكن يكمن الاختلاف في الاسس والقواعد التي بنيت عليه المنظومة الامنية فعندما يشعر المواطن ان امنه حتى لو متوفر مربوط بجماعة او تنظيم فلن يكون في ارتياح فالأمن الحقيقي ليس القضاء على الجريمة بأنواعها وهذا مطلوب لكن الامن الحقيقي هو الشعور بالأمن المستقبلي على المال والبنين وهذا ما نفتقر اليه لان محاولة استتباب الامن خاصة في قطاع غزة ليس بنازع وطني بقدر ما هو بنازع حزبي للحفاظ على استمرارية السيطرة والحكم، وهذا ما أكده تقرير حديث لمقياس قطاع الامن وتوجهات المواطنين في فلسطين الصادر عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية حيث أشار التقرير ان أكثر من النصف (0,51) صنفوا الأوضاع الأمنية بالسلبية ولذلك لاعتقاد المواطن بوجود دور بالغ الأهمية للانتماءات السياسية في تحديد الموقف من قطاع الامن.

والان وبعد مرور أكثر من ستة عشر شهرا من تشكيل حكومة الوفاق بملفات عجزت عن حل أي واحدة منها وهي سيطرة الحكومة على القطاع وتوحيد مؤسسات الدولة والانتخابات وإعادة الاعمار. فلا يمكن ان يكون هناك اعمار حقيقي وسريع بدون حل للمعابر ولا معابر بدون حل جذري للملف الأمني ولا انتخابات بدون امن موحد. وان استبعاد ما اعنيه له تفسيران الأول هو انه ما زال هناك جهل بالعلة الرئيسية اين والاخر هو ان العلة مدركة لكن ممنوع الاقتراب منها خوفا على المصالح الشخصية والحزبية وهذا اسمحوا لي ان اسميه بالتفكير العفن الذي يجب ان نخلعه من ثقافة مجتمعنا.

خلاصة القول ان الملف الأمني كان السبب الرئيسي لانقسامنا فلو اسسنا قواتنا الامنية على الأسس الوطنية والقانونية والمهنية فما استطاع أحد كان من كان ان يفرض اجندته الخاصة، ولذلك صيغت العديد من الخطط والمقترحات لحل الملف الأمني التي بنيت على أسس مهنية وقانونية واخذت في الاعتبار الضائقة المالية للحكومة والامن الوظيفي لكن للأسف لم تجد اذنا صاغية مع انني على يقين ان المصالحة والوحدة بعيدة المنال لان جوهر الوحدة هو "التنازل عن المصالح الحزبية مقابل المصالح الوطنية" وهذا لم ندركه بعد.

كلماتي الأخيرة الى صانعي القرار " عززوا ثقافة الوطن لا ثقافة الحزب في نفوس أبناء قواتنا الأمنية" فالحزب زائل والوطن باق والبقاء الأوحد لله.

اخر الأخبار