عشائر الإخوان المسلمين السابقين

تابعنا على:   11:06 2015-08-27

ابراهيم غرايبة

اللقاء العشائري بالإخوان "سابقا"، وتقديمه إعلاميا بطريقة احتفالية، يشكل سابقة محيرة، أساء فيها الإخوان "سابقا" إلى أنفسهم، كما إلى العمل الاجتماعي والدعوي والسياسي. هل أوقع الإخوان المعترضون على تسجيل الجماعة أنفسهم في مأزق؟ لم يسبق للجماعة أن نافست العشائر ولا أن نافست السلطة على العشائر. وهذه قاعدة سياسية ودعوية بدهية، التزمت بها الجماعة، وكل خروج عنها -ولم يسبق الخروج عن القاعدة بهذا الأسلوب- كان يخضع لمراجعة داخلية تنظيمية.
حدث في الانتخابات البلدية والنيابية ما يبدو تحالفا عشائريا عندما كانت تقف عشيرة الأخ المسلم معه في الانتخابات إضافة إلى الجماعة، لكن ذلك لم يفهم أنه تحالف عشائري بين الجماعة والعشيرة، ولم يتطور إلى أسلوب احتفالي استعراضي.
هذه القاعدة مستمدة من رؤية سياسية ودعوية لدى الجماعة، مفادها -ببساطة- أن الجماعة ليست عشيرة ابتداء، ولكنها جماعة اجتماعية تأثيرية توجه خطابها إلى أفراد بصفتهم أفرادا ولا تتوجه إلى عشائر؛ وأن يكون من عشيرة أعضاء وقادة في الجماعة لا يعني ذلك تحالفا مع عشيرة الأعضاء، حتى لو تحول ذلك إلى علاقات ودية ومعرفة امتدت إلى محيط وعلاقات الإخوان الشخصية.
تجري العادة، عندما يدعو أحد من الإخوان قادة وناشطين من الجماعة، أن يدعو أيضا أقاربه. لكن لم يفهم ذلك أنه تحالف أو احتفال عشائري بالضيوف، هو مجرد تقليد اجتماعي أردني متبع لدى جميع الناس وليس له دلالة سياسية. والعشائر بالمناسبة تلتزم باستقلال تام بين الآداب الاجتماعية والصراعات والاختلافات، فقد يلتقي الناس في مناسبة اجتماعية مثل الأفراح والعزاءات والمناسبات وهم مختلفون إلى درجة الصراع، ولا يؤثر ذلك على الخلاف نفسه.
لا أعني بذلك أيضا أن عشيرة، أي عشيرة، تجد نفسها في حالة عداء أو تنافس أو صراع مع الإخوان؛ فالعشائر لا تنظر إلى الاخوان على أنهم عشيرة، ويتوقع من الإخوان أيضا أنهم لا يرون أنفسهم عشيرة تنشئ علاقات وعقودا وصراعات وعطوات مع العشائر!
إن العشائر رابطة قرابية غير رسمية ولا مؤسسية، وليست شخصية قانونية اعتبارية، إلا في حالات محددة وضيقة جدا، مثل جرائم القتل والاعتداء. وعدا ذلك، فإنها لا تملك أي صفة قانونية أو سياسية او اجتماعية او مؤسسية، ولا تلزم المنتمين إليها بموقف سياسي أو ديني، ولا تملك أموالا وأسهما أو عقارات، ولا تبيع ولا تشتري ولا تستثمر، ولا تملك سلطة قانونية، وليس لها هيئة عمومية أو إدارية، ولكنها بحكم الروابط القرابية تملك تأثيرا أدبيا غير ملزم قانونيا على أبنائها، وهي في ذلك أقرب إلى المبادرات الاجتماعية، ولا تملك تفويض أحد تفويضا قانونيا او سياسيا لأنها لا تملك صفة قانونية تخولها بذلك.
وفي ذلك، فإن تحميل اللقاءات الاجتماعية سياسيا وإعلاميا، يؤذي العشائر والجماعات والأحزاب معا؛ فليست العشيرة حزبا أو جماعة، ولا الأحزاب والجماعات عشائر. غير أن أسلوب اللقاءات السياسية العشائرية يحمل أبعادا أخرى مؤذية ومناقضة للعقد الاجتماعي للدولة مع مواطنيها، ويلحق ضررا كبيرا بالرابطة القانونية بين المواطنين؛ فالفيصل في الخلاف بين المواطنين بعضهم بعضا أو بين المواطنين والسلطة التنفيذية هو القانون من خلال مؤسسات الدولة القضائية والسيادية، ولكن اللجوء الى التأثير الإعلامي والعشائري يعني ببساطة أحد أمرين: عدم اعتراف أو التزام بمؤسسات الدولة، أو عدم وجود حق قانوني. لماذا لم يلجأ المعترضون على تسجيل جماعة الإخوان المسلمين إلى القضاء للطعن في التسجيل؟

عن الغد الاردنية

اخر الأخبار