كسر "البلادة السياسية" فلسطينيا..واجبة!

تابعنا على:   11:11 2015-07-30

كتب حسن عصفور/ قبل أيام قامت دولة الكيان بعملية استباحة منظمة لاقتحام المسجد الأقصى، دون أي حساب لرد فعل عام محلي أو غيره، وبعد ساعات تذكرت "فصائل المقاومة اللغوية جدا" أن تلك فرصة مناسبة لإصدار ما وجب إصداره من "بيانات" تفتح "باب جهنم على العدو"، الذي يجهل قيمة القدس والمقدسات عند أهل فلسطين والعالم..

وتسابق المتحدثون من الطاقمين الإعلامي السياسي والعسكري، ليشرحوا كيفية التصدي للإهانة الاسرائيلية، حتى وصل الأمر بأحد "الفصائل المسلحة" لينذر دولة الكيان المحتل، أن ساعات وستعرف الرد "المزلزل"..

والحق أنتهت العملية ثم عادت المجموعات الارهابية الاستيطانية وفرق "اللوثة العنصرية" وكررت الاقتحام، مع رد فعل لغوي أقل بكثير عما حدث سابقا..

ربما يتذكر البعض الفلسطيني، أن أول مواجهة عسكرية بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني وقوات جيش الاحتلال حدثت في سبتمبر أيلول عام 1996، عندما قررت حكومة نتنياهو فتح "نفق" تحت المسجد الأقصى، لتتوحد فئات الشعب وتبدأ واحدة من الهبات الشعبية الكبرى، وكانت المواجهة العسكرية حيث تم قتل 15 جنديا عسكريا من جيش الاحتلال، هبة أجبرت الادارة الأمريكية أن ترسل فريقا سياسيا، برئاسة دينس روس لاحتواء التطورات..

ودون اعادة لفتح ملف المواجهات المباشرة، لكن الدرس الأبرز الذي لا زال حاضرا في "الوجدان الفلسطيني" تلك المواجهة الكبرى التي أتت نتيجة قيام شارون بمحاولة لزيارة المسجد الأقصى، وايضا في شهر سبتمبر - أيلول عام 2000، بعد معركة قمة "كمب ديفيد" للخالد ياسر عرفات..

بدأت حرب عسكرية - سياسية شاملة بين شعب يدافع عن حق وكرامة وهدف، وجيش ودولة يبحثان قتل روح التحدي للفلسطيني ونشر روح اليأس والهزيمة كمقدمة لتمرير مشروع تهويدي حديث الطبعة..

معركة استمرت سنوات أثبت الفلسطيني خلالها أن قامته عالية عندما توحد الزعيم والقيادة فعلا وقولا مع روح التحدي والمواجهة، ومع أن "المؤامرة العامة آنذاك" فعلت كل ما يمكنها لقطع الطريق على المواجهة، لكن التصدي العام والشامل كان "سيد الموقف"، حتى وصلت المؤامرة المركبة من أطراف عدة لحصار الزعيم الخالد كمقدمة لتصفيته، وهو ما كان..

وبدأت الترتيبات الجديدة لـ"عهد جديد" يكسر روح التحدي والمواجهة، ولبحث "المسار الهادئ" تحت شعار "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، ما أدى لإشاعة جو "الانكسار والإستسلام"، بديلا للمواجهة والتحدي..

جبهة القدس والمقدسات، تمثل مؤشرا على "الجدية الوطنية" أو "البلادة السياسية"، فهي تملك من طاقة التحريض العام ما يفوق كل القضايا الوطنية الكبرى، حولها يكون الكل ملتفا، الا أن الأحداث الأخيرة وما قبلها أشارت أن "المواجهة الشاملة" لم تعد حاضرة كجزء من الفعل الفلسطيني العام، بل أن الفعل بداخل القدس يقتصر على أضعف الايمان، بالدعاء على المعتدين الغزاة..

معادلة القدس هي مفتاح المعادلة الرئيسية للمواجهة..فإن جاء الرد متخاذلا بليدا، فلا يتنظرن أحد، أن يكون هناك رد أشمل في أي قضية غيرها..والمؤشرات كانت واضحة منذ قيام أول حالة كيانية فلسطينية بعد عام 1994..

هبة النفق العامة كانت من القدس الى المناطق كافة، ثم مواجهات "اللقلق" الى أن بدأت المواجهة الوطنية الكبرى عام 2000، والتي يعتبرها البعض من إولي الأمر الراهنين "نكبة وكارثة سياسية"..دون إدراك أنها كانت فعل للمواجهة وليس بحثا عن مواجهة..

ولذا ما لم تكن القدس قادرة على إطلاق روح التحدي والمواجهة والفعل الكفاحي العام، لن تحرك غيرها من القضايا تلك "الروح الكامنة"، وذلك لن يكون دون أن تكون قيادة العمل الوطني العام مؤمنة بأن "المواجهة حق وطني"..ولذا كان منطقيا أن تستبيح دولة الكيان الأرض الفلسطينية والقيام بأكبر عملية تهويد واستيطان دون أن تجد "ردا موحدا شاملا" يكون "جدارا عازلا" أمام مشروعها العدواني، خاصة وأن الظروف الاقليمية والدولية لم تعد ذات ظروف "الخنوع العام" للولايات المتحدة في زمن الخالد ياسر عرفات..

هناك حالة نهوض قادمة تستوجب "الطلاق بالثلاثة" مع حالة "زواج البلادة السياسية – الانهزامية" التي سادت المشهد العام، رغم أن دولة الاحتلال شنت 3 حروب على قطاع غزة وارتكبت من "جرائم الحرب"، ما لم تستطع تحمله نظريا مؤسسات دولية، فكان تقرير غولدستون وتلاه تقارير من منظمات لها قيمة قانونية فتحت الباب لارسال "دولة الكيان" برمتها الى قفص العدالة، لو كان هناك من يريد معاقبة المجرم دون أن يقود حربا، دون أن تتغبر يداه، مواجهة أنيقة جدا ولكنها فعالة جدا!

"البلادة السياسية"  تتبدى في عدم رغبة القائمين على سلطة القرار العام بالذهاب الى المواجهة الشاملة في الضفة والقطاع ضد المشروع التهويدي -  الاستيطاني الاستئصالي، وهو ما يمكن وصفه بالمقاومة المكلفة،  لكنهم أيضا، لا يبحثون الذهاب الى "المواجهة الأنيقة" من خلال المؤسسات الدولية، بما تمتلك فلسطين من قرارات وتقارير كافية أن تعتقل دولة الكيان بكل رؤوسائها ومشروعها، وتفتح الباب واسعا عريضا لعبور سياسي فلسطيني جديد بدولة باتت حقا قائما ينتظر أن تعترف به قيادة شعب فلسطين..

كسر البلادة يبدأ بالايمان بالقدرة الكامنة للشعب الفلسطيني، بعيدا عن "المقاومة المسلحة بلاغيا ولغويا"..والفعل لا ينتظر من غير أهله فعلا، ومن ينتظر ذلك سينال "مشروعا إغاثيا" وليس مشروعا كفاحيا..

ملاحظة: هل من يستخف باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يمكنه أن يكون حريصا على أي مسألة وطنية أخرى..السؤال من وحي عدم عقد جلسة لها رغم الضرورة الكبرى!

تنويه خاص: ما حدث مع رحلة معلمي غزة الى الاردن مثل واحدة من مظاهر الاستخفاف بالانسان الفلسطيني..كيف يمكن تسفير ما يزيد على 100 معلم دون تنسيق كاف..تبريرات الجهة الفلسطينية المعنية تستوجب الحساب العسير لسخافتها!

اخر الأخبار