إلهٌ وقبلةٌ وقرآنٌ واحدٌ وأكثر من باب للمسجد وأكثر من نهج

تابعنا على:   15:01 2015-07-28

عدنان نعيم

خراب ودمار ((الإرهاب الديني الإسلامي))، في المحيط العربي ....قتل ودمار وأشلاء متناثرة،وقد يصل الى فلسطين ...إذا فتحت له الأبواب...مؤخرا ازدادت الهجمات الإرهابية ضد الأبرياء، كان من أعنفها حادثة الكويت المؤسفة؛ فقد ترجل شاب عشرات الأمتار...قادماً من السعودية ..إلى البحرين ثم إلى الكويت وبعد 12 ساعة سفر؛ تفجر تاركاً مسجداً مليئاً بالجثث والدماء البريئة المسفوكة في مسجد( جامع الصديق وقتل فيه 23 وجرح 227 مصلياً بريئاً).هذا الشاب،الآلة الماكينة المبرمجة ...استطاعت العمل بكفاءة وقتل مصليين أبرياء،ولكن بقي الكثير من المغرر بهم،والماكينات الجاهزة لغسل الأدمغة وحشوها وبرمجتها بالسموم الإرهابية الحاقدة ....فالسؤال...المركزي: إذا نجح هذا الشاب المبَرمَج؛ فمن يوقف غيرهُ من المستعدين لبرمجة أدمغتهم، وقتل المزيد من الضحايا وتهديد السلم الأهلي في الأقطار العربية....أي من وما هي الآلة التي تعمل على غسل الأدمغة وحشوها بسموم القتل؟ وكيف تعمل؟ ومدى قوتها وانتشارها؟ ومن يدعمها ويغذيها وكيف ولماذا؟؟ ،أي من يستطع تدمير هذا المصنع والنظام المؤسس والصانع لهذه العبوات البشرية الموقوتة؟؟؟.

إن المصنع الكبير، واقصد هنا منظومة الثقافة والمؤسسات المؤسسة للإرهاب، (أي مناهج التعليم التي تحرض وتؤسس على القتل والإرهاب بدعوى السير على هدى "السلف المسلم"، والفضائيات التي تبث هذه السموم، والمؤسسات التي تدرس فقه القتل والتدمير بحجة نشر الإسلام ومحاربة أعداء الله .

عَملت الكثير من الأنظمة العربية في سنوات سابقة، على دعم المنظمات والجمعيات والشخصيات الدينية السلفية، لتكون درعاً وسيفاً في وجه اليسار والقوميين،فكبرت هذه الأفكار وعلا صوتها واشتد عودها وأصبحت قوية لدرجة أن انقلب السحر على الساحر، ولم تقوى هذه الأنظمة على لجمها أو توقيفها عند حدودها"،لا بل حتى أن بعض الأنظمة ما زالت حتى اليوم ترعى وتستخدم هذه الجماعات لتكفيرية الحاقدة لإغراضها وإغراض حلفاءها ؟؟!!".

هذه الأنظمة التي غابت عنها العدالة الاجتماعية وساد الفساد والتوزيع الفاسد للثروات وسياسة إفقار الشعب والحاكم المستبد الطاغية المحارب للفكر الديمقراطي بموضوع تبدل السلطات،كل هذا جعل الأنظمة تساهم من حيث تدري بظهور هذه الجماعات التي اعتبرت غياب العدالة والظلم الاجتماعي والفساد السياسي والاقتصادي حجة وذريعة لها لتكفر ليس فقط النظام بل أيضا الشعب بأسرة (حسب ما في النظام الداخلي للإخوان ..."أن الإخوان جماعة تطبق شرع الله على الأرض ومن يقف ضد الجماعة يقف ضد الله ولهذا وجب قتاله".

آلة الإعلام الحديث والفضائيات والأئمة والأقلام المأجورة و المناهج المغموسة بالتكفير والعدائية من يمولها؟؟ ويديرها؟ ويوجه مسار بث سمومها؟؟،(ماذا يعني أن في احد المناهج التعليمية في الصف الخامس الابتدائي العبارة التالية(سمي أبو العباس بالسفاح لكثرة ما قطع من رقاب المشركين)؟، من هم المشركين وهل السفح والقتل سمة ايجابية لوصف وتسمية المؤمن والمسلم بها؟؟؟؟؟) وماذا يعني شيخ من المسجد الأقصى يقول (في القران النص يقول وقاتلوهم حتى لو لم يشهروا السيف في وجوهكم بادروا لقتالهم فقط لأنهم غير مسلمين ؟؟؟؟)، وماذا يعني مساجد في الخليج العربي تستقبل من الأردن ومصر والجزائر الشباب وتعبئهم بمنهج التكفير والقتل وتعطيهم أموال وجوازات مزيفة وتسفرهم الى أفغانستان وتدعو لقتال الروس. ومن يقف وراء سنوات من القتل والتدمير في الجزائر ومصر وتكفير الشعب بأسره ))).

وهذا الفكر ألظلامي المتطرف والتكفيري الرافض للغير ولكل ما ومن يختلف معهُ حتى حضارات وتاريخ الدول والشعوب التي نشأت وتطورت البشرية على أكتافها، لا ضير عند أتباعه من تدمير أثار وحضارات وكتب صاغتها البشرية بكل كفاح وعبر مسيرة تاريخية طويلة وشاقة، ولا ضير من اغتيال وإحراق كتابات العلماء والمفكرين (ابن رشد وفرج فوده ومهدي عامل وحسين مروة فقط لأنهم قدموا رؤية نقدية للتاريخ لنتطلع من خلال أعمالهم الى مستقبل مشرق للبشرية .

للمسلمين الهُ واحد وقبلة واحدة وقرأن واحد ...ولكن لهم أكثر من جامع وباب للجامع يخرج منه أكثر من مفتي ومفتي وأكثر من تفسير وتفسير (قال علي كرم الله وجهة ...الدين حمال أوجه))، ومن هنا أبدع الأئمة ومشايخ الإفتاء التكفير التحليل والتحريم بما يرغبون، فالحنابلة لهم شعُبٌ(طرق ومناهج) تختلف عن الشافعية والشافعية لهم شعُبٌ تختلف عن المالكية وجماعة الإخوان تختلف عن التحريرية ...وأبن تيمية صار قِبلة ومناراً لهذه الجماعات في فتواهُ ألمسماه((فتوى المتمترس))، والتي جاءت على لسان ابن تيميه؛ حين حاصر المغول قلعة فيها مسلمون في مصر، فحلل ابن تيمية تدمير القلعة وقتل المسلمين المحاصرين من اجل القضاء على بضعة جنود من المغول، واليوم يحلل التكفيريون إتباع نهج ابن تيمية قتل عشرات الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في العراق وسوريا ومصر أذا كان بين هؤلاء جندي أمريكي أو جندي سوري أو مصري. وهذا الفكر الانغلاقي الأخذ بالنصوص كثوابت مسلم بها يبيح ويجيز القتل ع (اعتبار ما سيكون اخذين بالآية "رقم 77من سورة الكهف"، التي تقول بقتل الغلامين لأنهم سيكبران ويصبحان عاقان لوالديهما، وثقب السفينة وإغراقها لأنه سوف يسيطر عليها رجل ظالم غصبا، وبناء الجدار لأنه لولدين يتيمين ...الخ أي الأخذ بما سيكون، لان الأمير هو الحاكم باسم الله والمُطَبِق لنصوص دينه وهذا يجيز له القتل وفق التقدير والوحي (ما جاءه بالمنام)،وليس وفق والبراهين المعطيات الدامغة.

مسجدان و فكران... يخرج من المسجد الأول أصوتاً ومسلمون يدعون للسلم والصلاح للأمة وعمل الخير وحسن الخلق و التسامح والإخوة ومحاربة التطرف، ومن المسجد الأخر و البعيد عدة أمتار تخرج أصوات كريهة باسم الدين والإسلام تدعو لتكفير الشعب ومن ليس معنا فهو عدونا ويجب قتلهُ، أصوات تدعو للقتل والتطرف وسفك دماء الأبرياء....

لم يخرج هذا الشعور والقناعات الإرهابية صدفة أو بكبسة "رموت كنترول"، بل هي نتاج بنية نشأت وترعرعت تحت كنف أنظمة سهلت عملها وجهات استعمارية كانت نغذيه بهذا النهج لتدمير السلم الأهلي العربي وتدمير أي نزعات لتنمية عربية حقيقية، ففتحوا له المنابر والجمعيات وسهلوا السفر والتنقل.

كانت جماعة الإخوان المسلمين بفكرها التكفيري المحلل لسفك الدماء، أُس الأساس في تفريخ الجماعات التكفيرية في العالم العربي وكان ابرز قادة هذا الفكر (سيد قطب وحسن البنا ولاحقا عبدالله عزام والظواهري)، فقد (قتل رئيس وزراء مصر النقراشي والقاضي الخزندار على أيدي الجهاز السري الاخواني ) و قتلت جماعة الإخوان في سوريا، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي وعن طريق تفجيرات وإطلاق نار وقصف صاروخي ما يزيد عن 400 مواطن سوري منهم عشرات الأطفال والنساء والمصليين والجنود السوريين، واغتالت الجماعة أكثر من 20 شخصية علمية ودينية وعسكرية منهم((إغتيال المناضل درويش الزوني (20 -12-1980 ): رئيس القضاء العسكري في الخمسينيات من القرن الماضي ،و اغتيال الأستاذ نزيه الجمالي رئيس فرع نقابة المحامين في، و اغتيال العميد عبد الكريم رزوق قائد سلاح الصواريخ ،و اغتيال الدكتور إبراهيم نعامة ( مدير مشفى المجتهد )، اغتيال الشيخ محمد الخطيب ( أمام الجامع الأموي،( اغتيال الشيخ محمد الشامي (حلب)،اغتيال اغتيال الشيخ محمد أديب زكور إثناء تأدية الصلاة ، اغتيال الشيخ محمد هشام عقيلي إثناء تأدية الصلاة ،اغتيال أستاذ جراحة الأعصاب المشهور عالميا وقتها محمود شحادة )).

ومن هذا الفكر الاخواني، فرخت القاعدة وابن لادن وطالبان وجماعة بوكو حرام والزرقاوي وعباس مدني في الجزائر ولاحقا داعش والنصرة وابن تيمية وجماعة خرسان (حين أرادت أمريكا محاربة الروس جندت حلفاءها من الأنظمة لتسير جنوها الى القتال بالوكالة فرأينا كيف يخرج الشباب العربي أفواجا لقتال الروس في أفغانستان ).

وفي الموضوع الفلسطيني ثمة قضية وهي مهددات السلم الأهلي: إن الاحتلال يريد جدياً أن يحول تناقضه معنا الى تناقض سلبي، هذا التناقض السلبي يقضي؛ بدل مواجهة الاحتلال وأدواته أن يتحول الصراع الى إشكالات داخلية فلسطينية سواء مذهبية أو سياسية وحتى اجتماعية .أرى أن المواجهة، تلقى على عاتق فصائل م ت ف وعلى رأسها حركة فتح و اليسار الفلسطيني وكذلك حركة حماس وثانيا الاتحادات والنقابات والشخصيات الاعتبارية وعلى مؤسسات السلطة الفلسطينية أن تتهيأ وتستعد،كذلك والمهم جدا أن تقدم الأجهزة الأمنية الرؤية والتقديرات الأمنية والاقتراحات للحلول وتكون جاهزة لمساندة ودعم هذا الاستعداد للمواجهة .

وعودة لذي بدء (ملف الكويت)،فكّرت الكويت ايجابيا في معالجة قضية التكفيريين ب بإجراء عشرات التعديلات الوزارية و التعيينات لمفاصل مهمة في الدولة سواء التعليم والثقافة والإعلام ،وأيضا جاء تأكيد ذلك من خلال تصريح وزير الداخلية الكويتي الشيخ محمد الخالد الصباح، ((لا يهمني أن شاباً عمرة 23 عاما انتقل من الرياض ووصل الكويت وفجر نفسه في المسجد،نريد معرفة من غسل دماغهُ ومن عبئهُ ومن موّلهُ وسهل له المهمة؛ أي نريد تدمير الماكينة التي تعمل على صنع هؤلاء المغرر بهم وتهيئتهم ليكونوا قنابل موقوتة)) ويضيف أراد هذا الإرهاب أن يصنع في الكويت صراعا مذهبيا، وإذا بالكويت دين واحد وقبلة واحدة ومسجد واحد وخطيب وإمام واحد ونبي وشعب واحد)).هذا التحليل وهذه الرؤية يمكن لها أن تستطيع مواجهة وتدمير هذه الماكينة الإرهابية الكبيرة.

اخر الأخبار