مواقف لا تنسى للشيخ الفدائي الشهيد فهد الأحمد الصباح

تابعنا على:   16:51 2015-07-27

رامي رشيد

في العاشر من أغسطس عام 1945م ولد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح في الكويت ليصبح الابن التاسع والأصغر لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح، وفي 22 أبريل 1963 التحق بالجيش الكويتي ضابطا مرشحا، وفي 30 يونيو 1964 أرسل في بعثة عسكرية إلى بريطانيا ليعود بعدها بعام إلى الجيش الكويتي برتبة ملازم أول ضابط أركان في الحرس الأميري، وفي 29 مايو من عام 1967م يشارك الشيخ فهد الأحمد في لواء اليرموك الكويتي المرابط على أرض مصر ولغاية الأول من سبتمبر 1967م وليشهد الحرب العربية الإسرائيلية كاملة بكل تداعياتها.

اتسم الشيخ فهد الأحمد بحسه القومي العروبي منذ صغره وبشجاعته النادرة وبإيمانه بالعرب كأمة ساهمت في الحضارة الإنسانية وبأن لهم دورا ورسالة ليؤدوها وكان يعمل جاهدا ليصنع الأحداث ولا يكتفي بالتعليق عليها، وكان قريبا من الشباب وهمومه.

بلغ التحول ذروته في حياة الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح «أبو الفهود» وهذا اسمه الحركي، في عام 1968م بانضمامه إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» مدربا للفدائيين على الأسلحة والمدفعية في معسكر «الهامة» في دمشق العاصمة السورية، جنبا إلى جنب مع القائد «أبو علي إياد» ومفوضا وموجها سياسيا عكس فكره القومي العروبي على قواعد المقاتلين المفتونين بشخصيته وبتفانيه وإخلاصه وتضحيته بالجاه والمنصب والثراء والتحاقه بصفوفهم!

في نفس العام 1968م غادر الشيخ الفدائي دمشق إلى الأغوار الأردنية لقواعد الفدائيين المتقدمة القريبة من فلسطين المحتلة، قاعدة صوقرة والمفرق وكانت مهمته تسهيل مهمة الفدائيين للعبور إلى الداخل الفلسطيني مع قائد القوات العراقية الموجود في المفرق، وكانت من المهام التي أوكلها إليه ياسر عرفات أن يكون مقاتلا ومدربا جوالا في السلط والكرامة والشونة الشمالية وغور الصافي.

 

بعد الانتصار في معركة الكرامة الخالدة، وردا على الحرب المتحركة التي شنتها حركة «فتح» في الأول من أغسطس 1968م بالتعاون مع قوات «التحرير الشعبية» وقوات «القادسية» التابعة «لجيش التحرير الفلسطيني»، والتي غطت 7 كيلومترات من الحدود الأردنية مع العدو الإسرائيلي، قصفت إسرائيل بقوة ضواحي السلط وأصابت غرفة العمليات، ليستشهد الرائد خالد عبدالمجيد وليصاب «بو الفهود» ويعالج في السلط ويعود إلى الأغوار من الشونة الجنوبية وحتى الشونة الشمالية.

في أكتوبر 1968م طلب الأخ أبو عمار من الشيخ «أبو الفهود» الانتقال إلى الجنوب اللبناني للإشراف على تأسيس قواعد الفدائيين في منطقة الهبارية بجنوب لبنان، ولاصطدام مفهوم الدولة مع فكرة الثورة تمت محاصرة قاعدة الفدائيين من قبل الجيش اللبناني، وأمر «أبو الفهود» إخوانه الفدائيين بعدم إطلاق النار على الجيش اللبناني إيمانا منه أن العدو الرئيسي للثورة هو العدو الصهيوني لا سواه، واقتيد الفدائيون إلى سجن الرمل في العاصمة بيروت، وحينما تناهى الأمر إلى مسامع السفير الكويتي في لبنان هرع للتوسط لإخراج الشيخ الفدائي ولكنه رفض الخروج إلا ومعه إخوانه جميعهم وكان له ما أراد.

 

في معارك الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح «أبو الفهود» مع الثورة الفلسطينية وفي دخوله الأرض المحتلة في دوريات الفدائيين أصيب ثلاث مرات بإصابات بليغة ولم تثنه الإصابات عن تأدية واجبه القومي العروبي الرائد، وليعود الشيخ الفدائي إلى وطنه الكويت في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي وليواصل دعمه الرياضي والسياسي للثورة الفلسطينية المؤمن بحتمية انتصارها.

ولأن الكويت مسقط رأسي وملاعب صباي وقضيت ميعة شبابي بها، ولها فضل تعليمي وثقافتي كبيئة منفتحة، وبها كنت أتابع وأرصد ما يجري لقضية شعبي، كنت أتابع ما يعمل هذا الرجل، كان هذا الرجل يطارد العدو الصهيوني رياضيا في كل المحافل عن طريق مناصبه المحلية والعربية والقارية والدولية، وفي إحدى المناسبات الرياضية الآسيوية في كرة القدم انسحبت الكويت من أمام الكيان الصهيوني ودخل الشيخ الفدائي إلى دائرة منتصف الملعب، ليعلن للعالم أن المفترض أن تلعب الكويت مع دولة فلسطين صاحبة الأرض والحق في المشاركة وليست دولة الاحتلال والعدوان!

وحينما سعى نظام عربي ليجهز على الثورة الفلسطينية الباسلة وليكمل ما بدأته دولة الاحتلال والعدوان في عام 1982م، وقد عمل هذا النظام بكل الوسائل على الإجهاز على منظمة التحرير الفلسطينية باعتقاله أكثر من (10000) عشرة آلاف كادر من بيروت واقتيادهم إلى عاصمته، ومن ثم قيامه بشق حركة «فتح» وحصار المخيمات الفلسطينية في بيروت بمساعدة أدواته الفلسطينية واللبنانية، وانتقال هذا النظام مع النظام العربي القادم من بعيد من شمال إفريقيا لقصف المخيمات الفلسطينية في شمال لبنان وتحديدا في طرابلس لطرد قوات منظمة التحرير الفلسطينية من كل لبنان كما خيل لهم!

في معركة طرابلس اللبنانية، تم أسر أخ ورفيق درب الشيخ الفدائي مصطفى خليل ذيب «أبو طعان» واقتيد للتحقيق الوحشي الذي فقد عينه على أثره وسجن في سجون هذا النظام 21 عاما، وكنت أتابع سعي الشيخ الفدائي فهد الأحمد الجابر الصباح «أبو الفهود» الحثيث لاستخدام كل علاقاته لإطلاق سراح رفيق دربه «أبو طعان» من السجن، لم يكن يمضي أسبوع إلا ويكتب الشيخ «أبو الفهود» في افتتاحيات الصحف الكويتية وفي الصفحة الأولى عن قضية الفدائي الشجاع «أبو طعان»، وتوسطت الكويت الرسمية مرارا لإطلاق سراح «أبو طعان» ولكن بلا جدوى لتعنت النظام.

حقق ياسر عرفات نصرا سياسيا كبيرا وهو محاصر فحرر من سجن أنصار أكثر من 5200 أسير فلسطيني ولبناني وعربي و63 كادرا من خيرة الفدائيين من سجون الأرض المحتلة مقابل 6 جنود إسرائيليين أسرهم الفدائيون في معركة بيروت، وهو يمخر عباب البحر بالبوارج الفرنسية، فجر ياسر عرفات المفاجأة الكبرى بنزوله في مصر ولقائه الرئيس المصري حسني مبارك ليشكره على وساطته لإخراج الفدائيين من طرابلس وبالسماح لهم بعبور قناة السويس، وفهمت الزيارة فلسطينيا وعربيا أنها التحاق بكامب ديفيد وكسر للمقاطعة العربية لمصر، هاجمت اللجنة المركزية لحركة «فتح» رئيسها ووصفت الزيارة بالفردية ولم يقبل ياسر عرفات موقف اللجنة المركزية، وحصل الجفاء الذي كان سيتحول إلى قطيعة!

 

في هذه الأزمة العاصفة لحركة «فتح»، ظهرت قدرات الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح «أبوالفهود»، وبسرعة شديدة وبعبقرية الحريص يصاحب الأخ الشيخ «أبوالفهود» سليم الزعنون «أبو الأديب» معتمد حركة «فتح» في الكويت والخليج العربي وعضو اللجنة المركزية للحركة لليمن لعلمه بزيارة ياسر عرفات لليمن، كان لقاءا عاصفا ساده التشنج، وشاء الله أن تتكلل جهود الشيخ الفدائي بالنجاح ويتعانق ياسر عرفات مع سليم الزعنون ممثل اللجنة المركزية في اللقاء 

استشهد الشيخ الفدائي «أبوالفهود» في يوم الثاني من أغسطس 1990م وهو يتصدى للغزو العراقي للكويت على بوابة قصر دسمان وكان على مسافة 8 أيام ليصل إلى ربيعه الخامس والأربعين، ليصبح رمزا للكويت ونبراسا لشبابها، وخرج «أبو طعان» من سجن النظام بعد 21 عاما بعين واحدة وقلب عامر بالإيمان زاهد بالحياة، وهرب ياسر عرفات بالورقة الفلسطينية ولم يسلمها لأي نظام حتى استشهد في 11 نوفمبر 2004م، واستضاف أبناء الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح في الكويت رفيق والدهم «أبوطعان» وقاموا بواجبه، وظلت الكويت رسميا وشعبيا على وفائها للقضية الفلسطينية، واستضافت فلسطين أبناء الشهيد الفدائي «أبوالفهود»، أحمد وطلال كأحسن ما يكون، وأكيد نقف ممتنين لهذا الرجل لما قدمه لفلسطين والعرب.

اخر الأخبار