حــمــاس و عــبـاس و نـقـار الخــشــب .. !!

تابعنا على:   12:26 2015-07-01

عادل ابو هاشم

التصريحات اليومية و التحريضية التي يدلي بها السيد محمود عباس بانتظام و إصرار غريبين ضد فصائل المقاومة عامة ، و حركة " حماس " خاصة على شاشات تلفزيون العدو الأسرائيلي ، وفي فضائيات " سحرة فرعون " وجميعها تتمحور في جلد شعبنا والمقاومة وتحميلهما المسؤولية في تدمير كل ما بنته السلطة الفلسطينية ، وتبرئة الاحتلال من المسؤولية عن جرائمه تذكرنا بالطائر المسمى " نـقـار الخـشـب " الذي لا يكل ولا يمل من نقر الخشب على أمل أن يجد الكنز الموعود ..!!
فبدلاً من أن يتفرغ عباس و فريقه من الناعقين باسم " حركة فتح " للرد على تصريحات قادة الكيان الصهيوني الذين استباحوا البشر و الحجر ، والتفكير بحماية أمن الشعب الفلسطيني من تهديداتهم اليومية ، ومجازرهم المتواصلة ، قرر أن يكون مع الاحتلال في جبهة واحدة ضد معاناة شعبه ، وضد حركة حماس منذ فوزها في الانتخابات مطلع عام 2006. !
فهو متخصص في إعطاء الصدمات للشعب الفلسطيني والسلوك الاحباطي ، وهو ما تحدث به الرجل عن نفسه من أنه يتميز في حديثة بصراحة تكون محرجة في بعض الأحيان ( تربيت علي هذه الأمور ولا أحب اللف والدوران ، ورغم أنني اشتغلت في السياسة طويلاً ، وكان علي أن أتعلم شيئاً من الدبلوماسية ، ولكن في وضعنا الديبلوماسية لا تنفع ، ولا بد من قدر من الصراحة و الوضوح مع النفس والآخرين) .
ما الذي جعل عباس ينحى هذا المنحى في تصريحاته و مواقفه الإنهزامية التي أثارت البلبلة في عقول الكثيرين من المتابعين لمسيرة جهاد ونضال الشعب الفلسطيني .؟!
فمنذ بداية انـتفاضة الأقصى في 28/9/2000م لم يترك عباس مناسبة دون أن يطلق عبارات الاستنكار والتـنديد والشجب والإدانة لكل عمل مقاوم ضد العدو الإسرائيلي ، تارة يتهم أبطال الانتفاضة بـالوقوع في الأخطاء من خلال " عسكرة الانتفاضة " من خلال العمليات الإستشهادية التي دفعت شارون إلى الإستمرار في عدوانه ..!!
حيث وصف العمليات الإستشهادية بالتـناقض مع المصلحة الفلسطينية العليا ، وأن العدو الإسرائيلي أخذ من هذه العمليات ذريعة لقصف المدن الفلسطينية وتدمير مقرات ومؤسسات السلطة في هذه الأيام التي يتم فيها بناء الدولة الفلسطينية ، بل وصل به الأمر إلى وصفه العملية الاستشهادية التي قام بها الاستشهادي البطل المجاهد سامر سامح حماد في تل أبيب بـ " الحقيرة " ..!!
وتـناسى عباس ــ عن سابق إصرار وسوء نية ــ أن الإحتلال الإسرائيلي هو أساس الداء ومصدر البلاء ، وإن العمليات الإستشهادية هي السلاح الوحيد الذي أوجع الحكومة الإسرائيلية وحلفائها ، وضرب المشروع الصهيوني الذي يعتمد على إستقدام اليهود من شتى بقاع العالم إلى " أرض الميعاد " حيث الأمن والأمان في الصميم ، وزلزل منظومة العدو الأمنية والحربية التي تعتمد على نقل المعركة إلى أرض العدو، وأوصل إلى الجميع رسالة الغضب الفلسطيني باللغة التي يفهمونها .
وتارة أخرى يخرج علينا عباس في التاسع والعشرين من تشرين الثاني "نوفمبر" 2002م في ذكرى يوم التقسيم المشؤوم بتصريح لجريدة يديعوت أحرونوت الصهيونية يتهم فيه فلسطينيي عام 1948م بإفشال الانتفاضة وإسقاط حق عودة اللاجئين إلى ديارهم ..!!
واتهمهم أيضـًا بالمسؤولية عن مقتل شهدائهم الثلاثة عشر الذين سقطوا في انتفاضة القدس والأقصى في شهر أكتوبر عام 2000م..!!
تارة يربط بين رفع الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة وبين وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه المغتصبات الصهيونية المحيطة بقطاع غزة ، وتارة أخرى يربط بين " حركة حماس " وتنظيم " القاعدة "، حيث أكد ــ مراراً ــ على وجود تنظيم القاعدة بقطاع غزة ، وتحالفه مع "حماس" التي تقوم بتسهيل عملية دخول وخروج عناصره ــ على حد مزاعمه ــ ، وهو أمر خطير لا يمس حركة حماس بقدر ما يمس أمن الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة ، وهو ما حدث فعلاً من خلال قوافل الشهداء الذين اغتالهم قوات الاحتلال وبلغ عددهم 34 شهيداً في غضون يومين على تصريحاته . !
كما قدم مبرر إضافي لتصنيف المقاومة الفلسطينية في خانة المنظمات الإرهابية من خلال محاولات الإيهام بصلة " القاعدة " بحماس ، ودخول وخروج عناصر التنظيم القاعدة من وإلى غزة ، مما يكرس حصار غزة ، ويخدم التوجه الصهيو ــ أمريكي في حملته على ما يسمى بـ "الإرهاب".!
وكان مثيراً للانتباه ومحرجاً في الوقت نفسه أن يصدر تقرير عن الأمم المتحدة اعتبر المقاومة الفلسطينية نتاج طبيعي للاحتلال ، وذلك بالتزامن مع حملة عباس ضد حماس ونعته لها بالإرهاب والتحالف مع تنظيم " القاعدة "، في محاولة منه لتأليب المجتمع الدولي عليها . !
أثناء العدوان الأسرائيلي على قطاع غزة في يوليو 2014 م " معركة العصف المأكول " خرج علينا عباس بالتصريحات التالية :
ــ الـحرب يـقودها تـجار حرب من الطرفين .!
ــ الـحرب إندلـعت لأسباب داخلية فلسطينية .!
ــ مـجموع الـضحايا الـصهاينة = صـفر !
ــ الـمـقاومـة بـطلت تـنفع .!
ــ نـدعو إسرائيل للـجلوس لطاولة الـمفاوضات .!
ــ مـن حق إسرائيل الدفاع عنها نـفسـها ، لكن دون تقوية " حماس " . !!!
( لم يرق للحكومة الإسرائيلية أن من أهم نتائج الحرب على قطاع غزة أنها أعادت إحياء الهوية الوطنية الكفاحية للشعب الفلسطيني ، لذلك قال رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في خطابه في الامم المتحدة في 29 / 9 / 2014 م أن حماس غصن مأخوذ من شجرة " داعش " السامة .! ) .!
و في 7 / 12 / 2014 م ردد عباس بأن حماس هي داعش ، و داعش هي حماس بعد أن وصفهم في السابق يالقرامطة ، و بايواء تنظيم القاعدة .!
وتساءل الإنسان الفلسطيني المكلوم بهذه القيادة :
من أين جاء كل هذا الحقد الذي يكنه عباس على حركات و فصائل المقاومة وخاصة " حركة حماس " .؟!
كيف وصلت به حالة العداء مع الكفاح المسلح أن يعتبره " عنفاً " وفي بعض التصريحات " إرهاباً " .؟!
هل يدرك هذا الرجل الذي نقرأ في سيرته الذاتية بأن إيمانه بالعمل العسكري لتحرير وطنه هو الذي جعله ينضم إلى " مجموعة فتح في قطر" التي تشكلت في أواخر الخمسينات مع الشهداء عبد الفتاح حمود وأبو يوسف النجار وكمال عدوان ، لتـنضم إلى " مجموعة فتح في الكويت " والتي كان أعضاؤها ياسر عرفات وفاروق القدومي وخليل الوزير وصلاح خلف وسليم الزعنون وخالد الحسن حيث تلاقت المجموعتان في الفكر والمنهج لينتج ولادة حركة فتح . ؟!
هل يدرك الفرق بين المقاومة والإرهاب..؟!
الم يدرك هذا الرجل بأننا نواجه عدوا استثنائيا في عدوانه المتواصل ،عدوا إقتلاعيا ، عنصريا بشعا ، شايلوكيا في تعطشه ونهمه المستمر لدمائنا ، عدوا تجاوز النازية والفاشية وكل القتلة في التاريخ في أساليبه المجرمة ومذابحه المتواصلة ضد شعبنا وضد المفاهيم الإنسانية ، عدوا لا يتقن سوى المذابح والقتل وكل ما هو بشع ، عدواً يرفع شعر " أنا أقتل إذن أنا موجود " . ؟؟!!
وهل هذا الرجل لم تصل إلى مسامعه أن المقاومة هي التي حققت الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني لا التنسيق الأمني المقدس .؟!
هل هي محاولات يائسة منه لتصدير أزماته التي يعاني منها هو وفريقه المأزوم بسبب المشاكل الداخلية المتفاقمة على مستوى السلطة و " حركة فتح "، والتغطية على المآل الذي انتهى إليه مسار التسوية مع المحتل الذي كان يراهن عليه بعد أن وصل إلى طريق مسدود .؟!
حيث لم يتبق أمام عباس سوى ركوب هذه الموجة الذي يتساوق بها تماماً مع المخطط الصهيو ــ أمريكي الذي طالما تذرع بصواريخ المقاومة ليبرر حصاره الظالم لقطاع غزة ومجازره الوحشية ضد سكانه المدنيين ، ووصم حركات المقاومة عموما ، وحركة حماس خصوصا بالإرهاب ، رغم أن مقاومة المحتل حق كفلته كل الشرائع والقوانين الدولية .
إن الشعب الفلسطيني يعيش حالة من الضياع السياسي والاقتصادي وفقدان الثقة بالسلطة ، وينظر إلى ضعف القيادة الفلسطينية كسبب رئيس في هذا الضياع الخطير والانزلاق بالقضية الفلسطينية نحو مزيد من السقوط المتتالي ، وعباس ليس لدية ما يقدمه للشعب .
فتاريخيا قوة فلسطين مربوطة بقوة وشعبية رئيسها ، وعباس مثال حي على الضعف المزمن والتهاوي المستمر بالقضية الفلسطينية إلى الهاوية وبعده عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني الذي يطمح بقيادة أفضل يلتمس فيها التغيير على أرض الواقع بعيدا عن " التطبيل " الفارغ من كذابين الزفة من " كتبة التدخل السريع " الذين لا هم لهم سوى تشويه تاريخ و نضال وجهاد الشعب الفلسطيني ، وإشاعة روح الانهزامية والاستسلام ، وتشجيع العدو على مواصلة عدوانه .!!

اخر الأخبار