الى من يهمه الامر

تابعنا على:   20:05 2015-05-27

محمد جهاد حمدان

تتعرض المنطقة في هذه السنوات التاريخية إلى إعادة تصنيع، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة، فالمؤامرة موجودة منذ فجر التاريخ، ولكن اي مؤامرة مهما كانت، لن تنجح دون تواطئ الضحايا انفسهم، وخيانة ضمائرهم واحزابهم وقياداتهم ونخبهم المثقفة والسياسية والدينية، فالتاريخ يعيد نفسه فانا لا انسى مقولة، “الطريق إلى القدس تمر عبر افغانستان” ورغم أني كنت لا أعرف ما هي افغانستان، إلا أني كنت افغاني حتى النخاع، ولقد كنت ايراني كذلك فانا لا انسى كلمات الخميني، فمنذ اكثر من 40 عام هم في طريقهم الى القدس، تاهت الطريق في بغداد و التكفير وقطع الرؤوس والتفجيرات هنا وهناك، واليوم لا ندري من اين تأتي طريق القدس، هل هي من دمشق او صنعاء او ربما من شمال افريقيا وسيناء وطرابلس، هي نفس الخدعة القديمة الجديدة، نعم نحن نشرب من نفس كأس كابول وطهران، فلا القدس تحررت ولا ستتحرر على ايدي هؤلاء، فليس لهم نحو القدس طريق، فطريقهم نحو إسرائيل الكبرى، تحت روايات دينية ونبوءات هم من وضعها، فالنبوءات التي استُخدمت لإسقاط الخلافة العثمانية، هي نفسها تثار الآن لتشجيع الثورات، نعم تختلف الاساليب و لكن الهدف واحد، إعادة تقسيم المنطقة، ومن أجل تنفيذ المشروع لابد من اختراع و تصنيع اعداء (داعش، القاعدة، الكيماوي، السلاح النووي، محور الشر، امن المنطقة، الارهاب.....)، وكما قال الكاتب تشالمرز ( كانت مأساة 11 ايلول مثل المن والسلوى من السماء لإدارة مصممة على تضخيم الميزانيات العسكرية)، فمأساة البرجين كانت ذريعة من اجل حروب أبدية ضد الارهاب، ومن هنا السعي الى احتلال افغانستان و تغيير الحكم في العراق يتبعه تغيير انظمة الدول في المنطقة والعالم، فما يحدث في الشرق الاوسط وافريقيا واوروبا، هو حرب شاملة مخطط لها يقودها المعسكر الامريصهيوني، فالعراق كانت البداية فقط، لتساقط الدول الاخرى مثل الدومينو، فكل من يقرأ التاريخ ويتابع السياسات الامريصهيونية يجد انها تسعى لتحقيق نبوءات توراتيه هم من وضعها، قال جاك شيراك تلقيت مكالمة هاتفية في مطلع عام 2003، فوجئت فيها ببوش وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي للقوات المتحالفة ضد العراق مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار "يأجوج ومأجوج" مدعيا إنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط قرب مدينة بابل القديمة وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس الذي أكدت عليه نبوءات التوراة، ((أن يأجوج ومأجوج سيقودان جيوش جرارة لتدمير إسرائيل ومحوها من الوجود وعندئذ ستهب قوة عظمى لحماية اليهود في حرب يريدها الرب, وتقضي على يأجوج ومأجوج وجيشيهما ليبدأ العالم بعدها حياة جديدة)) سفر التكوين.

فالقتال في المنطقة هو حرب بالوكالة و لن تنتهي إلا بزوال طائفة بعينها وهذا لن يحدث، انها اللانهاية، ففي عام 1979، وصل الخميني بطائرة قادما من فرنسا، هذا الشيطان قدم بمخطط جديد، فبعد شهور قلة من ظهوره أقدم على اشعال حرب مقدسة سميت بحرب الخليج الأولى، وكان لها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حروب استنزافية اخرى كان غايتها اضعاف العراق و قد ربح الرهان بعد عدة عقود كان اخرها الدخول الامريكي للعراق و هدم كل حضارته و تاريخه و نهب خيراته، ليتم في النهاية تسليمه للفرس، فمن استقدم الخميني الى ايران بعدما كان نكرة؟ و من ساعده بالأموال و السلاح ؟

ولكى تنفذ امريكا مشروع الشرق الاوسط الجديد يجب عليها تعديل المعادلة لكى تصبح: الشعية × السنة = اكتمال مشروع تقسيم المنطقة، وما تقوم به ايران اليوم في العراق هو نبوءة يهودية توراتية تحرض الايرانيين على تدمير بابل (العراق) :((قد أظهر الرب برّنا، فتعالوا لنُذيع في صهيون، ما صنعه الرب إلهنا، سنّوا السهام وتقلّدوا التروس، لأن الرب قد أثار روح ملوك الماديين (الإيرانيين)، إذ وطّد العزم على إهلاك بابل، لأن هذا هو انتقام الرب، والثأر لهيكله، انصبوا راية على أسوار بابل، شدّدوا الحراسة، أقيموا الأرصاد (الجواسيس والعملاء) أعدوا الكمائن، لأن الرب قد خطّط وأنجز ما قضى به على أهل بابل، أيتها الساكنة إلى جوار المياه الغزيرة، ذات الكنوز الوفيرة، إن نهايتك قد أزفت، وحان موعد اقتلاعك، قد أقسم الرب القدير بذاته، قائلا: لأملأنّك أُناسا كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك)).

فأثارة الحروب والفتن هي اللعبة المفضلة لليهود، و سوف يكون العالم بعد سنوات من الربيع والقتال واشعال الفتنة جاهز من اجل الاعلان، أن الامم المتحدة لم تنجح في حل مشاكل العالم، التي صنعوها و سيعلنون عن تأسيس منظمة جديدة بدلاً من الأمم المتحدة قريبا، قادرة على حل كل الصراعات، فالأمم المتحدة و عصبة الامم : كلها ادوات صهيونية، وكل ما نراه اليوم من حروب هدفها اعادة تقسيم المنطقة وتدمير جيوشها من اجل تحقيق حلم اسرائيل الكبرى، فلقد مضى من عمر اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة الى دول 98 عام ، فعمرها هو 100 عام وستنتهي خلال العامين القادمين، ولذلك تتسارع الاحداث لاتفاق تقسيم جديد ترعاه الدول المسيطرة، تماما كما حدث قبل 100 عام، فالعالم سيشهد زلازل وتحولات مثل التي شهدتها أوروبا الشرقية، سوف تتفتت سوريا تبعا لتركيبها العرقي والطائفي الى دويلات عدة وعليه فسوف تظهر دولة علوية و دولة سنية ودولة شيعية، فالمعارضة تبحث زيادة الدعم الإقليمي المقدم لها خاصةً من السعودية وتركيا، في ظل الحديث عن إمكانية القيام بعاصفة حزم سورية بأيدٍ سورية ودعمٍ خارجي، اما في ما يخص العراق فان تقسيم العراق هو أحد الاهداف الرئيسية، حيث سيتم تقسيم العراق الى ثلاث دول ( كردية، سنية، شيعية).

ومصر تعيش حالة من الإرباك، فهي على حافة الهاوية، فالمطلوب اضعاف الجيش، وبالتوازي تأجيج الصراعات الداخلية والنعرات الانفصالية الطائفية، ففي مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين والشيعة، وكان السادات قد اعرب في خطابه عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة أي دولة مسيحية جديدة في مصر، سيناء لان تكون بعيدة فكل الامور تسير باتجاه اقامة دولة فلسطينية هناك، فمصر بتركيبتها السياسية الداخلية الحالية، هي بمثابة جثة هامدة، فاذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخر بسهولة، وما رأيناه في ليبيا من فوضى سيؤدي الى تقسيمها الى 3 دول، اما اليمن فهي المصيدة لمن نجى من المؤامرة، فاليمن ركبت الطريق السريع للمشروع المخطط لها وهو تقسيمها الى 5 فيدراليات، اما السودان أكثر دول العالم العربي الإسلامي تفككا فهي جاهزة ولا تحتاج الى الكثير، وكذلك دول الخليج القائمة على بناء هش، فهي قابلة للانهيار في أي لحظة نتيجة أي ضغوط من الداخل ومن الخارج ومن خلال المتابعة فان الامور تسير باتجاه تغير موازين القوى بالخليج قريبا وعلى راسها قطر.

المغرب العربي، فالمغرب والجزائر في عداء مستمر بالإضافة الى حركة التشيع المتزايدة في البلدين، اما تونس فهي على صفيح ساخن فالإسلاميين جاهزين في أي لحظة لبدء حرب طاحنة تؤدي الى تفتت تونس، والهدف إقامة دولة البربر و دولة البوليساريو، اما افغانستان وباكستان فالغزو الشيعي اصبح واضحاً والنعرات الطائفية جاهزة للاشتعال في أي لحظة، و لن يطول الاستقرار الاردني فإسقاط النظام يعد هدف استراتيجي وستعمل اسرائيل بكل ما لديها من قوة على تهجير الفلسطينيين الى الاردن ونقل السلطة لهم هناك وافراغ الضفة من سكانها، بما في ذلك تهجير عرب 48 وذلك من خلال الضغط الاقتصادي والعسكري.

فمن اشهر نبوءات الصهيونية تكوين دولة اسرائيل، خراب دمشق، جفاف النيل و الفرات، معركة جولياث و دافيد( حرب 67)، خراب بابل، حرب السبع سنوات، معركة هرمجدون، اسقاط الأديان، و هناك عشرات النبوءات و طبعا أول نبوءة هي تجميع اليهود في فلسطين فتم عمل المؤتمر الصهيوني الأول بقيادة هيرتزل ليبدأ عصر جديد، فقام الصهاينة بإشعال الحرب الأولى حتى يتخلصوا من المعارضين للصهيونية و هم آل عثمان وتم اصدار وعد بلفور وتقسيم المنطقة كخطوة اولى، وكانت الخطوة الثانية تأسيس اخوية نجد، و بعد فشل تجربة أخوية نجد مع البريطانيين تم التخلص منهم و أصبحت الأخوية الجديدة التي اسسها البنا(الاخوان المسلمين)، هي الاداة الجديدة في يد الصهيونية، و كان الأساس الذي أنشئت عليه أخوية البنا علم النبوءات و نشروا بين الناس أن تكوين دولة اسرائيل شيء لا يقلق لأن الله يجمعهم في مكان واحد حتى يتم التخلص منهم في معركة كبرى، و اذا ما ساعدتهم أمريكا على سبيل المثال يقولون أن الباطل جندي من جنود الحق وهم مجبرون على ذلك.

هل تعلم أن النظام التركي اخوان مسلمين و أن كل الجماعات الجهادية هم اخوان مسلمين هل تعلم أن النظام الايراني هو و الاخوان المسلمين يؤمنون بنفس النبوءات و يسعون لتحقيقها أيضا، و هنا نعود الى طرحنا الاهم، لا يسمح الدستور الأمريكي بشن حرب وقائية، ولهذا السبب كلما اراد رئيس خوض حرب جديدة، كان عليه انتظار حادثة ما ليبرر استخدام القوة، ونحن الان بانتظار حادثة تشبه 11 ايلول لتكون بداية التدخل العسكري الغربي، والتي سيكون احد اهم اسلحتها، مشروع (HAARP) الامريكي، فحرب المناخ باتت وسيلة فعالة في الصراعات العالمية الحديثة، كتب العالم جون بيير: ( اكتشفنا شكلا جديدا لحرب خفية, وهذا السلاح سيُضعف أي دولة يُستخدم ضدها, حيث يتم تصدير كوارث طبيعية بوسائل تبدو متواضعة تُحدث زلزال أو غيرها من الكوارث، لإرسال مساعدات انسانية وجنود ليستولوا بالفعل على الدولة المتضررة)، فكل دولة يعصب اسقاطها بالاقتتال الداخلي سيكون سلاح المناخ هو الحل ولكم في السودان وافغانستان اكبر مثال وقريبا مصر.

واخيراً، ان من يتحكم الان في العالم هم من ملكوا الاقتصاد قبل القوة العسكرية، فما حدث ويحدث للعالم العربي ليس صدفة، والذي حدث ويحدث أمام أعيننا، شاهد على ذلك، والبقية آتية إذا بقينا في سبات عميق، علينا أن نستيقظ حتى لا يجرفنا الطوفان القادم.

يقول مؤسس الحركة الصهيونية ( هيرتزل )في مذكراته : اذا اردت ان تهزم عدوك قسمه من الداخل واشعل نار الخلاف بينهم و مزق صفوفهم ثم ادعم طرف على اخر حتى يضعف احدهما الاخر وما ان يقضي احدمها على الاخر اقضي انت على الطرف المنتصر.

اخر الأخبار