"حماس تحت الخطر"!

تابعنا على:   10:59 2015-05-27

كتب حسن عصفور/ منظمة العفو الدولية ليس بتلك الجهة التي يمكن اعتبار تقاريرها ذات "مهنية صادقة" بالمعنى القانوني والسياسي أيضا، ولا يغيب عن ما تصدره من تقارير "البعد السياسي الخاص"، والذي يتقارب في بعض منه مع الأهداف الأميركية، ومع كل ما عليها من ملاحظات جادة وحقيقية، لكن لا يخفى مدى تأثير ما تنشره على الرأي العام الدولي، بل وعلى مؤسسات دولية مختلفة الأغراض والمهام..

وآخر طبعات تلك المنظمة، أحد التقارير التي تدوالتها مختلف وسائل الاعلام بكل اللغات الحية، تقرير منظمة العفو الدولية" أمنستي"، عن قيام حركة حماس بارتكاب جرائم حرب وحشية، "تقشعر لها الأبدان، تعرض فيها فلسطينيون اتهمتهم حماس بمساعدة اسرائيل للتعذيب والقتل، والتي يعد بعضها جرائم حرب تهدف الي الانتقام وبث الخوف في ارجاء قطاع غزة."، وفقا لتقرير المنظمة..

ولمزيد من "الإثارة السياسية" يغلف فيليب لوثر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التقرير بـ"مسحة إنسانية"،  بقوله: "إنه لأمر مروع لأقصى حد أنه بينما كانت إسرائيل تنزل الموت والدمار بشعب غزة على نطاق هائل.. انتهزت قوات حماس الفرصة لتسوية الحسابات بلا رحمة، منفذة سلسلة من عمليات القتل غير المشروع وغيرها من الانتهاكات الجسيمة."

من الطبيعي أن تخرج قيادات حركة حماس، برد فوري على التقرير، بأنه ليس سوى "أكاذيب ودسائس تستهدف المقاومة ونضال الشعب الفلسطيني"، وقد يزيد آخرون بأن التقرير يرمي لـ"مساواة الجلاد الصهيوني مع الضحية الفلسطيني"، بل ربما يذهب آخرين الى ما هو ابعد من ذلك ليتهم تلك المنظمة وتقاريرها، بأنها تأتي لخدمة "العدو الإسرائيلي وتخفيف ما ارتكبه من جرائم حرب"، مضافا لذلك ما سيخطر على بال أي ناطق من "عبارات لغوية دسمة جدا"، دون أن يفكر ولو للحظة، أن المسألة ليست "سباقا لغويا في النحو" في الرد والرد المضاد، بل كيفية الصرف!..

ولعل وسائل إعلام جماعة "الإخوان" وتحالفها، بما فيه إعلام حركة حماس، وعت قبل أسابيع قليلة في "فخ" تقارير المنظمة بترويجها تقرير عن مصر وثورتها وحكمها، وكأنه حقيقة مطلقة، ولم تقف لتفكر بأن تلك التقارير لم تأت من فراغ، ولا لوجه الله والانسانية، وأنها حريصة حقا على "الجماعة الإخوانية" والحريات الديمقراطية في مصر وغيرها، لكنها لم تكن سوى ضيق أأفق وغباوة سياسية تحضر لحظة العمى السياسي، وكراهية مغلفة بحقد من نوع خاص..
وبعيدا عن ما حدث، فإن حركة حماس مطالبة فورا بالعمل على الرد على التقرير على طريقة "العدو الصهيوني"، حيث لا يكتفي بالإنكاروالشتيمة، بل أعلن انه شكل لجنة "قانونية" لبحث أي "خروقات حدثت خلال الحرب على قطاع غزة"، سلوك ليس الهدف منه مطلقا معرفة مدى ارتكاب جيش دولة الكيان لجرائم حرب، فهي بالنسبة لهم "حق توراتي" لقتل الفلسطيني حيثما توفر له ذلك، ولا يخفي ذلك غالبية وزراء حكومة نتنياهو الجديدة، لكنهم يحاولون التلاعب والمناورة، ولأخذ مزيد من الوقت لكيفية التحضير لتطويق تلك التقارير..

وقبل ايام حذر مسؤولي المنظمة حكومة الكيان الاسرائيلي من عدم التعاون معها وتقاريرها، وهو ما يمكن أن يعتبره البعض شكلا من أشكال "الحيادية" بعد ان اتهمتها بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب على قطاع غزة..

ولأن المسألة جدية جدا، يجب أن تسارع حماس العمل والتحضير الجاد والمسؤول لتجهيز ما لديها لمواجهة التقرير، والذي قد يشكل "سكينا حقيقيا وحادا جدا" على رقبة الموقف الفلسطيني المتجه الى المحكمة الجنائية، ولذا مطلوب من حماس، وبعد أن تصدر ما يحلو لها من بيانات لغوية، ان تذهب لخطوات عملية لتجنب الضرر المتوقع من تقرير "العفو الدولية" من خلال بعض الإجراءات التي قد تكون ضرورية ومنها:
*الاعلان عن تشكيل لجنة مهنية تضم ممثلي منظمات حقوقية فلسطينية عاملة في القطاع" لبحث ما اشار اليه التقرير، والتدقيق بها..

** العمل على تحضير الملفات كاملة لمن تم تنفيذ حكم الإعدام به خلال الحرب أو بعدها، خاصة المشتبه بتعاملهم مع قوات العدو خلال الحرب، خاصة وأن حماس أعلنت في حينه أنها قامت بـ"محاكمة المتهمين محاكمة عادلة"، ولذا لتضع نتائج تحقيقاتها ومسار المحاكمة بين يدي اللجنة المفترض تشكيلها..

*** الاتصال مع "حكومة التوافق" الفلسطينية، مع كل ما لها وعليها من ملاحظات كارثية، لكنها هي واجهة الشرعية الرسمية، من أجل تنسيق الموقف والعمل على كيفية الرد ومواجهة التقرير..

**** العمل على التنسيق مع اللجنة الفلسطينية الخاصة "لجنة الأربعين" بمتابعة المحكمة الجنائية الدولية، ويمكنها ان تدعو وفدا منها لزيارة قطاع غزة، والوقوف على كل ما له صلة بتلك المسألة، خاصة وان حماس لم تعارض تشكيل اللجنة، بل هي ممثلة بها بشكل أو بآخر، ولها مندوب مسمى، هو د.غازي حمد..

***** الطلب من الرئاسة الفلسطينية، بالعمل على تشكيل "خلية قانونية - سياسية" مشتركة بمشاركة وزارتي الخارجية والعدل، للعمل  في الساحتين العربية والدولية، وتنسيق الجهد في مخاطبة الجامعة العربية والإمم المتحدة، ومجلس حقوق الانسان في جنيف، ومؤسسات عالمية ذات ارتباط بتلك القضايا..

بالتأكيد هناك كثير من الخطوات الهامة الإخرى يمكن أن تكون ضرورة، بعد تشكيل خلية الأزمة السياسية - القانونية، لكن الأهم هو البدء العملي في مواجهة التقرير، فحماس فعليا "تحت الخطر"، ولا يمكن الاكتفاء بعض بيانات كاملة "البلاغة والنحو" ولكنها في الواقع "خالية من الصرف"..

الجدية في التعاطي مع التقرير، وتطويق مخاطره ضرورة وطنية فلسطينية، قبل أن تكون حماية لحماس وبعض قادتها الذين قد يصبحوا "مجرمي حرب" بين ليلة وضحاها..

هل تسلك حماس الطريق السوي، أم تلجأ لـ"المكابرة"، والتي لن تجدي ولا تنفع سوى بعض من "احبابها"..

حماس مطالبة بالتصرف كفصيل مسؤول وقبل فوات الآوان، وكي لا يصبح تقرير "العفو الدولية" ذريعة يستخدمه البعض لعدم الذهاب الى المحكمة الجنائية، ومطاردة دولة الكيان وقادتها باعتبارها "كيان مجرم حرب" وخطر على الإنسانية..

لا تسمحوا للمتربصين بأي حجة، لوقف الانطلاق نحو لاهاي..والكل في "وطننا يعرف الكل" نوايا ومواقف..

 ولم يعد سرا بأن هناك "تبادل مصالح" قد حدث "مال مقابل التجميد"..والي مش فاهم عمره ما فهم!

ملاحظة: لعبة قادة دولة الاحتلال لاستخدام "الجهاد الاسلامي" للعدوان ساذجة أكثر مما يجب..الصاروخ له أكثر من اب بالتأكيد، لكن كشف أمه مسؤولية حماس!

تنويه خاص: قيادي فتحاوي يبشر بان الرئيس عباس سيدعو "القيادة  الفلسطينية" الى لقاء عاجل لبحث "مقترح نتنياهو"..طيب شو ممكن نفهم من هيك حكي يا جماعة الخير، كلام بصراحة بيكركب..ولنا وقفة مطولة مع فرقة "المفاوضات حلا وحيدا"..لو كان للعمر زمن آخر!

اخر الأخبار