حزب التحرير ليس له من إسمه نصيب

تابعنا على:   13:17 2015-05-24

حسن سليم

"اللهم اجعل هذا البلد أمنا سخاء رخاء" ، هذه ما قاله قاضي القضاة الأردني الشيخ احمد هليل، قبل ان يمنعه نشطاء حزب التحرير في المسجد الأقصى، من القاء خطبة الجمعة، ولتجعل منه هدفا لاعتداء ثلة جاهلة بالدين والسياسة، جهل أطبق على خزان ذاكرتها ليمنعها من استذكار بأن للأردن مكانة في القدس، وعلى وجه الخصوص في المسجد الأقصى، الذي يحظى برعاية هاشمية منذ عشرات السنين.

رعاية الهاشميين للقدس والاقصى ليست مالية فقط، بل سياسية أيضا، والجميع يذكر موقف عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني عندما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى، وما صدر على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني في الثلاثين من اكتوبر الماضي، والذي هدد حينها صراحة بإعادة فتح اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية " وادي عربة "، إذا لم تتراجع إسرائيل عن إجراءاتها.

موقف الأردن وزيارات وفوده المتواصلة لنصرة القدس والمسجد الأقصى وتقديم الدعم اللازم له كان يستوجب الترحيب، وليس تصرفا ارعناً كما حدث من قبل تلك الثلة الجاهلة، التي كان موقفها مختلف عندما تم استقبال رئيس مجلس الشؤون الدينية التركي بحفاوة بالغة، وهو الذي لم يقدم شيئاً للأقصى من قبل سوى خطب عصماء من بعيد. وكما نستذكر رفع صور مرسي الاخوان من قبل انصار حماس معترضين على خلعه، مع التأكيد أن استقبال كل الزوار يجب أن يكون بحفاوة، وذلك لقدسية المكان، وللأهمية السياسية لزيارة القدس والمسجد الأقصى الذي يئن جريحا تحت الاحتلال.

وحتى تضح الصورة لمن قام بالفعل المشين الذي لا يمثل صورة شعبنا ولا ثقافته، ولا للأصول التي يتبعها في استقبال زواره، فان من الأهمية التعريف بتلك الجماعة، وهي من عناصر حزب التحرير، الذي هو حزب أصولي وراديكالي تأسس في العام 1953 في القدس على يد " تقي الدين النبهاني"، يحرم الديمقراطية تحريماً تاما، ويعتبرها "نظام كفر" لا يجوز الاحتكام لها، ولا الدعوة إليها، بل يعتبر الدعوة إليها دعوة إلى باطل، وهذا ما عبر عنه حزب التحرير في كتابه " الديمقراطية نظام كفر، يحرم أخذها أو تطبيقها أو الدعوة إليها"، وأورد في مقدمته، بأن الديمقراطية التي سوَّقها الغرب الكافر إلى بلاد المسلمين هي نظام كفر، لا علاقة لها بالإسلام، لا من قريب، ولا من بعيد، وبأنها تتناقض مع أحكام الإسلام تناقضاً كلياً في الكليات وفي الجزئيات، وفي المصدر الذي جاءت منه، والعقيدة التي انبثقت عنها، والأساس الذي قامت عليه، وفي الأفكار والأنظمة التي أتت بها .

ولكن التناقض بين ما صدر عن عناصر الحزب من تهجم وإساءة تجاه ضيوف الأقصى، وبين ما يدعون برفضهم للعمل المادي في التغيير، وبأنهم يعتمدون على الدعوة الفكرية فقط، وهذا ما كان مصدر اتهام له من قبل كثير من حركات الإسلام السياسي بأنه حزب تنظير وخطابات، كما يؤمن الحزب بان التغيير سيأتي من الخارج، وغير مطلوب من أعضائه في الداخل المقاومة لانجاز المشروع الذي يطرحونه بإقامة دول الخلافة التي سقطت في اسطنبول عام 1924، كما لا يقبل الحزب وفق أدبياته المنشورة بالدول الإسلامية الوطنية (ضمن حدود دولة ما)، ولا حتى كحل مرحلي على طريق إنشاء الدولة الكبرى كما ترى ذلك جماعات إسلامية أخرى مثل حركة الإخوان المسلمين ولذلك الغرض اعد بشكل مسبق رؤيته عن كيفية إدارة "الدولة الإسلامية" إذا ما استطاع إقامتها والسيطرة عليها، وكذلك دستور لهذه الدولة ليتم تطبيقه مباشرة بعد قيام هذه الدولة، بالإضافة لتصور لأجهزتها في مجال الحكم والإدارة .

ما سبق يوحي بملامح تلك الجماعة التي تفضل الانغلاق على نفسها، لترى الأمور برؤية أصولية لا تخدم واقعنا، ولا تطلعات شعبنا، ولا تسهم في شد أزره ومساندته في مواجهة السجان لقدسنا ومقدساته. بل تسيء لناصر لنا، كالمملكة الأردنية الهاشمية، التي لنا فيها حب، ومنها متنفس نحو العالم، في وقت تخلى عنا الكثيرون، واكتفوا بالدعاء لنا من وراء حجاب، هذا إذا كان الدعاء صادقا .

اخر الأخبار