"عاصفة" الحل السياسي

تابعنا على:   11:48 2015-04-25

سميح صعب

لا يختلف اثنان على ان الغزو الاميركي للعراق عام 2003 ترتبت عليه حقائق جيوسياسية جديدة لا تزال المنطقة تعيش تحت تأثيراتها حتى اليوم. فقد وقع العراق أو معظمه تحت تأثير ايران التي تكرست دولة اقليمية كبرى.

أما الدول العربية ولا سيما منها الخليجية التي لم تستطع اقناع جورج بوش الابن بعدم الاقدام على المغامرة العراقية، تحت وطأة هجمات 11 ايلول 2001 التي كانت لا تزال طرية في الذاكرة ولا يزال العالم يعيش تحت وقع صدمتها، فإنها شعرت بعد اعوام بالخلل الذي أحدثه الغزو الاميركي في موازين القوى الى ان جاءت اضطرابات 2011 في سوريا، حيث حاولت دول الخليج تعويض خسارتها العراق، بتغيير الحكم في سوريا بما يوجه ضربة استراتيجية الى الدور الايراني في المنطقة. وكانت هذه الدول تأمل من الرئيس الاميركي باراك أوباما ان يصحح "خطأ" بوش بغزو العراق، فتعمد الولايات المتحدة الى توجيه ضربة عسكرية تسقط النظام السوري. لكن خيبة بعض العرب كانت كبيرة عندما امتنع أوباما عن التدخل عسكريا في سوريا، فعمد العرب بدل ذلك الى دعم الجهاديين بصفتهم الاكثر جذبا للشباب للانخراط في القتال وصولا الى ظهور "داعش" و"جبهة النصرة" وباقي التنظيمات الجهادية التي اعطت مفعولاً عكسياً، إذ انها جعلت الغرب يعيد حساباته ويرتب أولوياته في سوريا ويتساءل ايهما أولى بالمواجهة، النظام السوري أم "داعش"؟.
ولم يحل وقوف ايران الى جانب النظام في سوريا دون استمرار الولايات المتحدة في التفاوض للتوصل الى اتفاق على البرنامج النووي الايراني. وتلك كانت مسألة اعتبرت الدول الخليجية انها تشكل تحديا جديدا لها من شأنه ان يزيد قوة ايران ونفوذها في المنطقة.
وزاد العتب العربي على أميركا مع التوصل الى اتفاق - اطار نووي في لوزان في اذار الماضي والاتجاه نحو توقيع اتفاق نهائي بحلول 30 حزيران. وهنا أتت "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن، وكأن الخليجيين ارادوا أن يقولوا لاوباما إن "صبره الاستراتيجي" في الشرق الاوسط لم يعد مقبولا. وكان الرد الاميركي بتفهم القرار السعودي بتوجيه ضربات جوية الى الحوثيين، لكن باكستان ومصر، وهما دولتان حليفتان لاميركا، ترددتا في ارسال جنود لخوض حرب برية في اليمن. وكان ذلك رسالة اميركية الى الخليجيين بان "عاصفة الحزم" لن تتجاوز نطاق الغارات الجوية وفتح الطريق مجددا لحل سياسي في اليمن سيكون الحوثيون حلفاء ايران شركاء أساسيين فيه.
وبكلام آخر، لم تقوض "عاصفة الحزم" الاندفاع الاميركي نحو ايران. ويبقى الاهم هو ما سيسمعه قادة مجلس التعاون مباشرة من أوباما، عندما يلتقيهم في واشنطن وكمب ديفيد بعد أسبوعين.

عن النهار اللبنانية

اخر الأخبار