الأسير موقدي وخطاب أبو عبيدة

تابعنا على:   15:44 2015-04-19

خالد معالي

آلام وأوجاع الشعب الفلسطيني كثيرة، وصعبة، ومتواصلة؛ إلا أن من أكثرها صعوبة وخطورة؛ هي آلام الأسرى؛ الذين تفنى زهرة شبابهم وتذوب أعمارهم وأحلامهم، ويأكل الحديد من أجسادهم لأجل القضية والوطن، ومن بينهم الأسير المقعد منصور موقدي من بلدة الزاوية غرب سلفيت.

من المؤكد أن الأسرى سمعوا خطاب الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"؛ ومن بينهم الأسير موقدي؛ وهو ما رفع معنوياتهم، وأرجع وأحيى الأمل لهم بقرب التحرير بصفقة مشرفة على غرار صفقة وفاء الأحرار؛ صفقة" شاليط"؛ برغم أن أبو عبيدة لم يفصح عن أية معلومة بشان الأسرى  من الاحتلال لدى المقاومة؛ والأسرى قرءوا ما بين سطور خطاب أبو عبيدة وفهموا أن الفرج قريب بقوة الله.

المفارقة في الأمل الذي تارة هو أيضا يصحوا وتارة يخبوا بفعل الزمن البطيء وحقائق الواقع الرديء؛ إلا أن خطاب أبو عبيدة قد أراح نفوس الأسرى، ورفع من سقف توقعاتهم، وجعل حساباتهم لا تخيب في قرب الإفراج  وتنسم هواء الحرية.

موقدي يوصي بدفنه تحت زيتون  منزله؛ وهو مصاب بشلل نصفي و مقعد على كرسي ولا يستطيع البراز والتبول؛ إلا من خلال أكياس متدلية من البطن، ولا يوجد له سوى معدة بلاستيكية، حيث يعدم ببطء، وكفنه الأبيض ينتظره، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد الذي طال قبله الأسير الشهيد ميسرة أبو حمدية، ما لم يتم تدارك وضعه الصحي الخطير.

ما زالت حالة التضامن مع الأسير موقدي والحركة الأسيرة عموما؛ لا ترقى للمستوى المطلوب، ولا التضامن مع الأسرى المرضى او الأطفال او النساء الأسيرات بشكل عام يرضي ذويهم؛ الأصل أن لا يكون هناك أسرى بتاتا بعد طول نضال وقته وقل زاده.

تعتبر حالة الأسير موقدي من أصعب حالات الأسر؛ إلا أنها لا تحرك ضمير الغرب الذي يتغنى بحقوق الإنسان والعدالة، مع أن موقدي قاوم ليحرر شبعه؛ بينما كانت حالة الجندي "شاليط "والذي اسر وهو يقتل أطفال ونساء غزة تهم الغرب، وتقوم الدنيا له ولا تقعد وقتها.

أن كان هناك دولة مارقة فهي دولة الاحتلال وبامتياز، وتضرب الرقم القياسي بكم هائل من الانتهاكات للقانون الدولي ولحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، وتنسف يوميا الأسس ومبادئ العدالة في المجتمع الدولي، وللأسف الغرب يغمض عينيه ويصم أذنيه عنها! وكأن الأسرى الفلسطينيين لا يمتون بصلة لحقوق الإنسان في شيء.

صحيح أن وجع الأسير  موقدي هو وجع كل الأسرى، ووجع كل الشعب الفلسطيني وكل غيور وشريف في هذا العالم، إلا أن الكارثة المتواصلة هي عدم الالتفات لمعاناته ولقرابة ستة ألاف وخمسمائة أسير من قبل الغرب والمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان، وسبب ذلك عدا عن نفاق الغرب؛ هو لأننا ضعفاء ومنقسمين، وهواننا يشجع الغرب على تشتيتنا ومواصلة فرقتنا، وهذا هو بعينه الوجع الأكبر والأخطر.

لمن لم يجرب الأسر؛ نقول له إن الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعا خارج السجن؛ ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة ومعها العذاب، والموت يلاحق أسرى زنازين العزل الانفرادي وما هم بموتى. 

الاحتلال؛ متكبر متعجرف ولا يعطي شيئا بدون ثمن؛ ومن هنا فان الاحتلال لا يفهم غير لغة المثل؛ ولن ينصاع لمناشدات إطلاق الأسرى المرضى او الأطفال أو النساء إلا بصفقة تبادل؛ وهو ما يحي الأمل في نفوس الأسرى على الدوام؛ وما يصبرهم على محنة الأسر؛ حتى الإفراج القريب بعون الله.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اخر الأخبار