محافظو قطاع غزة..ألقاب بلا مهام!

تابعنا على:   10:41 2015-04-18

كتب حسن عصفور/ منذ اشهر عدة قام الرئيس محمود عباس، وضمن الصلاحيات التي خولها له "القانون الأساسي"، بتسمية 5 محافظين لمحافظات قطاع غزة الخمس، وكان الاعتقاد أن تلك خطوة بدأتها الرئاسة نحو اعادة "حضورها القانوني – السياسي والأمني" في القطاع بعد غياب طويل عنها، نتيجة الانقلاب الحمساوي عام 2007..

ولعل أهل القطاع بغالبيتهم، وقواه السياسية أعتقدوا أن هذه الخطوة الرئاسية ستكون بشرى لمزيد من الرعاية والاهتمام بقضايا الناس اليومية، ومشاكلهم التي يعانون منها دون أن تصل الى مقر الشرعية الرسمية، نتيجة انقطاع "سبل التواصل" معها في ظل سيطرة حماس خلال سنوات سبع عجاف، باعتبار أن الرئيس لن يقدم على تسمية المحافظين في القطاع دون أن يكون على دراية "دقيقة وتفصيلية" بواجباتهم، وما سيقومون به لخدمة أهل القطاع، خاصة وانهم يعتبرون بحكم القانون ممثلين للرئيس كل في مكان عمله، أي أنهم  رأس الشرعية التنفيذية حيثما يكونون..

ولأن الواقع دائما أقوى، فخلال الأشهر انكشف الأمر بأن التسمية لم تكن لغرض تنفيذي، واعادة التواصل الشرعي الرسمي بين الرئاسة وقطاع غزة، كبديل لما كان من "صلات غير رسمية" بعضها يصيب وبعضها يخيب، فمنذ تسمية السادة محافظي القطاع الخمسة، وهم يمارسون وظيفتهم بشكل سري، ويقتصر حضورهم العلني في مناسبات اجتماعية، كالأفراح والليالي الملاح، او العزاء والأحزان، وينقلون برقيات الرئاسة لمن هم أصحاب "حظوة" لديها، أو يشاركون بحسب الصلة عبر "يافطة مكتوبة" تعلن أن هناك محافظ لهذا المنطقة أو تلك..

المحافظون الخمس، حتى ساعته لا يوجد لأي منهم مقر رسمي يمارس من خلاله العمل اليومي والاتصال بأهل المحافظة ومتابعة شؤونها، والاتصال بذوي الشأن لتقديم الحلول لمشاكل الناس، أو ما يتوجب عمله بحكم أنه ممثل الرئيس ورأس السلطة التنفيذية، اي أن وجود المحافظين حتى تاريخه يمكن اعتباره وجود "أخلاقي"، ومهام سرية وغير معلنة، رغم انهم يمارسون هواية الاعلان عن وجودهم من خلال "مواقع التوصل الاجتماعي" بصور مع اصدقاء أو شخصيات تعتقد أن تلك وسيلة تواصل بشكل أو بآخر مع "الرئاسة"، لغايات لم تعد مجهولة..

ولكي لا يذهب البعض بظنه بعيدا، بأن عدم قيام المحافظين بعملهم نتيجة قصور ذاتي، أو عدم رغبة شخصية، نؤكد أن الواقع يقول هو نتاج قرار رسمي من حركة حماس، سلطة وأجهزة حيث اتصلت بالمحافظين بعد التسمية وأبلغتهم بعدم وجود "حق سياسي – قانوني" لصفاتهم التي منحت لهم، وعليه ليجلسوا في البيوت ولا يؤدوا أي وظيفة أو مهمة أو دور يمكن أن يلمس منه أنه اعتداء على عمل "المحافظين الذين قامت حماس في وقت سابق بتسميتهم"، وهم أصحاب "الحق بالمقار والمهام والوظيفة"..

السؤال، اذا كان المحافظ بلا مقر أو جسم تنفيذي لتأدية ما له وعليه من مهام وفقا للقانون، ولا يستطيع القيام بأي عمل لخدمة سكان محافظته، بل لا يسمح له من قبل أجهزة حماس الأمنية أن يؤدي اي عمل له علاقة بالمسمى، فما هو السبب أو الدافع في تلك التسميات أو التعيينات، بعد مرور أشهر على مراسيم تسميتهم من قبل الرئيس، دون جدوى فعلية..

من باب الحق السياسي يجب توضيح الأسباب التي يمكن أن تبرر استمرار تسمية المحافظين الخمس دون القيام بأي مهمة مما نصت عليه القوانين واللوائح، يستحقون عليها الراتب والامتيازات التي ترتبط بالمسمى، فمنح أموال من خزينة السلطة دون ضرورة يمكن اعتباره شكلا من أشكال "الرشاوي السياسية"، بل ومن حق "هيئة مكافحة الفساد"، طبعا لو رغبت أن تطبق القانون دون تمييز" ان تقف أمام تلك المسألة، بل ومن حق كتل المجلس التشريعي التي تتحدث عن "المراقبة" و"المساءلة"، ان تراجع تلك التعيينات وهل لها أهمية الآن، دون أي ممارسة للوظيفة..

اذا كان الغرض من التعيين اثبات حق الرئاسة في التعبير بأنها صاحبة الحق الشرعي في تسمية المحافظين، فتلك لا تحتاج لمراسيم ورقية، بل أن ذلك قد يسيء الى الشرعية ذاتها، ما لم تدافع عن حقها بقوة تفوق ما حدث في الأشهر الماضية..

مسألة ربما تحتاج الى اعادة تفكير، فإما تنفيذ المراسيم الرئاسية وتصبح ذات قوة تنفيذية، او تأجيلها الى حين يمكنها فعل ذلك من أجل هيبتها أمام أهل القطاع، وليتها تسأل كيف ينظر الناس لتلك المسميات الآن..والله من وراء القصد!

ملاحظة: كما سبق اعلن محمود الزهار القيادي الحمساوي البارز بأنه لديهم الف طريقة لفك الحصار عن غزة، بما فيها طبعا "اقامة سلطة حكم ذاتي لهم"..خرج علينا قيادي قسامي ليقسم أنهم سيحرروا كل الأسرى..اولا يارب تصدق..مع أنه لازم نتعلم التواضع أكثر في ضوء ما سبق!

تنويه خاص: في مصر المحروسة يخرج البعض مناديا بمظاهرات لخلع الحجاب..دعوة متطرفة لا تخدم عمليا الحريات بقدر ما تخدم المتطرفين مستغلي الدين..دوما التطرف يجلب تطرف مهما كان شكله ومضمونه ونوايا اصحابه!

اخر الأخبار