"جراب الزهار" للحكم السياسي!

تابعنا على:   10:50 2015-04-11

كتب حسن عصفور/ عندما سربت بعض أوساط في حركة حماس انها تفكر بتشكيل "لجنة عليا لإدارة قطاع غزة"، سارعت بعضها الآخر بنفي المعلومة، رغم أن هناك اتصالات تجري بلا ضجيج، من أجل جس نبض شخصيات سياسية ومنظمات غير حكومية وتشكيلات سياسية خرجت من رحم فصائل أو مسميات لغرض الايحاء بوجود "قوى وأجنحة"، لكن نفي حماس العلني يصبح هو المصدر، حتى لو كان النفي ليس دقيقا..

منذ أن قام الاعلام العبري قبل عدة أسابيع بالكشف عن وجود "وثيقة سياسية" ارسلتها دولة الكيان، الى قيادة حماس في قطاع غزة، عبر قنوات سويسرية، القنصلية وروبرت سيري، وممثل النرويج، تتحدث فيها عن "تهدئة طويلة الأجل" مقابل منح حماس صلاحيات اقامة ترتيبات تؤدي لانشاء "كياني خاص" في قطاع غزة، والمعلومات تتلاحق بخصوص ذلك المقترح، والذي تتكشف بعض أوجهه يوما بعد آخر، دون أن يتم نفي جوهر الفكر حمساويا، خاصة بعد زيارة مبعوث قطر الأميري الى غزة، واجتماعه مع مسوؤلين أمنيين من الكيان، حاملا مطالب حماس الخاصة مقابل التهدئة..

لم يعد مهما كثيرا التوقف عند بعض تصريحات النفي التي تصدر من قيادات حمساوية لغرض التمويه السياسي، فالدكتور محمود الزهار، القيادي البارز والذي يتعاظم نفوذه يوما بعد آخر في قطاع غزة، له من "البراعة الذاتية" لقول الحقيقة السياسية بطريقته المميزة، ولا يلتفت لمعارض أو رافض لما سيقول، لكنه الأكثر وضوحا من القيادات الحمساوية حديثا في بعض أركان مشروع "الاتفاق المرتقب - المنتظر" بين دولة الكيان "وحكم حماس الغزي"..

فقبل ايام، وفي يوم جمعة تحدث د.الزهار، بأنه ليس "عيبا ولا حراما أن يسمى الوضع القائم في قطاع غزة بسلطة أو إدارة"، وحينها تعامل البعض الفلسطيني مع تلك التصريحات بصورة ساخرة، وهزلية، وتحولت العبارة الجادة جدا الى مجال للمسخرة والتنكيت، خاصة بعد أن قام الزهار بجولته "الرسمية" على أطراف القطاع حاملا منظارا ليسجل "لقطة" تساعد عشاق التواصل الاجتماعي على تمضية وقتهم بطريقة ظريفة..

ولأن الزهار لا يمزح في الموقف السياسي، ويدرك حقيقة المطلوب لاحقا، ويستخدم كفعل تمهيدي لتمرير ما تريده جماس، فقد أعلن يوم الجمعة الموافق العاشر من أبريل 2015، وفي خطبة سياسية بأحد جوامع غزة - مظهر لتسييس الدين - ، ان اعلان "حكم ذاتي أو سلطة ذاتية أو إدارة ذاتية لحكم قطاع غزة" لن "يكون تنازلا عن فلسطين"، والتي سيحررها الزهار لاحقا شبرا شبرا..

تصريح الزهار الأخير لم يبق لأحد، لا شرعية رسمية فلسطينية ولا قوى سياسية ولا حركة حماس، قولا بعد القول الواضح جدا..حماس تبحث "حكم ذاتي في قطاع غزة"، وبعيدا عن التسمية أهي "دولة لغزة" أم "إمارة اخوانية" تحت رعاية قطرية – تركية، واشراف أميركي – اسرائيلي وإدارة حمساوية لتكون "عوضا" عن بعض الخسارة الاستراتيجية للمشروع الإستعماري التقسيمي الذي سقط بأحذية أهل المحروسة وجيشها الباسل، أم مقدمة موضوعية لاسقاط القضية الفلسطينية من جدول الاهتمام العالمي عبر ترسيخ "كيان ذاتي غزي" وإدارات ذاتية في الضفة الغربية..

"اعلان الزهار" عن استعداد حماس لاقامة "حكم ذاتي بقطاع غزة" رسالة مباشرة الى الرسمية الفلسطيننية، وايضا الى كل القوى مهما اختلفت المسميات، أن حماس تحمل مشروعا متكاملا، تحت عباءة "لن نسمح بخنق المقاومة وأهل القطاع"، فيما كان للزهار قولا شهيرا منذ أيام ان لدى حماس ألف طريقة لفك الحصار عن أهل القطاع، ولحقه رئيس حركة حماس مشعل بتصريحه عن "تحريرهم لقطاع غزة"، تصريحات لم تقف أمامها الشرعية الفلسطينية والفصائل كافة، رغم انها تذهب بسرعة لتكريس مخطط اسرائيل بعباءة قطرية تركية، وموافقة أميركية وتنفيذ حمساوي لفصل القطاع كليا..

وبدلا من البحث في حصار هذا المشروع الأخطر، انطلقت الرئاسة لوصف المشهد والسماح لبعض "أبواقها" الطلب بـ"عاصفة حزم" ضد القطاع، فيما تمارس الرئاسة وممثليها سفراء وناطقين دورا معاديا للكل الوطني، دون أي مسؤولية، وكأنها تدفع الكل الوطني الى الخيار بين كارثية المشروع الانفصالي في قطاع غزة، أو القبول بما تمليه ظروف بقايا مشروع سياسي..

لم يعد النقاش هل هناك مشروع انفصالي لقطاع غزة أم لا، بل متى سيتم تنفيذه عمليا وكيف ومن سيكون الى جانب حماس أدواته ودوله الراعية..تلك هي القضية الجوهرية الان، التي تفرضها أطراف محددة ومعلومة للعامة والخاصة، والقيادة الفلسطينية لا تعمل سوى أنها تتحدث عن "المشروع" بصورة لا تحمل معها أي "رؤية" او "خطة عملية" لمواجهة المشروع الذي يسير لتكوين "نكبة كبرى جديدة"..

ليس من واجب القيادة الرسمية ان تقوم بوصف المشهد فحسب، بل عليها بعد أن علمت به أو وصل اليها بعض جوانبه، أن تحدد طريقها لاحباطه ولقطع الطريق عليه في مهده، بدلا من التغابي الغريب الذي تسير به عبر الاكتفاء بترديد شعارات دون أي موقف فاعل..

ولكي لا يصبح مشروع الانفصال الكياني حقيقية قائمة، ثم تبدأ "حركة اللهاث السياسي" بحثا لتطويقه وبعد فوات الآوان، يجب منذ اليوم قبل الغد، ان تعيد الرئاسة الفلسطينية، وكذا حركة فتح سياستهما في كيفية التعامل مع "المشروع الانفصالي" إن كانا فعلا يراه "خطرا مباشرا" على القضية الفلسطينية..

 والخطوة الإولى لذلك بحث العلاقات الوطنية الداخلية، بحثا مسؤولا يقوم على مبدأ "الشراكة" وليس "التبعية" أو الانتقائية بين هذا وذاك..ولفض كل مظاهر الاستهتار بالقوى التي هي شريك وطني، ومجددا الاستهتار والاستخفاف وإدارة الظهر هو واحد من أهم الأسلحة التي يمكن أن تستخدم لتمرير المشروع الانفصالي، وبالمناسبة سيجد البعض الوطني ألف مبرر لمشاركتهم فيه، أولها أنه لا فرق بين كيان ذاتي في قطاع غزة وبين واقع الضفة السياسي، بل سيقول قائل ان القطاع به شبهة تحرر عما هو في الضفة الغربية، فلا يراهن البعض على "حسن أخلاق وطنية عند الفصائل"..

كما أن استمرار عبثية تأجيل اعلان "دول فلسطين" بديلا للسلطة ومكوناتها سيكون عامل تحفيز لمشروع الكيانية الغزية..

والى حين أن تفكر القيادة الشرعية الرسمية متى يسمح لها باعلان دولة فلسطين من "الأسياد السياسيين"، بات ضرورة قصوى اقالة هذه الحكومة التي لا قيمة سياسية لها، ولم يعد لها لا طعم ولا رائحة، وتشكيل "حكومة وحدة وطنية مؤقتة" تحدد مهامها بوضوح شديد، حكومة للكل الوطني، دون استثناء لمن يرغب بالشراكة، وأن يشترط على حماس إن رغبت بأن تكون جزءا منها، الكشف عن كل ما لديها من مشاريع، وتتعهد عبر وثيقة وطنية برفض أي مشروع انفصالي بأي صيغة أو مظهر..

الرسالة للرئيس محمود عباس، هل فعلا تريد احباط مشروع الإنفصال الذي يتبلور أمام أعينك، فلو كان ذلك حاسب كل من أساء ويسيء لشركاء المسيرة الوطنية، ومثالا ما حدث مع رفاق الدرب من الجبهة الشعبية من سفيرك بتونس، وما حدث مع ممثل حزب الشعب المناضل طلعت الصفدي من وزيرك الأول ونائبه..وقبلها ليتك تطلع على رسالة قيادة الجهاد الاسلامي المرسلة للمشرف العام لـ "أمد للاعلام" توضيحا لالتباس حدث، ومر الشكوى من سلوك بعض أجهزتك الأمنية، والتكبر السياسي منك شخصيا وتنظيمك على فصيل يستحق التقدير وليس الاهمال..

سلوك كهذا نحو "شركاء الوطن"، أقل ما يقال فيه أن منفذيه أدوات لفرط عقد الشراكة الوطنية ليس إلا..

سيادة الرئيس محمود عباس كفاك شرحا للمشروع الانفصالي تلفزيونيا، فكر بكيفية احباطه قبل أن يذهب بعيدا، وعندها لن يقال أن حماس خطفت القطاع، بل أن الشرعية الرسمية هي من تخلت عنه!

ملاحظة: الغاز الموقف الرسمي الفلسطيني نحو مخيم اليرموك تحتاج قاموسا من كوكب آخر..بلا طولة سيرة كيف يمكنكم انقاذ "بقايا المخيم وأهله"..هل اكتفيتم ببياناتكم المضحكة الى درجة العيب الوطني!

تنويه خاص: توضيح المناضل الوطني الكبير طلعت الصفدي عما حدث له ومعه في لقاء الحمدالله ونائبه، كان يجب أن يأتي فور حدوثه..من يستهتر بحزب جذوره ممتدة عميقا في تراب الوطن يستحق اللعنة الكبرى يا رفاق!

اخر الأخبار