وقف التنسيق الأمني .. مرحلة جديدة

تابعنا على:   21:55 2015-03-06

ابراهيم ابو عتيله

مع قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورة انعقاده السابعة والعشرين القاضي التي أُختتمت يوم أمس وصدر عنها البيان الختامي المتضمن العديد من القرارت وأهمها من وجهة نظري وقف التنسيق الامني بكافة اشكاله مع الكيان الصهيوني ودعوة "إسرائيل " الى تحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال وفقا للقانون الدولي ، يدخل الصراع " العربي الإسرائيلي " مرحلة جديدة ومما يدخل معه النضال الفلسطيني ضد الاحتلال مرحلة أكثر حساسية ومايتطلبه ذلك من نفض غبار مرحلة أوسلو والتخلص منها ، فهذا القرار ومع أنه قد تأخر طويلاً ، إلا أنه كان لا بد من أن يأتي لكونه قراراً منتظراً ومطلباً شعبياً عدا عن كونه مطلباً لكافة القوى المعارضة لنهج الاستسلام والمفاوضات العبثية خاصة بعد فشل مرحلة المفاوضات العبثية التي استهلكت من نضال الشعب الفلسطيني عشرين عاماً، وبعد أن تنكر الكيان الصهيوني كعادته لكافة الاتفاقيات الموقعة بينه وبين السلطة في رام الله معلناً من جانبه وأد اتفاقية اوسلو وواضعاً عاشقي تلك الاتفاقية من الجانب الفلسطيني في موقف حرج ، فعلى الرغم من كل التنازلات التي قدمها الجانب الفلسطيني إلا أن الصهاينة استمروا بطلب المزيد بحيث لم يتبق لدى السلطة ما تقدمه أكثر مما قدمت .

قرار وقف التنسيق الأمني الذي لو قُدر له أن يرى النور والصمود بعد ذلك لكونه مايزال بمثابة توصية مرفوعة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإعتماده ، سيعني بالضرورة “نهاية مرحلة اتفاقيات اوسلو” ، وهو قرار فيما إذا ما استكملت الإجراءات اللازمة لإقراره ووضعه موضع التنفيذ ، سيحمل في طياته قراراً ضمنياً بحل السلطة الفلسطينية التي تم إختلاقها سنة 1994 بناءً على اتفاقية الشؤم الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني سنة 1993 وما بُني عليها من اتفاقيات وبروتوكولات ومذكرات تفاهم ، فتلك الاتفاقية وما ارتبط بها لم تقدم شيئاً للفلسطينيين إلا المزيد من تجذر الاحتلال والمزيد من اغتصاب الاراضي وبناء المستوطنات في ظل سلطة شكلية لا تكاد تستطيع حتى كش ذبابة تسقط على الأوراق التي تكتب عليها قراراتها المتعلقة بالاحتلال والتعامل معه .

وأشير هنا بأنه وعلاوةً على قرار وقف التنسيق الأمني فقد تضمنت قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته المنتهية ، مطالبة مجلس الامن الدولي بتحديد “سقف زمني لانهاء الاحتلال وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها على ارضها المحتلة عام 1967 بما فيها العاصمة القدس، وحل قضية اللاجئين وفقا للقرار 194، على ان يتم ذلك تحت مظلة مؤتمر دولي”، كما وأعلن المجلس المركزي رفضه لفكرة الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة وأي صيغ من شأنها إبقاء أي وجود عسكري أو استيطاني إسرائيلي على أي جزء من أراضي دولة فلسطين.

وبعد تلك القرارات التي اتخذها المجلس المركزي ، فإن واقع الحال يقضي بأن تقر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قرار المجلس المركزي أو توصيته المرفوعة لها كما يحب البعض تسمية قرارات ذلك المجلس باعتبارها توصيات مرفوعة للجنة التنفيذية للمنظمة ، وعليه وفي حال إقرار اللجنة التنفيذية لذلك فإن على السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله أن تنصاع لتلك القرارات دون مماطلة وأن تعلن عن حل نفسها ، فمنظمة التحرير الفلسطينية هي السلطة الأعلى في منظومة العمل الفلسطيني وصاحبة الشرعية بتمثيل الشعب الفلسطيني حسب القرارات الفلسطينية والدولية ، وهي التي قامت بتوقيع اتفاقية اوسلو التي خلقت السلطة ، فالقرارات المتخذه من قبل المجلس تفيد وبشكل واضح تخلي المنظمة عن اتفاقية اوسلو ، علاوة على ما جاء على لسان عباس دعوته للمجلس المركزي في افتتاح دورة اجتماعاته وبصفته اعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني” الى “إعادة النظر في وظائف السلطة " التي لم تعد لها سلطة" – حسب قول عباس - ، ودراسة كيفية إعادة سلطة ذات سيادة وضمان ذلك ، وضمان ألا يكون الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الموقعة من جانب واحد فقط ، بل والالتزام بها من كافة الجوانب والأطراف .

القرارات التي اتخذها المجلس المركزي تعني بالضرورة نهاية مرحلة اتفاقية اوسلو التي قام الاحتلال بنكرانها والتخلي عنها قبل ان تفكر السلطة بالتخلي عنها ، مما يعني بالضرورة أيضاً بداية لمرحلة نضالية جديدة وبما يستدعي أهمية التوافق على استراتيجية فلسطينية واحدة ، فالقرارات المذكورة قد تم اتخاذها بموافقة كافة فصائل المنضوية تحت " منظمة التحرير الفلسطينية " وأكاد أجزم بأن الفصائل الأخرى غير المنضوية للمنظمة– حماس والجهاد الاسلامي – سترحب حتماً بمثل تلك القرارات ، وإذا ما أضيف لذلك الرغبة الشعبية في التخلص من أوسلو وقيودها، فإننا نصل لنتيجة مؤداها أن القرارات التي اتخذها المجلس المركزي تحظى بالمباركة الشعبية وربما تعتبر المرة الأولى التي يعبر فيها المجلس المركزي عن إرادة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عقدين من الزمن ، وهنا لا بد من الإجابة على عدد من التساؤلات التالية :-

• هل ستقوم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإقرار قرارت المجلس المركزي الأكبر تمثيلاً لفصائل وتوجهات الشعب الفلسطيني أم ستلجأ تلك اللجنة للمماطلة والتسويف وهل ستنصاع السلطة في رام الله لذلك القرار أم ستكون مغريات السلطة وامتيازاتها أكثر أهمية لرجالات السلطة من التوافق مع قرارات المجلس المركزي والارادة الشعبية .

• من حيث أن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى ومن حيث كونها القضية المركزية للأمة العربية ، فهل تم ويتم التنسيق بين قيادة المنظمة والدول العربية الشقيقة قبل اتخاذ هذا القرار وما هو موقف تلك الدول التي تؤثر وتتأثر حتماً بالقرار الفلسطيني.

• ما هو تصور القيادة الفلسطينية للموقف الدولي ولراعية اتفاقية اوسلو ، وهل ستستطيع تلك القيادة الصمود أمام الضغوط المتوقعة من أمريكا وحلفائها بما في ذلك وقف التمويل والمساعدات .

• هل ستعلن سلطة رام الله حل نفسها فعلياً أم ستخلق ازدواجية جديدة في قيادة الشعب الفلسطيني بين منظمة وسلطة في ظل وجود الكثير من المستفيدين من السلطة وامتيازاتها .

• ما هو السيناريو الذي تتوقعه المنظمة قبل اتخاذ هذا القرار للتعامل مع الاحتلال ، وهل سنرى عودة للكفاح المسلح أم ستكون المقاومة الشعبية غير المسلحة هي الخيار وفقاً لما ورد على لسان رئيس السلطة ، وكيف سيتم التوافق فلسطينياً بين من يرى الكفاح المسلح طريقاً وحيداً لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبين دعاة المقاومة الشعبية غير المسلحة .

• ما هي الخطوة القادمة والعاجلة لتثبيت المصالحة على أرض الواقع وهل سيصر رئيس السلطة لتثبيت المصالحة على إجراء الانتخابات لسلطة يقتضي الأمر انها اصبحت في حكم الملغاة .

• ما هو موقف حماس والجهاد مما تم اتخاذه من قرارات وما هي طريقة انخراطهما في العمل الفلسطيني الموحد بعد أن عمل المجلس المركزي على تقريب الكثير من وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية.

• هل وضعت السلطة آلية واضحة ومحددة ومسبقة لهذا القرار لحل جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية التابعة لها ، تلك الأجهزة المنفذة والحريصة على استمرار التنسيق الأمني، وما يتبع ذلك من توقف أفراد تلك الأجهزة عن العمل وايقاف رواتبهم .... وهل سيتم اطلاق سراح المعتقلين السياسيين ...

• كيف سيتم تحميل الكيان الصهيوني مسؤولياته كسلطة احتلال وما هي الآلية التي تضعها المنظمة لذلك ، وهل سيتم حل كافة الأجهزة الادارية وتسليمها للحاكم العسكري الصهيوني او للادارة المدنية ، وكيف ستعمل اجهزة المنظمة في الداخل لمقاومة الاحتلال ..وهل قيادات المنظمة والسلطة على استعداد لتحمل تبعات ذلك وتحمل ضريبة المقاومة.

لعل فيما وضعت من تساؤلات ما يلقي بعضاً الضوء على طبيعة المرحلة القادمة ومتطلباتها وحساسيتها وضرورة الإجابة على تلك التساؤلات الهامة وأهمية الاحتياطات الواجب اتخاذها لمواجهة مواطن المعارضة التي من الممكن ان تنشأ وتقاوم تلك تنفيذ تلك القرارات ، ولعل الأهم من ذلك كله ، ضرورة الاسراع بترجمة تلك القرارات بمضمونها وشكلها وضرورة مع ضرورة العمل وبسرعة على إنضاج برنامج وطني متكامل يلتف حوله الجميع من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي يستوجب الأمر إعادة الحياة لها ضمن أهدافها المعلنة حين تم تأسيسها واستقطاب كافة الفصائل للعمل على تجديدها وتثويرها بما يتوافق مع إرادة الشعب الفلسطيني ومتطلبات المرحلة القادمة .

اخر الأخبار