حماس ليست منظمة ارهابية !

تابعنا على:   00:57 2015-03-03

ايمان موسى النمس

اعتمدت السلطة في مصر بعد 3 يوليو على القضاء كأداة لتحجيم المعارضة والاقتصاص منها ومعاقبة الخصوم كان هذا واضحا في سلسلة محاكمات استهدفت قيادات الاخوان وبعض وجوه الثورة ، لكن الجديد هو ان يتم استخدام القضاء لتصفية حسابات مع تكوينات وجماعات خارج الحدود المصرية بل امتد للدول ! و هو ما يحدث حاليا مع حركة حماس اذ بدا الامر بتصنيف الجناح العسكري للحركة كتنظيم ارهابي قبل فترة ثم صدور قرار جديد يصنف الحركة بكليتها كتنظيم ارهابي .

بداية التدهور في العلاقات بين حماس والقاهرة في عهد عبد الفتاح السيسي حدث في وقت مبكر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي خصوصا مع تعاطف حماس مع الاخوان وظهور هذا التعاطف بشكل علني في اكثر من مناسبة وتعدى ذلك اتهام النظام المصري لحماس بقيامها بأعمال عدائية داخل اراضيها رغم انكار قيادي الحركة ذلك بشدة ، لكن لم يكن احد يتوقع ان تنحو الامور هذا النحو لسببين : ان مصر كانت المسؤولة على ادارة ملف المصالحة الفلسطينية ولتقوم بذلك فهي تحتاج الى هامش مصداقية لدى الطرفين بأنها وسيط محايد غير متورط في الصراع بأي شكل من الاشكال وهو ما حافظت عليه مصر في ظل حكم مبارك على الرغم من ظهور عوامل توتر من حين الى اخر بين حماس والقاهرة وفي فترة حكم مرسي القصيرة ، السبب الثاني يتعلق بالدور القيادي الذي حاولت ان تلعبه مصر على المستوى العربي سواء داخل هياكل الجامعة العربية او خارجها حيث انه كان يتمحور حول قدرتها على التدخل والتأثير في الملف الفلسطيني ، ومن ثمة ان التصرف بشكل عدائي اتجاه فصيل فلسطيني هام كحماس بالتأكيد سيؤدي الى سحب البساط من القيادة المصرية ، اضافة الى ان الاتجاه السائد حاليا في العالم هو المزيد من التفهم للحقوق الفلسطينية وهو الامر الذي نتج عنه اعتراف دول اوروبية بالدولة الفلسطينية وشطب المحكمة الاوروبية لحماس من قائمة التنظيمات الارهابية .

لا يوجد تفسير واضح للتصرف المصري سوى الحسابات السياسية الضيقة التي تحاول خنق الاخوان ومناصريها اينما حلو باعتبار حماس امتدادا لإخوان مصر ،خصوصا انه لا توجد ادلة قاطعة على تورط حماس في اعمال عنف داخل الحدود المصرية فالحركة لم تتبنى اي عملية ،اضافة الى تصريحات قياداتها المتكررة بأنها لا تعتبر الجيش المصري عدوا لها فهي تركز على اعمال المقاومة ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي ، هذا فضلا عن انه لا توجد سوابق في تاريخ حماس تبين انها اعتمدت تكتيكات لتنفيذ عمليات داخل دول عربية والعامل الاهم هو ان الحركة لا تملك الموارد لتنشط خارج حدود غزة حتى لو ارادت ذلك وهو ما يجعل الاتهامات المصرية بائسة فعلا ، كما ان التوقيت يشير الى فترة سيئة يمر بها السيسي مع وقع التسريبات بغض النظر عن مدى صحتها الامر الذي أدى الى تصعيد خطوات العداء للإخوان في الداخل وأنصارهم في الخارج .

النتائج المباشرة لهذا القرار هي خسارة النظام المصري المزيد من رصيده الشعبي على المستوى العربي اذ يمكن رصد ذلك ببساطة من خلال متابعة ردود افعال الجماهير العربية على مواقع التواصل الاجتماعي المستنكرة للقرار المحكمة المصرية في حين ان حماس حصدت نصيب الاسد من التعاطف ، الامر الثاني يتعلق بفقدان النظام المصري الحالي بوصلته العربية بدا ذلك اول مرة مع تناقض تصريح الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي بأنه لا يعتبر القسام تنظيما ارهابيا وهي من المرات القليلة التي يتناقض فيها موقف الامين العام مع موقف القاهرة وبالتأكيد هو امر لا يخلو من الدلالات ، فضلا عن اعلان حماس كتنظيم ارهابي سيؤدي الى تحجيم الدور المصري هذا اذا لم يقض عليه تماما في ملف المصالحة الفلسطينية .

وبالنسبة لحماس فان القرار قد ادى الى نشوء مشاعر متناقضة لدى القاعدة الشعبية بين من يحملها مسؤولية عزل قطاع غزة وبين من يتعاطف معها وان كان الاتجاه الاخير هو السائد حاليا لكن الباب يبقى مفتوح على احتمالات سيئة خصوصا في ظل المعاناة التي يعيشها اهل قطاع غزة ، و بالتأكيد قرار المحكمة المصرية كان انتصارا سهلا لإسرائيل وهذا ما ظهر جليا من خلال آلة الإعلام الإسرائيلي التي مضت الى حد تنبؤ بعض المحللين بشن حرب مصرية على غزة ! ورغم انه لا توجد اي مؤشرات تدعو للتفاؤل خصوصا مع اصرار الإعلام المصري على شيطنة حماس وتعمد اقحامها في الخلاف الداخلي المصري ، إلا ان قرار المحكمة ليس نهائيا وقابل للطعن ومواقف القاهرة ايضا يمكن تعديلها من خلال فتح حوار أو اللجوء الى وساطة ومن يدري يمكن ان يعود النظام المصري لرشده ويقوم بتحييد الفاعلين في الداخل الفلسطيني عن خلافاته الداخلية ليرى الحقيقة التي رأتها اوروبا بأن حماس حركة تحررية مشروعة الاهداف قد تختلف مع ايديولوجيتها او تتفق لكنها بالتأكيد ليست منظمة ارهابية .

اخر الأخبار