فلسطين وداعش

تابعنا على:   12:25 2015-03-02

ناريمان شقورة

اشتد ساعد حركة "داعش" في الآونة الأخيرة في الدول العربية وبدأت تحرق في العباد تارةً وتذبحهم تارةً أخرى، توجه ضرباتها ضد المسلمين مرة وضد المسيحيين مرة، تنسفُ الثقافات وتحرق المكتبات، وكأنها تؤسس لتاريخ جديد يُكْتب بالدم وحضارة جديدة لا حضارية تروي بطولاتها بالرؤوس المقطوعة.

أسئلةٌ عديدة حيرت المواطنين وخاصة العرب والمسلمين، بالإضافة إلى المحللين السياسيين والمختصين الأمنيين، حيث تدعي "داعش" أنها تهدف إلى نشر الدولة الإسلامية بينما تتنافى كل افعالها وتعاليم الاسلام وتشذ عن كل ما يمت للإنسانية بصلة.

اختلف المراقبون حول جنسيات هؤلاء الجنود اللابشريين، فأحجامهم ضخمة وقلوبهم ميتة ومنظمين كأسنان المشط، حركتهم واحدة ووقفتهم واحدة وكأن جهاز تحكم يسيطر على حركتهم، فمن المحللين من يشبّههم بقوات المارينز الأمريكية، ومنهم ما يتكهن انهم اجانب أوروبيين وبين تحاليل للحركة والمشي والساعة التي يرتديها الناطق باسمهم، ونظرات العيون وأصواتهم المسجلة من خلال الرسائل التي يبثونها، تشتت الاقوال والتحليلات، وضاعت العقول في حيرتها فما الذي تريده هذه الحركة ولماذا تستخدم الاسلام غطاءً لها ومسمى تُبرر به أفعالها، ولماذا هذا العنف والإرهاب!! ولماذا الفن في اخراج تلك الفيديوهات المُرعبة ؟؟ لم تُوجه التهديدات باللغة الانجليزية؟؟ وإن كانت داعش تحارب الظلم وهي تمتلك كل هذه القوى لم لا توجه ضربات ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين وأجزاء من لبنان وسوريا ويفرض بعض القيود في سيناء المصرية على المصريين أنفسهم؟ هل أمريكا التي تمتلك هذه القوة العسكرية الاسطورية عاجزة عن ضرب معاقلهم وهي من حاربت افغانستان والعراق تحت مسمى"محاربة الإرهاب"؟؟ لم ولماذا وكيف ومتى ومن وما و.....الخ أسئلة لا تزال إجاباتها غامضة.

أما فلسطينياً ربما لا توجد خلايا لتلك الحركة أو عالأقل لم يتم الكشف عن معلومات تتعلق بذلك، لكن الأمر الأكثر رُعباً وأهميةً أن وبمتابعة التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة حول أعمال "داعش" الإرهابية نتفاجأ بمن يؤيدهم ومن يُبرر افعالهم غير الإنسانية ومنهم من الفئات المتعلمة، وهنا اعتقد تكمن الكارثة التي تنذر لمؤشرات خطيرة قد تترجم لأفعال شبيهة لما يدور هنا وهناك في الوطن العربي.

تختلف فلسطين عن أي دولة قائمة في كل العالم، فنحن نعيش تحت احتلال يشكل سيادة على ارضنا المسلوبة فهذا الاحتلال هو كيان قائم في شكل دولة يعترف بها كل العالم لها شعب وارض(وان كانت مسلوبة محتلة) وجيش واقتصاد قوي...هذا من ناحية، وتعيش الأراضي الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الفلسطينية أزمة الانقسام وازدواجية القرار والحكم من ناحية أخرى، وهنا تتبادر للأذهان أسئلة ربما تختلف نوعا ما عن الأسئلة التي يطرحها بقية الدول وإن تشابهت في الطرح، ففي فلسطين ضد من ستكون ضربات "داعش" ضد الفلسطينيين أم ضد الاحتلال الإسرائيلي؟ هل ستقوم نصرةً للمسجد الأقصى كونه مقدساً اسلامياً وهم يدعون النصرة للإسلام؟ هل سيكون قطاع غزة مطمعاً لهم أم أن أهدافهم ستكون محصورة في الضفة الغربية؟ هل سيكون عدوهم من يقف أمامهم أم السلطة الوطنية الفلسطينية أو جيش الاحتلال؟ أو المستوطنات الإسرائيلية؟ أو ربما المقدسات اليهودية والمسيحية؟؟ ما هي أهدافهم هل نشر الدين الاسلامي أم محاربته؟ أو أن أطماعهم الأرض وبسط النفوذ؟؟.

اعتقد أن ظهور المؤيدين لداعش هو مؤشر خطر يجب التعامل معه قبل أن يتحول إلى واقع مرعب أو فكر منشور يتم الترويج له، ففلسطين هي الأحوج إلى الوحدة الوطنية وتوحيد الجهود والقوى لتحصيل الحقوق الفلسطينية المسلوبة، وايقاف الاستيطان الإسرائيلي وإيقاف مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية من الاعتقال ومصادرة البيوت بحجة البناء غير المرخص، وإيقاف تجريف الاراضي شجر الزيتون، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لبناء مؤسسات الدولة والقضاء على البطالة والنهوض بالتنمية وتوفير المصادر الخاصة والذاتية الوطنية و.....الخ.

نحن أمام منعطفات خطرة سياسياً ما سينعكس بطبيعة الحال على كل مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية ما يتطلب التفاف حول القيادة الفلسطينية ودرء كل ما يقف أمام الوحدة الوطنية والمصالح الفلسطينية على الصعيدين المحلي والدولي، لذلك يجب العمل الجاد على التعبئة الفكرية ونشر الوعي خاصة أمام الجيل الصاعد حتى لا تستقطبه الحركات الارهابية وتُجنده ذراعا لها، والدعوة مفتوحة لكل المثقفين للقيام بدورهم بنشر الوعي والثقافة الفكريين بكل السُبُل المتاحة.

 

اخر الأخبار