إدارة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية !

تابعنا على:   21:32 2015-02-26

دكتور ناجى صادق شراب

تقدم العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية نموذجا فريدا فى العلاقات بين دولة محتلة تحول دون قيام الدولة الفلسطينية وإكتمال سلطتها على إعتبار ان السلطة الكاملة تعتبر احد مكونات الدولة المستقلة .وبين سلطة فلسطينية تصارع من أجل فرض سيادتها ألإقليمية على كامل ارضها ، وهذا أول التناقضات فى هذه العلاقات ، كيف يمكن الجمع والتوفيق بين سلطة إحتلال وسلطة تحت الإحتلال؟ والنقيض الثانى فى هذه العلاقات الإتفاقات غير المتكافئة بينهما ، فإتفاقات أوسلو، وباريس عقدت لهدف واضح ومحدد وهو إنهاء الإحتلال ألإسرائيلى وقيام الدولة الفلسطينية ، خلال مرحلة إنتقالية ، وهذه ألإتفاقات إستندت على موازين قوى تعمل فى صالح إسرائيل، وكان يفترض ان ينتهى العمل بها مع إنتهاء الفترة ألإنتقالية عام 1999، وحيث ان هذه الإتفاقات فشلت فى تحقيق الهدف منها ، فهذا معناه انه لم يعد لها وجود فعلى ، ولم تعد تحكم العلاقات فعلا بينهما، وهو ما يستوجب المراجعة لهذه الإتفاقات. والنقيض الثالث فى هذه العلاقات خيار التفاوض والسلام ، فعلى الرغم من تمسك الفلسطينيون بخيار المفاوضات والسلام كخيار إستراتيجى ، وبقيت متمسكة به إلا أن هذه الخيار وصل لطريق مسدود بسبب سياسات ألإستيطان والتهويد، ومصادرة ألأرض الفلسطينية التى يفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية ، ، ولم يعد من المقبول الإستمرار فى مفاوضات لا يريد الطرف الإسرائيلى أو يعمل على تفريغها من مضامينها السياسية الحقيقية ، فالمفاوضات مرهونة بتحقيق أهداف سياسية وهذا لم يتحقق. وهو ما يستوجب مراجعة كاملة لهذا الخيار ، ولا يعنى ذلك تخلى الفلسطينيون عن خيار السلام . والنقيض الرابع فى العلاقات أن إسرائيل تتعامل مع السلطة الفلسطينية وكأنها غير موجوده او فقط مجرد سلطة خدمات ، ومطلوب منها ان تتحول لمجرد آداة أو كأنها فرع من فروع الحكومة الإسرائيلية وظيفتها حفظ ألأمن والإستقرار لها ، وهذا نقيض لسلطة نضالية وكفاحية هدفها واضح فى إنهاء الإحتلال، هذا هو النقيض الرئيس فى العلاقات بينهما إصرار إسرائيل على بقاء وجودها كسلطة إحتلال ولكن بغطاء شرعى فلسطينى ،وهو ما ينفى وجود السلطة الفلسطينية ، ويزيل أى مبرر لإستنمرارها ، وهو ما يعنى أيضا إعادة النظر فى هذه السلطة التى أنشأتها إتفاقات أوسلو.وأما النقيض الخامس الذي يحكم العلاقات هو نقيض الخيارات السياسية ، فليس من حق الفلسطينيين من وجهة نظر إسرائيل الذهاب إلى أى خيار سياسى كالذهاب لخيارات ألأمم المتحدة وتفعيل خيارات الشرعية الدولية ، والذهاب للمحكة الجنائية ، وتفسير ذلك ليس من حق الفلسطينيين معاقبة إسرائيل على أى جرم تقوم به ضد الشعب الفلسطينى من إعتقال وإحتلال، ومصادرة أرض، وتقطيع الأرض وتحويلها لمناطق عازلة تناقض ان تعاقب إسرائيل الشعب الفلسطينى ، وليس من حق الفلسطينيين معاقبتها ،أى ان الفلسطينيين من وجهة نظرها ليسوا شعب له حقوق سياسية مشروعة تتمثل فى قيام دولة ، وهذا التناقض يؤكد بان إسرائيل لا تعترف بقيام الدولة الفلسطينية وكل ما يمكن منحه هو سلطة اعلى من سلطة حكم ذاتى، وأقل من دولة ، فى الوقت الذى فيه طموحات الشعب الفلسطينى ترقى لمستوى الدولة مثل اى شعب و دولة أخرى ، النقيض هنا يتمثل كيف يمكن الجمع بين إسرئيل كدولة ، وبين فلسطين كدولة ، إسرائيل ترى مستقبلها بدون دولة فلسطينية ، والفلسطينيون لا مستقبل لهم بدون دولة .هذه العلاقات تقوم على التناقضات ، والنفى وألإلغاء، وهو لا يستقيم مع علاقات الإحتلال الى هى أصلا تحكم العلاقات بينهما ، ولو قامت العلاقة على هذا الإساس ، وتم العمل على بحث سبل إنهاء هذا ألإحتلال لتغيرت العلاقات ، وتحولت إلى علاقات أكثر تكاملا ، وبدلا من الصراع لحل محله التعاون ، والبحث فى مشاريع إقتصادية تكاملية ، امكن لها فى المستقبل ان تقدم نموذجا فريدا فى العلاقات التعاونية ، هذه الصورة المثالية غير قائمة ، والسبب فى ذلك إستمرار إسرائيل فى التمسك بسياستها الإحتلالية . هذه العلاقات المتناقضة لا يمكن أن تستمر كما تريد إسرائيل وإلا إنتفى المبرر القومى للشعب الفلسطينى ، وهذا يتطلب مراجع لكل الخيارات الفلسطينية فى العلاقات الحاكمة مع إسرائيل، ولعل هذه الخيارات الداخلية هى الكفيلة فى تغيير العلاقات بما يقرب من تحقيق قيام الدولة الفلسطينية ، وهنا يبرز مراجعة خيارى التنسيق الأمنى ، وتغيير المبادئ التى يقوم عليها بما يخدم الهدف الفلسطينى وليس الإسرائيلى ، ومراجعة الإتفاقات الإقتصادية وإستمرار إسرائيل فى التحكم فى الأموال الفلسطينية والضغط بها على الفلسطينيين لإجبارهم على الإستجابة لمطالب إسرائيل، وألأساس فى هذه المراجعة أن يتحرر الفللسطينيون من عقدة السلطة التى أنشأتها إتفاقات اوسلو ، وهذا يعنى الحاجة لبناء سلطة جديدة على معايير وأسس جديدة أساسها ان إسرائيل سلطة إحتلال، والتعامل معها على هذا ألأساس. هذا الخيار يمكن توصيفه بالخيار المركب،اى جعل إسرائيل تشعر انها سلطة إحتلال هذا أولا، وان الفلسطينيين لن يسكتوا على هذا الإحتلال ومصرين على إنهائه بكافة الوسائل التى أقرتها الشرعية الدولية لهم ،وثالثا انهم مصرون على المضى قدما فى كافة خياراتهم، وتوسيع دائرة المواجهة مع إسرائيل. وأساس هذه العلاقات لن يكون المفاوضات فقط بل المقاومة المشروعة بكل أشكالها ، وبالخيارات الدولية ، وبرمى خيار السلطة فى وجه إسرائيل، إذا شعرت إسرائيل ان الفلسطينيين بدأوا يتغيروا فعلا. وإذا شعرت ان إحتلالها له ثمن ، وإذا شعرت أن العالم بدا يتحرك ضاغطا علىها عندها ستدرك إسرائيل أن إحتلالها ثمنه أمنها وغستقرارها وعندها مجبرة أن تتغير وهذا درس التاريخ ، وهذا المستوى الثانى من العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل، هو موضوع مقالتنا القادمة .

اخر الأخبار