اسرائيل وحزب الله والتلويح بالعصا يغني عن ضربها

تابعنا على:   02:35 2015-01-30

ا. علاء محمد منصور

لعل أهم الأهداف التي سعت إسرائيل من ورائها لاعتماد الردع كمرتكز أساسي لأمنها القومي هو منع المبادرة الى الحرب من قبل أية جهة عربية معادية, وفضلت إسرائيل ممارسة سياسة الردع تجاه الدول العربية والفصائل الفلسطينية والمقاومة اللبنانية) حزب الله) كبديل عن سياسة الحرب بمفهومها الشامل, لهذا تقرر أن تكون المهمة الأساسية للجيش الإسرائيلي هي ردع العرب عن المبادرة بالحرب أو القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل, ولكن مع قيام اسرائيل بالمبادرة باغتيال المجموعة النوعية المقاتلة من حزب الله والقائد الايراني في القنيطرة السورية, والتي كانت لضمان تحقيق عدة أهداف عسكرية وسياسية أبرزها تعزيز الردع وايصال رسائل إقليمية ودولية, لإيران ولحزب الله تحديدا بأن هناك خطوط حمراء اسرائيلية يمنع تجاوزها, وهي أن تواجده وقتاله على الارض السورية لا يعني بحال من الأحوال قبول اسرائيل بالسماح بنفوذ جديد لحزب الله وايران على الحدود السورية والاقتراب والعبث بحدودها الأمنية في الشمال, عدا عن الأهداف الانتخابية لنتنياهو والتي كانت وراء سرعة اتخاذ القرار بتنفيذ العملية, لاعتقاد الاخير بصعوبة قدرة حزب الله المنهمك بالقتال في سوريا على الرد بشكل نوعي ومؤلم لإسرائيل. ويبدو جلياً وبعيون غير مغمورة بغبار الحروب ومآسيها تبلور قاعدة جديدة من الحروب الاخيرة لإسرائيل, مفادها أن بإمكان اسرائيل اختيار وقت الحرب بينما لم تستطيع تحديد مجال هذه الحرب ونطاقها ومدتها بمفردها, و إذا لم ترد إسرائيل على تدمير الجيب العسكري الاسرائيلي وقتل جنودها في شبعا لن تكون هناك مصداقية لردعها وهو الأمر الذي باتت عاجزة عن تحقيقه من حروبها الاخيرة, ولن يتم تفسيره الا ضمن سياق واحد فقط هو)أفول الردع الاسرائيلي), فقد كان الهدف الرئيسي للحرب على لبنان عام 2006م هو إعادة الاعتبار لمصداقية الردع, بالقضاء على البنية العسكرية والتحتية لحزب الله, وفرض منطقة عازلة خالية من نفوذ الحزب وسيطرته في الجنوب اللبناني, ولم يتحقق شيئاً من ذلك.

ولطالما اكدت اسرائيل على مصداقية ردعها عبر تنفيذ التهديد بالعقاب والذي كان يتجلى بسياسة الحسم العسكري باحتلال الاراضي وتضييق الخناق على الخصم حتى يطلب وقف النار والموافقة على الشروط الاسرائيلية, ولكن يبدو أن تلك الحقبة الزمنية ولت بغير رجعة أمام من امتلك ارادة القتال والقوة العقائدية المقاتلة المؤمنة بقضيتها الدينية والوطنية. فإسرائيل بكل قوتها العسكرية والنووية باتت غير قادرة على اخضاع ارادة القتال لحزب الله, وأصبح الوقت الذي تغامر به اسرائيل بعملية عسكرية ذات طابع نوعي ومحدود ضد حزب الله وحركات المقاومة لأهداف ردعية أو حزبية انتخابية محفوف بالكثير من المخاطر الأمنية الاسرائيلية, وأصبحت سياسة التلويح بالعصا تغني عن ضربها هي السائدة في المرحلة الراهنة, لتكلفتها الأقل ومخاطرها الأدنى ومنفعتها الأضمن والأشمل, فإسرائيل لن تقدم على توسيع رقعة ردها العسكري على عملية حزب الله النوعية في مزارع شبعا, وسيكتفي نتنياهو بإنجازاته بعملية القنيطرة وحرب غزة ويلوح بها منتصرا أمام جمهور ناخبيه, متجاهلا أفول الردع الاسرائيلي وبدايات سقوط الاستراتيجية التي بنتها اسرائيل وعملت على ترسيخها عبر عقود خلت وطيلة حروبها السابقة, والتي قامت على أنه لا يمكن أن تردع شخص بدون أن تريه قوتك, واستبدالها بسياسة أكثر سلمية وأقل ضررا وهي سياسة التلويح بالعصا يغني عن ضربها عبر عمليات عسكرية صغيرة ومحدودة النتائج متزامنة مع التهديد بالحرب الشاملة, إن قيام حركات المقاومة بتنفيذ عمليات عسكرية ناجحة في أية مجابهة مع اسرائيل هو فقط الذي يمكن أن يضعف قدرة الردع الإسرائيلية, ويوهن من عزيمة قادتها على شن حرب أو حتى القيام بعمليات عسكرية مضادة أخرى, ويثبت بالتالي حالة جديدة تشكل سقوط ما اصطلح على تسميته إسرائيليا بسلام الردع أو سلام القوة.

 

أ‌. علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية

اخر الأخبار