مخطط الاحتلال الجديد روابط القري العميلة

تابعنا على:   01:32 2015-01-28

د. جمال عبد الناصر محمد ابو نحل

بعد مرور أكثر من عشرين عامًا على اتفاقية أوسلوا بين منظمة التحرير الفلسطينية ودويلة الاحتلال الصهيوني؛ ووصول المفاوضات إلى طريق مسدود، بل نستطيع القول أن المفاوضات قُتلت ودفنت منذُ قيام دولة الاحتلال بقتل الشهيد الرئيس أبو عمار بدس السُم له بعد حصارهِ بالمقاطعة في رام الله؛ وذلك حينما علم الصهاينة جيدًا أن أبو عمار يفاوضهم بالنهار ويقاتلهم بالليل ، وأنهُ لم يسقط خيار الكفاح المسلح والبندقية من يده؛؛؛

وبعد تعثر المفاوضات اليوم في عهد الرئيس أبو مازن، والاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، واتهام الارهابي ليبرمان وزير خارجية دولة الاحتلال للرئيس عباس بأنهُ يمارس الارهاب السياسي ضدهم، وبعد توجه الرئيس أبو مازن إلى الأمم المتحدة مرة أُخرى لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال خلال مدة محددة وهي عامين، وإفشال الولايات المتحدة لتوجهات السيد الرئيس من أجل قيام الدولة الفلسطينية؛ كان رد الرئيس أبو مازن التوقيع على أوراق الانضمام للمنظمات الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، مربكًا وصادمًا لحسابات قادة الاحتلال وحليفتها الكبرى الولايات المتحدة الصهيو أمريكية- بدأت محاولات جادة إسرائيلية لعزل وإنهاء الرئيس عباس وشطبهُ سياسيًا وترهيبهُ وتهديدهُ أمريكيًا. بوقف مساعدات الكونجرس للسلطة بل محاكمة قادة السلطة في المحاكم الأمريكية- وبدأت دولة الاحتلال المجرمة بخطوات عملية ملموسة لإنهاء السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية من خلال بناء ألاف المستوطنات وتعدي الأمر لأكثر من ذلك عبر بناء مدينة كبيرة خلف رام الله المحتلة بدايتها وتمتد حتي داخل فلسطين التاريخية؛ وفي أريحا أيضًا قامت عصابة الاحتلال بتعيين حاكم عسكري بشكل غير مُعلن الأن؛ وقد ضاعفت عدد الموظفين اليهود في قطاعات مدنية كالصحة والتعليم وغير ذلك ثلاثة أضعاف في مؤشر خطير منها لتعيد إلى الذاكرة تفعيل ما يسمي:(روابط القري) وكذلك محاولات عزل وسلخ الضفة نهائيًا عن قطاع غزة وتفعيل وتقوية الانقسام بين غزة والضفة ومحاولات رمي غزة إلى مصر أو إقامة إمارة صغيرة فيها. وكذلك رمي ما تبقي من أجزاء من الضفة إلى الأردن، وكذلك شطب السلطة الوطنية الفلسطينية نهائيًا، كخطوة استباقية تسبق الانقضاض على العمود الفقري للشعب الفلسطيني ألا وهي: منظمة التحرير الفلسطينية وإنهائها نهائيًا كما يخطط لذلك قادة العدو والكونجرس الأمريكي المتصهين. لأنهم أدركوا جميعًا أن الرئيس عباس وفتح هي حامية المشروع الوطني الفلسطيني وهي صاحبة القرار الوطني الفلسطيني المستقل و هي صاحبة الطلقة الأولي على الاحتلال و كذلك الطلقة الأخيرة بإذن الله على العدو؛ وأن الرئيس عباس سار على درب رفيق دربة الشهيد القائد أبو عمار في الثبات على الثوابت الوطنية الفلسطينية وحتي لو أدي ذلك الأمر كما قال أبو مازن: لأن يمضي شهيدًا ملتحقًا بكوكبة طويلة من الشهداء العظام من قادة وجنود وأطفال قضوا نحبهم شهداء من شعبنا الفلسطيني البطل.

إن قرصنة حكومة الاحتلال وحجزها لأموال الضرائب الفلسطينية هو جزء من الضغط على القيادة، والشعب المكلوم المجروح الذي أصبح جُل اهتمامه الاعمار بعد الحرب على غزة والبحث عن لقمة العيش المُر؛ والرواتب ولا شك أن الوضع خطير وفي انحدار شديد نحو الهاوية؛ ومن أجل أن يفهم شبابنُا وأبناء شعبنا ويتعرفون على ما سمي روابط القري والذي تحاول حكومة الاحتلال وأجهزة مخابراته تفعيلها اليوم - سنتطرق لهذا الأمر باستفاضة لانعاش الذاكرة و نتذكر ما قاله المجرم السفاح الهالك شارون في عام 1982م:"أنا ذاهب إلى بيروت وعيناي على الضفة". والذي كان وزيرا للدفاع في حكومة الاحتلال آنذاك وهو يشرح هدف الحرب الوحشية التي استهدفت محاولة القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وتهيئة " دفيئة "ملائمة لبروز قياده بديله للشعب الفلسطيني عميلة "مطواعة" "وغبية "وخائنه ولنتعرف على الأمر أكثر من أجل مستقبل قضيتنا وليعرف شبابنا وشعبنا مخططات العدو ويحذروا منها نقول: بدأت سلطات الاحتلال تفكر جدياً في البحث عن قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الضفة وغزة والقدس المحتلة. وبدأت الفكرة عام 1976 م حيث طُرحت لأول مرة فكرة إنشاء “الروابط القروية” أثناء مأدبة عشاء أقيمت في منزل الشيخ محمد علي الجعبري في الخليل. وقد طرحها الميجر جنرال يغئال كرمون (الحاكم العسكري لمدينة الخليل من (1974-1976) فالتقطها مناحيم ملسون مستشار الشؤون العربية في الحاكمية العسكرية للضفة وبدأ يدرسها إلى أن شرع ينفذه عملياً بعد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد* عام 1978 وما نصت عليه من إجراء مفاوضات لإقامة الحكم الذاتي الإداري في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان مصطفى دودين الوزير السابق في الحكومة الأردنية قد عاد عام 1975 إلى بلدته دورا- الخليل في نطاق جمع شمل العائلات وأصبح خلال فترة وجيزة الصديق الحميم لكل من يغئال كرمون ومناحيم ملسون، فوقع عليه الاختيار لإخراج مخطط روابط القرى إلى حيز الوجود. وقد أسفرت اتصالات ملسون وكرمون وبيبرس بمصطفى دودين عن الإعلان رسمياً عن قيام “رابطة قرى محافظة الخليل” برئاسته في 20/7/1978. وقد حضر نظام الرابطة الأساسي غاياتها المعلنة في حل المنازعات والخلافات بين السكان وتشجيع تنظيم الجمعيات التعاونية لمساعدة المزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وتطوير أساليب الزراعة وتحديثها وغير ذلك. إلا أن الغايات الحقيقية لهذه الرابطة والروابط التي تلتها كانت كما تخلت من الممارسات اللاحقة ودعم سلطات الاحتلال لها بالمال والسلاح، محاولة لخلق قيادة فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية تكون مستعدة لتأييد “كامب ديفيد” وقادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتي وتنفيذ مخطط (إسرائيل) للإدارة المدنية وتولي المناصب أو المهام التي توكل إليها في هذا السياق. يضاف إلى ذلك أن روابط القرى، اعتماداً على التجربة السابقة لسلطات الانتداب البريطانية، يمكن أن تحقق للاحتلال أهدافاً أخرى هامة من بينها تفتيت الوحدة الوطنية في الضفة الغربية بين الفلاحين والمدنيين وإحياء النعرات القديمة بين أبناء المدن والأرياف. وقد تعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني وهي تعلن إنشاء أول رابطة للقرويين في محافظة الخليل المجاهرة بإثارة هذه النعرات، إلا أن إعراض المواطنين من أبناء القرى عن هذه الرابطة واحجامهم عن الانخراط فيها دفعا سلطات الاحتلال إلى سياسة الترهيب والترغيب مع القرويين لإنجاح الرابطة وإخراجها إلى حيز الوجود، وذلك بالتلويح بتقديم فيض من التسهيلات للفلاحين ابتداء من جمع شمل العائلات وقضايا التسويق الزراعي والحصول على البدار بأسعار معتدلة وانتهاء بتقديم المساعدات المادية لتنفيذ بعض مشاريع القرى والمجالس القروية. وقد أعطيت رابطة قرى محافظة الخليل دور الوسيط بين القرى وسلطات الحكم العسكري وأعطي مصطفى دودين سلطات واسعة لتلبية ما يقدم إليه الفلاحون من مطالب. وفي أوائل عام 1980 وسعت سلطات الاحتلال سلطات رابطة قرى محافظة الخليل فسمحت لها بإقامة لجان فرعية للتربية والصحة والزراعة وغيرها، وأقيمت لجنة مشتركة من الحكم العسكري والرابطة للبحث في زيادة المساعدات التي قدمها الحكم لبعض القرى كي تكون بديلاً للمساعدات التي بدأت اللجنة الأردنية – الفلسطينية المشتركة لدعم الصمود تقدمها لمشاريع القرى والمجالس القروية. وحين رأت سلطات الاحتلال أن تجربتها قد نجحت إلى حد ما في الخليل أوعزت إلى مصطفى دودين أن يتحرك من أجل تعميم تجربة الروابط في بقية مناطق الضفة الغربية. وقد بدأ دودين من تحركاته في منطقة رام الله في أواخر عام 1980. ولإنجاح هذه الخطة مارست سلطات الاحتلال ضغوطها على المخاتير في المنطقة وأبلغتهم أنه لن يتم النظر في المشاريع أو المساعدات التي تتعلق بقراهم ما لم تقدم عن طريق رابطة قروية تنشأ في منطقة رام الله، وأنه لن يتم إدخال أية قروض أو مساعدات تخصص للقرى من الخارج إلا بموافقة الرابطة المذكورة. وقد أسفرت هذه الضغوط عن إقامة رابطة لقرى لواء رام الله في أواخر كانون الأول 1980 تسلم رئاستها يوسف الخطيب مختار قرية بلعين الذي اغتيل في تشرين الثاني 1981. ثم تولى رئاسة الرابطة من بعد ابنه جميل يوسف الخطيب. وفي هذه الأثناء كانت اتصالات مشبوهة أخرى تتم في قرى منطقة بيت لحم من أجل إنشاء رابطة ثالثة. وأكدت الأنباء التي تنشرها الصحف عن احتجاج المواطنين ورفضهم هذه الرابطة أكثر عن الأنباء التي تنشر عن نشاط الداعين لها. وقد أسفرت جهود سلطات الاحتلال عن إعلان قيام الرابطة في مطلع آب 1981 بعد أن عثرت على الشخص المناسب لرئاستها، وهو بشارة قمصية من بيت ساحور* الذي لم يتورع عن المجاهرة بآرائه السياسية والإعلان بأنه الطرف البديل في أية مفاوضات قادمة وعن استعداده لقبول أية سلطات أو مناصب تستند إليه في إطار الحكم الإداري الذاتي للضفة الغربية. وحين تسلم مناحيم ملسون في أوائل تشرين الثاني منصب مدير الإدارة المدنية للضفة الغربية تنفيذاً لخطة شارون في الفصل بين الإدارتين المدنية والعسكرية في هيكل الحكم العسكري الإسرائيلي كان من أبرز اهتماماته في هذا المجال تنشيط وتعميم تجربة روابط القرى بحيث تمتد شمالاً إلى منطقة نابلس. وقد لوحظ من الاتصالات والزيارات التي قام بها ملسون والخطابات التي ألقاها خلال هذه الاتصالات أن هناك تركيزاً متعمداً وملحوظاً لإثارة النعرات بين المدن والقرى. وقد أسفر النشاط المحموم الذي بذله ملسون لإقامة، روابط قروية في منطقة نابلس عن إنشاء رابطة القرى لواء جنين تحت اسم “جمعية ناحية سيلة الظهر القروية” في 12/1/1982 برئاسة يونس كمال الحنتولي رئيس المجلس القروي لسيلة الظهر. وتم أيضاً إنشاء رابطة أخرى في منطقة قلقيلية تحت اسم “جمعية قرى منطقة قلقيلية” في 8/2/1982 برئاسة اسماعيل مرزوق عودة رئيس المجلس القروي لحبلة. وفي شهر حزيران 1982 أقيمت رابطة قرى لواء نابلس برئاسة جودة صوالحة رئيس المجلس المحلي لقرية عصيرة الشمالية. وقد أدى ذلك إلى تظاهر سكان نابلس احتجاجاً على إقامة هذه الرابطة وأطلق جنود الاحتلال النار على المتظاهرين لتفريقهم. أدركت جماهير الشعب الفلسطيني الحظر الكامن وراء إنشاء روابط القرى ومشروع الإدارة المدنية، وهو تنفيذ مؤامرة الحكم الذاتي وتهيئة الأجواء لخلق متزعمين من رؤساء الروابط عملاء الاحتلال الإسرائيلي يقبلون ما تفرضه السلطات الإسرائيلية المحتلة. وإزاء التحرك الإسرائيلي عبر روابط القرى والإدارة المدنية مارست الجماهير الفلسطينية دورها الوطني في التصدي لهذه المشاريع بمختلف الوسائل المتاحة لها. ففي 1/11/1981 أصدر رؤساء البلديات وممثلو النقابات المهنية والهيئات الاجتماعية والمجالس الطلابية في الضفة الغربية بياناً أعلنوا فيه “أن مشروع شارون (وزير الدفاع) يهدف إلى إيجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، وأن الحل الوحيد يتمثل في انسحاب القوات الإسرائيلية من كل الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. ولما تم اغتيال يوسف الخطيب رئيس رابطة قرى رام الله في أواخر تشرين الثاني 1981 عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى تسليح رؤساء وأعضاء روابط القرى ووفرت الحماية الأمنية لهم وزودت الروابط بالبنادق وعربات النقل وعربات الجيب العسكرية وأجهزة الاتصال تمهيداً لتحويلها إلى عصابات وميليشيات مسلحة تنفذ الدور المنوط بها في مواجهة الشعب الفلسطيني. وقد بين أريئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي دور هذه الروابط عندما صرح في كانون الأول 1981 “بأن السلطات الإسرائيلية قررت تسليح روابط القرى تلبية لطلب زعماء هذه الروابط، ولكني تثبت للجميع أن إسرائيل تدعم القيادات المعتدلة في المناطق المحتلة”. وتحولت روابط القرى إلى ميليشيات محلية تساعد قوات الاحتلال الصهيوني في أعمال العنف والقمع والتصدي للجماهير الفلسطينية وعمدت إلى نصب الحواجز للسيارات واعتقال الوطنيين وإطلاق النار عليهم. وفي 9/3/1982 أصدر رئيس الوزراء الأردني بصفته الحاكم العسكري العام أمراً موجهاً إلى أعضاء روابط القرى بين فيه الدور المرسوم لروابط القرى وارتباطها بالمحتل الإسرائيلي وأعطى أعضاء الروابط مهلة شهر للانسحاب منها، وإلا فسيجري تقديمهم للمحاكمة بتهمة التعامل مع العدو، وهي تهمة تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام. وقد أسهم الأمر الأردني في عرقلة تجربة الروابط وانفضاض عدد من أعضائها والمتعاونين معها. إلا أن الغزو الإسرائيلي الجديد للبنان (صيف 1982) الذي دعمته الإمبريالية الأمريكية واستهدف تصفية منظمة التحرير الفلسطينية وإقامة حكومة موالية في لبنان تنضم إلى مؤامرة كامب ديفيد، هذا الغزو وما أسفر عنه من حصار لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت وإضعاف لبنيتها العسكرية أعادا النشاط الروابط القرى ولمخططات الإدارة المدنية المصاحبة لها في الضفة الغربية وقطاع غزة. ففي هذه الأثناء أعلن إنشاء رابطة القرى محافظة نابلس برئاسة جودة صوالحة رئيس المجلس القروي لعصيرة الشمالية وسمحت سلطات الاحتلال لرابطة قرى محافظة الخليل بإصدار جريدة أسبوعية تنطق باسم الروابط بعنوان “أم القرى”. وقد صدر العدد الأول منها في 18/6/1982، أي بعد أسبوعي من بدء الغزو الصهيوني للبنان. لقد أوجد الاحتلال (روابط القرى العميلة) والتي عدت نفسها لتكون قياده بديله للشعب الفلسطيني، وبديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية - مثل جيش لحد العميل في الجنوب اللبناني أنداك- وهي تحتاج لذاك " كما توهم أزلامها " لتكون تجربة نموذجيه تثبت فيها أنها قادرة على القيام بدورها حسب رغبة الهالك المجحوم مناحيم بيغن وضباط الشين بيت " المخابرات الإسرائيلية"، وفيما بعد شارون ومسئولون كبار في حكومة إسرائيل؛ وبمنتهى النذالة شرع أزلام روابط القرى لممارسة البلطجة في قرى نابلس ورام الله وبيت لحم والخليل ... على أمل أن يتحقق "الوهم الجميل" ويصبحون نسخة ثانيه فلسطينية من جيش لحد العميل في جنوب لبنان.وكان أن بدأت " التجربة النموذجية " في قرية بيت كاحل عنوان "التجربة " كما رسم لها كان بحجة تنفيذ مشروع لإنارة القرية بالكهرباء القطرية الإسرائيلية "بعطاء من الاحتلال لأزلام " رابطة قرى الخليل ".. كي ترسم الرابطة العميلة لنفسها صورة نظيفة وعلى أنها " قادرة على تقديم خدمات وتحسين ظروف معيشة الفلسطينيين" في وقت كان فيه المحتلون الإسرائيليون يدفعون الحياة الفلسطينية في القرى والبلدات الفلسطينية المختلفة إلى الفقر والعوز والحرمان من ابسط الخدمات !!!في ذلك الحين، كان لا بد من إظهار شجاعة فائقة للوقوف في وجه " التجربة النموذجية " وفضح أهدافها وأيضا، إنقاذ سمعة قرية فلسطينية من عملية تلطيخ السمعة التي استهدفت إظهار أهلها على إنهم جمهور" للروابط العميلة..وكان العكس لقد برز الشهيد داود العطاونة الإنسان، المعلم والمناضل الوطني التقدمي،" في الصف العالي من المعركة..قال: حتى ولو تطلبت القضية الموت، يجب ألا تتحول بلدتنا إلى مزبلة للروابط العميلة!!.. " قال الشهيد داود العطاونة جملته الشجاعة هذه مساء الجمعة 18 حزيران 1982 م في بيت عزاء " لصبي متوفي " وكانت كلماتهُ كأنما كانت فيه جمرة الروح تستشرف على آخر ذلك المساء، تفاصيل المشهد في صباح اليوم التالي قبل حصار بيروت بأيام قليلة ، عندما كانت الدبابات الإسرائيلية تحرث وجه لبنان وتحرقها– صباح السبت 19 حزيران عام 1982 -كانت القرية الصغيرة " بيت كاحل "- 3كم شمال غرب الخليل – لا تزال تتثاءب ، الناس وخضرة الشجر وتراب الأرض المتيقظ من عتمة الصبح؛ وعلى وجه الصباح ، دخل زمن القرية عملاء" رابطة القرى العميلة " في سيارتي جيب " للبدء بيوم " عمل " وهم ممتشقين أسلحة " العوزي " و أم 16 ". على أن سيارة جيب ثالثه توقفت على مشارف القرية وظل فيه جنود حرس " الحدود "... ربما لحراسة يوم العمل – من يدري - ؟!!.على وجه الصباح ، بدا الذين دخلوا القرية بذريعة نصب أعمدة الكهرباء القطرية الإسرائيلية " يوم العمل " بالاعتداء على النساء والأطفال وإطلاق الرصاص في كل صوب و... أيضا انشغل بعضهم في البحث عن فريسة "صيد " لتنفيذ مهمة اغتيال محددة.

على أول " المعركة " استأسد الذين امتشقوا السلاح الإسرائيلي فأصابوا ثلاث نساء بجروح ورضوض ثم أصابوا الشاب هشام العطاونة ليرتقي شهيدًا بعد ذلك.

إن دولة الاحتلال الإرهابية المجرمة وادارتها المدنية لن تنجح في تمرير مشاريعها العبثية والتخريبية كروابط القرى أو غيرها على الشعب الفلسطيني البطل شعب الجبارين. وان اخطأ البعض في حساباته وظنوا أنه باستشهاد أبو عمار وبمحاولات شطب الرئيس عباس وتجويع الشعب الفلسطيني- سيرفع شعبنا الرايات البيضاء فهو واهمين واهمين؛ فإننا كالفحم كلما اشتدت عليه النار ضراوةً وحرقًا نتج عنه أنفس وأغلي المعادن وهي الألماس- وشعب الجبارين ملتف خلف قيادتة الشرعية قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وأن تأخر الرواتب نعم يؤلمنا لكنه لن يفت من عضدُنا بل سيزيدنا قوةً وصلابة لتحقيق حقوقنا الوطنية المشروعة والعمل بكافة السبل الممكنة لكنس الاحتلال من أرضنا؛ ويجب علينا جميعًا فصائل وتنظيمات وقوي أن نعمل على كسر الانقسام والالتفاف حول بعضنا ومع بعضنا البعض وأن تفعل منظمة التحير الفلسطينية والجلوس لحوار وطني شامل ينتج عنه الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية ونذكركم بمقولة للرئيس الشهيد الراحل أبو عمار:" إن ضاعت السلطة ضاعت منظمة التحرير الفلسطينية؛ نحن بأمس الحاجة للشراكة والمصالحة الوطنية والتوافق الوطني ولإصلاح ذاتنا وواقعنا الداخلي ولنتعلم من أخوتنا الفلسطينيين داخل الخط الأخضر كيف توحدوا بقائمة عربية موحدة حينما علموا أن الاحتلال يريد شطبهم وغنهاء الوجود الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948م ، وعلينا كفتح وحماس وفصائل مقاومة ووطنية أن نركب في سفينة واحدة والالتفاف حول القيادة الفلسطينية والرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير ، وسيدفن أي مشروع يستهدف القيادة الشرعية، قيادة منظمة التحرير، التي ستبقى شوكة في حلق العدو المجرم ومن يقف وراءه؛ وعلينا أن تكون قبلتنا تحرير فلسطين لينجو الجميع حتى لا نغرق؛ ونُغرِق شعبنا، وأن نوجه بوصلتنا نحو القدس لأن المعركة الحقيقية مع الاحتلال ليست غزة بل الضفة والقدس الشريف.

 

بقلم الكاتب المفكر والمحلل السياسي

الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد ابو نحل

نائب رئيس المركز القومي للبحوث

عضو شبكة اتحاد الكتاب العرب

اخر الأخبار