الطفل الشهيد محمد تقي.‎ (قصّة قصيرة جدا)

تابعنا على:   00:41 2015-01-28

هو يعرف أنه بعد لحظات سيغادر الحياة

لكنّه قبل ان يغادرها تفحّص ونظرَ حوله

يبحث عن أُمّه.

قال الطفل "محمد تقي" لأمه يكلّمها وهو يبتسم ورأسه في حجرها:

- ياأم لقد قتلوني بثمان رصاصات.. وأخذ يشير لها بيده الصغيرة ويدلّها على مواضع الرصاصات

الموزّعة في جسده، هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا.

كانت أُمّه تُصغي أليه ملء جوارحها ودموعها تنهال على خدَّيها وتقول له:

- بني بُعدا لهم وبعدا للقوم المجرمين، بني لاتخف انت بخير، انا معك..

- لاياأم لست خائفا منهم ابدا أنا قوي ولاازال حيّا ولم أمت فأنا شجاع.

قالت لطفلها وهي تكفكف دموعها:

- نعم بني انت قويّ وشجاع كـ أبيك وعمّك "ابا صلاح".

إنتفض الصغير كما ينتفض الطير المجروح ماأن سمع أُمه تلفظ اسم عمّه "ابا صلاح"

وقال لها:

- ياأُم لقد قتلوا عمّي ورموه من سطح البيت الى الارض، ياأم لقد قتله الجنود، وكنت

مع عمّي "ابا صلاح" عندما جاء الجنود وداهموا بيته، وألقوا القبض عليه وكتّفوه

وبدأوا يضربونه (جميعهم) ببنادقهم على رأسه وصدره وأطلقوا رصاصة عليه

ووقع عمّي الى الارض وهو يتلوّى من الألم..

أخذ الطفل "محمد تقي" يقص على أمّه قصّة كيف داهم الجيش بيت عمّه "ابا صلاح"

ورآهم كيف يعذّبونه ويقتلونه أمام عينيه.. وذكر لها كيف قتلوه هو ولماذا رموه بالرصاص

رغم صغر سنّه..

- قالوا لعمّي سنحرق قلبك بولدك هذا ونقتله أمام عينيك، فصاح عمّي بهم وقال لهم:

اذا كان من بد فأقتلوني انا ما ذنب هذا الصغير.. ماذنب الاطفال يامجرمين؟

قالوا له:

- لنحرق قلبك عليه.. ثم أمرَ أحدَهم جنديّ آخر مشيرا ألي: ان أقتله..

ياأم صوّب الجندي بندقيّته نحوي ورشقَني بثمان رصاصات من اسفل يساري الى بطني

وصدري وحتى كتفي.. (قال لها وهو يضحك: أوقعت نفسي وعملت نفسي ميّت).

كانت أُمّه تمسح على رأسه وتقبّله بحنوٍ عظيم وتنظر أليه يتكلم ويضحك وهي مدهوشة

منه، وكأنّ جسده الصغير ذا الست سنين لم تتوزع ثمان رصاصات عليه..

حتى أنها أيقنت بولدها سيعيش وقد كُتبت له النجاة..

عادت الأم في اليوم التالي الى المشفى محمّلة بـ (الحليب والعصائر والشيبس ونساتل الشوكولاته)

هذه الاشياء التي كان ولدها "محمد تقي" يحبها جلبتها لولدها، لطفلها لصغيرها لعلّه يأكل منها،

وهي فرحة مسرورة ومستبشرة خيرا، دخلت الغرفة وذهبت مباشرة الى سرير ولدها فوجدته فارغا..

فصرخت بقوة:

- ولدي محمد تقي، ابني اين اخذتموه..؟

لحظات حتى ملئت الغرفة بالاطباء والممرضين وتجمهر الناس حولها وهي تصيح:

- ولدي محمد تقي اين ولدي بالامس تركته بخير؟

صاح بها احدهم:

- ولدك مات.

لكن طبيبا آخر أسرّها: ...

- لقد قتلوه بـ حقنة سامّة.

 (قصّة من الواقع)

 

صفاء الهندي

اخر الأخبار