لابد من معاقبة قاتل شيماء الصباغ

تابعنا على:   11:49 2015-01-26

عماد الدين حسين

القتل مدان فى كل زمان ومكان، لكن مقتل شيماء الصباغ ــ أمين العمل الجماهيرى بحزب التحالف الشعبى الاشتراكى بالإسكندرية ــ كارثى بكل المقاييس لأنه يكشف عن خلل خطير فى التعامل مع المظاهرات والتجمعات الشعبية.
مسيرة الحزب ــ التى ضمت بعض أعضاء حزب التجمع ــ تحركت من مقره فى شارع هدى شعراوى فى اتجاه ميدان طلعت حرب لكى تضع إكليلا من الزهور على نصب شهداء الثورة فى ميدان التحرير.
أخطأت المسيرة حينما لم تتقدم بالحصول على إذن مسبق بالتظاهر، لكن الأمين العام لحزب التحالف طلعت فهمى تقدم لقوات الأمن وأخبرهم بحدود تحرك المسيرة المكونة من حوالى خمسين شخصا، وان هدفها هو وضع الزهور فقط فى ميدان التحرير.
إذن كان يمكن لقوات الأمن ان تتصرف بمليون طريقة ليس من بينها هذه النهاية المأساوية.
كان يمكن لقوات الأمن تفريق المسيرة بخراطيم المياه أو الغاز المسيل للدموع أو حتى تقبض على كل المشاركين وتحاكمهم، لكن لا تطلق الرصاص سواء كان حيا أو خرطوشا، أو «بلى»، اما اذا كان هناك طرف ثالث فدور الشرطة ان تكشفه.
تقرير الطب الشرعى قال ان الشهيدة شيماء تلقت ثلاث طلقات خرطوش فى الوجه من مسافة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أمتار فقط وبالتالى فإن من أطلق النار كان يدرك أنه يمارس مهنة القتل.
بيان الشرطة بعد الحادث كان هزيلا ومترددا، والنائب العام طلب التحقيق ورئيس الوزراء قال انه واثق من ان المجرم سينال عقابه.
خطورة هذه الجريمة انها تكشف عن مواضع خلل قاتلة فى منظومة عمل القوات التى تتصدى للمتظاهرين.
عندما تتصدى قوات الأمن لإرهابيين فى سيناء أو فى أى مكان فإننا جميعا نتضامن معها، ونلتمس لها العذر حتى لو أخطأت، لأنها تواجه إرهابيين لا يتورعون عن ارتكاب أبشع أنواع الجرائم، لكن كيف نلتمس العذر لضابط أو جندى يطلق الرصاص أو الخرطوش من مسافة قريبة على متظاهر أعزل؟!.
النقطة الثانية ان الضابط الكبير المسئول عن هذه القوة تصرف بطريقة غاية فى التهور، حينما اتخذ قرار استخدام القوة كخيار اول ضد المسيرة السلمية الصغيرة، خصوصا ان الشرطة تعاملت بطريقة مغايرة ومهنية ومحترفة مع غالبية هذه النوعية من المظاهرات والمسيرات التى انطلقت من منطقة وسط البلد منذ تبرئة حسنى مبارك يوم 29 نوفمبر الماضى.
النقطة الثالثة ان عودة نغمة الطرف الثالث ــ التى لمحت إليها جهات أمنية بعد الحادث مباشرة ــ لم تعد مقبولة.
دور الشرطة أن تعرف من هو المجرم، وإذا كان مقبولا ترديد حكاية الطرف الثالث فى الشهور الأولى من ثورة 25 يناير 2011، فلم تعد هذه النغمة صالحة، وعلى الشرطة وبقية أجهزة الأمن إذا كان هناك طرف ثالث أن تكشفه وتفضحه وتحاكمه وتقتص منه.
مرة أخرى كل الدم حرام سواء كان لاشتراكى أو إخوانى، لسلفى أو ليبرالى ــ إلا الإرهابيين الذين يرفعون السلاح فى وجه الشعب ــ لكن عندما لا يدرك قادة الشرطة الميدانيون الفرق بين مسيرة لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى وبين مسيرة عنيفة لأى جماعة إرهابية، فتلك مصيبة كبرى.
من أطلق الرصاص على شيماء الصباغ ارتكب جريمة كبرى لأنه قتل نفسا بريئة، واختار اسوأ توقيت لتنفيذ جريمته وقدم خدمة مجانية بمليارات الدولارات لكل الإرهابيين.
الآن وبعد هذه الجريمة فقد آن فعلا أوان ان يقول الرئيس لوزارة الداخلية: «خدمة للوطن ولمصلحتكم الخاصة، يجب أن تعيدوا النظر فى منظومة عملكم بأكملها وقواعد فض الاشتباك، والأهم ان يتم تقديم المجرم للعدالة حتى يرتدع من يفكر ان يكرر هذه الجريمة فى المستقبل».
عن الشروق المصرية

اخر الأخبار