غزة تنتظر "الشرعية" فهل تصلها!

تابعنا على:   09:57 2015-01-26

كتب حسن عصفور/ اعمى بعيون أميركية، كما قالها الشاعر الكبير احمد دحبور، من لا يرى المشهد السياسي الغزي بحقيقته، حيث انه ومنذ لحظة وقوع الانقلاب الأسود وخطفه في يونيو – حزيران 2007، وهو ينتظر عودة "الشرعية" الفلسطينية كي تعود له الحياة السياسية الطبيعية، التي أصيبت بحالة "غثيان" منذ الانقسام وحتى ساعته، تخللها 3 حروب تدميرية شاملة، أوقعت جرائم حرب بلا عدد، كان أحد تجلياتها "تقرير غولدستون" لكشف حقيقة "جرائم الحرب"، تم ابطال مفعوله بفعل "الشرعية" الفلسطينية، كي لا تغضب امريكا وتفتح عليها جبهة لم تكن حالها يسمح بالتصدي لها..

رغم جبروت حماس العسكري، باستعراض القوة، ومحاولة أن تقدم ذاتها، مستغلة الحروب العسكرية الثلاثة، على أنها "بديل المقاومة المنتظر"، إلا أن أهل القطاع كان لهم رؤية ثاقبة في وضع الفاصل السياسي المطلوب، بين ان ترد على العدوان كون الكرامة تفرض عدم الاستسلام، وبين تسويقها كحالة "سياسية بديلة"، بل أن "الارهاب الأمني" الذي وصل الى حالة تكثيف "غير مسبوق" في القطاع في زمن الانقلاب لم ينجح في فرض "نظامه الخاص"، وإستمر القطاع بغالبيه فصائلة السياسية، وأهله ملتصقا بـ"الشرعية الفلسطينية"..

وجاء توقيع اتفاق "الشاطئ" كأحد المحاولات لوضع حد للإنقسام، وبداية لانهاء الانقلاب الكارثي، لحظة اعتقد الكثيرمن ابناء القطاع، انها اللحظة المنتظرة، وأن باب "الأمل الوطني" عرف طريقه بعد سنوات سبع عجاف، ومع تبادل الرسائل والتصريحات بين قادة الانقسام والقسم المتكرر بأنها صفحت وانطوت، ظن غالبية أهل فلسطين قبل أهل القطاع بأن جديدا قادم بعدما ادركت قوى الانقسام أن لا مستقبل لخطف بعض من المشروع، وفشل لكل من طرفيه في فرض منهجه وطرقه السياسية.

فتح "اتفاق الشاطئ" الطريق الى عودة جناحي "بقايا الوطن" الى الجسم الشرعي الفلسطيني، وتشكلت وزارة الرئيس محمود عباس، التي بدت منذ لحظتها الإولى، وكما انكشف لاحقا، انها لم تكن "مظهرا وطنيا وحدويا" بل جاءت استجابة لرغبات كي تبقى أداة تنفيذية حسب المقاس، ولعل تصريحات الوزير الأول رامي الحمدالله لتلفزيون فلسطين في البرنامج الذي "كشف المستور" أن الكشف الوزاري أرسل له للموافقة وليس للنقاش، بعد توافق بين بعض فتح والمخابرات وموافقة الرئيس عباس..

وهو ما أكدته الأيام لاحقا، بأن الاتفاق الكلامي – الورقي شيء وتنفيذه شي آخر تماما، وجاء التشكيل وخضوع الوزير الأول منذ اللحظة الإولى لـ"مراكز القوى" في تشكيل الوزارة ليشير أن الطريق بات شائكا، ولذا بدأ زرع الشك بدلا من اعادة اليقين الى سكان القطاع..ولذا فضلت حكومة "مراكز القوى" ان تبدأ البحث عن الذرائع لتهرب من مسؤوليتها السياسية وحضورها في القطاع،  ولم تكلف عناء الذهاب للعمل من قطاع غزة، واكتفت باستخدام تقنية التواصل الحديثة، دون أن تدرك أن حضورها الدائم ونقل مقر عملها الى القطاع سيكون له تأثير يفوق مسميات الحكومة...

الغياب هنا، ليس شكلي ولا ذريعة لمحاسبة التقصير الرسمي، بل جاء ليكشف آلية تفكير "الشرعية" نحو القطاع..وهل الحكومة بابا لعودتها أم انها ليس سوى مظهر شكلي عله يحسن من مكانة "الشرعية" التي أصيب بهزات سياسية في السنوات الأخيرة، وهنا لا يجوز وضع مقارنة بين أهداف حماس الخاصة، وبين مكانة وتمثيل الشرعية الفلسطينية، فحماس في نهاية الأمر ليس سوى فصيل، كبير او صغير، لا يمكنه أن يستبدل "الشرعية الوطنية"، كما هي فتح بكل ما لها تاريخا ومكانة لم تنه "الشرعية" ولم تستبدلها..

لذا أن يعمل البعض الرافض لعودة "الشرعية" الى قطاع غزة بذرائع حمساوية، وأن المطلوب تنظيف القطاع من "مراكز قوة حماس" قبل أن يقرر العودة فذلك ليس سوى إدعاء سياسي لا صلة له بالحقيقة المعلومة..فحماس بنت قوة عسكرية وأمنية خلال سنوات الانقسام، وكرست واقع خاص بها، ولم يكن ذلك سرا لا تعلمه قيادة فتح والرئيس عباس قبل توقيع اتفاق الشاطئ، فكل شي كان معلوما بتفاصيله، ولم نجد ما يشير الى وضع اسس حقيقية لتجاوز تلك العقبات، سوى وعود لاحقة، وكأن الهدف كان ابقاء الحال على ما هو عليه لاستغلاله لاحقا لعدم كسر الانقسام، وانهاءغياب الشرعية عن جناح "بقايا الوطن" الجنوبي..

ولأن المسألة لم تعد تحتمل السخرية من الشعب الفلسطيني، أو استخدام بعض "آليات الشرعية" للهروب من فرض الشرعية ، بات من الضرورة أن تتحمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مسؤوليتها المباشرة عن عودة "الشرعية الفلسطينية"الى قطاع غزة، لتبدأ رحلة انهاء الانقسام بشكل عملي وجاد، من خلال سلسة من الخطوات التي يجب فرضها دون إنتظار موافقة هذا الطرف أو ذاك، والبدء بالقيام بـ:

*وضع تصور سياس شامل لحل الأزمة الوطنية بكل مكوناتها السياسية والتنظيمية، وأن يكون المشروع معالج لكل مظاهر الخلل والخطر ايضا، وان لا يقتصر على "ملامسة" المشاكل التي تعصف بالقضية الوطنية، بل أن يتم تناول جوهر القضايا بعيدا عن حسابات المجاملة التي سادت طويلا.

*ولتبدأ اللجنة التنفيذية بصفتها التمثيلية  الشرعية، حوارا سريعا مع حركتي حماس والجهاد حول الاسس الوطنية الجديدة ضمن الرؤية المتفق عليها بين فصائل منظمة التحرير لانشاء آلية عمل متفق عليها بين "فصائل المنظمة" وحركتي الجهاد وحماس..

*طرح فكرة تشكيل "حكومة وحدة وطنية" ترتبط مرجعيتها باللجنة التنفيذية كخطوة إولى نحو اعلان دولة فلسطين، بديل سياسي للسلطة الوطنية، وتكون مسؤولة بشكل مباشر لحل القضايا العالقة التي أعاقت تنفيذ الاتفاقات السابقة، ومنها:

- مسألة السلاح وتنوعه وقواه، وبحثها بما يخدم تعزيز "الشرعية والمقاومة" في ذات السايق.

- موظفي قطاع غزة ما بعد 2007، وكيفية التعامل مع حقوقهم الوظيفية والمالية، فلا يجوز تركها لمستقبل غامض، وأن تبدأ الحكومة الوطنية عملها فورا وليكن البداية من قطاع غزة، في ورشة عمل الى حين وضع أسس جديدة تحمي العلاقة بدلا من تعليقها انتظارا لذريعة ما..

- اعتبار أجهزة الأمن الداخلي بكل عناصرها في القطاع جزءا من الأمن الداخلي الفلسطيني يعاد هيكلته وفقا للصملحة الوطنية، وان يتم تعيين قادته دون النظر للبعد الفصائلي.

- اعادة فتح مقر اللجنة التنفيذية بغزة، لتعود الى علمها كمظهر لحضور الشرعية الفلسطينية،

- البحث في سبل انهاء حصار القطاع بشكل حقيقي والعمل على دراسة مسألة معبر رفح مع الشقيقة الكبرى بما يخدم المصلحة الفلسطينية والأمن القومي المصري، وحتما هناك من الوسائل التي يمكنها تحقيق التوافق بينهما..

- تقديم مشروع سياسي يحدد مرتكزات الرؤية الفلسطينية الشاملة لحل القضية الفلسطينية، سواء مشروع خاص ضمن اسس متفق عليها، او الاكتفاء بمبادرة السلام العربية، واعتباره آلية الحل الممكن في المرحلة الراهنة.

- الاستعداد الموحد بسبل متفق عليها لاعلان فلسطين دولة ، تواصل العمل لاستكمال عضويتها في المنظمات والمؤسسات الدولية، مع تشكيل لجان عمل متفق عليها، وتحت اشراف "الاطار الوطني الجديد" لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية.

- دراسة عودة المجلس التشريعي بالتوازي مع تشكيل الحكومة الجديدة، وان يتفق ان عودته للعمل ليس سوى لفترة زمنية محدودة الى حين بحث الاطار التشريعي لدولة فلسطين، والذي يمكن أن يتشكل من المجلس المركزي والتشريعي الى حين اجراء الانتخابات العامة، وأن يمنح الرئيس محمود عباس صلاحيات الرئيس وفقا للتشكيل الجديد الى حين الاتفاق على انتخابات رئاسية جديدة أو شكل بديل يتفق عليه.

- معالجة كل القضايا العالقة والاتفاق على آلياتها بشكل مسبق، ولا تترك للغموض غير البناء، والبدء بالقضايا المتفجرة وليس تأجيلها لأنها هي بوابة الحل وليس العكس.

- وقف كل الاجراءات الوظيفية ضد ابناء قطاع غزة، خاصة العسكريين، وذلك لكون الاجراء عمل مخالف للقانون.

- تشكيل لجنة خاصة لوضع دستور فلسطين بما يتوافق مع التطور الجديد لدولة فلسطين.

- هناك كثير من الخطوات التي يمكن علاجها بروح توافقية لو أحسن وضع أسس الحل ضمن رؤية وطنية وليس محاولة صيد الأخطاء لهذا أو ذاك..

تلك بعض ملامح يمكنها أن تعيد الشرعية لقطاع غزة لو كان الهدف اعادتها فعلا وليس فصلها لتمرير مشروع سياسي مرتبط بمصالح غير وطنية!

ملاحظة: هل يمكن التعامل مع اعلان ممر مائي غزة المعلن عنه بجدية أن أنه محاولة اعلانية لا أكثر.زالجدية السياسية ضرورة لنيل الاحترام!

تنويه خاص: عهد الذل انتهى..عبارة قالها زعيم اليسار اليوناني الفائز بالانتخابات ..هل يقولها شعب فلسطين قريبا!

 

اخر الأخبار