المقدسيون يعيشون تحت هاجس الطرد

تابعنا على:   07:34 2014-12-21

أمد/ رام الله - كتب محمد يونس: عندما أبعدت السلطات الإسرائيلية قبل عامين ثلاثة نواب ووزيراً من حركة «حماس» عن القدس المحتلة، وصادرت بطاقاتهم الشخصية، اعتقد الكثيرون أن الإجراء سياسي وسيظل محصوراً في هذه الحالات، لكن تبين أه لم يكن سوى البداية لما يبدو اليوم سياسة جديدة تنتهجها الدولة العبرية ضد أهالي المدينة وتطلعاتهم الوطنية، إذ أصدرت أخيراً قراراً بإبعاد خمسة مواطنين آخرين عن المدينة لمدة خمسة أشهر قابلة للتجديد.

وأصدر الاتحاد الأوروبي أمس بياناً أعرب فيه عن قلقه الشديد من القرار، محذراً من أنه «قد يؤدي إلى اشتعال الحالة المتوترة في القدس».

وكانت السلطات الإسرائيلية بدأت سياسة الإبعاد من القدس منذ السنة الأولى لاحتلال المدينة عام 1967، إذ أبعدت عدداً من الشخصيات عن المدينة، من بينها الشيخ عبد الحميد السايح الذي تولى لاحقاً رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني، ورئيس الغرفة التجارية وغيرهما.

لكن السلطات توقفت عن ممارسة هذه السياسة واستبدلتها بسياسات أخرى، مثل الإبعاد الداخلي لعدد كبير من المقدسيين، عبر تجريدهم من حق الإقامة في المدينة تحت طائلة القانون الخاص الذي أقرته في القدس، وهو قانون الإقامة الذي يعتبر سكان القدس مقيمين لا مواطنين، ويجري تجريدهم من حق الإقامة في حال تغيير عناوين إقامتهم.

وقال مدير مركز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في القدس زياد الحموري، إن إسرائيل أبعدت حوالى 15 ألف مواطن من القدس منذ احتلال المدينة عام 1967 تحت طائلة هذا القانون. وأضاف: «15 ألف مواطن يعني 15 ألف أسرة، لأن لكل واحد أو واحدة منهم أسرة كاملة أبعدت من المدينة».

ويعيش أهالي القدس تحت خطر الطرد الدائم من المدينة منذ العام الأول للاحتلال. وقال أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت الدكتور نظمي الجعبة المتخصص في تاريخ المدينة، إن السلطات الإسرائيلية اتبعت سياسة اقتصادية اجتماعية عمرانية خاصة في المدينة هدفت إلى دفع أهلها للعيش خارجها، لتقوم بتحويلها مدينة ذات غالبية يهودية.

وقال: «القدس المدينة الواسعة التي كانت تضم بيوتاً جميلة قبل عام 1967 تحولت اليوم أحياء فقيرة». وأضاف أن السياسات التي اتبعتها السلطات الإسرائيلية في القدس بهدف تقليص عدد السكان الفلسطينيين وزيادة عدد المستوطنين، مثل حصر البناء في 12 في المئة فقط من مساحة المدينة، أدت إلى زيادة الضغط والاكتظاظ في هذه الأحياء، وحولتها ما يشبه أحياء الفقر والصفيح، خصوصاً في البلدة القديمة.

وقال إن عدداً قليلا من أهالي المدينة يمكنه الحصول على شقة سكنية في القدس، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الشقق الناجم عن ضيق مساحات البناء، مشيراً إلى أن سعر الشقة يبلغ حوالى نصف مليون دولار. وأضاف أن 120 ألف مقدسي يعيشون اليوم في بيوت غير مرخصة اضطروا لإقامتها بسبب عدم توافر بديل لهم للسكان، وأن هذه البيوت معرضة للهدم في أي وقت.

ووسّعت إسرائيل حدود بلدية القدس عقب احتلالها من 6.5 الى 72 كيلومتراً مربعاً، واستولت من أجل ذلك على مساحات واسعة من أراضي المدن المجاورة، مثل بيت لحم ورام الله وأريحا، وأقامت عليها مستوطنات يقطنها اليوم 250 ألف مستوطن. وتفصل هذه المستوطنات بين التجمعات السكانية الفلسطينية على نحو يحول دون تواصلها كوحدة سكانية واحدة.

وأقامت السلطات الإسرائيلية 15 مستوطنة حول القدس، واستولت على عشرات البيوت في قلب البلدة القديمة، ومنحتها للمستوطنين الذين يبلغ عددهم اليوم ثلاثة آلاف مستوطن داخل البلدة القديمة.

وقال الخبير في شؤون الاستيطان خليل التوفكجي، إن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنفيذ مشروع في القدس يهدف إلى تقليص عدد السكان الفلسطينيين إلى 12 في المئة بحلول عام 2020، وزيادة عدد السكان اليهود ليشكلوا 88 في المئة. وأضاف: «بعد أن حسمت إسرائيل معركة الأرض وسيطرت عليها، تعمل الآن على دفع السكان للهجرة خارج المدينة عبر وسائل عديدة، منها عدم ترخيص البناء، والضرائب الباهظة، ومصادرة بطاقة الهوية وغيرها».

ويبلغ عدد سكان القدس الفلسطينيين 300 ألفاً، عزلت السلطات الإسرائيلية 120 ألفاً منهم خارج الجدار الذي أقامته حول المدينة، وأبقت خارجه الأحياء الفلسطينية المكتظة بهدف سهولة التخلص من سكانها مستقبلاً.

وقال التوفكجي إن نسبة السكان الفلسطينيين اليوم في القدس الموحدة (الشرقية والغربية) تبلغ 35 في المئة، لكن السلطات تعمل على تقليصها إلى 12 في المئة. وأضاف: «هذا هو جوهر المعركة القائمة في القدس اليوم».

عن الحياة اللندنية

اخر الأخبار