مواجهة القوانين العنصرية الصهيونية

تابعنا على:   19:53 2014-11-26

عباس الجمعه

وسط كل ما يجري في المنطقة والعالم ، يأتي مشروع القانون العنصري الصهيوني بامتياز والذي ينص على أن الكيان "دولة قومية يهودية" ليوضح دون لبس دور قادة الكيان الاسرائيلي واللوبي الصهيوني وأعوانه في الولايات المتحدة الامريكية ، من اجل تحقيق المشروع التوسعي الاستيطاني الاستعماري الصهيوني من خلال ما يسمى " الوطن التاريخي القومي للشعب اليهودي" هو تسمية عنصرية إيديولوجية اقصائية ، ومحاولة لتشويه وتزوير الرواية الفلسطينية التاريخية وإلغاء الوجود الفلسطيني وإخراجه من سياق التاريخ والحقوق المشروعة على ارض فلسطين التاريخية، وهو إجهار بعنصرية هذا الكيان وتهديد لدول المنطقة والعالم ، وهذا يؤكد النهج العنصري لكيان الاحتلال منذ نشأته ، والذي تمثل في الماضي بسن القوانين العنصرية كقانون العمل، وقانون العودة، والقوانين والأوامر العسكرية الأخرى، وممارسات الدولة المنهجية الموغلة في العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، وما وصلت إليه هذه الممارسات من تطهير عرقي في مدينة القدس، لإخلائها من أبنائها الأصليين وتحويلها إلى مدينة يهودية على سبيل المثال، فإن جعل إسرائيل دولة لليهود مفتوحة الحدود، كما هو الحال منذ ستة وستين عاما، ينطوي على أخطار جسيمة تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من أرض فلسطين، إلى مختلف البلدان العربية، وقد تهدد هذه الأخطار عددا من دول العالم الأخرى في المستقبل البعيد، من خلال دولة بدون حدود وعربدة وحروب تعني التوسع العدواني على حساب الآخرين، في انتهاك سافر لقواعد القانون الدولي المتعلقة بمعايير تكوين الدول، فإن هذا يعني أن الدعوة إلى الاعتراف بيهودية الدولة ، أو إسرائيل دولة لليهود التي لا تملك حدودا إقليمية لها، ما يجعل سيادة الدولة في إسرائيل غير محددة في إقليم معين، لأن سيادة الدولة تقع على إقليم الدولة.

إن هذا الوضع الشاذ المرتبط بدولة إسرائيل فقط من دون دول العالم كله يزج عنوة بالدول الأخرى، التي اعترفت بإسرائيل في الماضي عند نشوئها، عندما كان حجمها ضمن حدود قرار التقسيم رقم 181، يزج بها إلى موقع الاعتراف والتعامل مع مبدأ اكتساب الأرض بالقوة، وهو ما يتعارض مع إرادة ورغبة دول العالم في تطبيق قواعد القانون الدولي في هذا الشأن تجنبا لنشوب الحروب، وبقيت اعترافات الدول من اعترف بهذا الكيان سارية حتى على ما ضمه باطلا من أراض فلسطينية وعربية عن طريق الحرب والعدوان، وهذا ما لا ينشده العالم ويرضاه، لكونه عملا من أعمال العدوان، الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، وهكذا ينطلي خداع إسرائيل وتضليلها المستند إلى التغييب المتعمد للحدود ، لتبقى احتمالات قضم الأرض العربية وضمها لإسرائيل مفتوحة وقائمة.

لهذا نرى أن الاحتلال يزداد تغولاً وتوحشاً وعنصرية،ويواصل شن حرب عدوانية شاملة على الشعب الفلسطيني،تتجسد وتتمثل في حرب متواصلة في قطاع غزة ،وبلطجة وزعرنة لقطعان وسوائب المستوطنين على طول جغرافيا الضفة الفلسطينية ،سوائب تمارس القتل والبلطجة والزعرنة والتعدي على ممتلكات وبيوت المواطنين،وقطع واقتلاع أشجارهم وتدمير مزروعاتهم وسرقة محاصيلهم والاستيلاء على أرضهم ومحاصرة واقتحام قراهم تحت سمع وبصر قوات الاحتلال وشرطته التي توفر لهم الأمن والحماية،وبمباركة ومشاركة وتغطية من المستويين السياسي والقضائي لدولة الاحتلال،وخير شاهد ومثال على ذلك،ما عاثته سوائب المستوطنين من دمار وترويع في القدس والمسجد الاقصى،وما يجري من عمليات تطهير عرقي واستيلاء على الأرض في منطقة الأغوار الفلسطينية،حيث تصعد سلطات الاحتلال والمستوطنين من ضغوطاتهم على المواطنين الفلسطينيين والبدو القاطنين في الأغوار الفلسطينية ،بهدف إجبارهم على الرحيل واستكمال مخططات الاستيلاء على المزيد من الأراضي وإقامة البؤر الاستيطانية بهدف إفراغ الأغوار من سكانها.

واليوم اصبحت العنصرية سياسة رسمية لإسرائيل جسدتها و تجسدها في ممارسات و قوانين , ممارسات كالحروب العدوانية و المجازر الجماعية و المستوطنات اليهودية واعمال النهب و السلب و القتل و التدمير و العقوبات الجماعية , وقوانين كقانون الجنسية و قانون العودة وقانون الاسرى وقانون املاك الغائبين و قوانين الاراضي وصولا الى قانون يهودية الدولة .

وامام كل ما يجري نقول أن هذه الحكومة هي أكبر وأكثر الحكومات الصهيونية تطرفا منذ انتصاب الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين قبل ستة وستين عاما، حيث تتكاثر الأصوات التي تطالب بالاعتراف وبالاقرار بيهودية الدولة مما يعني تفريغ فلسطين من أصحابها الشرعيين والغاء حق العودة, وكذلك تعالت الأصوات التي تعتبر الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين.ان هذه التصريحات تكشف النقاب عن مخطط صهيوني لتهجير فلسطينيي عام 1948 الى خارج حدود دولة ما يسمى "اسرائيل" للحفاظ على عرقيتها اليهودية التي أكد عليها الزعماء الصهاينة مرارا في الاونة الأخيرة.

ان هذا القانون ان دل على شيء فانما يدل على افلاس المؤسسة الصهيونية برمتها وفقدان بوصلتها الصواب, والأكثر من ذلك خوفها من صوت وردة فعل الضحية, ولا وجود لمثيل له في كل الشرائع الدولية، وان الوقاحة الصهيونية تجاوزت كل الحدود، فهم يزورون الحقيقة كحضارتهم المزورة بل انه لا تأريخ لهم.

وفي ظل هذه الظروف الدقيقة نسأل لماذا التمسك "بحل الدولتين" فهو حل لتكريس "دولة إسرائيل وطناً قومياً للشعب اليهودي" والاعتراف بحق هذه الدولة في الوجود على الأرض الفلسطينية المغتصبة. أي الاعتراف بصحة المشروع الصهيوني وصحة "الحقوق المشروعة للشعب اليهودي العودة إلى أرض أجداده في إسرائيل". إلى جانب هذا الحل تقوم دولة فلسطينية هي الوطن القومي للشعب الفلسطيني، بما يعني "حق هذا الشعب بجزء من أرض فلسطين" هو الجزء الذي لا يريد العدو الصهيوني ضمه حتى لا تتحول دولته "اليهودية" إلى دولة ثنائية القومية. حق منقوص يفتح الباب لتهجير الفلسطينيين في 1948 إلى "دولتهم" بعد أن "أقاموا" فترة طويلة في أرض دولة اليهود، حق منقوص لا يعترف باللاجئين شعباً أو جزءاً من الشعب الفلسطيني. فاللاجئون ماتوا على مر سنوات النكبة، وذريتهم عرب يتوجب توطينهم في البلاد المضيفة، ويصبح الصراع، والحال هكذا على بضعة كيلو مترات من الأرض، تضم إلى "الدولة اليهودية" أو إلى "الدولة الفلسطينية". ويتحرر المشروع الصهيوني من صفاته كمشروع عنصري، كولونيالي استعماري إحلالي، وتتحرر إسرائيل من صفتها كدولة احتلال، وتصبح صاحبة حق في إعادة رسم حدودها، وصاحبة حق في الخلاص من كل الزوائد التي تهدد مصيرها دولة قومية لليهود. ولسان حال قادة العدو يقول: إذا بقي الفلسطينيون في مناطق 48، وعاد اللاجئون إلى هذه المناطق، نصبح أمام دولتين فلسطينيتين وليس أمام دولتين لشعبين. تتحرر إسرائيل من صفتها الكولونيالية، ويتحول الفلسطينيون من حركة تحرر لشعب يناضل لمشروع وطني تاريخي إلى مجرد كيان همه رسم حدوده عند هذا الخط أو ذاك.

ان ما يحدث هو نتيجة تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية إلى حد النسيان، بل من منطق الضعف العربي وتدهور حالته الصحية سادت الفكرة القائلة بأن العرب تركوا فلسطين إلى قدرها، بمعنى ان على الفلسطينيين ان يتحملوا وزر ما يحصل لهم، وكأن فلسطين خصوصية شعبها، فيما نعرف جميعا انها قضية العرب الاولى.

ان تحقيق الشعب الفلسطيني لنصره السياسي الحاسم تتعلق بطبيعة الاحتلال الذي يواجهه . فهو ليس احتلالا تقليدياً قامت به دولة قائمة لنهب خيرات شعب دولة أخرى، بل احتلال استيطاني إقصائي احتلالي ذو وظيفة استعمارية وإمبريالية ، نفذته حركة عنصرية، (الحركة الصهيونية)، اخترعت لنفسها شعباً وأرضاً، وحولت عصاباتها إلى جيشٍ "دولة" شاذة مارقة، نفذت أبشع عملية سطو سياسي عرفها التاريخ الحديث، وارتكبت، ولا تزال، ما لا يحصى من جرائم الحرب الموصوفة والتطهير العرقي المخطط والإبادة الجماعية الممنهجة التي لم يوقفها، ولن يوقفها، الاتكاء على رعاية الولايات المتحدة

لا شك ان هنالك مسؤولية كبرى تتحملها القيادة الفلسطينية التي تمكنت من الحصول على دولة فلسطين كعضو مراقب في هيئة الامم المتحدة لانها قادرة على الاستفادة من ذلك من خلال ان ارض دولة فلسطين محتلة ويجب على الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال ، لانه لا يكفي رفرفة العلم الفلسطيني على ادارات ، ومطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني والتي تتصاعد بصورة خطيرة ، لأن الشعب الفلسطيني يملك الهمة العالية في التعبير عن التمسك بأرضه ووطنه ، ومن حقه ابتداع اساليب المقاومة وبدون اي حسابات للمخاطر، وكل من نفذ شكلا من اشكاله كان يعرف معنى النهاية الحتمية له، ومع ذلك تفانى الجميع في التعبير الذي بلغ مستوى هز المجتمع الاسرائيلي كما هزته المقاومة بصمودها في غزة اثناء العدوان الاسرائيلي الأخير عليها.

لا نقول ان الواقع الفلسطيني في خطر، لان هنالك شعب عظيم يجب فسح المجال امامه لإعادة انضاج انتفاضة نراها جاهزة للتعبير عن نفسها اذا ما تم تغذيتها على الفور، فإذا لم يكن بالسلاح، وبالحجر، او بالتجمع واستعمال الصوت الجمعي كمرجعية.

الشعب الفلسطيني اليوم يتطلع الى تحقيق اهدافه مثل بقية شعوب العالم ،وإن اختلفت الأولويات،وكذلك الاستهداف واحد فبالقدر الذي تستهدف فيه غزة او الضفة او القدس او فلسطين التاريخية عام 1948،يستهدف الشعب الفلسطيني اينما وجد ،لان هذا الشعب العظيم يعي جيداً حقيقة أهداف المشروع الصهيوني،وهو مصمم على البقاء والإنغراس والتجذر والصمود على أرضه والدفاع عنها باستماتة،فجذوره ضاربة وراسخة في أعماق هذه الأرض كامتدادات ورسوخ أشجار الزيتون،وهي ممتدة لأكثر من خمسة ألاف عام،ولن تجدي معه لا أساليب الترهيب ولا التخويف ولا البطش ولا البلطجة ولا الزعرنة ولا المقولات والأساطير التوراتية والتلمودية من طراز “شعب بلا أرض وأرض بلا شعب”وسيبقى يدق ويقلق مضاجع الإسرائيليين في منامهم وأحلامهم،وكوابيساً تلاحقهم في الصحو والنوم.

وامام هذه الاوضاع نرى صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بمشروع مقاومته وهو يتشبث بالبقاء في ارضه، رغم ما يجري في المنطقة من هجمة تقودها القوى الامبريالية والصهيونية ، من خلال دعم القوى الارهابية التكفيرية المسمى بداعش والنصرة بحق الشعوب بدعم صريح ومباشر من القوى الامبريالية ودولة العدو الإسرائيلي ، لإعادة إنتاج التبعية والاستبداد والتخلف بصور وأشكال جديدة ، الأمر الذي يتطلب استنهاض كافة الاحزاب العربية من أجل توفير كل مقومات المقاومة والوحدة السياسية والفكرية بما يمكنهم من استعادة دورهم الطليعي في المواجهة وافشال المخطط الامريكي الصهيوني الهادف الى تفتيت المنطقة الى كانتونات طائفية ومذهبية واثنية وعرقية للوصول الى تصفية القضية الفلسطينيه وتمرير المرحلة الثانية من مشروع "دولة إسرائيل الكبرى" عبر طرح تحويل هذا الكيان الى دولة لليهود في العالم.

ختاما : لا بد من القول ان الشعب الفلسطيني يتطلع إلى الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام الكارثي وحماية المشروع الوطني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ، من اجل الارتقاء إلى مستوى المسؤولية، وتغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني على المصالح والأجندات الفئوية،ورسم استراتيجية تستند لكافة اشكال النضال بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والتوسع والاستيطان، والدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية ،حيث يرسم الشعب الفلسطيني الصورة المشرقة والحقيقية من خلال هبته الشعبية في القدس والضفة، وهي امتداد طبيعي ومكون رئيسي للانتصارات والانجازات التي حققها الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الاحتلال حتى تحقيق اهدافه في الحرية والاستقلال والعودة .

كاتب سياسي

اخر الأخبار