"داعش" تفجّر المصالحة الفلسطينية

تابعنا على:   10:32 2014-11-20

نسيب حطيط

استكملت "داعش" تنفيذ المخطط الأميركي - الصهيوني بتفجير العالم العربي والإسلامي، حيث تمّ تصنيعها لحرف البوصلة عن مقاومة العدو "الإسرائيلي" المحتلّ لفلسطين والأراضي العربية المحتلة، وركّزت جهادها الخادع والمنافق بمواجهة المسلمين على اختلاف مذاهبهم وبقية الطوائف من المسيحيين والأقليات الدينية، وأعلنت - وفق إسلامها المهجَّن أميركياً ومخابراتياً - أن الله سبحانه لم يأمرها بقتال "إسرائيل"، وبعض أخواتها من التكفيريين حاولوا ستر عورتهم بأن قالوا بأولوية جهاد الأنظمة، وتطهير الساحات العربية والإسلامية ليتفرّغوا لقتال الغزاة والمحتلين.
فجّرت "داعش" منازل مسؤولي "فتح" (السُّنة) في غزة التي تسيطر عليها "حماس"، ومنعت الاحتفال بذكرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ولم تكمل "جهادها" إلى حدود غزة لقتال العدو "الإسرائيلي"! بايعتها منظمة "أنصار بيت المقدس" في سيناء، وقتلت الجنود المصريين (السُّنة)، في الوقت الذي تحاصر قوات الاحتلال المسجد الأقصى وتمنع المصلين من الوصول إليه، وتقتل الفلسطينيين المدنيين، ولم يتذكّر "خليفتهم" المفترَض أن يهدد أسياده كما يفعل ضد المسلمين، ويتباهى مع أنصاره بحفلات الذبح الدموية الجماعية في العراق وسورية ومصر..
لم تستطع "إسرائيل" منع المصالحة الفلسطينية عبر حرب غزة، فأوعزت إلى جحافلها التكفيرية التي تقدِّم لها الاستشفاء والمساعدات في الجولان المحتل لإسقاط النظام المقاوم في سورية بأنّ عليهم دفع الثمن بتفجير الصف الفلسطيني والوحدة الفلسطينية التي عجز الفلسطينيون عن تحقيقها منذ سنوات، والتي إن تحققت يمكنها حماية الشعب الفلسطيني وحفظ حقوقه ومكتسباته، أو على الأقل التخفيف من معاناته وعذاباته.. وهنا لابد من السؤال: هل وصلت "داعش" إلى غزة؟ وهل أصبحت لديها القدرة اللوجستية للقيام بتفجيرات متزامنة وبيانات تعلَّق على أبواب المنازل؟ وهل تمّ استخدام اسم "داعش" من عملاء "إسرائيل" أو جهات أخرى في غزة؟ وما هي مسؤولية "حماس" عن هذه التفجيرات، وهي التي تُمسك بزمام الأمور في القطاع؟
لقد نجح الفاعلون في تفجير المصالحة والوحدة الفلسطينية، تماماً كما نجحوا في استنزاف القوى العربية وتفتيت الأوطان والشعوب، وطعن الإسلام باسم الإسلام الذي يرفعون شعارات تطبيقه والدعوة إليه؛ في عملية خداع ديني فاضحة لا يريد بعض المتآمرين الاعتراف بها، وما يزالون يدعمون الحركات التكفيرية بحجة "حماية حقوق أهل السنة" الذين يسبون نساءهم كما الآخرين في العراق وسورية..
"داعش" وأخواتها ورعاتهم لا يعتبرون المسجد الأقصى محتلاً، بل يسيطر عليه بنو عمومتهم وحلفاؤهم من الصهاينة، ولذا لم يُشهروا بندقية في وجههم، ولم يقوموا بعملية انتحارية واحدة، بينما يقومون بمئات العمليات ضد المسلمين الأبرياء.. فهل يريد البعض أدلة على خيانتهم وعمالتهم أكثر من ذلك؟
"داعش" تفجّر المصالحة الفلسطينية ليبقى أهل غزة مشرّدين تحت العواصف والأمطار، و"أنصار بيت المقدس" تقتل الجنود المصريين ليزيد الحصار على أهل غزة، مع الإشارة إلى أنهم جميعاً من أهل السُّنة، سواء عناصر "فتح" أو الجنود المصريين، وكذلك أهل غزة.. ويبقى شعار "داعش" وأخواتها "حماية أهل السُّنة".. وعلينا أن نصدّق!
"داعش" وأخواتها سرطان هذه الأمة التي ابتُليت بالغدة السرطانية والشر المطلق "إسرائيل"، لذلك لابد من تجفيف منابع الفكر التكفيري الذي تشرب منه، وهذه مسؤوليتنا جميعاً؛ علماء ومثقفين وإعلاميين ورأي عام، لأنها تهدّدنا جميعاً وفق استراتيجية القضم التدريجي، لتسهيل ابتلاعنا عبر الترهيب الدموي، والشعارات الخادعة والمضلِّلة.
أيها الإخوة الفلسطينيون، "داعش" عقبة تسد الطريق أمامكم لتحرير فلسطين، وها هي تفجّر مخيماتكم في اليرموك ونهر البارد، وتحاول في عين الحلوة، لكي تذوبوا حيثما أنتم، كما تذوبون في بلدان العام لكي تتجنسوا وتستوطنوا هناك ضمن عملية إعدام بطيئة و"ناعمة" للقضية الفلسطينية في أخطر مرحلة تمرّ بها فلسطين والعالم العربي.. فهل تستيقظون قبل فوات الأوان؟
عن الثبات اللبنانية

اخر الأخبار