قراءة في حرب إسرائيل الثالثة على قطاع غزة

تابعنا على:   15:46 2014-10-30

لواء ركن / عرابي كلوب

1- تمهــــيــد :

أثارت عملية الأختطاف للمستوطنين الثلاثة في مدينة الخليل بتاريخ 22/6/2014 م ضجة إعلامية وعلى أعلى المستويات ، و أدت إلى تأليب الرأي العام ضد الشعب الفلسطيني و سلطته الوطنية حيث نجحت هذه الخطة الإعلامية الإسرائيلية إلى حد كبير ، حيث جعلت منها قضية إنسانية من الطراز الأول .

كان الهـدف واضحـاً منهـا هو ضرب قطاع غزة و تصفيــة المقاومــة الفلسطينيــة و أفشال إتفاق المصالحة و تعطيل عمل حكومة التوافق الوطني ، إذ أن حكومة العدو الإسرائيلي لا يروق لها وجود حكومة فلسطينية توافقية وحدوية ، حيث بعد عملية الإختطاف هذه و قتل المستوطنين الثلاثة ، قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بإجتياح مدن و قرى الضفة الغربية و إعتقال المئات من أبناء شعبنا و كذلك إعتقال الأسرى المحررين ضمن صفقة تبادل الأسرى و إعتقال عدد كبير من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني .

دائماً إسرائيل تتحجج بذرائع واهية كي تبدأ عدوانها ، وما كان لعملية خطف هؤلاء المستوطنين و قتلهم في الخليل إلّا ذريعة إستغلتها الحكومة الإسرائيلية لتشن عدوانها على الضفة الغربية و من ثمة تبدأ حرب الإبادة على قطاع غزة .

لقد شكل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المسمى ( الجرف الصامد ) محطة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تمثلت بالتصعيد غير المسبوق على يد جيش الإحتلال تجاوز في مداه و مستواه ما شهده قطاع غزة إبان عدوانهـم ( الرصاص المصبوب 2008 - 2009 ) و ( عمود السحاب 2012 ) .

2- الــحـــرب :

بدأت إسرائيل في شن عدوانها على قطاع غزة مساء يوم الخميس الموافق 7/7/2014 م والمحاصر منذ ثماني سنوات ، شنت هجوماً واسع النطاق على القطاع حيث إستخدم الجيش الإسرائيلي كافة أنواع الأسلحة الموجودة في ترسانته العسكرية من الطائرات الحربية إلى طائرات الهليوكبتر إلى الطائرات بدون طيار إلى المدفعية بعيدة المدى و الدبابات و صواريخ أرض أرض و البوارج البحرية ، حيث يعتبر هذا الهجوم و على هذا النطاق الأعنف و الأوسع و الأضخم و الأشرس و الأكثردموية ضد المدنيين الفلسطينيين و ممتلكاتهم في تاريخ الإحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 م و هو إستمرار لسلسة طويلة من الجرائم و الإنتهاكات الجسيمة التي إقترفتها و ماتزال قوات الإحتلال تقترفها بحق المدنيين و ممتلكاتهم ، حيث إتسمت هذه الحرب بالعدوانية على القطاع بوحشية غير مسبوقة .

فقد إستخدمت قوات الإحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الذي أطلق عليه ( الجرف الصامد ) أنواعاً مختلفة من أحدث أنواع الأسلحة وأكثرها قدرة على التدمير و القتل ضد المدنيين الفلسطينين و ممتلكاتهم و قامت القوات الجوية و البرية و البحرية التابعة لها بإطلاق ألاف الصواريخ و القذائف المختلفة و الموجهة و التي يصل وزن الواحدة منها 1000 كيلو غرام و أكثر ، طالت أحياء كثيرة سكنية وتجمعات مدنية ، و أوقعت خسائر رهيبة في الأرواح و الممتلكات ، و قد استخدمت انواع من الأسلحة الفتاكة و المحرمة دولياً ضد المدنيين دون مراعاة لمعايير القانون الدولي بمبدأ التناسب و التميز ، بما في ذلك قتل و إبادة عائلات بإكملها ، و كان من بين هذه الأسلحة التي قامت قوات العدو الإسرائيلي بإستخدامها و بشكل متعمد و عن قصد في تعبير واضح عن سياسة ممنهجة في مناطق التجمعات السكانية الفلسطينية بما فيها قذائف الفسفور الأبيض و القذائف المسماريةوقذائف الدايم شديدة الإنفجار .

لقد أرادت إسرائيل حملة عسكرية خاطفة لعدة أيام لكنها تحولت إلى حرب مدمرة إستغرقت واحداً و خمسين يوماً ، لقد كان الهجوم الإسرائيلي واسعاً و شاملاً إمتد من رفح جنوبا و حتى بيت حانون شمالاً.

لقد إستهدفت إسرائيل كل الأهداف التي رصدتها في بنك الأهداف الإسرائيلي و ما هو متصل بحيـاة البشـر مستخدمـة بذلك القنابل المحرمـة دولياً و القنابـل الفراغيـة و الإنشطارية و قذائف (الدايم ) الفتاكة و كذلك الغازات السامة .

هذه الحرب الثالثة التي شنتها إسرائيل على قطـاع غزة خـلال الســنـوات الخمــس و النصـف الماضيـة و التي أسمتها إسرائيـل ( بالجرف الصامد ) و أسـمتهـا حمــاس ( بالعصف المأكول ) .

لقد إستمر قصف الطائرات الحربية و المدفعية و البوارج على القطاع الذي لا تتعدى مساحته 365 كم2 ( طول 45 كم ، عرض 8 كم ) و الذي تعرض إلى أقسى أنواع الدمار والموت و الحصار على يد الجيش الإسرائيلي بألته العسكرية الفتاكة و التي تمتلك أحدث أسلحة الدمار و الفتك في العالم .

هذا القطاع الذي يعيش فيه حوالي مليون و ثمانمائة ألف نسمة على بقعة صغيرة هي الأكثر إكتظاظاً و إزدحاماً في العالم هو سجن جماعي ، حيث تعرض قطاع غزة إلى حصار ظالم و إغلاق المعابر و عزله عن محيطه الخارجي بالكامل أدى ذلك إلى شلل في كافة مناحي الحياة وبات قطاع غزة على شفا كارثة إنسانية و بيئية في ظل هذا الحصار .

والحقيقة أن إسرائيل لم تكن في يوم من الأيام بحاجة إلى ذريعة حتى ينعقد عزمها على شن هذه الحرب ، فتوجهها نحو الحرب و العدوان بإستمرار تحدده حـــتاجاتها و مطامعها و برامجها و تقديرها للوقت و تحليلاتها للموقف دائماً ، و مدى ملاءمة الظروف الإقليمية و الدولية لمشاريعها ، فإسرائيل ذات مشاريع تتدرج من المدى القصير إلى المدى المتوسط إلى المدى البعيد ، و هذا ما تحدده سياسة الدولة الإسرائيلية و تنظيمها الصهيوني العالمي .

أما الظروف الدولية فالمقصود بها مدى تجاوب حلفائها مع تلك المشاريع المجدولة عادة في برامج ، و البرامج مرتبطة بأجندة زمنية محدودة أو معلقة على ظرف مناسب .

3- أهـــداف العـدو الإسـرائيـلـــي :

لقد كان في جعبة العدو الإسرائيلي من خلال شنه الحرب الثالثة على قطاع غزة مجموعة من الأهداف التي يهدف إلى تحقيقها لفرضها على الشعب الفلسطيني ومن بين هذه الأهداف مايلي :-

 وقف الصواريخ التي تطلقها المقاومة من قطاع غزة على المدن الإسرائيلية .

 تدمير البنية التحتية لفصائل المقاومة في قطاع غزة .

 إعادة الاعتبار و الهيبة لنظرية الردع الإسرائيلية .

 نزع سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية .

 تدمير و إفشال المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تحققت مؤخراً .

 تدمير المشروع الوطني الفلسطيني .

 إعاقة عمل حكومة التوافق الفلسطيني ووضع العراقيل أمامها .

 تدمير الأنفاق المحاذية للحدود والأنفاق التي تطلق منها الصواريخ على إسرائيل .

 خلق حزام أمني من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً محاذياً للطريق الشرقي .

 المطاردة الساخنة في الحزام الأمني و قت الحاجة .

4- أهـداف المـقاومـة الفلسـطينيــــة :

أما أهداف فصائل المقاومة الفلسطينية فكانت كما يلي :-

 رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة و فتح المعابر .

 إعادة إعمار القطاع و إدخال المواد الخاصة بالإعمار .

 فتح معبر رفح البري الذي يربط غزة بالعالم الخارجي بشكل دائم .

 البدء في إعادة إعمار مطار غزة.

 البدء في عمل ميناء غزة .

 السماح بالصيد لمسافة 12 ميل بحري في البحر .

 الإفراج عن الأسرى الذين تم إعتقالهم مؤخراً و المفرج عنهم في صفقة شاليط .

 الإفراج عن النواب الذين تم إعتقالهم .

 الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى المتبقين من ما قبل إتفاق أوسلو 1993 م.

5- مجـازر العـدو خـلال الحــرب :

لقد أتت هذه الحرب الواسعة على قطاع غزة ضمن مخطط إرهابي مستمر لإيقاع أكبر عدد من الخسائر في الأرواح و الممتلكات و البنية التحتية في أكبر عملية إبادة و تطهير عرقي عرفها التاريخ ضد الشعب الفلسطيني و تحت سمع و بصر العالم الذي يدعي التحضر و الديموقراطية و التي تنتهي عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني و من المؤكد أن هذه الحرب ضد القطاع الصامد كانت مرحلة جديدة من الصراع بين الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي و ذلك من جراء الضربات الموجعة و الجريئة التي وجهتها فصائل المقاومة الفلسطينية لعمق المدن الإسرائيلية إنطلاقاّ من قطاع غزة ، رغم العدوان الإسرائيلي الواسع النطاق و المتواصل و الذي إستهدف بالدرجة الأولى المدنيين و شل الحياة في أوساطهم ، و على الرغم من ذلك و عدم تكافؤ الفرص عسكرياً بين القوة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تلقي طائراتها بحممها من الصواريخ و المتفجرات و التي تستهدف تدمير منازل المواطنين فوق رؤوس ساكنيها حيث القت على غزة الألاف من أطنان المتفجرات من الجو و البر و البحر ، بالمقابل كان هنالك مقاومه بعتادها البسيط تشل الحياة داخل مدن كثيرة في إسرائيل لتطال كل من القدس و تل أبيب و حيفـا و بئر السبـع و كافة المستوطنات الجنوبية ... إلخ حيث تسببت في إصابات و حالة من الذعر بين الإسرائيليين ، و هذه هي المرة الأولى التي تقصف فيها مدينة تل أبيب بإستثناء الصواريخ العراقية التي أطلقت عليها عام 1991 م أثناء حرب الخليج .

لقد جاء رد المقاومة الفلسطينية هذه المرة على هذه الحرب القذرة مختلفاً تماماً عن المرات السابقة حيث تم تطوير أنواع جديدة من الصواريخ التي يصل مداها إلى أكثر من 70 كم ، و يعني ذلك أن تكون مدن مثل تل أبيب و حيفا و إسدود و أماكن أخرى في دائرة الإستهداف و تحت رحمة صواريخ المقاومة الفلسطينية حيث أصبح هنالك تغيير في قواعد اللعبة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة .

هذه الحرب كانت أقسى و أصعب من حرب عام ( 2008 ، 2009 ) التي أطلقت عليها إسرائيل (الرصاص المصبوب) و حــرب 2012 التي أطلقـت عليهــا أيضــاً ( عامود السحاب ) ، و ذلك من الفترة التي إستغرقتها هذه الحرب و من ناحية حجم النيران و الفتك و التدمير للمنازل و البنية التحتية و المصانع و إيقاع ألاف الشهداء و الجرحى من خلال هذه الحرب ، حيث لا يكاد منزل في القطاع إلّا و أصابه تدمير أو خراب ، و كذلك لا تخلو عائلة إلّا وقدمت شهيداً أو جريحاً ، حيث طالت هذه الحرب الكل الذي فوجع من هول الدمار و الدماء التي نزفت .

لقد ارتكبت القوات الإسرائيلية مجازر بشعة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة حيث حصدت خلال هذه الحرب عشرات العائلات بإكملها ، هذه الحرب دمرت أحياء كاملة كحي الشجاعية و شارع النزاز وشارع المنصورة و شـارع البلتـاجي و الخط الشرقي و حي التفاح و الشعف و بيت حانون و كافة المناطق المحيطة بها و كذلك البريج و المغـازي وقريـة خـزاعة و بني سهيـلا و الفخـاري و الفراحـيـن و منطقة الشوكة و محيط مطار غزة و حي التنور و حي الجنينة في مدينة رفح حيث الدمار البشع الذي لحـق بهـذه الأحيـاء ، عـدد كبـير من المساجـد و المشافـي و المدارس و المقار الحكوميـة و الامنيـة و المؤسسـات الأهلــية و أبــراج سكنيــة و عمارات و شقق طالها القصف الإسرائيلي بلا رحمه .

هذه الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر هي حرب إجرامية بمعنى الكلمة ، حرب إبادة للشعب الفلسطيني حيث قتل المئات من الأطفال و النساء و الشيوخ و تم تدمير كل ما يمت للحياة البشرية بصله .

إن حجم الدمار الذي أصاب قطاع غزة من جراء هذه الحرب المسعورة يفوق بكثير دمار مدينة برلين الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية .

و مع إشتداد أصوات الطائرات وهي تتجول في سماء غزة بدت شوارع القطاع مضاءة بنور القمر ، حيث كان دوي الطائرات يصم الأذان ، كانت سماء غزة ملبدة بالغيوم السوداء تارة و البيضاء تارة أخرى و ذلك من جراء الغازات التي القيت عليها .

مناطق كامله في قطاع غزة تغيرت معالمها وجرى مسحها و تسويتها بالأرض ، لقد صعق المواطنون من حجم الدمار و الخراب الكبيرين في منازلهم و ممتلكاتهم اضافة الى الدمار الذي لحق بالبنية التحتية .

قطاع غزة اصبح منطقة منكوبة بيئياً و مائياً ، الرئيس محمود عباس قال أن قطاع غزة أصبح منطقة كارثة انسانية ، مفوض الأونروا حذر من أن الفلسطينيين باتوا على شفا هاويه و كارثه انسانيه.

قطاع غزة المحاصر من قبل العدو الإسرائيلي براً و بحراً وجواً وتواجهه صعوبات جمه في توفير المستلزمات المعيشية الضرورية لسكانه ويفتقر الى قاعدة بناء اقتصاد وطني يعفيه من الاعتماد على المصادر الاسرائيلية ما يضعف من قدرته على الصمود و يبقيه تحت رحمة الظروف الصعبة و المعقدة .

وهنا لن يغيب عن البال صور المدارس و المستـشفيـات و المـساجـد و دور العبادة و المقابر و المنازل التي استهدفها العدو الإسرائيلي بطائراته و صواريخه ، و لن تغيب عنا صور الأطفال الذين تناثرت أشلاؤهم هنا و هناك من جراء قصف صواريخ العدو ، و لن تغيب عنا صور العجائز الناجيّات من تحت رحمة القصف الإسرائيلي ، و أنين الثكالى والمكلومات اللواتي فقدن اولادهن و ازواجهن ، و لن تغيب عنا مشاهد صرخات الأطفال من جراء مشاهد الرعب و القتل و التدمير ، حتى الأطفال لبسوا الأكفان البيضاء استقبالاً للعيد .

من جراء هذا العدوان الهمجي على غزة أصبح أكثر من 800 ألف نسمة لا تصلهم امدادات المياه ، و الباقي تصلهم المياه بشكل متقطع حيث تم تدمير محطة الكهرباء و تدمير البنية التحتية و ضرب شبكات المياه ، و هناك أكثر من 450 الف نسمة هجروا منازلهم و موجودين في أماكن الإيواء أو عند أقاربهم ويواجهون مشكلة عدم توافر المياه لإغراض النظافة الشخصية ، حيث يعيش الناس في غزة مأساة حقيقية في التزود بالمياه و خصوصا المناطق الحدودية المحاصرة .

أزمة المياه في غزة ناتجة عن تدمير أبار المياه و ألّات الضخ في القطاع كجزء من العقاب الجماعي لأبناء شعبنا الفلسطيني الصامد ، ومعظم مياه غزة في الأصل رديئة و نسبة الأملاح فيها كبيرة و مرتفعة جداً و هي بحاجة إلى استبدالها من مصادر بديله كمحطة تحلية تستطيع توفير هذا البديل إن وجد .

لقد حذرت سلطة المياه من حدوث كارثة صحية و بيئية جراء الأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع المياه و الصرف الصحي بسبب تواصل العدوان ، حيث تعرضت مرافق خدمـــات مياه الشـــرب و معالجــة ميـاه الصـرف الصحي ومنـشآتها لقصـف و تدمير من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي و توقف محطات ضخ المياه من الآبار لإنقطاع التيار الكهربائي عنها ، فضلاً عن ذلك و جود عشرات الجثث تحت الأنقاض و تكدس آلاف الأطنان من النفايات في الشوارع لفترة زادت عن الشهر .

الأحياء و المناطق التي تعرضت للدمار و القصف المتواصل امتلأت بالأشلاء المبعثرة و قطع اللحم البشري هنا و هناك في الشوارع و على الجدران ، رؤوس مبتورة و أعضاء بشرية و الدماء تملأ المكان ، أشلاء أخرى يتصاعد منها الدخان حيث حرقت من جراء القصف و غبار امتلأ به المكان ، وفوضى عارمة حلت في المكـان الــذي امتـــلأ بهــؤلاء الشهــداء ، مجــازر بشرية ضــد كل القيم الإنسانيـة و الحضارية قتل و تدمير ممنهج هذا ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها على قطاع غزة .

آلاف المنازل التي كانت موجودة سابقا لم يتمكن أصحابها من التعرف عليها بعد تدميرها و تسويتها بالأرض ، خراب و دمار هائل و واسع للبنية التحتية و تجريف للشوارع الرئيسية و مياه مختلطة بمياه الصرف الصحي تملأ المكان و كأنه تعرض إلى زلزال و فيضان ، هذا ما قام به جيش الاحتلال .

إن عمليات القتل و التخريب و الدمار التي خلفتها قوات الاحتلال تشبه الى حد كبير تلك الجرائم التي إرتكبتها الفاشية في الحرب العالمية الثانية .

أن ما حدث في القطاع يعتبر جريمة حرب بكل معنى الكلمة ، فالهمجية و البربرية التي انتهجتها قوات الاحتلال من خلال التدمير و التخريب لممتلكات المــواطــنيــن و هدم البنية التحتية تدل على إجرامها و نواياها الخبيثة .

أن الذي يشاهد للوهلة الأولى يعتقد أن زلزالاً ضرب المنطقة بقوة نظراً لحجم التدمير الهائل الذي أصاب كل شيء و لم تسلم منه الطيور و الأشجار .

لا أعتقد أن أحداً من المواطنين أو المسؤولين يمكنه إعطاء وصف دقيق لحجم الدمار و الخراب الذي خلفته ألة الحرب الإسرائيلية حيث أننا بحاجة لفترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات لإعمار ما تم تدميره في القطاع مع رصد مئات الملايين من الدولارات من أجل ذلك .

لقد دفع أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال هذه الحرب الظالمة ثمناً باهظاً و كبيراً جداً

لقد كانت هذه الحرب مجزرة بمعنى الكلمة أكثر مما كانت معركة بين جيوش تقليدية .

الجيش الإسرائيلي مسلح و مجهز ليكون أقوى من جيوش المنطقة قاطبة واستخدام سلاحي المدفعية و البحرية وكان سلاح الطيران ركيزته الأساسية للحرب على غزة ، حيث كان الأداء الإسرائيلـــي معتمـــداً على إغــراق المســاحات المفتــوحة و المكشوفة بالنيران ، كما لو كانت الطائرات و البوارج الحربية أدوات حراثة للأرض ، حيـث نــال كـل متـر مربـع من تلك الأرض حـصـة من سيـول النيـران و القذائف التي انصبت على كل مكان .

6- الحرب النفسية على القطاع :

و في إطار حربها المدمرة على غزة قامت القوات الإسرائيلية بشن حرب نفسية على سكان القطاع من خلال الإتصال بالمواطنين و إبلاغهم بإخلاء منازلهم أو من خلال شن الطائرات الإسرائيلية غارات وهمية على أنحاء متفرقة من القطاع محدثة دوي إنفجارات قوية جداً مما سبب حالة من الذعر و الخوف و الرعب الشديد في صفوف الأطفال و النساء ، كذلك قيام الطائرات بإلقاء عشرات الألاف من المناشير التي تطالب فيها سكان بعض المناطق الحدودية بإخلاء منازلهم .

هذه الحرب الإعلامية الشرسة تستهدف التشكيك بوحدة الشعب الفلسطيني و أن هدف هذه الحرب هو القضاء على " الإرهاب " المتمثل في حماس و الجهاد الإسلامي حسب إدعاء قوات العدو الإسرائيلي ، و أن إسرائيل لا تحارب السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهذا هو أسلوب الإعلام الصهيوني ضمن الحرب الإعلامــية و النفسية التي شنتها على شعبنا المقاوم ، وضمن محاولة تأليب الفلسطينيين على بعضهم البعض باستعمال كل وسائل الترهيب و الترغيب في سياق حملة مشبوهة هدفها تصفية القضية الفلسطينية .

لقد استخدمت إسرائيل في حربها على قطاع غزة حرب الإشاعات و الإعلام المفبرك و حرب الجواسيس و هي أشد خطراً و فتكاً على معنويات و عقول الجمهور ، حيث ساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل مباشر ، ما قامت به قوات الإحتلال الإسرائيلي من الحرب النفسية الموجهة ضد المدنيين الفلسطينيين حيث استخدمت وسائل شتى لإرهابهم و ترويعهم ، إحدى هذه الأشكال وأبرزها كانت التهديدات التليفونية التي تلقاها ألاف العائلات في جميع أنحاء قطاع غزة تطالبهم فيها بضرورة مغادرة منازلهم بحجة قصفها و استهدافها أو استهداف منازل مجاورة لها ، و بحسب اعترافات قوات الإحتلال الإسرائيلي فقد تلقت الآلاف من الأسر الفلسطينية إنذارات من هذا القبيل ، وقد ساهم ذلك بشكل كبير في نزوح عشرات الآلاف من العائلات الى مناطق اعتقدوا أنها أكثر أمناً خوفاً على حياتهم و حياة أطفالهم ، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في مفاقمة الأوضاع الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين .

كذلك اختراق العدو الموجات الإذاعية المحلية و التلفزة الخاصة في غزة وبثت نشرات و بيانات دعائية موجهة ضد المدنيين في محاولة للتأثير على معنوياتهم .

7- الدول التي زودت إسرائيل بما يلزم :

وخلال هذه الحرب الهمجية قامت عدة دول بتزويد إسرائيل بما يلزمها للإستمرار في هذه الحرب منها على سبيل المثال :-

 أمريكا زودت إسرائيل خلال الحرب بالذخائر المطلوبة حيث أقامت جسراً جوياً لنقلها إلى تل أبيب كذلك زودتها بوقود الطائرات.

 برلين صدرت خلال الحرب إلى إسرائيل معدات عسكرية بقيمة 600 مليون يورو .

 الشركات التركية زودت الجيش الإسـرائيلي بـأكـثر من مليون و نصـف المـليــون و جبة غذائية خلال الحرب .

كل هذه الأمور فإن هذه الدول تنتهك بشكل صارخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان حيث يحظر على أي دوله أن تقوم بتزويد دولة أخرى في حالة حرب بأي مواد عسكرية .

كان الجيش الإسرائيلي يعتبر كل الأبنية في غزة أهدافاً مشروعة ، وكل الشجر في غزة أهدافاً مشروعة ، وكل إنسان يعيش في غزة هدفاً مشروعاً وبالتالي أصبح علينا أن نسأل هل هذه الأهداف هي المرصودة في بنك أهداف إسرائيل على قطاع غزة ؟

قصف و خراب .... دمار و بقايا حطام... ركام متناثر ... أصوات تتعالى بالصراخ ، و آهات ممزوجة بالحزن و المرارة ... غيوم ملبدة في السماء ... هكذا يعيش سكان قطاع غزة حاـلة مـن الإحبـاط و اليـأس الشـديـديـن فـي أعقـاب عمـليات الهـدم و التدمير و التجريف واسعة النطاق التي قام بها جيش الإحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة و التي طالت آلاف المنازل للمواطنين العزل و الذين أصبحوا بلا مأوى أو سقف يقيهم حر الصيف ، حيث يفترشون الأرض و يلتحفون السماء في أماكن الإيـواء بمـدارس وكـالة الغـوث و تشغـيل اللاجئـين الفلسـطينيين و ساحة مستشفى الشفاء و ساحة الجندي المجهول و شارع عمر المختار .

فإلى متى ستبقى سماء غزة حزينة ملبدة بغيوم سوداء لا يخترقها إلّا أصوات الثكالى و المظلومين التي تدوي لتكون شاهداً على هذه المجزرة الرهيبة و سوء أحوال أهلنا الذين باتوا في عداد المشردين عن منازلهم .

8- القوات العسكرية الإسرائيلية المشاركة في الحرب :

تقدير القوات الإسرائيلية التي شاركت في الحرب على غزة :-

تقدر القوات الإسرائيلية التي شاركت في الحرب الثالثة على قطاع غزة من (65-70 ) ألف جندي من الجيش النظامي و الإحتياط موزعين كالتالي :-

1- ثلاثة ألوية من ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي ( لواء جولاني ،لواء جفعاتي ، لواء ناحال ) .

2- ثلاثة ألوية من سلاح المظلّيين ( اللواء المظلي 85 ، اللواء المظلي 31 ، اللواء المظلي 55 ) و يتكون كل لواء من كتيبتين عاملتين و كتيبة إحتياط .

3- خمس كتائب مدفعية مختلطة و صواريخ ( مدافع 175 ملم ، 155 ملم هاوتزر ، و مدافع 130 ملم و مدافع 122 ملم ) إضافة إلى مختلف أنواع الهاونات .

4- ثلاث كتائب هندسة ميدان .

5- مئتا دبابة من مختلف الأنواع .

6- ألف عربة مدرعة .

7- مشـــاركة أســراب سلاح الجــو بشكل كبيــــر ( طائرات اف 15 ، أف 16 ) و عشرات من الطائرات الحربية المقاتلة .

8- عشرات من الطائرات بدون طيار و الإستطلاع و التي تحمل صواريخ أيضاَ .

9- مشاركة القوات البحرية الإسرائيلية بشكل كبير على طول ساحل قطاع غزة بمسافة ( 45 ) كم .

وفي نهاية شهر تموز و مع بداية التقدم البري تم إضافة حوالي 16 ألف جندي إحتياط لتبديل الجنود المتواجدين في قطاع غزة .

هذه الحرب الثالثة التي تشن على قطاع غزة خلال الخمس سنوات و النصف الماضية و الأكثر كلفة منذ حرب عام 2006 على لبنــان و كـذلك حربهـا الأولــى و الثانية على غزة في الأعوام 2008. 2012 .

هذه الحرب لم تكن حرباً على قطاع غزة وحده ، بل كانت حرباً على الشعب الفلسطيني بإسره .

لقد كانت هذه المعركة هي معركة الكل الفلسطيني ، فغزة تدافع عن المشروع الوطني الفلسطيني و تحمي مطالبنا في الحرية و الإستقلال و بناء الدوله الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف ، و أن أي انكسار لغزة هو إنكسار للشعب الفلسطيني بكامله و للمشروع الوطني المطالب بدحر و كنس الإحتلال من أرضه .

لذا لابد من التمسك بحكومة التوافق الوطني أكثر من أي وقت مضى و تمتين جبهتنا الداخلية و لن ندع إسرائيل تفلت من العقاب الدولي على ما قامت به ، حيث أن المستهدف هو الشعب الفلسطيني و قضيته العادلة .

أن حلقـه هذه الحـرب على قطــاع غزة لابــد مـن الإستفـادة من نتائجهـا ودروسهـا و عبرها مستقبلاَ ، وذلك لفضح الألة الحربية الإسرائيلية التي لا ترحم و ذلك أمام المجتمعات الأوروبية التي تنادي بالحرية و تدعي العدالة و الديموقراطية .

لكن للأسف وبالرغم من سقوط الآلاف من الشهداء و الجرحى و التدمير الممنهج التي قامت به إسرائيل في غزة نرى أن أمريكا و بعض الدول الأوروبية تقوم بتزويد دولة الكيان الإسرائيلي بذخائر ومواد بترولية لطائراتها خلال هذه الحرب .

وعلى مايبدو فإن إسرائيل تستشعر بأن إستراتيجية ضرب العمق الإسرائيلي من قبل الصواريخ الفلسطينية يحتاج منهم لإعادة النظر في الإستراتيجية من حيث التعامل مع مصادر التهديد .

9 – نقـاط العدو الإستـراتيجيـــة :

أن عملية التدمير الشاملة بلغت مرحلة تهدد بوقوع عشرات الألاف من الضحايا ، صحيح أن المقاومة قاتلت ببطولة و بسالة خلال هذه الحرب و تصدت للقوات الإسرائيلية إلّا أن قوات الغزو الإسرائيلي استطاعت أن تحقق نقطتين إستراتيجيتين و هما :-

1- السيطرة الكاملة على مساحة هامة و كبيرة من الشريط الحدودي الذي يمتد من رفح جنوباً و حتى بيت حانون شمالاً وذلك أثناء الحرب و بالتالي فإن وسط قطاع غزة و الشوارع الرئيسية منه أصبحت عملياً لا تبعد سوى مئات الأمتار عن القوات الإسرائيلية و خصوصـاً شـارع صلاح الديــن الرابـط بين شمال القطـاع و جنوبه و أصبحت بذلك جميع الشوارع الأخرى تحت مرمى نيران المدفعية الإسرائيلية .

2- أن خطة التمشيط بواسطة الطيران و البحرية لكل قطاع غزة و خصوصاً الأراضي الزراعية كانت رهيبة جداً.

لقد طرحت المذابح الوحشية التي إرتكبها جيش العدو الإسرائيلي في كل مكان من القطاع تساؤلات على كل من سمع بها أو رآها.

وبرغم أن المرء قد يتصور أن وطأة الرعب و الخوف و أن فقدان الأحبة و الأهل قد يمنع الإنسان من التفكير في أيامه المقبلة ، إلّا أن الواقع يقول أن كل من مر بمثل هذه الكوارث و الحروب والمجازر يطرح سؤالاً على نفسه و على المحيطين به ، هكذا فعل بالفلسطينيين عندما اجبروا على الرحيل من فلسطين عام 1948 م ، وهكذا فعل بهم في كل حلقة من حلقات الإبادة التي تعرضوا لها على يد العدو الصهيوني خلال الأعوام الستة و الستين الماضيه .

لقد شـجبـت معظـم دول العالـم هذه الحـرب التي شـنت على الشعـب الفلسـطيني ، و شجب الأمين العام للأمم المتحدة إعتداءات إسرائيل على مدارس الأونروا ، كما شجبت مفوضية حقوق الإنسان و قالت أن ما يحدث في غزة هي جريمة ضد الإنسانية أما السيدة نافي بيلانى : فطالبت المجتمع الدولي محاسبه إسرائيل على ما تفعله في قطاع غزة .

10- إنتهاك العدو للقانون الدولي :

لقد انتهك هذا العدو المتغطرس القانون الدولي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة كل دقيقة و كل لحظة ، و من هنا يجب أن يدفع هذا الإحتلال ثمن عدوانه على الشعب الفلسطيني و الدماء الفلسطينية لا يمكن أن تكون ماء ، فالدم الفلسطيني غال جداً ، ويجب على الإحتلال من دفع هذا الثمن ، و لذلك لابد من واجب القيادة الفلسطينية أن تتوجه و بسرعة إلى المحافل الدوليه و أن تقوم بالتوقيع على اتفاقيه محكمة الجنايات الدولية ، و تقديم طلب لمحاكمة إسرائيل على إرتكابها هذه الجرائم البشعة .

وفي كل الأحوال وأياً كانت إجراءات العدو الإسرائيلي من خـلال القـتل و التدميـر و الإبادة الجماعية ، فإنه لن يغيب عنه أنه دولة إحتلال عنصري و أن فلسطين هي أرض عربية محتلة و أن شعبها هو صاحبها الشرعي و هو جزء من الأمة العربية ، و أن القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين و عاصمة دولة فلسطين بإذن الله .

ومن رحم الموت تولد الحياة فقد تم ولادة عدد ( 4500 ) مولود في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الذي استمر أكثر من خمسين يوما .

لقد كانت وحدة كل من الضفة الغربية و قطاع غزة التي كانت مستهدفة من خلال العدوان قد تعززت و ترسخت أكثر مما كانت عليه قبل العدوان ، و القضية الفلسطينية التي أريد لها أن تتأكل تعززت أكثر و أعاد لها أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم حضوراً قوياً لم تعهده منذ أكثر من عقد من الزمن .

في هذه الحرب تم الكشف عن أرقام و إحصائيات مخيفة متواجدة في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية ، حيث تبين أن معظم سكان القطاع مصابون بتوترات عصبية و سيعاني منها الأطفال لفترات طويلة بعد إنتهاء الحرب .

11- الخسائر البشرية و الماديه من جراء الحرب :

و بعد أن وضعت الحرب الثالثة على قطاع غزة أوزارها فإن الضحايا الذين سقطوا من جراء هذا العدو حسب أخر إحصائية هي :-

 2152 شهيداً بين طفل و إمرأة و شيخ .

 11231 جريحاً منهم أعداد كبيرة معاقين .

ستون عائلة أبيدت كامله و لم يبق منهم أي أثر .

تشريد عشرات الألاف من العائلات التي دمرت منازلهم و تم إيواؤهم في مدارس وكالة غوث اللاجئين

هذا و قد أعلنت وزارة الإسكان الفلسطينية الإحصائية الأولية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث أفادت أنه تم تدمير :-

 9800 وحدة سكنية دمرت بشكل كامل .

 8000 وحدة سكنية تضررت بشكل جزئي و أصبحت غير قابلة للسكن .

و أن أكثر من 46 ألف وحدة سكنية أصيبت بشكل و طفيف و متوسط و أن إعادة الإعمار تحتاج إلى مبلغ 4 مليار دولار أمريكي .

هذا و حسب التقديرات الأولية للسلطة الوطنية الفلسطينية فإن قطاع غزة يحتاج إلى أكثر من ثمانية مليار دولار أمريكي ، حيث أن تكلفة الحرب على غزة و إحتياجات القطاع يحتاج إلى هذا المبلغ ، وهذه الأموال سوف توجه لتعويض أهـالي الشهـداء و خسائر القطاع الصحي و الإسكان و المساجد و القطاع الزراعي و قطاع التجارة و الصناعــة و الـبنية التحتـية و القطـاع الخدمـاتي و الكـهربـاء و الطـاقـة و النقـل و المواصلات .

لقد أكدت الحقائق التي أعـدها مركـز التعليـم البيئــي للكنـيسة الـلوثريـة في الأردن و الأراضي المقدسة أن العدوان الأخير على غزة خلف ركاماً بلغ بين 3-4 مليون طن و يحتاج إزالتها إلى 30 مليون دولار .

وبينت الورقة أن إزالة هذا الوزن من الركام قد يستغرق ما بين 6 إلى 8 أشهر في وقت تعتبر معدات وزارة الأشغال قديمة و مهترئة ولا تسد سوى 20 % من الحجم الكلي للأنقاض .

و قالت الورقة أن الأرقام القادمة من غزة تعادل 5 أضعاف دمار عدوان 2012 م و هي بيانات مرعبة مقارنة مع ما تعيشه غزة من حصار و ظروف صعبة و قلة في الإمكانيات ، الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية و إنسانية و صحية خطيرة للغاية ، ويستدعي ذلك خطة وطنية عاجلة للتحرك في كل المستويات .

و دعا المركز الى المساهمة في و قف الكارثة البيئية التي ستتجاوز حدود القطاع الجغرافية و لن تقتصر تداعياتها على القطاع فقط .

و تطرق إلى تدمير منشأت صناعية و مدارس و جامعـات و مسـاجد و مستشفيات و محطة توليد الكهرباء ، و مضخات المياه و الصرف الصحي ، الأمر الذي خلف ملايين الأطنان من الركام و الردم .

هذا و قد كشف الفريق الهندسي في المجلس الإقتصادي الفلسطيني للتنمية و الإعمار ( بكدار ) عن أن العدوان الإسرائيلي خلف حوالي 3 ملون طن من الركام ، كمخلفات للمباني التي دمرتها ألة الحرب الإسرائيلي من مباني خاصة و عامة .

ويشيـر التقريـر أن الحـجم الأكـبر من الركـام يتـركز في أمـاكن محـددة من المـدن و البلدات التي تعرضت للقصف الإسرائيلي الوحشي الذي أدى لهدم مساحات واسعة فيها ، ومنها بيت حانون و بيت لاهيا شمال القطاع ، و الشجاعية و خزاعه شرقاً ورفح جنوباً .

إضافة إلى تدمير 81 مسجداً بشكل كامل و تضرر 150 مسجداً أخر و العديد من الكنائس و المقابر الإسلامية بإضرار بدرجات مختلفه إلى جانب تضرر 230 مدرسة و عدد من الجامعـات ، و 350 منشـأة صناعـية و العديـد من المستشفيـات و المنشآت الزراعية إضافة إلى المباني العامة .

 

هذا الركام الذي نتج عن تدمير عشرات الألاف من المنازل السكنية و الأبراج قد يستخدم هذا الركام لزيادة مساحة قطاع غزة في حالة ردم جزء من البحر و تصل تكلفة إزالة هذا الركام إلى 30 مليون دولار .

و تفيد المصادر أن الإحتلال الإسرائيلي ألقى خلال عدوانه على قطاع غزة أكثر من 20 ألف طن من المتفجرات ، أي ما يعادل ست قنابل نووية .

و أكدت أن جيش الإحتلال الإسرائيلي إستخدم أسلحة محرمة دولياً وقذائف شديدة الإنفجار خلال العدوان على غزة ، الأمر الذي أدى لإستشهاد أكثر من ألفي مواطن فلسطيني غالبيتهم من النساء و الأطفال و الشيوخ و إصابة أكثر من أحد عشر ألف مواطن أغلبهم إصابات حرجة .

12- القذائف التي إستخدمها العدو في الحرب :

و أشارت إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية و حدها ألقت على مختلف مناطق قطاع غزة ما يقارب 8 ألاف طن من المتفجرات ، ابادت عائلات بإكملها و شطبتها من السجل المدني الفلسطيني

و قالت أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم في عدوانه على القطاع ترسانته الحربية بكافة إمكانياتها كالطيران الحربي بإنواعه ( المسير ، بدون طيــار ، الأبــاتشــي ، و العمودي و F 15 و F 16) التي أطلقت قذائف متنوعة أبرزها(MK84، Mk83 ، MK82 ) التي تحدث انفجاراً و تدميراً ضخماً في المكان الذي تطلق عليه .

وكشف أن المدفعية الإسرائيلية أطلقت أكثر من 60 ألف قذيفة مدفعية مختلفة الأحجام و الأهداف على غزة و أن البحرية الإسرائيلية إستخدمت قذائف جديدة تستخدم لإول مرة بشكل مكثف عما كان في الحربين السابقتين على قطاع غزة .

و قالت كذلك أن الإحتلال أطلق قنابل مسمارية و إستخدم صواريـخ الوقود الجوي و هي صواريخ حارقة و قذائف الدايم و قذائف مسمارية مشبعة باليورانيوم ، موضحة أن هذه القذائف تصدر إشعاعات تؤثر على البيئة و التربة و المياه و تؤثر على الأجيال القادمة ما سيؤدي لإنتشار الأمراض بين المواطنين مثل مرض السرطان خلال السنوات المقبلة .

هذا و قامت إسرائيل بأستخدام تقنيات ووسائل عديدة و معدات صغيرة الحجم مثل الطائرات الصغيرة التي لا تتعدى حجمها كف اليد بحيث انها عبارة عن كاميرا صغيرة تقوم بتصوير المناطق التي يتم إطلاقها قبل عمليات الإقتحام أو القصف من أجل التصوير ، و تقوم هذه الكاميرات الصغيرة بنقل الصور إلى مركز العمليات لجيش الإحتلال قبل تنفيذ العمليات العسكرية حيث يتم التحكم بها عن بعد بحيث يتم إدخالها في المنازل و الأحياء السكنية الضيقة

و الطائرات المستخدمة أمريكية الصنع تلتقط صوراً ذات جودة عالية جداً بصيغة K4)) الخاص بالتصوير السينمائي و بدقة وضوح FULL HD .

وقد أفاد الخبراء العسكريون ان إسرائيل إستخدمت 3 أسلحة محرمة دولياً في حربها ضد غزة :-

الأول : هو إستخدام قذائف الدايم (DIME) التي سبق و أن استخدمتها في حرب الرصاص المصبوب 2012 م وهي قذائف صنعت خصيصاً لإهداف ذات بصمة صغيرة تنشر بكثافة ذرات معدنية خاملة تخترق بكثافة جسم الإنسان يصعب تخلص الأنسجة منها .

الثاني : المحرم دولياً هو القنابل الإختراقية و التي تسبب تفجيرات كبيرة و توقع عدداً كبيراً من القتلى المدنيين و تستخدم هذه القنابل في الحروب العادية ضد التحصينات الموجودة تحت الأرض و التي تكون لمراكز القيادة و مستودعات الذخيرة و تتسبب في إختراق مسافات عديدة بقوة تفجيرية عالية تتناسب مع طبيعة التحصينات الموجهة إليها .

الثالث : هو الفسفور الأبيض التي إستخدمته إسرائيل في الحرب حيث يعمل عبر إمتزاج الفسفور فيه مع الأكسجين على تكون مادة شمعية شفافة و بيضاء مائلة للإصفرار ، و تنتج ناراً و دخاناً أبيض كثيفاً ، و في حال تعرض المنطقة للتلوث بالفسفور الأبيض يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك ، و عند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد و اللحم فلا يتبقى إلّا العظم .

و قد نشر جيش الإحتلال الإسرائيلي بعضاً من معطيات الحرب على قطاع غزة حيث أفاد انه أستخدم 45 ألف قذيفة ، و 2.5 مليون رصاصة ،50 طن من الذخائر خلال عدوانه على غزة ، و استهلك سلاح المدرعات ما مجموعه 20 مليون لتر بنزين ، مقابل 50 مليون لتر للطائرات المقاتلة و هو أكثر من ضعف ما أستخدم في عملية ( عامود السحاب ) .

هذا و قد أفاد ضابط كبير في جيش الإحتلال أن الجيش كان يقوم بإطلاق قذيفة على كل نافذة يشك في إطلاق النار منها .

و أفاد أن الجنود الإسرائيليين قد أفرطوا في إستخدام الذخائر دون حساب و حسب تقديره لإستخدام هذه الذخيرة ، أفاد أنه يشكل ذلك أن كل مواطن فلسطيني في قطاع غزة كان بحاجة إلى 4 رصاصات .

أما تكاليف الحرب الإسرائيلية العسكرية على قطاع غزة فقد وصلت إلى 9 مليار شيكل ، و أوضحت المصادر أن هذا المبلغ المذكور يتطرق فقط للتكاليف العسكرية للحرب ، ولا يأخذ بعين الإعتبار الأضرار المدنية و الخسائر غير المباشرة للإقتصاد الإسرائيلي .

وأوضحت كذلك المصادر أن تكلفة جندي الإحتياط تبلغ 500 شيكل يومياً .

13- أوضاع قطاع غزة الكارثية :

لقد شهد قطاع غزة خلال فترة العدوان الإسرائيلي الشامل الذي شنته قوات الإحتلال أوضاعاً إنسانية كارثية ، تدهورت خلاله مختلف جوانب الحياة للسكان على نحو غير مسبوق ، و تعرض خلالها حياة نحو مليون و ثمانمائة ألف فلسطيني يقطنون القطاع إلى خطر حقيقي هدد حياتهم بصورة جماعية ، وقد شهد القطاع و ضعاً غذائياً كارثياً عجز خلاله السكان من الحصول على إحتياجاتهم الغذائية ، و تفاقمت معاناة السكان المدنيين جـراء النقـص الشديـد في تدفـق رسـالات الأغذيـة إلى مدن و قرى و مخيمات قطاع غزة وزاد من الأوضاع المأساوية المخاطر التي أحدقت بالسكان عند خروجهم للحصول على الخبز أو الدقيق ، حيث قامت قوات الإحتلال بقصف تجمع هؤلاء المدنيين المنتظرين لشراء الخبز أمام المخابز في حي الشجاعية مما أدى إلى قتل العشرات منهم و جرح آخرين ، كذلك إرتفاع أسعار السلع حيث وصل بعضها إلى عدة أضعاف سعرها قبل العدوان .

و على صعيد أخر دعا الأمين العام للأمم المتحدة ( بان كي مون ) إلى إنهاء معاناة سكان قطاع غزة ، و أضاف إن دوامة المعاناة الي لا طائل لها في غزة و الضفة الغربية و في إسرائيل يجب أن تتوقف .

وأضاف الأمين العام و بعد ثلاثة حروب على غزة في ست سنوات هل علينا أن نستمر على هذا المنوال ، نبني و نهدم ثم نبني و نهدم ؟ يجب أن يتوقف هذا الآن .

و ذكر بالكارثة الإنسانية التي تعيشها غزة الآن ، و دعا الدول الأعضاء إلى التحرك بسرعة وبسخاء لتلبية الاحتياجات العاجلة للسكان ، كذلك طالب بتحقيق فوري في قصف مدارس و كالة و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) في غزة و التي لجأ اليها النازحون .

و أضاف أنه ينبغي إعادة الأعمار و هي مهمة ضخمة بين أنقاض غزة حيث دمرت أو تضررت منازل و مدارس و مستشفيات .

وأوضح ان الحل السلمي هو وحده يمكن أن يحمل السلام و الأمن للطرفين وذلك لوضع حد نهائي للنزاع و من أجل حل قابل للحياة على أساس الدولتين .

14- مفاوضات وقف إطلاق النار :

لقد شهدت جولات المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية غير المباشرة التي جرت في القاهرة اختلافات حول معظم القضايا التي تعتبر محل نقاش عسير و خاصة قضيتي الميناء و المطار ، إلّا أنه في النهاية تم الإتفاق على وقف دائم لإطلاق النار مع ضمان فك الحصار ووقف العدوان الإسرائيلي وذلك حسب الورقة المصرية حيث أعلن مصدر رسمي في الخارجية المصرية موعداً لوقف إطلاق النار والذي حدد في تمام الساعة السابعة من مساء يوم 26/8/2014 م على أن تلتزم به كل الأطراف ، و كذلك أعلن الرئيس / محمود عباس نبأ التوصل إلى وقف إطلاق النار في ذلك المساء .

وحسب بنود الإتفاق الذي نشرته و زارة الخارجية المصرية و الذي يعتبر إتفاقاً مرحلياً ، فإن الإتفاق الذي دخل حيز التنفيذ ينص على فتح المعابر المؤديه إلى قطاع غزة من إسرائيل لإدخال المواد الإغاثية خلال فترة الشهر و أثناء عودة المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين و السماح بمساحة صيد 6 أميال ووقف الأعمال العدائية بين الجانبين ، وكان البند الرابع ينص على تأجيل كافة القضايا الشائكة الى ما بعد دخول الإتفاق حيز التنفيذ بشهر .

كذلك تم تأجيل البحث في قضية المطار و الميناء و تأجيل قضايا الأسرى و جثتي الجنديين الإسرائيليين .

أما بخصوص فتح معبر رفح البري فقد ذكرت مصادر فلسطينية أن معبر رفح لم يذكر في إتفاق الفصائل مع إسرائيل ، حيث أن هذا الموضوع سيتم بحثه من خلال الوفد الفلسطيني الموحد مع الحكومة المصرية .

15- إستخلاص دروس الحرب على غزة :

• أعادت هذه الحرب إلى الواجهة تظهير القضية الوطنية الفلسطينية بأعتبارها قضية تحرر وطني لشعب مكافح ضد الأحتلال و الأستيطان و لأجل الحرية و الأستقـلال و العـودة حـيـث أستنهـض تأييد الشـعـوب العربية مرة أخـــرى و القوى الصديقة و المحبة للسلام في أمريكا اللاتينية و أوروبا الغربية وأفريقيا و آسيا و داخل الولايات المتحدة الأمريكيه نفسها.

• لقد أفشل الشعب الفلسطيني و مقاومته تلك الأهداف السياســية و العسـكرية و الأمنية الإسرائيلية وخرج من المعركة صامداً ، كما خرجت المقاومة أكثر إصراراً ، كما فشل العدو في قطع الطريق على مشروع المصالحة الفلسطينية و إقحام نفسه في السياسات الإقليمية المستجدة.

• جدد صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان و توفير الظروف الموضوعية في الضفة الغربية لإستنهاض مقاومة شعبية حقيقية ضد الأحتلال و الاستيطان و مصادرة الأراضي و أقتلاع الأشجار.

• إصرار الشعب الفلسطيني على التمسك بأرضه و قضيته العادلة و حقوقه الوطنية المشروعة و الغير قابلة للتصرف و تصميمه على مواصلة النضال إلى ان تتحقق أهدافه الوطنية في إقامة دولته المستقلة و عاصمته القدس الشريف .

• أفشل الشعب الفلسطيني بنضاله و صموده و أرادته و تماسكه سياسة العدو الإسرائيلي الرامية الى افشال سياسة اسقاط الانقسام و استعادة الوحدة الداخلية الفلسطينية و محاولته للإبقاء على الأنقسـام الجغـرافي و المؤسسي و فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية .

• نجح صمود الشعب الفلسطيني و مقاومته ضد العدوان في قطاع غزة في توحيد الشعب الفلسطيني في مناطق تواجده كافة .

• الأبقاء و الأستمرار في نهج المصالحة الوطنية الفلسطينية و دعم حكومة التوافق الوطني لمواجهة كافة أشكال الحصار و العمل على رفعه .

• إيجاد مرجعية وطنية موحدة لقرار ( الحرب و السلم ) من خلال مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية و منظمة التحرير الفلسطينية و سلطته الوطنية .

• لقد نجحت المقاومة الفلسطينية إلى حد ما في زرع الرعب في قلوب الأسرائيليين وقادتهم السياسيين و العسكريين و إرغام الآلاف من الإسرائيليين الأحتماء بالملاجئ و الأماكن المحصنة .

• العمل من أجل توفير الحماية الدولية لشعبنا في الضفة و غزة و القدس في مواجهة الحروب على يد الجيش الإسرائيلي خاصة في قطاع غزة الذي تعرض للدمار و الحرب ثلاث مرات خلال السنوات الست الماضية .

• الإنتقاد الحاد الذي تعرض له الجيش الأسرائيلي و الأجهزة الأمنية في تل أبيب على اوسع نطاق ما يبرز مدى فشل العدوان في تحقيق أهدافه المعـلنة و المضمرة .

• أمام إنسـداد أي أفـق سيـاسـي لابـد مـن الإنضـمـام إلى المنـظمـات الدولـيـة و خـصـوصـاً محكمـة الجنايـات الدولـية بمـا يـفتــح الأفــق لهجـوم سياسـي و دبلوماسي فلسطيني لنزع الشرعية عن الإحتلال و عزله و محاسبته على انتهاكاته المستمرة .

16- ماذا بعد الحرب على غزة ؟؟

بعد أن توقف هدير المدافع و قصف الطائرات و بعد الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني و مقاومته الباسلة ، تنفست غزة الصعداء بعد هذا العدوان الشرس الذي شنته إسرائيل ، فقد بات مطلوباً من القيادة السياسية الفلسطينية و على رأسها الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) في المرحلة القادمة التحرك على كافة الأصعدة من أجل البدء بإستثمار ما تحقق من صمود و إرادة و تحدي لشعبنا الفلسطيني في مواجهـة المحتـل من وضـع الخطط اللازمـة لإدارة الصـراع في المرحـلة القادمـة و ذلك من أجل إنهاء الإحتلال و في مقدمتها الإنضمام إلى كافة مؤسسات الأمم المتحدة ، حتى تبقى قضيتنا الفلسطينية حية كما يراها و يؤمن بها أصحاب الضمائر الحية و علينا أن نتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد ، مقابل محاولات إسرائيل وأد المنظمة ودفن قضيتنا برمتها .

لقد وحدت المعركة الأخيرة الشعب الفلسطيني من خلال هذا الصمود و التصدي الأسطـوري و الإرادة الصلـبة ، و جعلتـه صـفاً واحـداً خـلـف قيـادـته الشـرعيـة ، و أعادت الكرة إلى ملعب الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) ، لإدارة الشأن السياسي من جديد ، حيث أن الرئيس هو عنوان إستعادة وحدة الوطن وإنهاء الإنقسام .

لقد حاول العدو الإسرائيلي بكل الطرق و من خلال هذه الحرب الهمجية الشرسة تركيع أهلنا الصامدين في القطاع المحاصر ، هذه الحرب التي راح ضحيتها أكثر من ألفـي شهـيد ، و أكـثر من أحـد عـشر ألـف جـريح و معـاق من رجـال و نسـاء و أطفال وشيوخ في مجازر لم يشهد لها التاريخ الحديث بشاعة و همجية ، خاصـة و أنها كانت تستهدف إبادة عائلات بإكملها حيث تم في هذه الحرب إبادة ستين عائلة بإكملها ، كمـا تـم تدمـيـر عـشـرات الآلاف من المنـازل و الـمـدارس و المـصـانـع و المستشفيات والمقرات الأمنية و الحكومية،و تدمير كافة البنية التحتية في القطاع .

لـقـد تركـت هـذه الحـرب الـعـديـد من الأثـار الـنـفسـيـة و الصـحـية و الإقتصـاديـة و الإجتماعية على كافة المواطنين و خاصة الأطفال منهم حيث أصبحوا يعانون من مشاكل نفسية خطيرة لهاتداعياتها وتأثيراتها السلبية و المدمرة في المستقبل القريب .

إن أهداف العدو الإسرائيلي بالدرجة الأولى كانت إفشال المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تمت قبل هذا العدوان ، و بقاء الإنقسام و الإنشقاق بين أبناء الشعب الفلسطيني الذين عانوا منه سبع سنوات عجاف ، و كذلك تعطيل أي حل يؤدي إلي قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس ، إلّا أن شعبنا أثبت قدرته الفائقة على الصمود و التصدي و التوحد في مواجهة هذه الهجمة الشرسة و تفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد لا بد من دعم حكومة الوفاق الوطني و تقديم كل ما هو مطلوب من أجل أن نعزز من إنجازاتها و مواقفها ، حيث أننا الأن امام مرحلة جديدة من الوفاق و الوحدة ، حيث أن هذا العدوان مسـح كافة أثـار هذا الإنقسـام البغيـض ، و الأن ، يوجد أمامنا طريق طويل و صعب لتضميد الجراح و إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة .

ومن هنا ، لابد أن تقوم حكومة الوفاق الوطني بتشكيل لجنة من فصائل العمل الوطني و الإسلامي و الشخصيات المستقلة المتخصصة ، و ذوي الخبرة و ذلك لمباشرة العمل فوراً و مساعدة الحكومة ، لحل كافة القضايا التي نجمت من جراء هذا العدوان الأخير وكذلك حل كافة المشاكل التي تراكمت أثناء سنوات الإنقسام البغيض على كافة الأصعدة .

إن تشكيل هذه اللجنة سيكون ضمانة جيدة ، لتوفير المعايير المطلوبة على قاعدة الشفافية و النزاهة و العدالة في العمل على أن تخضع هذه اللجنة إلى هيئة رقابة محايدة .

الأن و بعد أن و ضعت الحرب أوزارها ماذا بعد ؟؟

هنالك عدة نقاط لابد أن نأخذ بها بعين الإعتبار و هي :

 أن يتم توسيع حكومة التوافق الوطني و أن يتواجد نصف أعضائها في قطاع غزة من أصحاب الخبرات المتخصصة و ذلك للإشراف على لجان الإعمار و باقي القضايا

 أن يتم تشكيل لجنة وطنية مهنية لدراسة و تقييم العمل خلال فترة الحرب .

 

و بعد تشكيل هذه اللجنة هنالك تساؤلات لابد من إجابة عليها و هي :

 كيف سيتم الإستفادة من نتائج الحرب على قطاع غزة .

 كيف سيتم معالجة و إزالة أثار العدوان .

 كيف سيتم حل مشكلة البيوت المهدمة لعشرات الآلاف من المواطنين المشـردين والمتواجدين في مدارس الإيواء أوعند الأقارب و نحن مقبلين على فصل الشتاء .

 كيف سيتم معالجة موضوع شهداء الحرب و هل سيتم إعتمادهم و التعويض عليهم أم لا ؟

 كيف سيتم علاج الآف الجرحي و ماهي آلية التعامل مع المعاقين منهم مستقبلاً حيث تتحدث المعلومات أن عدد المعوقين كبير جداً ، و هل سيتم إنشاء جمعية لهم لمتابعة قضاياهم أم لا؟

 كيف ستكون آلية الإعمار و ما هي معايير النزاهة و المساواة ؟

 كيف سيتم إزالة و معالجة الآثار النفسية و الصحية على المواطنين التي نشأت من خلال هذ االعدوان و خصوصاً الأطفال منهم ؟

وهنا أتساءل :

ماذا نريد كفلسطينيين بعد إنتهاء الحرب ؟؟

 هل نريد أن تكون بلادنا كــ ( سنغافورة ) مثلاً أمن و أمان و إستقرار و إزدهار

 أم هل نريد أن تكون بلادنا قتل و دمار و خراب .

شعب فلسطيني يستحق الحياة كباقي شعوب المعمورة ، حيث إنه تواق للعيش في أمن و امان و اطمئنان و يحلم بأن يكون له دولة في القريب العاجل بإذن الله .

هذا سؤال موجه للجميع ، حيث أن شعبنا يريد العيش بأمن و أمان كباقي شعوب العالم .

لقــد صـدق أحــد الأصدقاء عـند مـقابلته لـنــا أول يـوم من نهـايــة الحـرب حـيث قال ( الخارجون من هذه الحرب هم الشهداء الأحياء ) .

رحم الله الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة الزكية ثرى الوطن ، و الشفاء العاجل لجرحانا البواسل .

و كل الحب و التقدير لشعبنا المعطاء الصامد الصابر في أماكن ت

اخر الأخبار