ليه..يا "حماس"!

تابعنا على:   09:08 2014-10-26

كتب حسن عصفور/ أحيانا تأتي فرصة تساوي ثقلها أغلى مجوهرات الأرض ثمنا، لمنح شخص او قوة او فصيل مساحة للتعبير تمنحه راحة سياسية لم تكن بباله، خاصة وإن كان تحت ضغط مستمر لاتهامات لا حدود له، وقد يكون غالبها لا صحة لها..

 ولعل ما حدث من عمل ارهابي كامل الأركان في سيناء ضد الجيش المصري، وسقط شهيدا من سقط، وجرح من جرح كان فرصة لا ثمن لها، لقيادة حركة حماس في قطاع غزة، لتعلن للشعب المصري أولا وللشعب الفلسطيني والعربي موقفا صريحا قاطعا أنها لم تكن ولن تكون مع أي طرف يلعب بـ"أمن مصر الداخلي والقومي"، وأنها لا تدين فقط أي عمل ارهابي ضد أمنها وجيشها واستقرارها، بل هي على استعداد كامل للعمل بكل السبل مع مصر الشقيقة الكبرى بما يحمي أمنها..

نعم..ربما لن تأتي فرصة خير من تلك كي تضع حركة حماس كل ما قيل عنها في الاعلام المصري، بغالبه كذب وبعضه صواب، أن "اخوانيتها" اقوى وأعمق من "فلسطينيتها، وكانت تلك الاتهامات تشعر الفلسطيني ومن يتابع مصر اعلاما وسياسية بـ"ألم خاص"، ليس لما لمصر من دور وقيمة في البعد القومي والتصدي للمشروع الاستعماري الذي كان يراد به تركيع الأمة لصالح قوى ظلامية غير قومية وغير عروبية،  بل ما كان من تلك ما يصيب الفلسطيني، اي كان انتماءه بعصبية خاصة، لأن مصر للفلسطيني دولة لها مكانة لا مكانة لدولة مثلها، خاصة أبناء قطاع غزة، الذين يعلمون كم لمصر من خير عليهم هوية وقضية ومنفعة..مصر لكل العالم شيء ولأهل غزة شيء آخر..

نعم جاءت فرصة، ثمنها كبير من دماء أبناء شعب مصر، لكنها كانت فرصة لحماس لتعلن قاطعة أنها مع مصر الدولة والنظام، الحكم والحكومة ضد الارهاب الأسود، وهي تضع كل ما لها من امكانيات للتعاون المطلق واللامحدود مع الجهات المصرية لمواجهة القوى الارهابية التخريبية..

بيان وتصريح كان له أن يعيد رسم ملامح كامل المشهد بين شعب مصر ودولتها وحركة حماس، وتكنس لمرة واحدة وأخيرة، مقولة الفئة الحاقدة بأن حماس تختار "الأخونة" على حساب "الفلسطنة"، كانت بضع كلمات كفيلة بإحداث نقلة نوعية – تاريخية بين حماس وشعب مصر وبين مصر وأهل القطاع، لتعزيز العلاقة الوجودية التاريخية، ولتعميق روابط عشق وتاريخ بين أهل "غزة هاشم" وهواهم المصري وبين شعب المحروسة..

ولم تكن حماس وقيادتها ستسدي بذلك خدمة لمصر ولا لشعبها، بل هي تقدم خدمة خاصة جدا للشعب الفلسطيني وقضيته، وتقطع الطريق على كل متربص بالقطاع وقواه، ومنهم حركة حماس تحديدا، ولكن سقطت حماس سقطة تاريخية بصمتها وتجاهلها واحدة من أكبر وأخطر عمليات الإرهاب ضد أمن مصر القومي والداخلي، وبالنتيجة ضد أمن فلسطين وقطاع غزة تحديدا..

لم يترك كارهي قطاع غزة من بين اعلاميين وسياسيين حاقدين وخبراء من كل ملة ولون تلك الفرصة تذهب هباءا، فكانت النيران تطلق من كل انواع القذائف والاسلحة الاتهامية ضد حماس، وبعضهم يذهب بحقده الى ما هو أبعد ليتهم اهل القطاع والفلسطيني كفلسطيني..

ارتكبت قيادة حماس واحدة من سقطاتها السياسية الكبرى، عندما لاذت بالصمت وكأن الذي حدث خبر لا صلة له بالشقيقة الكبرى، التي كانت قبل أيام فقط راعية لمؤتمر اعادة اعمار غزة، وقبلها راعية لمحادثات وقف الحرب والعدوان، وتستعد لاستكمالها، وكان شكر حماس لمصر الدور والمكانة على لسان نائب رئيس الحركة اسماعيل هنية مسجلا..فهل انقطعت السن القيادة الحمساوية التي قبل ايام اعلنت حرصها على أمن مصر ودورها كان بالحكم من كان، لتدين ارهابا صريحا، أم أن لغة الشكر كان فعلا خجولا كاذبا..

باختصار شديد..خسرت حماس كما لم تخسر ولن تخسر، في سلوك اخواني مقيت وتصرف ظلامي غير مسؤول، وستدفع هي وأهل القطاع كثيرا ما لم تقم وفورا باعادة تقييم وتترك كل اخونتها وتعلن وقوفها مع مصر ضد الارهاب..

بامكان حماس ان تلعب دورا حاسما لو أرادت ذلك، ولكن إن اعتقدت لو لثانية أن خطاب محمد مرسي من السجن بأنه عائد الى القصر تكون قيادة حماس وضعت أول اصابع أرجلها نحو نهاية سوداوية..مصر في عهد الثورة الراهنة اقليميا ودوليا وعربيا ليست مصر حسني مبارك..

الفرصة لم تضع رغم الخسارة الأولية ..لكنها تحتاج قرارا من قيادة تعلن بشكل قاطع أن "فلسطين فوق الجماعة"..هل تفعلها أم تترك الباب لمن سيعمل لاحقا على حصارها فوق الحصار..وعندها لن يقال ان مصر تحاصر غزة..بل سيقال أن مصر تحاصر الارهاب..يا حماس!

ملاحظة: لا نعلم ما هي قيمة ان تعود مفاوضات القاهرة غير المباشرة مع دولة الكيان..ربما الأفضل تأجيلها الى حين اتضاح ملامح المشهد..فمصر الشعب والدولة ليسوا في مزاج الحديث الودي مع حركة صمتت على قتل ابنائها..بل هي باتت متهمة من بعضهم!

تنويه خاص: تصريح امين عام الرئاسة الفلسطينية حول اعمار غزة جانبه الصواب تماما..تحدث باسلوب يعيد للذاكرة طريق الاملاءات التي ملها الشعب الفلسطيني..

اخر الأخبار