أسعد الصفطاوي الفتحاوي حتى الشهادة

تابعنا على:   03:09 2014-10-21

عادل أبو هاشم

اغتال مسلحون ملثمون يوم الخميس 21/10/1993م القائد المناضل البطل أسعد هاشم علي الصفطاوي " أبو علاء " في مدينة غزة، حيث يعتبر أحد شخصيات حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " المقربة من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في قطاع غزة .

وهي ثالث عملية اغتيال يتعرض لها مسؤولون فلسطينيون يؤيدون الاتفاق الفلسطيني ــ الإسرائيلي الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن في 13/9/1993م " اتفاق أوسلو "بعد اغتيال المحامي محمد هاشم خير الدين أبو شعبان يوم الثلاثاء 21 / 9 / 1993 م ، ومساعده ماهر فوزي شعبان كحيل يوم السبت 16 / 10 / 1993 م .

و القائد المناضل البطل الشهيد أسعد الصفطاوي من قادة فتح المؤسسين ، ومن ابرز قيادات العمل الوطني الفلسطيني ، وأحد الذين فضلوا البقاء في دائرة الظل وفي داخل فلسطين وليس خارجها ، حيث بقي في قطاع غزة طوال سنوات الاحتلال الصهيوني ، وتحول خلال سنوات إلى عنوان سياسي لحركة فتح ، وقد كان امتدادا للثورة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة ، حيث كان يمثل الذراع اليمنى للشهيد القائد ابو عمار قبل قدوم السلطة ، وكان على رأس لجان الإصلاح الفلسطيني في قطاع غزة اثناء الانتفاضة الفلسطينية الاولى مما كان له الأثر الكبير في تجسيد السلم الأهلي والترابط الاجتماعي وحل كافة المشاكل العائلية حيث لم تكن شرطة فلسطينية موجودة في ذلك الوقت ، وكان الشهيد ابو علاء عضوا سريا في المجلس الوطني الفلسطيني نيابة عن قطاع غزة ، وتقلد مناصب عدة في حركة فتح حتى وصل الى عضو مجلس ثوري للحركة ، ورشح قبل إغتياله لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح ... إلى أن أصابته رصاصات الغدر والخيانة ، وقد شكل في السنوات الأخيرة قناة حوار مهمة مع بقية التنظيمات الأخرى وخصوصـًا مع التيار الإسلامي ، كما اجتمع مع كثير من قادة إسرائيل لطرح مشاريع أو إيصال رسائل غير مباشرة إلى قيادة فتح في الخارج ، وفي السنوات التي سبقت اتفاق أوسلو كان دوره يتعاظم في أوساط حركة فتح في قطاع غزة حيث اعتبر الرجل الأول فيها في قطاع غزة .

ووقعت عملية اغتيال القائد المناضل البطل أسعد الصفطاوي بينما كان عائدًا بصحبة أبنائه من المدرسة ، حيث اقترب مسلحون ملثمون وأطلقوا النار عليه من قرب ولاذوا بالفرار بسيارة من طراز بيجو "404"، ونقل الصفطاوي إلى مستشفى الشفاء في غزة حيث فارق الحياة .

وكان القائد المناضل البطل الشهيد أسعد هاشم علي الصفطاوي " أبو علاء " ناظر مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة .

وقد وصف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات " أبو عمار " عملية الاغتيال بأنها مؤامرة ضد السلام .

وقال أبو عمار في خطاب تأبين في بيت عزاء الشهيد القائد المناضل أسعد الصفطاوي ( أبو علاء ) : يا إخوتي .. يا أحبائي .. يا أهلي وربعي .. ليس أقسى على النفس أن أقف معظماً رفيق النضال ، رفيق الكفاح ، رفيق الجهاد " أسعد الصفطاوي " أبو علاء " ، قائدا من قادة الشعب الفلسطيني ورمزاً من رموز فتح وبطلاً من أيطال الثورة الفلسطينية ، وبطلاً من أبطال السلام .. ودعناه .. وودعنا فيه الرجولة والثورة والتضحية والإباء التي كان يمثلها جميعاً .. نعم نودع أبا العلاء ( المعري ) الاسم المحبب له .. زميل الدراسة ، زميل فتح ، زميل الثورة ، زميل النضال ورفيق الكفاح والجهاد .

ولد القائد المناضل أسعد هاشم علي الصفطاوي ( أبو علاء ) واسمه الحركي ( أبو علاء المعري ) في العام 1934م في مدينة المجدل من أسرة ذات أصول غزية هاجرت من غزة إلى المجدل في بداية العام 1920م .

نزحت أسرته وعادت إلى غزة بعد النكبة الفلسطينية عام 1948م .

أكمل دراسته الثانوية في غزة حيث حصل على الثانوية العامة ثم سافر في العام 1952م إلى جمهورية مصر العربية ليلتحق بكلية المعلمين بدار العلوم ليتخصص في دراسة العلوم والفيزياء ، حيث التقى هناك برفيق دربه الشهيد القائد صلاح خلف " أبو إياد " حيث أسسا معاً تنظيم " شباب الثأر " الذي انصهر فيما بعد ضمن المجموعات الأولى المؤسسة لـ " حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح " .

وكان للشهيد القائد أسعد الصفطاوي علاقة نضالية خاصة مع الشهيد القائد خليل الوزير " أبو جهاد " أثناء سنوات الدراسة الإعدادية والثانوية بغزة ، وذلك في إطار الأخوان المسلمين وفي جمعية التوحيد المنبثقة عنهم وضمن الجهاز العسكري السري لجماعة الأخوان وخصوصاً في أعوام 1952 ــ 53 ــ 1954 م وفي فترة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م .

خلال الدراسة انضم الشهيد القائد أسعد الصفطاوي إلى رابطة الطلاب الفلسطينيين التي كان يرأسها القائد الرئيس ياسر عرفات حيث شغل فيها منصب أمين الصندوق ثم أمين السر .

ثم انتخب في العام 1956 ــ 1957م رئيساً للرابطة وهو المنصب الذي لم يتمكن من ممارسته عملياً بسبب إقدام السلطات المصرية يوم انتخابه في مؤتمر الطلاب العام على إبعاده إلى غزة بسبب شجار حدث بينه وبين الضابط مندوب جهاز المخابرات المصرية الذي حضر للرقابة على المؤتمر .. الأمر الذي أدى إلى اعتقال " أبو علاء " ومن ثم إبعاده إلى غزة قبل شهرين من موعد الامتحانات النهائية ، حيث لم تسمح له السلطات المصرية بتأدية الامتحان النهائي للسنة الرابعة للحصول على درجة الليسانس في العلوم .

عمل الشهيد القائد أسعد هاشم الصفطاوي بعد عودته إلى غزة في سلك التعليم مدرسا في وكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين ثم مديرا لإحدى مدارس الوكالة في غزة .

بعيد الإعلان عن تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " وانطلاقتها في الأول من يناير عام 1965م ساهم ( أبو علاء ) في بناء القواعد التنظيمية الأولى للحركة في قطاع غزة وقاد الخلايا العسكرية الأولى للحركة التي شاركت في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي .

تعرض الشهيد القائد أسعد الصفطاوي للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي مرات عديد بلغت سبع مرات كان أطولها اعتقاله في بداية العام 1973م حيث حكم بالسجن خمس سنوات بعد أن اكتشفت المخابرات الاسرائيلية اسمه مرمزا من ضمن عناصر المقاومة أثناء مداهمة شقة القادة كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر خلال عملية فردان في بيروت في عام 1973م .

كما اعتقل بعدها عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987م بتهمة قيادة مرجعيه فتح في " القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة " وكان أول المعتقلين الذين افتتحت بهم سلطات الاحتلال سجن النقب الصحراوي " أنصار 3 " .

في العام 1989م قدم " أبو علاء مشروعا عبارة عن مقترحات للسلام ترتكز على خطوات متبادلة وجدول زمني بين الفلسطينيين والاسرائيليين أساسه انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من الضفة وغزة والقدس والإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة .

تعرض القائد المناضل أسعد هاشم الصفطاوي لعدة مرات لمحاولات اغتيال كان آخرها يوم الخميس 21 / 10 / 1993م حيث استشهد في غزة بعد أن أطلق عليه عملاء الاحتلال الصهيوني ثلاث رصاصت أودت بحياته .

وشيع جثمان القائد المناضل أسعد هاشم الصفطاوي الطاهر يوم الجمعة 22 / 10 /1993م حيث احتشدت جماهير قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطيني عام 1948م خلف جنازته المهيبة التي ناهز عدد مشيعها السبعين ألف مواطن .

وأقامت له حركت له فتح ما تم عزاء في غزة وتونس استمر سبعة أيام ألقى فيها الرئيس ياسر عرفات كلمة رثاء للشهيد مؤثرة أمام جمهور المشيعين في كلا المأتمين ، حيث نقلت على الهاتف مباشرة ليسمعها رواد العزاء في غزة .

بعد عودة القائد ياسر عرفات إلى غزة بثلاث شهور عام 1994م أقامت حركة فتح حفلا تأبينيا للشهيد القائد المناضل أسعد هاشم الصفطاوي "أبو علاء" في جامعة الأزهر حضره مختلق رجالات غزة وشخصياتها وممثلي الفصائل الوطنية والإسلامية وحشد كبير من مناضلي فتح وتلامذة ومحبي الشهيد القائد الذين غصت بهم قاعة الشيخ محمد عواد في جامعة الأزهر .

وكان على رأس الحاضرين القائد ياسر عرفات " أبو عمار " بنفسه حيث نعته حركة فتح كأحد مؤسسيها وقائدا وطنيا مناضلا من قادتها البارزين الذين تركوا بصمة واضحة على مسار العمل الوطني النضالي للشعب الفلسطيني .

آخر كلمات الشهيد القائد المناضل أسعد الصفطاوي " أبو علاء " ، عبر عنها في المقابلة الصحفية التي أجرتها مع صحيفة النهار المقدسية يوم الأحد 3 / 10 / 1993م :

قال موجها كلماته إلى مناضلي فلسطين :

" إن نضالكم الطويل وسنوات المعاناة الطويلة لا يمكن أن يعوضكم عنها إنسان ...، فلا تظنوا أن دولتنا الفلسطينية القادمة قادرة على إعطائكم جميعا مراكز قيادية ووزارات ، فلنكن جميعا جنودا في هذه الدولة " .

وحول رؤيته لطبيعة الدولة الفلسطينية قال :

" لنا تجارب سابقة غنية حول إنشاء السلطة الوطنية كان آخرها إنشاء المجلس التشريعي الفلسطيني في القطاع قبل عام 1967م حيث كانت السلطة ممثلة بالمجلس التنفيذي ويرأسه الحاكم العام وكان في ذلك الوقت مصرياً والسلطة التشريعية وهم أعضاء منتخبون يمثلون أنحاء القطاع والسلطة القضائية ..، ففي المرحلة القادمة سيكون القانون هو سيد الموقف ، ولا سيادة لغير القانون ، فالمعارضون والمؤيدون هي ألفاظ ستنتهي من قاموس حياتنا السياسية ، وسنتحول جميعاً إلى مواطنين يخضعون لنفس القانون ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات .

لا يمكنني أن أتصور دولة حديثة لنا تعمل على تطوير ذاتها وبناء نفسها من الصفر دون الأخذ بأساليب الديمقراطية الحديثة ومن جملتها المعارضة البناءة .

إن قضية الاختلاف في وجهات النظر بين فتح وحماس ستنتهي قريبا مع بداية إقامة الوطنية " .

وحول مسألة أن فلسطين وقف إسلامي وهل يجوز عقد اتفاقية مع اليهود للعيش جنبا إلى جنب مع المسلمين في دولتين مستقلتين قال :

" إذا كنا نتكلم عن قضية فقهيه ، فبالتأكيد أن رجال الفقه الإسلامي هم أقدر مني للإجابة عن هذا السؤال .. فهم يؤكدون أن التصرف بأموال الوقف الإسلامي في غير صالح المسلمين وهو محرم شرعاً ، ولكن يجب أن نفهم أن ذلك يكون إذا كان الوقف الإسلامي تحت سيطرة حكم الإسلام ، أما إذا كان تحت سيطرة عدو .

وهو هنا مجمل التراب الفلسطيني فإن استرجاع جزء منه واستثماره لصالح المسلمين لا يعتبر تهاونا أو تفريطا في بقية أموال الوقف " .

وحول مسألة التفريط والتهاون .. قال :

" يسمى الإنسان مفرطا أو متهاونا إذا كان الشيء بيده وفرط فيه أو تهاون أو تقاعس عن الدفاع عنه وحمايته ..، أما إذا بذل الغالي والنفيس لاسترداده والوصول إلى تحرير ولو جزء من وطنه فإن ذلك يعتبر في عداد الجهاد والمجاهدين إن شرف الرابطة الذي منحنا إياه رسولنا الأكرم عليه أفضل السلام وأتم التسليم لا يستطيع أن ينتزعه منا أي إنسان ، ولو اختلفنا معه في الرأي ".

حول الصراع مع إسرائيل قال :

" إن جميع النصوص القرآنية تؤكد أن صراعنا مع اليهود هو إلى يوم القيامة ، ومن هنا فإن كل من يعتقد أنه قادر على أن يحسم هذا الصراع في هذا الجيل أو الحيل القادم فهو واهم .. وغير مؤمن بما نص عليه الله عز وجل في كتابه العزيز ومفاده إن قضيتنا ودورنا فيها ليس أكثر من أدوار نؤديها ويؤديها كل جيل من الأجيال المتعاقبة وصلا إلى حسم المعركة ، فصلاح الدين الأيوبي وهو من أشهر قادة المسلمين لم ينه صراعه مع الصليبيين في عصره وفي سنوات رغم تحريره بيت المقدس ، حينما وقع معهم " صلح الرملة " ورضي بإقامة دولة الساحل ودولة الداخل .

إن الوطن الذي نريد بناءه ليس ملكا لفصيل دون آخر بل هو ملك لكل فلسطيني في الداخل والخارج ، وإنني أتوقع إذا برهنا على مصداقيتنا أن سلطتنا ستكون سلطة فيها السيادة للقانون وجميعنا سنكون أمام القانون سواء ".

والشهيد القائد المناضل البطل أسعد هاشم الصفطاوي " أبو علاء "متزوج وله تسعة أبناء .

وهم :

علاء ــ عماد الدين ( معتقل عند السلطات الاسرائيلية منذ13 / 12 / 2000م وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما ) جهاد الدين ــ منى ــ انتصار ــ إياد ــ إيمان ــ محمد وعلي .

اخر الأخبار