عقاب المستنكفين، اتذهب غزة ام انتم تذهبون؟؟!!

تابعنا على:   23:54 2014-09-30

سميح خلف

غزة، هذا الاسم وهذه الجغرافيا التي اقلقت اسحاق رابين عندما قال "اتمنى ان اصحو واجد غزة قد ابتلعها البحر " ، هي غزة العصية بكل مكونات شعبها الفكرية على كل محاولات طمس النفس الوطني والارادة العالية والثقافة الملتزمة بالتاريخ والجغرافيا الفلسطينية ولذلك دائما الشعب الفلسطيني في غزة يعاني ، ولأن ثقافته تختلف عن باقي الثقافات من عمق التاريخ ومن الهجرات اليها ،ولذلك اكتسبت غزة في الصراع العربي الصهيوني اهمية خاصة ، ومنذ الاشهر الاولى من النكبة عام 48 .
عندما نتحدث عن غزة ، نتحدث عن مخيماتها التي كانت شعلة الثورة ومازالت ، نتحدث عن مدنها العصية عن الكسر والاحتواء ، فغزة دائما تنظر الى فلسطين كل فلسطين مهما طاف عليها من حكام ، ومهما طاف عليها من مشاريع سياسية في مجملها تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية ، ولا يمكن ان تصفى القضية الفلسطينية مادام هناك شعب في غزة يمتلك الوعي والمعنويات والثقافة ، فلابد من الاحباط لهذا الشعب الفلسطيني في غزة لكي تنفذ المشاريع السياسية التي ما انزل بها من سلطان ،وخاصة اذا كانت القضية تتعلق بالجغرافيا والتاريخ والحقوق والأرض العربية .
غزة منذ عام 2007 تعرضت لمأساة ، من المسؤول عنها ؟ ، بالتأكيد انه رأس الهرم السياسي الفلسطيني ، كان انقساما ً وفشلت كل محاولات تسوية هذا الانقسام السياسي والامني والذي تمخض عنه ايضا ً انقسام ثقافي وفكري ، وانقسامات عمودية وافقية في المجتمع الغزي ، هكذا كان الحال عبر سبع سنوات من الصراع السياسي والأمني بين قطبين ارتضوا ان تكون اوسلو هي مدخل لسلطاتهم وطموحاتهم ، كل لا يختلف عن الآخر في دولة على حدود 67 كحل استراتيجي يحافظ على الخارطة السياسية والجغرافية لما تسمى اسرائيل ، كان انقسام وكانت هناك معارك وسجالات وتخوين وتصديق في بعض الاحيان ، كلها تقاطعات كل يبحث عن ايكونته ويبحث عن ريادته وقيادته للشعب الفلسطيني ، بلا شك ان جميع المشاريع كانت هافتة ، وقيادات سياسية هزيلة نفهم ملامحها من التراجعات والانهيارات في كل المجتمع الفلسطيني اينما وجد واضمحلال التأييد العالمي لقضية الحقوق الفلسطينية على قاعدة هبوط الأداء بل المراوحة او التقدم نحو معطيات يفرضها العدو الصهيوني .
لم تتعرض غزة فقط للعدوان الصهيوني عليها في ثلاث حروب خلال سبع سنوات ، حتى اصبحت اجيال هذه الحروب مطعمة بعكس ما اريد من احباطها وبعكس كل الدراسات التي قالت ان الفلسطينيين سيكولوجيا ً قد تغيروا وهم محبطون ، لا اعتقد ان الفلسطينيين محبطين من العدوان الصهيوني ، ولا من الخسائر التي لحقت بهم نتيجة هذا العدوان ، فالشعب الفلسطيني في غزة هو شعب مكافح ومناضل ومضحي عبر وجوده على هذه الأرض ، وان صح الشعب الفلسطيني في غزة صحت القضية ولآن غزة هي عنوان وطليعة المشروع الوطني برمته لمعطيات ايضا ً قد فرضتها الثقافة ، ولمعطيات بأن غزة كل المناخات تقول انها يمكن ان تكون نواة محررة ينطلق منها تحرير فلسطين ولو كان فترات من الهدوء والهدنة لبناء مجتمع فلسطيني قوي يعطى فيه الاهتمام للطاقات الاكاديمية والانتاجية .
غزة محبطة من فئة السياسيين ، حتى اصبحوا هؤلاء السياسيين اعداء واصدقاء في آن واحد ، وكما يحدث لاطفال فلسطين عندما يختلفون في أي حارة وشارع ، في الغالب تقودهم النرجسيات الطفولية لتحقيق مكاسب ولو كانت لا تلبي القاعدة العريضة للشعب الفلسطيني بشكل عام والشعب الفلسطيني في غزة بشكل خاص .
تعرضت غزة في عام 2007 لمؤامرة كبرى عليها وعلى ابنائها عندما كان طرح بلير بحل اقتصادي امني يبدأ بالضفة الغربية ، وبالتالي كان هناك السيناريو تم تضليل قيادات في غزة عن الهدف الخبيث لعملية الانفصال التي قامت حماس بعملية الاحلال للكادر الوظيفي والعسكري والامني في غزة ، واستفردت بحكم غزة سبع سنوات .
من اخطر القرارات التي اتخذها رأس الهرم السياسي في السلطة الفلسطينية التعليمات بما يعبر عنه بالاستنكاف وبالتالي اخليت كل المؤسسات المدنية والعسكرية والامنية ، وبالتالي كان هناك مجالا ً واسعا نتيجة هذا القرار لعملية الاحلال .
وكما قال مصدر بعد عملية الانقسام باسبوع ارسلت حماس للرئيس الفلسطيني رسالة تقول فيها اذا كنت تريد غزة فمرحبا ً بك فلقد تخلصنا من عدونا المشترك! ، ولكن رفض الرئيس هذا الاقتراح وربما للخيار الاول البليري وهو الحل الاقتصادي الامني والدخول في مفاوضات سياسية ليكون الاعتراف بالضفة الغربية كدولة تلحق بها غزة في مرحلة قادمة .
من اصدر قرار الاستنكاف يتحمل جميع المسؤوليات الوظيفية والاجتماعية والامنية المترتبة على هذا القرار ، فلا يجوز ان يتخلى صاحب القرار عن مسؤولياته تجاه الموظفين المقدر عددهم بـ60 الف موظف اصبحوا مرتبطين معيشيا بتلك الوظائف ، نعم صحيح ان هذا القرار ومن سلبياته الكبرى بل التي تصل الى جريمة ان الموظفين بعددهم هذا اصبحوا بطالة مقنعة ينتظرون راتبهم المختزل من القروض والديون لمحلات البقالة وغيره من مرافق الحياة ، اصبحوا ذات عقد نفسية ولأن الانسان اذا لم يعمل فكيف يثبت انه انسان موجود !
قرارات رأس الهرم السيد عباس ورئاسة الوزراء لم تقف الى هذا الحد من الجرائم وعدم سوء التقدير تجاه ابناء غزة ، فاليوم تختزل من رواتبهم علاوة القيادة والمخاطرة ووقف العلاوات ، فعندما يصرح السيد رئيس الوزراء رامي الحمدلله على ان هؤلاء لا يعملوا ويجب منع تلك العلاوات عنهم والمميزات يجب ان يتحملها رئيس الهرم السياسي في السلطة الفلسطينية ، ولا يتحملها الموظف ، لم يقف الحد كما قلنا على هذا بل كانت هناك قرارات فصل وترقين قيد واقصاء لقيادات من غزة وكوادر من غزة ، لا تجرؤ سلطة رام الله ان تفعله تجاه معارضيها في الضفة الغربية نتيجة الحالات العشائرية الموجودة والحماية العشائرية وبالتالي اصبحت غزة هي " حيط واطية " لتنفيذ مآرب سياسية وكيد اجتماعي وثقافي ، كما قلنا لأن الاسباب واحدة لا يريدون غزة ان ترفع هامتها بأبنائها ولا يريدون غزة ان تشكل حالة من حالات الجدار الصلب امام المشاريع السياسية المتهاوية التي مطلوب ان تفرض على الشعب الفلسطيني ، ربما الهرم السياسي الفلسطيني يقود الشعب الفلسطيني للهاوية ، فالمصالحة ليست مصالحة وان كانت على قاعدة تقاسم المكاسب والمصالح ، يذهب رأس الهرم السياسي للامم المتحدة والجمعية العامة ويعلم ان الطريق مسدود بالفيتو الامريكي ويعلم ان الجنائية الدولية لم تخرج في قرارتها عن اللوبي الصهيوني ولم تخرج في قرارتها عن الدول المؤسسة للجنائية ، وبرغم ذلك لا بدائل امام تلك القيادة والرجوع الى الشعب وخيارات الشعب ، بل هناك عمليات الازهاق والاحباط نتيجة قرارات متعددة تتخذها تلك القيادة بحق ابناء قطاع غزة والتمييز بين ابناء الشعب الفلسطيني في كل من الضفة وغزة لذنب لم يقترفوه ولقرار لم يتخذوه بل اتخذه رئيس الهرم السياسي الفلسطيني .
بأي ذنب تعاقب غزة يا سادة ؟ ، يا سادة من كروش منتفخة اصبح لا يحرك فيكم ساكنا ً اطفال غزة الذين ذهبوا ضحية العدوان او البيوت المهدمة او الفقراء او البطالة او شباب فلسطين الذين كفروا بوجودكم وذهبوا ليلاقوا حتفهم في البحر ، ولذلك كانت تلك القرارات علاوة القيادة والمخاطرة هي من ضمن القرارات التي تصب في توجه تركيع الشعب الفلسطيني في غزة واذلاله واضفاء اضافي للتعقيدات والفقر والحاجة ، فماذا تريدون من غزة يا سادة ؟! ، اتذهب غزة ام انتم تذهبون ؟ 

اخر الأخبار