خطاب الافلاس والتزوير

تابعنا على:   21:34 2014-09-30

عمر حلمي الغول

القى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل خطابا امام الجمعية العامة للامم المتحدة، نضح فيه من اوعية آسنة، محشو باللغو والتزوير والافلاس السياسي. ودلل مرة تلو الاخرى على انه وإئتلافه الحاكم، ليسوا بوارد صناعة سلام يرتكز على قاعدة وحدود الرابع من حزيران عام 1967، لانه تنكر كليا لحقوق الشعب العربي الفلسطيني. وإدعى إنه وحكومته ودولته، ليسوا محتلين لاراضي دولة فلسطين،وبالتالي أسقط اي مسؤولية سياسية او قانونية او اخلاقية لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية عما أصاب الفلسطينيين على مدار عقود النكبة السبعة الماضية. لا بل ان خطابه عمليا حَّملهم المسؤولية عما اصابهم، لانهم تناسلوا وتربوا على اراضي "ليست لهم" خلال الثلاثة الاف سنة الماضية؟!

مع ذلك يدعي بيبي الكاذب، ان مستعد ل"سلام تاريخي" مع الفلسطينيين "ليس لانه محتلا لاراضيهم، بل لانه يريد واقعا افضل للاسرائيليين". اي "كرم أخلاق" هذا، الذي يقدمه زعيم الليكود المهزوم للشعب الفلسطيني؟ وما هي حدود وسقف السلام التاريخي؟ ومتى يبدأ سلامه؟  لا سيما وانه إعتبر، ان التطبيع مع العرب يفترض ان يكون اولا، بمعنى على الدول العربية دفع الثمن سلفا ومقدما لدولة الارهاب المنظم الاسرائيلية. وهو ما يعني نسف وتصفية مبادرة السلام العربية، وقلب ركائزها رأسا على عقب.

وحتى لو شاء المرء غض النظر عن مرجعيات وركائز السلام والاعراف والقوانين الدولية، سيعود مجددا لجادة السؤال، ومتى ينتهي سلام نتنياهو الصهيوني؟ هل يحتاج إلى عقد او اثنين او ثلاثة او إلى ما لا نهاية من الزمن الافتراضي حتى يقرر الصهاينة إقامة "السلام التاريخي"؟ وما هي معايير الامن الاسرائيلي؟ واي نطاق يقبل القسمة عليه؟  وهل يقوم على قاعدة وحدود الرابع من يونيو 67 ام ما هي الحدود، التي س"يقبل" بها؟ وهل سيسمح سلام نتنياهو باعادة القدس الشرقية ، العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية للفلسطينيين؟ وهل سيتمكن الفلسطينيون من العودة لديارهم التي شردوا منها عام النكبة 1948؟

وإذا تركنا موضوع السلام جانبا، واخذنا حركة حماس وتشبيهها ب"داعش"، وإعتبارهما وجهان لعملة واحدة، ويطالب المجتمع الدولي بمحاربتها، وهو ما رفضته حليفته الاستراتيجية، الولايات المتحدة، التي اصدرت تصريحا مباشرا للرد على تشبيهه. لانها تعتبر حركة حماس شريكا لصناعة السلام، وكونها جزءا من جماعة الاخوان المسلمين الدولية، التي تعول عليها في تنفيذ المخطط الاميركي في المنطقة. ولمعرفتها حقيقة مواقف الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة من وجود حماس في المشهد السياسي، ولادراكها، ان نتنياهو يكذب، ولم يقل الحقيقة، لانه، هو، من رفض بعض التوجهات الاسرائيلية الداعية لتصفية حركة حماس، وأصر على بقاءها، لانها تمثل بالنسبة له ضمانة في تامين المخطط الاستراتيجي الاسرائيلي. وحكومة إسرائيل ورئيسها، هي من طالبت دول الاتحاد الاوروبي وبعض العرب بتسديد فاتورة رواتب موظفي حركة حماس؟ كيف يستقيم ما تقوم به إسرائيل للحفاظ على حماس مع الدعوة لتشبيهها ب"داعش"، التي باتت عنوانا جديدا لاستنزاف طاقات وموارد العرب من خلال الحرب الانكشارية، التي تخوضها اميركا وحلفائها عليها؟

اما صواريخ حركتي حماس والجهاد وباقي اذرع المقاومة، التي اطلقت على إسرائيل، ولم تصب سوى عدد محدود من الاسرائيليين، فردت عليه رئيسة وزراء الارجنتين قبل ان يصعد الى منبر الجمعية العامة بيوم، عندما كشفت هزال وبؤس الذرائعية الاسرائيلية، باستخدامها الرد الفلسطيني المتواضع على الاستخدام المجنون لاسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية لابادة ابناء الشعب العربي الفلسطيني في محافظات الجنوب، والتي اوقعت ما يزيد على ثلاثة عشر الفا من الابرياء بين شهيد وجريح ودمرت بشكل همجي احياء وبلدات بكاملها خلال ال51 يوما من حربها المسعورة . فضلا عن ان المعادلة الاسرائيلية المقلوبة لم تنطلي على احد، لان الشعب الفلسطيني كفل له القانون الدولي حق الدفاع عن حقوقه الوطنية المسلوبة، ودحر الاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل واشكال النضال، وبالتالي الادعاء النتنياهوي، بانه شن حربه الوحشية على الفلسطينيين "دفاعا" عن ابناء مجتمعه، كذبة مفضوحة، وعارية من الصحة؟

خطاب نتنياهو، كان مليئا بالمغالطات والاكاذيب حتى ضد الامم المتحدة، كل كلمة فيه كانت تنضح بالتزوير والافلاس، وهو ما شعر به كل إسرائيلي سمع الخطاب، وهذا ما عكسه كتاب الاعمدة في الصحافة الاسرائيلية من خيبة امل كبيرة، لانهم اعتبروه تكرار ممل لم يحمل جديدا سوى الخواء...

اخر الأخبار