الجد أبوعلاء وأنا

تابعنا على:   23:52 2014-09-22

الاء نزار

لا تجدها إلا في غزة جد يبقي ذكرياته معه رغم كبر سنه وضعف عينيه على التحمل ورعشة يديه يخبرني " أبو علاء " الحاج طلال أبو كويك الذي يقطن مخيم الشاطئ , الذي التقيته أثناء عملي كمتطوعة في المؤسسة الدولية لرعاية كبار السنHelp Age International عن أحداث الحرب الاخيرة على قطاع غزة والتي كانت أشد ضراوة وقسوة ووجع من أحداث سابقة ألمت بالشعب الفلسطيني .

يتحدث أبو علاء عن أيام يقضيها مع أحفاده حيث لا تفارق الابتسامة وجوههم ويلعبون دون أي منغصات بكى الصغير أحمد كيف لجده أن يخبره بان الفرح سيأتي بعد حين وكل يوم يفقد رفيقا له بسبب المعاناة الفلسطينية المستمرة .

لا يستطيع الحاج أبو علاء ان يعود لحياته الطبيعية قبل واحد وخمسون يوما , لا يستذكر كيف كانت استقباله للصباح وكيف تغرب الشمس الى بلاد اخرى تحدثهم عن يوم قضته في غزة .

أبوعلاء والذي كان معتادا ارتياد بيت جدودنا الذي يعتبر أحد أنشطة المؤسسة والذي يجتمع به كبار السن سوية يتحادثون ويضحكون وكل يقص قصة عن مغامرات عاشها في حياته , أو عن أحفاده الأشقياء أو شريكة عمره التي بقيت صامدة معه برغم كل ظروف الحياة المتقلبة في غزة يكشف كل منهم عن خبراته ومعارفه ويسعد بممارسة ما يحب مرة أخرى ويجد في المكان من يهتم لما يفعل ويحفزه على المزيد وأنه ما زال باستطاعته أن يقدم من خبراته شيئا للشباب ليأخذو منها العبر ويكونوا بغاية السعادة ولا ترهقهم مشكلات قد يواجهونها مستقبلا , شعورهم بالعطاء يبقيهم على قيد الفرح في كل مرة يزورون بها المكان , اليوم وبعد انتهاء الحرب يرجع ابو علاء بنفسية مغايرة وشخص آخر بلا روح ترى في ملامحه حزنا عميقا واغبرار سنوات رسمت على لوحة سوداء , لا يتحدث إلا القليل ولا يجد من يواسيه ويشاركه امتعاضه , يصر أن يكتب كل ما يعاصره ويشاهده بتفصيل ساعة وتاريخ وعمر بلغ الثلاثة والستون منذ ان كان صبيا صغيرا الى جدا يرى بعيون احفاده مستقبل أفضل .

الحاج يرسم لوحات تعبر عن مرور السنوات ويوميات الحب والحرب واصدقائه وجلساتهم وحتى ألعاب صغاره ورسائل نقلها للبحر من امام منزله .

الفخار والأواني المزخرفة وفرن الطابون هي أعمال يسطر من خلالها أبو علاء التاريخ الفلسطيني العريق المتمثل بالحكايات الشعبية والزي الشعبي والامثال الشعبية والفلكلور وغيرها الكثير ، الحرب الأخيرة جعلت من أبو علاء شخص مختلف , يرى الحياة من جهة أخرى , ترى في شيب شعره حكايات وطن يعيد بنائها أثناء تواجده في بيت جدودنا تلك المساحة التي تحييه وسط جو الألفة الاسرية والتكافل الاجتماعي الجميل , فيعزز ذلك من ثقته بنفسه ويشعره بالحب الكبير ورغبته بالعطاء , وما أجمل الجلوس مع أجدادنا وسماع قصص عن فلسطين الوطن والقضية .

 

اخر الأخبار