سؤال مطروح .. من يخلف عباس ؟! نظرة تحليلية

تابعنا على:   18:00 2014-09-20

سميح خلف

sمنذ سنوات والسؤال المطروح من يخلف عباس ؟ ولدواعي طرح هذا السؤال وأهميته وأسبابه أن عباس يوما بعد يوم قد بلغ من البلغ ما بلغه وهي حقيقة الكون والحياة ومسبباتها ونهايتها لأي إنسان ، وشيئ آخر ربما له من الأهمية أكثر من سابقه ،أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعيش في كنف برنامجه الذي أوضحه سابقا وفي عدة مرات ، أنه مع السلام والتفاوض ثم التفاوض ولا خيار آخر لحل الصراع مع العدو الصهيوني ، وأمام طرحه هذا قد اتخذ عدة قرارات جوهرية في مسيرة حركة فتح ومسيرة منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها وأهدافها ، فهو بكل صراحة ليس مع العمل المسلح وليس مع انتفاضة ، وكما برر ذلك بأنه حريص على أرواح الفلسطينيين التي قد تحصد ، ونسي أن الشعوب لا يمكن أن تحرر أراضيها إلا بمقدار ما تدفعه من تضحيات من أبنائها ، كما حدث في كل الثورات العالمية التي نجحت في تحقيق أهدافها ، فلا سمو لشعب يبقى رهينة وذل تحت الإحتلال ويفاوضه على غذائه وحياة أبنائه وحرية أراضيه .

السيد محمود عباس ذكر في أكثر من زمان ومكان وآخرها منذ أن أعلن عن مفاجئته لوضع حل نهائي للصراع مع العدو الصهيوني ، قائلا إن لم تنجح مبادرته فإنه سيقدم استقالته ويحل السلطة !

في حين أنه قد أوضح أيضا في أـكثر من مكان ومنذ سنوات أنه لا ينوي أن يرشح نفسه لرئاسة جديدة .

الشرعيات في الساحة الفلسطينية هي شرعيات منتهية ، بدأ بشرعية الرئيس وشرعية المجلس التشريعي ، وعندما كانت الأقاويل تتحدث عن أن في حالة حدوث المفاجأة في بقاء الرئيس من عدمه ، فإن رئيس المجلس التشريعي سيقوم بخلافة الرئيس ، ولكن هنا بعد آخر لمن هو سيخلف الرئيس ، عندما ترتفع أرصدة منظمة التحرير تارة وعندما تنخفض تارة أخرى في لغة الرئيس، فالمفاوضات تتم باسم منظمة التحرير كمنشيت عريض وتحت رعاية اللجنة التنفيذية التي يرأسها محمود عبّاس ، ففي وجود عدم الشرعيات وتعطل الانتخابات فإن أمين سر منظمة التحرير هو الذي سيخلف الرئيس عباس ، ولكن واقع آليات العمل يقول إن السلطة هي التي تقود التفاوض والعمل على الأرض .

هناك احتمالات متعددة ومتغيرات قد تحدث ، ربما تخرج عن كل تلك التصورات وأيقوناتها ، وخاصة أن القضية الفلسطينية أصبحت مدرجة أمنيا وسياسيا وبعد العدوان الإسرائيلي على غزة ، حيث فرضت توازنات سياسية وأمنية جديدة رسمت بين إسرائيل والشعب الفلسطيني ، وارتفعت أرصدة وانخفضت أرصدة أخرى ، ويبقى الرئيس عباس ضعيفا لأن كل برنامجه أصبح في مهب الريح بعد نكسات كبرى قد تعرض لها هذا البرنامج واستيلاء إسرائيل على غالبية الضفة واحتلالها المباشر لها ، حيث صرح الرئيس في أكثر من مكان ومن قادة السلطة أن السلطة فقط هي لغرض أداء وظيفة الرواتب ، وربما الصراع أيضا بينه وبين حماس قد احتدم على آليات المستقبل ومن يمثل تلك الآليات ، فتعتبر حماس نفسها قد انتصرت ويجب أن تقطف ثمار هذا النصر سياسيا ، أما محمود عباس فقد قام بإحتواء تلك المعركة عجرها ببجرها من خلال رئاسة الوفد المفاوض ومن خلال ما يسمى الشرعيات المقبولة اقليميا ودوليا ، في كل الأحوال بلا شك أن غزة ما قبل الحرب ليس هي غزة ما بعد الحرب على كافة المستويات ، بل الأيقونة الفلسطينية بكاملها ليست هي ما قبل الحرب ، بل هناك من التنبؤات بأن متغيرات جما ستحدث على الواقع السياسي والأمني للشعب الفلسطيني والإسرائيلي أيضا ، وخاصة أننا نرى ملامح حقيقية لشرق أوسط جديد لن تبعد كثيرا عن فلسطين والشعب الفلسطيني وخريطة فلسطين وخريطة إسرائيل .

الرئيس الفرنسي أولاند يصرح بأن مشروع قرار لمجلس الأمن سيقدم لحل نهائي وشامل للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،وهذا يفتح تبويبا جديدا وضاغطا على كافة الأطراف وخاصة عندما تتعلق الأمور بشرعية دولية كمجلس الأمن ، ربما أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد لعب بآخر أوراقه التي بعدها سيذهب ليقول التاريخ فيه كلمته من مبادرة لإنسحاب من أراضي 67 محدد زمنيا والإتفاق على كافة الجوانب الأمنية وغيره بما فيها تدويل القدس ، وعندما يقول الرئيس محمود عباس إذا فشل سينهي السلطة فأعتقد أن هذا محل هرطقات ، ولأن وجود السلطة من عدمها لا يقرره عباس نفسه ، ولكن من الممكن أن يستقيل أو ينسحب ، فإسرائيل جانب في وجود السلطة وأمريكا جانب في وجود السلطة وكل الأطراف الموقعة على وجود تلك السلطة ، وربما أيضا أن هناك من الأقوياء في الأجهزة الأمنية والمستفيدين من واقع السلطة لن يسمحوا بإنهيارها في ائتلاف مباشر مع قوى إقليمية بما فيها إسرائيل .

بلا شك أن محمود عباس يعيش آخر أيامه السياسية ،أما الموت فيعلم الله متى سيرحل، ومن هنا كان الحديث عن نائب للرئيس تردد مرارا وبدون أي نتائج فعلية أو عملية ، ولأن الرئيس عباس عالي الشأن في نرجسياته ، ولذلك يبقى التغيير مفروض إقليميا ودوليا ،فلقد عبر أوباما عن فشل السياسة الأمريكية في إيجاد حل للصراع قائلا ( أن المشكلة في ضعف عباس وقوة نتنياهو ) وصرح كيري لكي تنجح عملية السلام في الشرق الأوسط (يجب أن يرحل عباس أو نتنياهو أو الإثنين معا) ونذكر هنا بما حدث للمالكي في العراق والضغط والقرار الأمريكي .

تدور التكهنات حول خلافة عباس وتتمحور في عدة شخصيات :

1-      القائد الفتحاوي وعضو اللجنة المركزية والرجل القوي في فتح محمد دحلان.

ومن سمات ومميزات هذا القائد الفتحاوي أن يوصف بالرجل القوي في فتح ، والذي له علاقات اقليمية ودولية واسعة ، وهو شاب متفهم لمشاكل الشباب ، وابن مخيم للاجئين ، يعمل بصمت ،قريب من قلوب المستضعفين في فتح والشعب الفلسطيني ، تقول الاستطلاعات أنه أكثر المرشحين شعبيا ،ربما كانت عملية فصله من اللجنة المركزية من قبل الرئيس عباس تعبر عن حالة الذعر التي تمتلك الرئيس من هذه الكاريزما ، ولذلك تحركت عجلة الإعلام القوية لتشوه هذا الرجل بالإضافة للقرارات التي صدرت بحجة القانون والقضاء لقطع الطريق عنه لأي تمثيل لحركة فتح من داخل أطرها الحالية ، في حين أن مخطط الانفصال عن غزة كان صناعة صنعتها دوائر بلير مع عباس وإسرائيل للحل الاقتصادي الأمني ، وحماس قد تورطت في هذا الانفصال التي ايقنت مؤخرا أنها كانت ورطة لها بإدارة قطاع غزة في المرحلة السابقة ، كما تم استغلال اسم محمد دحلان في تنفيذ مخطط الانفصال حيث أصبح عدوا لحماس ولأبومازن معا ، ولكن بعد مجهودات عديدة ولعدم وجود أي حقيقة موضوعية لكل الادعاءات والاتهامات ضد محمد دحلان ، هناك قاعدة واسعة من حماس أصبحت مقتنعة بأن يكون محمد دحلان في شراكة حقيقية ووطنية مع حماس في إدارة قطاع غزة والمشروع الوطني ، بالإضافة إلى اكتسابه قاعدة عريضة من الأكاديميين والمثقفين وكم كبير من الشباب .

وأتت عملية فصل محمد دحلان قوة لمحمد دحلان أمام المعارضين لخط محمود عباس ، وخاصة دعوات دحلان الوحدوية ولمتشددة تجاه الإحتلال والتي أطلقها بين الحين والآخر عبر صفحته على الفيس بوك ولقاءاته بالفضائيات ، وهو يقود التيار الإصلاحي داخل حركة فتح ، وانتماءه للمظلومين والمفصولين والمضطهدين والفقراء ، كل هذا يخوله أن يكون المرشح رقم 1 لخلافة الرئيس عباس ببعد ذاتي وإقليمي ودولي.

2-      مروان البرغوثي:

مناضل فلسطيني ظهر اسمه جليا بعد الإنتفاضة الثانية ، وارتبط اسمه بكتائب شهداء الأقصى وتمويلها ، عندما اجتاحت قوات الإحتلال الضفة الغربية قامت بإعتقاله والحكم عليه بأكثر من مؤبد ، يصفه البعض بأنه مانديلا وهو عضو لجنة مركزية لحركة فتح ، له اطروحات تصطف إلى جانب المقاومة ،ليس لديه برنامج سياسي يخرج عن برنامج أوسلو ،يفتقر للدعم الإقليمي والدولي ، له شعبية محدودة في الضفة الغربية وغزة .

يقال أمام اطروحات ومناشدات الضغط لخروجه عبر تبادل الأسرى بأن الرئيس عباس قد وقف حائلا أمام خروجه خوفا من خلط الأوراق في الضفة الغربية والتعكير على برنامجه السياسي.

3-      محمد اشتية :

وهو رجل اقتصاد وعضو لجنة مركزية في حركة فتح ، ويعتبر من الخبراء الاقتصاديين ، وفي اعتقادي الكاريزما العلمية الخاصة به تخوله أن يكون وزيرا وليس رجلا أول ، وربما يكون نسخة قريبة من أبومازن في حال أصبح رئيسا.

4-      جبريل الرجوب:

وهو أسير سابق ، ينتمي لفتح وأصبح عضو لجنة مركزية ،ظهر اسمه أيضا بعد الانتفاضة الثانية ، يعتمد جبريل الرجوب على العمل العشائري من ناحية ، وناحية أخرى هو رئيس الاتحاد العام للكرة الفلسطينية ، يمتلك علاقات لا باس بها مع اسرائيل ، يداوم على حضور مؤتمر بيرز للسلام ،يتقرب إلى حماس ، ومع لغة التصالح معها تارة ولغة التشدد تارة أخرى ، وهو رجل أمن من خلال استطلاعاتنا يمتلك شخصية دكتاتورية ويميل إلى الفردية في التصرفات والممارسة ، لا يمتلك قاعدة من العلاقات الدولية والإقليمية ، يمكن أن يكون رجل دولة ولكن ليس رجلا أول .

5-      سلام فياض:

وهو رئيس الوزراء السابق ، يميل إلى البراغماتية وهو رجل اقتصاد وعمل في الصندوق الدولي ، يقود تيارا سياسيا في الضفة الغربية ، له حنكة اقتصادية في إدارة المؤسسات ، تمتنع عنده الواسطة والمحاباة ، يميل أيضا إلى اللجوء للقاعدة الشعبية ، مقبول غربيا وأمريكيا ، عليه عدة انتقادات أثناء رئاسته للوزراء وخاصة تجاه غزة التي تكشفت أنه الأيام أنها كانت أفضل حالة من حكومة الحمد لله المرتبطة سياسيا بشكل كامل مع سياسة الرئيس ، وهي ما كانت محل خلاف في عهد فياض مع الرئيس نسبيا ، في ظل رئاسة مستقرة لفلسطين ، يمكن أن يكون رجلا مجديا ونافعا.

6-      ماجد فرج:

وهو رئيس المخابرات العامة ، وهو أسير سابق في سجون الإحتلال ، حرص الرئيس عباس على تسليمه عدة ملفات هامة ، أنجز في حقل المخابرات عندما تعاون في تسليم أحد قادة القاعدة في ليبيا للأمريكان ،يثني على نشاطه الأمريكان ، ولكن تبقى ممارسة جهاز المخابرات العامة في الضفة الغربية محل نقد كبير من الجمهور الفلسطيني وتنسيقه مع الإحتلال واشتراكه في ملاحقة النشطاء في الضفة الغربية من كافة الفصائل ، ولا ترضى عنه الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد .

ربما حاولنا في هذا المقال توضيح السمات الأساسية لما هو مطروح فلسطينيا وربما دوليا لخلافة عباس الذي يلعب في آخر أوراقه في خطاب الجمعية العامة هذ الشهر ، ومفاجآته التي ليست بمفاجآت والتي ستنتظر الفيتو الأمريكي المعترض على تلك المبادرة والتي ترفض فيها أمريكا تحديد سقف زمنيا لإنسحاب إسرائيل من أراضي 67 وربما لأن هناك اطروحات وخريطة سياسية جديدة للدولة الفلسطينية التي حققت فيها إسرائيل سيطرتها على ما يسمى يهودا والسامرة ، فلفلسطين خارطة جديدة ربما سترسمها موازين القوى الدولية والإقليمية ،ويبقى السيد محمد دحلان هو المرشح الأقوى لخلافة عباس كما أوضحنا سالفا.

اخر الأخبار