نقص المناعة العربية

تابعنا على:   13:34 2014-09-20

ابراهيم ابوعتيله

لا أحب ان أكون عنصرياً ولن أكون ، كما وأكره الشوفينية بكل اشكالها ومعتنقيها ، وايماني المطلق بأن الناس سواسية ، مهما كانت أصولهم وأجناسهم وأديناهم ، أمقت كل من ينادي بسيادة جنس من البشر على جنس آخر ،، فأفضلية بعض البشر على غيرهم ترتبط بما يؤمنون به وبما يعملون من أجله لخدمة دولهم وخدمة البشرية ، ولكني أحس بالمرارة والحنق الشديد عندما أرى حال العرب في أيامنا هذه ، وربما هو ذات الحال منذ سقوط رئاسة الدولة والخلافة الاسلامية بايدي غير العرب ، فمن وقتها بدأ الحس العربي بالتراجع ، وبدأت الكرامة العربية بالتدهور والإنحطاط إلا من بعض الحالات الفردية وذات الأعمار القصيرة .
مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، أطلقوا على الدولة العثمانية لقب رجل أوروبا المريض ، وبدأت الدول الاستعمارية الجديدة ذات الماضي المظلم بنهش أراضي وشعوب الدولة العثمانية وتوزيعها إلى مناطق نفوذ بينهم ، وحيث أن ما يسمى العالم العربي كان جزءاً من نفوذ تلك الدولة فقد تعرض إلى النهش والتقطيع ، ولو مررنا سريعا على حال عالمنا العربي لخجلنا من عروبتنا ونحن نسمعها تشتمنا وتتبرأ منا يوماً بعد يوم ، فالعروبة أسمى من أن تعترف بهكذا عرب ، فالعروبة كرامة وكرم ، عزة وشموخ ، نصر لصديق قبل نصرة الأخ ، وفاء وإخلاص ، وكلها كلمات لا تعني شيئاً لدينا نحن عرب القرن السابق والحالي وربما كما اشرت عرب قرون ماضية ومنذ عهد المعتصم ,,,,
نعم ، لقد فقدنا نحن العرب الحاليين الكثير من معاني العروبة ، ارتضينا بالفرقة والخنوع والتبعية والاستسلام والبحث عن السيد ، فنحن نعاني من أمراض مستعصية نكابر في إخفائها، فكل جزء من عالمنا العربي له مشاكل خاصة به ويعاني من أمراض مستعصية فهناك الأتنية والشوفينية والصراع بين العروبة والفرنجة في بلاد المغرب العربي مع ما يصاحب ذلك من طمع بالموارد وتبعية بالموقف السياسي ، ومن دول المغرب إلى ليبيا وانهيار الدولة والرجوع إلى ما قبل الدولة المدنية من حكم للميليشيات والقبائل ، فمصر التي تعاني من الصراع بين تيارات مختلفة من إسلام سياسي وعلمانية خبيثة ومن قبطي وفرعوني ونوبي ولا ندري إلى اين سيصل الصراع مع ان اطرافه كلها ترتبط بشكل أو بآخر مع الخارج ، ولو توجهنا جنوباً لرأينا سودان تتقطع اوصاله وتتجزأ مناطقه فصومال لا يتعرف اصلاً بعروبته الا لكونه عضواً في جامعة يقال عنها عربية فهاهو يعاني المرارة باقسى صورها وليس من الأمرين فحسب وجيبوتي التي تعاني من جوع وفقر كما هو حال جزر القمر التي رغبت بالعروبة ولم يخدمها العرب ولن أتعرض إلى العرب في مالي واريتريا وتشاد واثيوبيا الذين يعانون الذل والحرمان ... أما في الشرق فحدث ولا حرج ففلسطين قد ضاعت أو أضاعوها ولم ينصروها وأخشى ان تكون نهايتها كالأندلس ، وذات الأمر ينطبق على لواء الاسكندرونه والأحواز العربية ، ونرى بعد نصر تحقق في فلسطين ما آلت إليه الأمور من مناكفات وتضاد ولم يبق غير استعمال السلاح بين الأطراف المتصارعة فلكل مرجعه ومصالحه وتبعيته ، وفي الأردن نقص موارد وحالة اقتصادية مستعصية وما يترتب عليها من صعوبات في العيش،وليس الوضع في لبنان بأحسن من ذلك علاوة على مايسود فيه من حكم لأمراء الطوائف وما لهم من ارتباطات ، أما في العراق فقد بثوا كل أمراض العالم من فرقة وطائفية قاتله وتبعية مدمرة وأتنية بغيضة وإسلمة سياسية حاقدة وفساد ونهب ومحاصصة ، وفي دول الخليج نهب للثروات وشراء للضمائر وتبعية مطلقة ، أما في اليمن فقد استحضروا الفرقة بين شمال وجنوب وطائفية ما كانت لتكون لولا صراع مراكز القوى ... وأختم باستعراضي بما يحصل في سوريا من نزيف دماء وقتل على الهوية والطائفة دون أدنى ضمير أو مبرر ... فكل ذلك له مبرر واحد ووحيد .. فهو من أجل عيون كيان الصهاينة الرابض على القلب العربي ....
صنعوا لنا صنماً ، كذبة كبرى ، أسموها الجامعة العربية ، فكانت أساساً للفرقة ، فقد عززت القطرية بدلاً من تكون أداة للقومية ،، وأضحت الآن مطية يركبها كل أعداء العروبة ، فهي التي مررت ضرب وتدمير العراق وهي التي طردت سوريا العربية من مقعدها وكأنه بذلك تجردها من عروبتها ولكن هيهات ، وهي التي باركت خطة الاستسلام العربية بما فيها نكران لحق عودة للاجئين الفلسطينيين وهي .... وهي ... الكثير ، نعم وبالرغم مما يبذله البعض ولو بصورة فردية أو شعبية من محاولات لتعزيز جهاز المناعة العربية ولو قليلاً فإن الجامعة تلك أو المفرقة هذه تحبط كل المحاولات .. جامعة أصبحت سبباً من أسباب البلاء العربي وأداة من أدوات محاولات تدمير العروبة ، فهي اضحت مصدجراً لمرض نقص المناعة العربية وبتنا نلاحظ عربا أو ناطقين بالعربية يشتمون العروبة والعرب وكأنهم من كوكب آخر ، وهنا أقول ومن أجل الشفاء من هذا المرض فلا بد من بحث عن مؤسسة بديلة عن تلك المفرقة العربية يكون للعروبة فيها قول ويختفي فيها صوت الناطقين بالعربية ، نظام عربي جديد للرد على ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد ، فالعروبة أسمى من كل من ينطقون لفظاً بالعربية وهم براء من العروبة ومن القلب والضمير والجينات العربية ، واللسان العربي الأصيل يرفضهم كيف لا وهو الذي أكرمه الله بأن كان لسان القرآن الكريم.

عمان – الأردن

اخر الأخبار