غزة تكشف العورات

تابعنا على:   13:09 2014-08-30

عزالدين عفوس

وأخيرا، وضعت الحرب أوزارها في غزة ، كاشفة حقائق عدة ما كانت واضحة إلى هذا الحد حيث رفع اللبس والغموض عن كثير مما كان يدور في الكواليس.

ومن أهم الأشياء التي انكشفت بكل جلاء و وضوح، نذكر الموقف العربي الرسمي؛ ففي الوقت الذي فرح فيه المسلمون بهذا النصر، طفت على السطح أنظمة عربية متصهينة تبخس من شأنه بل ولا تعتبره نصرا، وهي الطائفة التي ساندت إسرائيل في حربها القذرة طيلة واحد وخمسين يوما، قتل فيها نحو من ألفي فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء وجرح الآﻻف وشرد عشرات اﻵﻻف وهدمت البيوت والمساجد، وهذه المواقف المتآمرة على المقاومة والداعمة ﻹسرائيل، صرح بها غير واحد من القادة الإسرائيليين بل ومنهم من اعتبر ذلك نصرا استراتيجيا تحققه الدولة العبرية.

انتهت الحرب إذن وخلفت لنا ركاما كبيرا من المواقف العربية المتناقضة تجاه القضية الفلسطينية، التي ظلت أنظمتنا تصدع رؤوسنا بدعمها وتبنيها بل ومنهم من اعتبرها قضيته الأولى ! حتى أن الناس كانوا إلى وقت قريب يصدقون ذلك، إلى أن كشفت الحرب عن عورات بعض هذه الأنظمة العربية، ليتبين للناس مدى تصيهنها وكرهها للمقاومة وكيدها لها وخذلانها في الأوقات الأشد حرجا، ولعل الله ابتلانا بهذه الحرب لنميز الخبيث من الطيب،

وفي مقابل ذلك أبانت المقاومة الفلسطينية بكل تلاوينها عن أصالة معدنها، وحسن استغلال الموارد المتوفرة لديها، حينما نجحت في جر إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة الأمد صمدت خلالها المقاومة أيما صمود (انهارت جيوش ست دول عربية امام الجيش الاسرائيلي في أقل من ست ساعات) هذا الصمود الأسطوري قوض أهداف اسرائيل التي من أجلها أعلنت الحرب على غزة إذ لم تستطع وقف صواريخ المقاومة ولا هدم كافة الأنفاق ولم يستطع جنودها وطء أرض غزة !

صحيح أن ميزان القوة في صالح اسرائيل التي تتوفر على أحدث الآليات في مقابل أسلحة المقاومة\"البدائية\"، ولكن حينما تطال يد الغدر والاحتلال أرضك وأبناءك لا يصبح هذا الميزان ذا معنى، فليس للفلسطينيين إلا المقاومة بما توفر لهم، فالعدو ليست له أخلاق ولا قيم ولا مبادئ : يقتل الأطفال والشيوخ والنساء ولا يبالي، في حين حاولت المقاومة أن تكون أكثر أخلاقية منه إذ كانت تستهذف الجنود وتصدر البيانات تحذر فيها المستوطنين.

لقد أظهرت الحرب على غزة أن كثيرا من الأنظمة العربية صنيعة الصهيونية العالمية أصبحت جد مقرفة وباتت تشكل عقبة في وجه التحرر والا نعتاق من أغلال الاستعمار الصهو-أمريكي، فلم تعد تلعب تحت الطاولة بل كشفت كل أوراقها ولم يعد لها ما تستر به عوراتها. وما عليها إلا التوبة والاصطفاف خلف المقاومة ﻷنها هي الرهان الرابح

اخر الأخبار