هل تكون المصالحة آخر الضحايا؟؟؟

تابعنا على:   21:27 2014-08-29

يحيى رباح

مازلنا في أول يوم التهدئة التي بدأت في الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء الماضي، و من خلال تثبيتها بشكل راسخ نريد أن نبدأ مفاوضات جادة نحقق فيها مطالبنا الصغيرة، إنهاء الحصار بفتح المعابر، و توسيع رقعة الصيد البحري، و إلغاء المنطقة العازلة التي تحيط بقطاع غزة و تبلغ مساحتها 35% من مساحة الأرض التابعة للزراعة و حوالي 17% من مساحة قطاع غزة، و تدفق المواد اللازمة لإعادة الإعمار، و إعادة بناء مطار غزة و الشروع في بناء ميناء غزة، بشرط أن تكون هذه الطلبات الصغيرة جزءاً عضوياً من الهدف الرئيسي و هو إنهاء الاحتلال!!! لأنه بدون إنهاء الاحتلال و قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 و عاصمتها القدس الشرقية، فإن هذه المطالب لا قيمة لها على الإطلاق، فقد كانت موجودة و ذهبت تحت أنقاض الحروب السابقة، بل إن هذه المطالب و أكثر منها هي بنود رئيسية في آتفاقات أوسلو، فأين هي الآن؟؟؟
قد لا يستطيع أي متابع أن يحكم على نتائج تهدئة طويلة من خلال أربعة أيام، فالأنفاس ما تزال ساخنة، و الجراح ما تزال ملتهبة، و الضجيج يصم الأذان، و رقصات النصر و زغاريده و مؤتمراته الصحفية و بيناته العجيبة تشكل كلها سحابة غبار تحجب الرؤية و لم تنقشع بعد.
و لكن، و بما أن قوة القضية الفلسطينية و مأساة القضية الفلسطينية أنها متداخلة مع كل الأطراف في هذه المنطقة، فإن بعض الإشارات الصادرة وسط الضجيج لا تبشر بالخير!!! و على سبيل المثال لا الحصر نورد بعض الملاحظات:
أولاً: أن صوت المقاومة – و هو نموذج لبناني فرضه حزب الله في لبنان – لا يتساوق مع المصالحة و لا يتساوق مع المستوى السياسي، بل إنه يعترض على المفاوضات قبل أن تبدأ، دون أن يراعي وجود حكومة توافق، و مهمات إعادة إعمار ثقيلة جداً لن تتحقق إلا بمستوى عالي من المصالحة و الوحدة الوطنية و إرادة سياسية يستجيب لها الجميع.
ثانياً: أن الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة طيلة الواحد و الخمسين يوماً الذي تجلى بمشاركة فعالة من كل الشعب الفلسطيني في الوطن و داخل الخط الأخضر و الشتات يراد له أن يستثمر في مسارات لا علاقة لها بفلسطين من بعيد أو قريب، و هذا ما كشفة عن التصريحات و المواقف التي أعلنت بعد سقط طائرة التجسس الإسرائيلية فوق الأراضي الإيرانية، فإيران التي تفاوض الدول الخمس + واحد لم تلجأ إليهم للجم إسرائيل حتى تكف عن التجسس على إيران، و هو عمل يومي تقوم به إسرائيل ليس فقط عبر الطائرات بدون طيار بل عبر أقمار صناعية إسرائيلية معلن عنها مخصصة لذلك الغرض، بالإضافة إلى وسائل أخرى، و لكن إيران تريد أن تسلح الضفة الغربية لتقوم هي بالرد بينما تستمر هي بالتفاوض!!! و على الفور سمعنا كل الجوقة الإيرانية تعزف نفس النشيد!!!
ثالثاً: أن بعض التدخلات قد وصلت إلى حد يثير أقصى درجات الدهشة، فلقد بدأ هذا العدون الغاشم على خلفية الشبان الثلاثة الإسرائيليين الذين خطفوا ثم قتلوا في الثاني عشر من حزيران الماضي، و كانت نقطة الأرتكاز أن الاتهامات الإسرائيلية لحماس كانت بلا أي دليل!!! و فجأة يقوم أحد قادة حماس \"صالح العاروري\" بدرجة ملفته جداً للنظر من الشفافية بالاعتراف الصريح بأن حماس هي التي فعلتها، و أن الخاطفين هم من حماس، و لكن دون علم القيادة العليا لحماس، لماذا هذا الاعتراف المجاني؟؟؟ و من الذي طلب هذا الاعتراف بالضبط؟؟؟ و إذا كان الشعب الفلسطيني كله في الضفة و القدس و قطاع غزة و حتى داخل الخط الأخضر قد دفع و مازال يدفع الثمن الباهظ، ألم يكن من حق هذا الشعب الفلسطيني قبل إعتراف صالح العاروري أن يأخذ علماً مسبقاً بأن حماس أوجعها ضميرها و تريد أن تعترف؟؟؟ أم أن الموضوع له خبايا أخرى؟؟؟
نذكر – إن نفعت الذكرى – أن هذا العدوان الغاشم، بخسائره الدراماتيكية، و شهدائه و ضحاياه بالآلاف، و أوجاعه التي لم تبرد بعد، و ركامه الذي قد يستمر طويلاً، كان له هدف معلن و هو تحطيم المصالحة و الوحدة و حكومة التوافق و الجهد المتصاعد للقيادة الفلسطينية، فهل بعض هذه الملاحظات التي ذكرتها لكم تصب في نفس الخانة؟؟؟ أم أن لها مآرب أخرى؟؟؟
[email protected]

اخر الأخبار