الطريق الى القدس ..

تابعنا على:   10:36 2014-08-29

عبداللطيف أبوضباع

أقول ؛لأصابع الفتنة والشر ، ولأذناب الصهاينة ،للأصوات الناعقة ، للأقلام المأجورة ،ولكل أبواق التخدير والتزييف ، لكل الجبناء المثبطين ،إنتصرت الإرادة الفلسطينية ، انتصر الحق الفلسطيني ، انتصرت الضحية على الجلاد ، انتصرت المقاومة الفلسطينية ، إنتصر الإنسان الفلسطيني ، انتصرت القضية ، انتصر المشروع الوطني الفلسطيني، انتصر الحلم الفلسطيني ، وانتصرت غزة العزة رغم أنف الطغاة وأتباعهم ومن سار على خطاهم .

هناك من يتاجر بالقضية الفلسطينية ، ويقامر بعذابات ودماء الشهداء والجرحى ، والبعض يتاجر بالحقوق والثوابت الفلسطينية من أجل مصالح شخصية ،فئوية ،سياسية ، حزبية ضيقة ، تجارة دنيوية خاسرة . ولكن \"هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله ورسوله ، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون \" . هذا كلام الخالق عز وجل ، الله مالك السموات والأرض ، العزيز الجبار ، هذه \"روشته \" سماوية إذا صح التعبير ، ونداء من المولى عز وجل للذين أمنوا ،والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ، هذه دعوة من الله تعالى إلى طريق الخلاص والنجاح والفلاح ، وسعادة الدنيا والآخرة . وذلك في تجارة خاصة ، لا يضاهيها أيٌ من أشكال التجارة القائمة بين البشر ، مهما بلغت صفقاتها وأرباحها ؛ لأن هذه متاجرة مع الله الخالق الرزاق ، ربحها أعظم وأوسع ، ليس مالا ولا متاعا ولا مركزا ولا جاها أو سلطانا ، إنما هي النجاة من النار ، ومن العذاب الأليم ، وهل بعد النجاة من النار إلا الفوز بالسعادة الأبدية في نعيم الجنة.

معركة \"العصف المأكول\" هي الخطوة الأولى على الطريق ، طريق النصر والتحرير ، طريق العزة والكرامة ، طريق الأمل والمستقبل ، نعم ؛ أستطيع القول أن هذه المعركة هي بداية الفتح بإذن الله . بندقية المقاومة هي من رسمت معالم هذا الطريق ، المقاومة الفلسطينية اليوم أثبتت للقاصي والداني وما بينهما، أن إرادة الحق، هي المنتصرة مهما تجبر الطغاة والغزاة والمحتلين .لكن المعركة الحقيقية، أم المعارك ، هناك .. هناك ..هناك ، في المكان الذي تهوي إليه أفئدتنا ، هناك حيث تسكن الروح وترفرف بجناحيها فوق سمائها ، هناك في مدينة السلام ، زهرة المدائن ، عروس الكون ، جوهرة التاريخ والجغرافيا ، أيقونة الجمال ، في القدس .

أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، ومن أجل تحرير الشام و تحريرها ،جهز أمير المؤمنين وخليفة المسلمين أبوبكر الصديق رضي الله عنه لهذه الغاية أربعة جيوش عقد ألويتها لأربعة من كبار القادة ، عمرو بن العاص ، شرحبيل بن حسنة ، يزيد بن أبي سفيان ، وأبوعبيدة بن الجراح ، وبعد ذلك انتقل أمير المؤمنين الى دار البقاء وتولى الخلافة من بعده ، الفاروق رضي الله عنه القائد الصنديد عمر بن الخطاب ، وهو الذي أوعز الى أبي عبيدة ان يزحف الى القدس ، وكان جملة من سار في المعركة ، سبع فرق مجموع أفرادها خمسة وثلاثون ألفا ، فرسان ، صناديد ، رجال ، ماعرف التاريخ أصبر منهم على الجوع والعطش ، صدقوا ماعاهدوا الله عليه ، وكان مبدأهم في الحروب والمعارك ، \" لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها \".

أم المعارك ، هناك في القدس ، المسألة مسألة وقت لا أكثر . كانت القدس على مر العصور محط أنظار الجيوش والغزاة ، وظلت قائمة في هذا الوجود ، وظل اسمها مذكورا في طليعة المدن والبلدان ، ذلك لأنها مركز العالم والتاريخ ، ومقدسة في جميع الأديان . عيوننا لاترحل اليها كل يوم ، لأن الرحيل هو الانتقال من مكان الى مكان أخر ، وهذا لم يحدث . عيوننا وقلوبنا وأرواحنا وأجسادنا باقية في القدس لم ولن ترحل في أي يوم من الأيام .

القدس هي الاختبار النهائي ،وأقول ، لامعنى ولاطعم للإنتصار الحقيقي بدون القدس ، ولامعنى لفلسطين بدون القدس ، معركتنا الحقيقية هناك ، في ساحات وباحات المسجد الأقصى ، الكيان الصهيوني يعتقد أننا نحارب من أجل ميناء أو مطار ، أو من اجل تخفيف حصار هنا ، وإزالة كم حاجز هناك ،أو من أجل \"دويلة \" مسلوبة السيادة والإرادة على حدود جغرافية مصطنعة . الفلسطيني يقاتل من أجل تحرير أبواب وأسوار وزوايا القدس ، ومن أجل تحرير الأرض والإنسان .

وربما يدرك بعض القادة الصهاينة أن معركتنا الرئيسية في القدس وعلى القدس ومن القدس ، لذلك يعملون على قدم وساق لتهويد القدس ، وتشويه معالمها ، وتزييف تاريخها ، وتهجير سكانها ، هذه هي الأيدلوجية الصهيونية العدوانية التوسعية العنصرية الفاشية المتطرفة ، منذ زمن بعيد . وسأضع هنا نبذة بسيطة من سجل الفظائع والمجازر الصهيونية بحق القدس وأهلها ، حسبما ورد في الشهادات المدونة في وثائق الأمم المتحدة ، \" فإن اسرائيل في العتمة التي سبقت فجر 11 يوليو 1967 ، وبعد توقف القتال مباشرة ، زحفت القوات الاسرائيلية الى حي المغاربة ، في مدينة القدس ، وأعطت الفلسطينين المقيمين هناك إنذارا لمدة ثلاث ساعات لإخلاء بيوتهم ، وبعدها قامت البلدوزرات الاسرائيلية بدك البيوت ومن بينها مسجدان ، تاركة 135 أسرة أي 650 رجلا وامرأة وطفلا دون مأوى ، وكان ذلك هو بداية الإجرام الصهيوني \" .

العدو الصهيوني ضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية التي تدعو للإنسحاب من الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية ، وجاء الرد الصهيوني على كل تلك القرارات واضحا لا لبس فيه ، من خلال مايسمى ب القانون الأساسي الذي قرره الكنيست الصهيوني بتاريخ 30 يوليو 1980 معلنا أن القدس الموحدة -الغربية والشرقية - هي عاصمة (اسرائيل). وهذه رسالة واضحة لدعاة السلام والإستسلام .

إذن هذه هي العقيدة الصهيونية ، احتلال و نهب الأراضي والاستيلاء عليها بالقوة ، وتقنين هذا الاحتلال ، هذا هو جوهر المشروع الصهيوني منذ عهد هرتزل الى الآن لا ولم ولن يتغير . وهذا هو جوهر الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني . يؤكّد عالم النفس السويسري الشهير \"جان بياجيه\" أن الصراع جزء من طبيعة الحياة وخوض المعارك من أجل ما نؤمن به هو جزء من اتّساع وعينا، وإثراء خبراتنا.

ونحن نؤمن بعدالة قضيتنا ، وندرك أن الطريق الى القدس صعب ولكنه ليس مستحيلاً. لأن معركة العصف المأكول ، وانجازات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام ، كانت في يوم من الأيام صعبة وربما مستحيلة! ، لكن الإرادة والعزيمة والإعتصام بحبل الله والإصرار والإيمان والصبر والعمل التراكمي والتخطيط والمثابرة والتضحية ،كل هذه المكونات أثبتت أن النصر صبر ساعة ، وأن المقاومة الفلسطينية بدأت فعلا بصياغة الاستراتيحية الكبرى للتحرير ، وأن الطريق الى القدس بات قاب قوسين أوأدنى . من الحجر الى الصاروخ ، ومن غزة الى القدس إن شاء الله

وعليه بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أسرتي ،نبايع المقاومة الفلسطينية ، وكلنا خلفها وحولها ومعها على طريق تحرير القدس وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر الى البحر .

موعدنا الصبح والصبح ليس ببعيد

اخر الأخبار