مصادر العدو في الملاحقات الأمنية

تابعنا على:   19:13 2014-08-22

محمود فنون

لا بد من المراجعة فدماء الشهداء الثلاث وغيرهم تستصرخ للمراجعة والتدقيق .

كثيرا ما نجح العدو في مهماته الأمنية المتعددة لدرجة أنه يمكن القول أن العدو يلاحق مهاما سهلة وبوسائل تقليدية معروفة لنا جميعا أخطرها على الإطلاق في الوقت الحاضر هي مصادر التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي الذي يقوم على جمع آلاف التقارير من عناصر الأمن ومن يخدمونها ومن أقاربهم وأصدقائهم وتسليمها للعدو الصهيوني كعملية \" مقدسة \" كما وصفها رئيس السلطة الفلسطينية .

إن التنسيق الأمني يقوم على جمع المعلومات والتقارير من المشاهدات والملاحقات عن كل ما يتحرك وما لا يتحرك في البيئة المعينة ورفعها للجهات المسؤولة التي بدورها تدرسها وتسعى لاستكمالها ونقلها للجهات المعنية المختصة وهو بهذا تنسيق من طرف واحد أي خدمة من قبل طرف للطرف الآخر .

أما مصادر المعلومات فهي البيئة الإجتماعية والسياسية والوطنية التي يتحرك فيها عناصر الأمن ومن يخدمهم من المندوبين وكل العاملين .

كما ان مصدرا مهما جدا للمعلومات هو التحقيقات التي تقوم بها سلطات التحقيق الإسرائيلية أو الفلسطينية مع العناصر الوطنية الفلسطينية أو من تعتقد انه من الممكن أن يقدم معلومات مفيدة ضد الوطن والحركة الوطنية ومكوناتها وأفرادها .

إن التحقيق هو مصدر خطير من مصادر المعلومات الأمنية بل هو الأقرب الى التزويد بالمعلومات التي يمكن استخدامها فورا للمساس بالحركة الوطنية الفلسطينية وأفرادها . مصدر التحقيق هو عبارة عن هتك الأسرار بواسطة أشخاص من أهل البيت وكل معلومة لديهم هي معلومة خطيرة ومباشرة وضررها مباشر . والعدو ومن تجربته في التحقيق تعرف على آلاف الأشخاص ونفسياتهم ومقدار الخدمات التي يمكن أن يؤديها الواحد منهم فيما إذا قبض عليه واقتيد إلى أقبية التحقيق .

هناك يقدمون المعلومات الخطيرة ولا يتوجهوا لفصائلهم لمصارحتهم بالنذالة والخدمات التي قدموها للعدو والتي يستخدمها العدو مباشرة في ملاحقة الحركة الوطنية وتراكيبها بما في ذلك القتل والإعتقال وكل ما تتمخض عنه عبقرية الإحتلال لهدم الحركة الوطنية وبناها وتراكيبها .

ومن بين هؤلاء قد يتمكن العدو من زرع العملاء والمندسين في أوساط الحركة الوطنية ليشكلوا مصدرا ورافدا للمعلومات والمعارف التي يحتاجها العدو لضرب وملاحقة الحركة الوطنية .

وكل من جندتهم إسرائيل عبر سنوات الإحتلال الطويل لخدمتها وخدمة امنها .

بالإضافة إلى ما تستفيده من المتابعات من خلال التكنولوجيا .

وكل ما تقدمه لها الدول الصديقة والمساندة للإحتلال وعدوانيته على فلسطين .

كل هذا موجود الآن في قطاع غزة ويشتغل بأقصى طاقة ممكنة . وقد قلت في مقابة سابقة بأن العدو جند جيشه وما بيده من أدوات حرب وتقنيات وجند كذلك التنسيق الأمني والعملاء والتنسيق الأمني لا يقتصر على التنسيق مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ، هناك كل من جندهم الأمن المصري في القطاع والأمن المصري ينسق مع أمريكا وإسرائيل وكذلك كل النظم العربية التي جندت عملاء ومندسين لها من أهلنا في فلسطين وكل هذه الأنظمة تلتزم التنسيق الأمني مع أمريكا ومع إسرائيل .

هناك سلاح آخر يجعل هذه الأدوات مفيدة للإحتلال يتعلق بالسلوك :

سلوك الأفراد والقيادات وما يمكن أن يتولد عنه من ثغرات وخاصة في أوقات ( الوساع )وكل ما يتعلق بالقيام بالدعايات الفردية والمؤسسية وما تتركه هذه الممارسات من ثغرات يستفيد منها العدو . الأشخاص يختلفون عن بعضهم فمنهم من لا يحفظ لسانه أو أسراره ويفضل أن يأتمن عليها آخرون .

وفيما يتعلق بالتفريط في التحقيق أو السلوك الذي يترك الثغرات فإن الأمر يحتاج إلى تربية متصلة أي عملية متواصلة من تربية الأفراد والجماعات والأجيال وخلق ثقافة الصمود والكتمان وحسن التصرف بما يخفي الأسرار الثمينة عن العدو .( ومن المعلوم أن العدو في جولته العدوانية السابقة اعتقل عشرات الأفراد من قطاع غزة كما اعتقل كثيرون من الضفة وجمع منهم الكثير من المعلومات الهامة )

إن القضاء علىى التفريط في التحقيق والسلوكات غير الثورية يتطلب بالإضافة إلى التربية سلوكا صارما من قبل التنظيم والجهات المسئولة في المحاسبة والملاحقة واتخاذ الإجراءات الرادعة والإجراءات الحمائية واتخاذ الإجراءات الإحتياطية إثر حملات الإعتقال وتخوين من يخدم العدو في التحقيق وخارج التحقيق ومعاقبته بحزم لا يتزعزع دفاعا عن الثورة والحركة الوطنية .

إن العمل السري المكشوف أي نصف السري يفيد للكادرات المجتمعية التي تتحرك في أوساط الجماهير : في أوساط الطلاب والعمال والقطاعات المختلفة بما يعزز تواصل بنى الثورة والحركات الوطنية مع الجماهير، على أن يتسلحوا بثقافة الصمود وصون الأسرار تحت جلودهم والشعور بالعداء للعدو ورفض تقديم الخدمات الثمينة له حين الإستدعاء أو التحقيق .

بعد ذلك ليس سوى السرية بأعلى درجاتها .

إن هذا كان ولا زال ضروريا لحماية الكادرات من الإغتيالات . فنحن الشعب والوطن بحاجة لهم أحياء وليس شهداء أو معتقلين في السجون .

هناك الكثيرون يتغنون بالقادة الشهداء من فصائلنا المختلفة ولكنهم لا يبحثون في الطرق التي مكنت العدو من استهدافهم وهذه نقيصة كبيرة .

وهناك الكثيرون يدلون بكل قيئهم أمام المحققين ولا أحد يحاسبهم فالمسؤولون كذلك تقيئوا أمام المحققين \"والغميضة شاملة \".وكان الصامدون يمثلون نسبة الأقلية وهم النموذج الثوري .

وعل إثر سقوط الشهداء الثلاث واستهداف القائد الوطني العسكري الفلسطيني محمد ضيف لا بد من وقفة مراجعة وهذا أوانها ولا مدعاة للتأخير .

اخر الأخبار