مسامير وأزاهير 334 ... (الناصرية) يا سيسي إيمان وممارسة!!.

تابعنا على:   15:32 2014-07-31

سماك العبوشي

دأب الإعلام المصري المقروء والمرئي والمسموع ومذ اعتلى السيسي سدة الحكم في مصر على التبجح من أن السيسي يسير على هدى وخطى عبدالناصر !!، وأنه رفض ويرفض زيارة الكيان الصهيوني، فأجيبهم: وما الذي يعنيه ذلك!؟، لا شيء أبدا!!، فحسني اللامبارك لم يزر الكيان الصهيوني يوما، ورغم ذلك فإن مواقفه السياسية المعلنة وغير المعلنة تجاه قضية فلسطين عموما وغزة تحديداً بما مارسه من تضييق الخناق عليها قد صبـّـت جميعها لخدمة الكيان الصهيوني وسعت لإرضائه وكسب وده!!، ولم يقتصر الأمر على ذلك، فلقد راح إعلام الانقلاب في مصر هذه الأيام يبرز بوسائله تلك عبارة للسيسي راح يرددها بخطاباته بأن لا مزايدة على دور مصر التاريخي تجاه قضية فلسطين، وأن مصر قد قدمت عشرات ألوف من الشهداء في معاركها القومية، وأقول للسيسي تمام يافندم فلقد صدقت ورب الكعبة في جزئية التاريخ هذه فقط، فعبارتك هذه تمام التمام فقط حين كانت مصر وتحت راية خالد الذكر جمال عبدالناصر تدافع عن شرف الأمة وكرامتها، مستنيرا بما فعل السلف الصالح من قبل، كصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من براثن جيوش الفرنجة، أما الحديث عن دور مصر العروبي في عهدك يا سيسي وعهديّ السادات ومبارك فهو لعمري مجرد هراء في هراء!!.

يا إعلام السيسي الأصفر، إنكم والله لتكرهون عزة مصر، وأنكم تالله لَتسْعـَـون لتشويه صورتها وتقزيم دورها وإبعادها عن حاضنتها العربية، وأنكم والله وتالله وبالله لأذلة مأجورون تلهثون خلف مطامع دنيوية زائلة، أما نحن فبحمدالله مازلنا على عشقنا لمصر الكنانة، مصر المحروسة، قلب العروبة الكبير النابض، فلقد عشقناها يوم احتضنت آلامنا وأوجاعنا طيلة عقدين من الزمن الجميل حتى أواخر عام 1970، حيث أحسسنا بدفء حضنها وعظيم حنانها وطيب وأصالة مشاعرها، وكانت ابتسامة ساحرة على ثغر كل حزين، وشفاءً وبلسما لكل جريح، وصدرا رؤوما لكل عربي أصيل كان قد سعى لتخليص وطنه من قيادة عربية متواطئة أو لتحريره من نير احتلال أجنبي غادر بغيض، ولقد استلهمنا من قيادتها التاريخية آنذاك معنى الفروسية والشهامة والنخوة العربية، فكانت حقا وصدقا منارة لأحلام نهضة العرب ولنضالات الأفارقة وتطلعات شعوب دول عدم الانحياز، لكن نبراس عروبتها انطفأ وخـَـفـَـتَ هدير صوتها العروبي الصدّاح المدوي بعد رحيل زعيم العروبة خالد الذكر جمال عبدالناصر \"رحمه الله\" بتاريخ 28 أيلول 1970 فأشيح بوجه مصر قسرا بعيدا عنا، وأحسسنا بعد رحيله بيتمنا وعظيم بلوانا وعمق جراحنا ومصابنا!!.

\"لو فرض القتال فى فلسطين فإن ذلك لن يكون مجرد حرب فى أرض عربية بل سيكون واجباً مقدساً للدفاع عن النفس\"... \"تحرير القدس رهن بتحرير القاهرة ومعها كل العواصم العربية، تحرير القرار السياسى وتحرير الإرادة الوطنية والقومية هما الشرطان اللازمان لخوض صراع حقيقى ينتهى ليس فقط بتحرير فلسطين بل وبتحقيق الوحدة العربية ومن ثم الانخراط فى تأسيس مشروع حضارى نهضوى للأمة العربية وكانت الثورة هى أداة تحقيق هذه الانطلاقة\"... عبارتان صدحت بهما وبمثلهما طويلاً حنجرة خالد الذكر جمال عبدالناصر في خطاباته ولقاءاته الجماهيرية ومنذ الأيام الأولى لثورة 23 يوليو المباركة معلنا فيها أن قضية فلسطين هي قضية العرب المركزية، وأنها في عمق قلب وروح مصر شعبا ونظاما.

يا ناصر ... أيها الهرم العربي المصري الأبي الشامخ المتدفق حبا وحنانا وعطاءً، قد يُتـِّمت فلسطين بل والعروبة كلها من بعدك، ثم زاد شقاؤنا واتشاحنا بالسواد حين تنكر السادات لإرثك النضالي والثوري القومي العروبي مذ وطأت قدماه القدس المحتلة وإلقائه كلمته البائسة أمام قطعان يهود في الكنيست الصهيوني معلنا فيها دونما خجل ولا استحياء عن خلع مصر لرداء القومية العربية واستسلام نظامها السياسي للكيان الصهيوني، ثم أتبعها بتوقيعه معاهدة الذل والهوان، مكبلا بتوقيعه ذاك يديّ مصر العظيمة ومعلنا عن بيع قضية فلسطين في سوق النخاسة والنذالة وللأبد وبثمن بخس متجاهلا دماء شهداء جيش مصر الأبي مقابل عودة سيناء \"المشروطة\" ناقصة السيادة عارية لحضن أمها مصر!!.

ودارت الأيام، وجاء الربيع العربي بنسماته العطرة لتنعش من جديد آمالنا وأحلامنا بانهيار \"بعض\" أنظمة رجعية عربية فاسدة كان على رأسها نظام المخلوع اللامبارك، وتنفس شعبنا العربي الصُعـَـداء من جديد، فإذا بثورة شباب مصر الكنانة تجهض في مهدها ويثخن في جراحاتها، ليعود نظام اللامبارك بوجه جديد تمثل بالسيسي ليتحكم بمصر وقد ازداد وحشية ورجعية وقهرا، فأغلق المتنفس الوحيد للمحاصرين المرابطين في غزة، ونبش في تراب سيناء ليمنع شرايين ديمومة الحياة من أن تمد غزة الصمود والصبر والإباء بالدواء والغذاء و\"بعض\" مستلزمات الحياة الأخرى، فكان سندا مؤازرا لما أقدمت عليه دولة الإغتصاب الصهيونية من إحكام إغلاق تام للبحر والبر والسماء، ثم يأتي إعلام مصر الماجور متبجحا معلنا أن السيسي لا ولن ينسى قضية فلسطين، وأنه سائر على خطى عبدالناصر!!.

إن ما جرى من قبل ويجري اليوم من هجمة وحشية سافرة صهيونية على غزة، إنما هو مخطط صهيوني خبيث، بتدليس وتدبير أمريكي وتواطؤ وصمت عربي رسمي مهين يهدف إلى كسر إرادة آخر قلاع المقاومة الفلسطينية وتصفية أو تحجيم وتكميم أفواه من آمن ورابط وصبر وصاح بأعلى صوته قولاً وممارسة من أرض غزة الرباط بأن لا خنوع ولا استسلام للمحتل الغاشم، فكان من تداعيات ما جرى، تلك المشاهد المأساوية التي جرت وتجري في غزة والتي لا يصدقها العقل السوي كما ولا يرضاها إنسان منصف صاحب ذرة ضمير، فهناك قصص مروعة، هي غيض من فيض ما يجري على أرض غزة، تسجل في تاريخ نضال وصبر ومرابطة هذا الشعب العظيم.

في مقالة سابقة لي بعنوان (مسامير وأزاهير 137… كيف نحقق للصهاينة مقولتهم \"الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت !!\" (المنشورة في الامواقع الالكترونية بتاريخ 5 / 2 / 2010 تحدثت فيها عن مخطط خبيث لخنق الفلسطيني وإرهابه وتطويعه وقتل أحلامه كي يستسلم لإرادة المحتل ومشيئته، وهاهي الأحداث الجارية في غزة تؤكد مصداق ما ذهبت إليه، فلقد سار العدو الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية في خلق تلك الظروف والأجواء، ووضعوا الخطط الكفيلة لتنفيذ مخططهم ذاك، وابتدأ ذاك المسلسل تحديداً بعد رحيل زعيم الأمة خالد الذكر جمال عبدالناصر وتوقيع نظام مصر السادات معاهدة كامب ديفيد سيئة الصيت وخروج مصر الشقيقة الكبرى من دائرة الصراع العربي الصهيوني، ليظهر على الساحة السياسية بعدها مفهوم دول الاعتدال العربي التي راحت تنادي وتهلل للقبول بالتسوية السياسية السلمية بين الفلسطينيين والصهاينة بحجة اختلال موازين القوى الدولية التي جعلت من الكيان الصهيوني صاحب حق يدافع عن حقه!!، ثم جاء دور أوسلو وما تمخض من توقيع اتفاقياتها من استحداث السلطة الوطنية الفلسطينية التي جاءت لتحل محل منظمة التحرير الفلسطينية - الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين - التي ألغيت الكثير من بنود ميثاقها، خاصة تلك التي تحض على مفاهيم الجهاد وتدعو للتحرير والتصدي للعدو، لندخل بعدها في متاهة مفاوضات عبثية طيلة عقد ونصف من سنوات عمر قضية فلسطين رافقها تنسيق أمني مع الكيان الصهيوني أدت إلى تعطيل الجهاد وزج رجاله في معتقلات ، فكان من تداعيات ذاك كله تطويع الفلسطيني وقتل أحلام العودة وإقامة دولته الفلسطينية الموعودة وصولاً لتحقيق شعار (الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ... بإحساسه، الضعيف الإرادة، القانع بمصيره، المحارب برزقه ورزق عياله!!).

هكذا سعى الكيان الصهيوني لتحقيق شعاره وجعل الفلسطيني الحي ميتاً في الوقت ذاته من خلال جعله : فلسطينياً مطواعاً مرتهناً سليب الإرادة!!، فلسطينياً محجم الفعل والقدرات!!. ، لكن هيهات لشعب غزة بإذن الله تعالى ومشيئته أن يستسلم أو يركع، ولقد فضح صمود أبناء غزة الأسطوري وتضحياتهم الجسام والتفافهم حول الفصائل الفلسطينية المقاتلة تلك الأقزام وأنظمتهم العربية البائسة وأسقط عنها جميعا وعن إعلامها الأصفر المتخاذل ورقة التوت التي تستر عوراتها!!.

ختاما ... أقول لأبناء الرباط في غزة الصمود والبطولة والفداء ما جاء في محكم آيات الله البينات: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ\"...(آل عمران: 173).

 

اخر الأخبار