غزة : بأي حال عدت يا عيد؟!!!

تابعنا على:   12:48 2014-07-28

أمد/ غزة – خاص – ناصر عطاالله : يمر عيد الفطر هذا العام على قطاع غزة ، في أجواء ملبدة بالدم والغبار ، وإن لم يؤجل وصوله بعض الايام لينتهي العدوان ، استقبله أهل القطاع بقليل من الترحاب ، وكثير من الحزن والأسى ، وكاد البعض يتجاهله تماماً ، لإنشغاله بلملمة فوضاه الجديدة ، فمن يقيم منذ أيام في مسجد أو مدرسة أو عند معارف له ، لا يستطيع أن يستقبل ضيفاً بكامل حريته ، أو حتى أن يغتسل ويغسل جسده من أجله.
العيد في قطاع غزة وصل ليكون شاهداً على جرائم الاحتلال ، وفحش ما يرتكب بحق البشر والحجر والشجر ، ولم يكن ضيفاً يرتدي ثيابه التي اعتاد عليها الناس ، بل جاء بلباس المحارب ، ليتسلل عبر الحواري المدمرة ، والمقابر الممدة ، والأحزان المحشوة بقلوب الناس ، فهذا العيد لم يأتي بالفرح وليس من أجل الفرح ، جاء ليبكي مثل الثكالى والمحرومين والمكسورين والمشردين والمقهورين ، ليعود من حيث أتى ولكن محملاً بصخب الأنين.
شيماء ابنة التاسعة من عمرها ، أبت أن تأخذ من خالها عيديتها ، وردت عليه والدمعة في عينيها :\" رد لي أمي وأخي سمير.. أخذ منك العيدية.. ردني الى بيتنا في الشجاعية ، لكي اعانقك واقبلك مثل كل عيد .. رد لي الحياة لكي أعيش العيد..\" فبكى الخال وخجل وانصرف حزيناً .
رامي ابن الرابعة من عمره يقيم في مدرسة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في جباليا ، لا يعرف للعيد موعداً ولكنه يعيش مرارة فقدان الأم ، فمن يعطيه الحلوى ، يتقبلها ولكنه يجول بناظريه يبحث عن من كانت تعطيه قطعة الحلوى فيضحك ويأكلها ويطلب منها المزيد ، أمه التي قتلت بردم منزلها ، تركت رامي للأيادي الغريبة تعطف عليه ، أو تشكو الله ممن جعله لطيماً ، وأفسد عليه حياته .
الشيخ على المنبر في خطبة العيد لم يتجاوز قلبه الفظائع التي يعيشها سكان قطاع غزة ، والتي ترتكب من قبل عدوهم ، فبعد التكبير مراراً اظهر بواطن صدره فبكى بحرقة وأبكى من سمعه ، على النساء والأطفال والشيوخ الذين قضوا بغير ذنب ، وعلى البيوت التي دمرت ظلماً، وعلى المشردين في مراكز الإيواء وفي العراء ، خطبة ممزوجة بحال قطاع غزة المنكوب .
سلوى ابنة السادسة عشرة من عمرها وقفت على شرفة المدرسة ، تجمع غسيل أهلها المنشور وتذرف دمعاً على والدتها التي لم تعد حاضرة في حياتها ، وعلى عيد مر عليها ووجه الحزين يقطع القلوب من الحرمان ، ويجعلها تندب حظها في هذه الحياة ، وتقول :\" ما بعد كل هذا الخراب والموت عيد في حياتي ، ويكفي موت أمي لكي أعيش بدون عيد بعد هذا اليوم..\".
قطاع غزة الذي يعيش محنة فاقة التوقعات ، وأظهرت قبح العدو المتغطرس ، يحاول أن ينهض من ركامه، ولو بقدم عرجاء ، ولكن قلوب أهله العامرة بالأمل لازالت تبقي للمناسبات السعيدة قشورها ، ولو بالشعائر الدينية ، فليس أقل من أن يجتمع المصلون في بيوت الله ويتحلقون بعد خطبة العيد ، ليصافح كل واحد منهم الأخر ، ولو ببعض الكلمات المجروحة ، والعيون الحزينة ، ورضى النفس في قدر الله من الإيمان ، فغزة التي لا تنكسر في منازلة ، عودت أهلها أن يبقوا على خط الحياة بما تيسر.

اخر الأخبار