محمد ومعه أنس وحمزة الأشقاء الثلاثة يعد أفطارهم من الشهداء

تابعنا على:   16:50 2014-07-24

أمد/ غزة – تقرير محمود فودة : نادى محمد على أخيه أنس بأن يُعجل من إعداده لفنجان القهوة، فيما انشغل أخاهم الأوسط حمزة في تتبع أخبار القصف العشوائي لمنازل المواطنين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

تهادى أنس يوسف معمر (17 عامًا) بأقدامه الخفيفة لأطراف الغرفة, التي جمعت الإخوة لتناول وجبة السحور, الهدوء ساد المكان بعد أن شدَت الصور الأولية من حي الشجاعية انتباه الأشقاء الثلاثة, ليباغتهم قصف \"إسرائيلي\" تناثرت بعده أشلاؤهم في أرجاء المكان.

يقولون منَ فقدت أحد أبنائها ثكلى والله معينها على مصابها لأنها فقدت فلذة كبدها, ولكن ماذا عمن فقدت كبدها كله؟!, بل قُرات عينيها!, منَ فقدت ثلاثةً من أبنائها في غمضة عين!

تجلس الحاجة أم صالح معمر وسط جو السواد باطنًا وظاهرًا , تقول لـ\" الرسالة نت\":\" اللهم لك الحمد ابتداء, الله يرحمهم أولادي, والله غاليين عليا يما\", لتغرق بعد هذه التمتمات في دوامة بكاء لدقائق.

في كل حينٍ تراها تسرح بعيدًا لتفكر في ذكرى لكل واحدٍ منهم, تارةً تفكر في حال أبناء محمد, وتارةً في استعدادها لزواج حمزة , وأخرى تحضيراتها لدخول أنس مرحلة الثانوية العامة, فـ\"إسرائيل\" أنهت أحلامها وأخذت أبنائها في رمشة عين!

الشهيد الأكبر من بين الأشقاء الراحلين هو محمد إبن الثلاثين ربيعًا , رحل تاركًا خلفه رفيقه الصغير عمر, وزهرتان جميلتان لم يلتقين بعد ببنات جيلهن في رياض الأطفال.

\"أنا حتى اللحظة مش مصدقة اللي صار, رحت أحضر السحور, لحين ينتهوا من شرب فنجان القهوة, صارت الضربة, لا أكلوا سحور ولا شربوا قهوة!\" تروي زوجة محمد ما جرى لـ \"الرسالة نت\".

(إسرائيل) خلال حربها الثالثة والمستمرة حتى اللحظة على قطاع غزة أبادت عائلات بأكملها, مُسحت من السجل المدني تمامًا, أي قتلت الأب والأم والأبناء, دون ذنب يذكر لتصنع في القطاع مجزرة, ولنا في عائلة الحاج وكوارع وحمد والسكافي وأبو جراد والقائمة تطول! لخير دليلٍ وشاهد على وحشية \"إسرائيل\".

أم الشهداء التي لم تفتأ تُراجع ذكريات الأبناء تكمل حديثها لـ \"الرسالة نت\": \"أولادي كانوا قاعدين بتابعوا في الأخبار على التلفزيون, وما إلهم علاقة بكل الأحداث , فجأة انقصفوا بصاروخ وتكوموا فوق بعض أشلاء\".

الصاروخ الذي قتل الأشقاء الثلاثة لم يأخذ أجسادهم فحسب, بل أنهى جو مرحٍ لطالما طاف في أرجاء منزلهم, روح الأخوة والمحبة تجلت في أبهى صورها بين الشهداء الراحلين, فهم لم يفارقوا بعضهم حتى في موتهم!

الشهداء محمد يوسف معمر (30 عامًا) وأخويه حمزة (24 عامًا) وأنس (17 عامًا), جلسوا في الغرفة التي تتضمن شرفة تطل على الطريق العام, علًها تأتي بنسمات هواء نظيفة, لم تعكرها رائحة البارود والدماء التي عمت أجواء قطاع غزة في ظل عدوان (إسرائيلي) متواصل تخطى الأسبوعين زمنًا, والإجرام أزمانًا !.

رحل الأشقاء الثلاثة جماعةً عن الدنيا, فيما تتبقى والدتهم رفقة أحبائهم يعيشون آلام الفراق, يقول أحد أصدقاء الشهداء الشاب رامي طعيمة لـ\"الرسالة نت\": \"أطيب شباب شفتهم بحياتي, كنت بعتبرهم مثل أخوتي\".

ويضيف ذارفًا الدموع على رحيل أصدقائه: \"صعقت لحظة سماعي خبر استشهادهم, ما ذنب شباب بعمر الزهور تقتل هكذا بدون سبب ولا رحمة !؟ \", تساؤله قد يلقى جوابًا عندما يكون الفاعل ينتمي لفئة الإنسانية لا الوحشية كدولة الاحتلال!.

ودَعت أم صالح أبنائها الشهداء وفي قلبها غصة على فراقهم قائلةً: \"حسبي الله على اليهود اللي حرموني من أولادي\", لتكرر دعائها مع كل تكبيرة صلاة موقنة بأن الله سينتقم لها ممن أغابوا حضور أولادها عن اعينها.

الاحتلال (الإسرائيلي) يتّم أبناء الشهيد محمد , ورمّل زوجته , وأعيا أم صالح بفراق أولادها, لكنها ليست الجريمة الأولى ولا الأخيرة, فالعدوان المستمر على قطاع غزة أوجد آلاف المآسي والأحزان التي لن ينساها الشعب الفلسطيني, ولن يغفر لصانعها.

عن الرسالة

اخر الأخبار