مربعات مبهمة ما بين خطاب عباس وبيان منظمة التحرير

تابعنا على:   03:52 2014-07-24

سميح خلف

بداية لكي لا يقال أنني معارض من أجل المعارضة، وأن متجهاتنا دائما هي المتجهات الوطنية الأصيلة التي طالبنا بها منذ عقود ومنذ مسارات الخطأ والخطايا بحق الشعب الفلسطيني والقضية، ولكن لا بأس.. ولأننا شعب عاطفي وتطغى عليه المزاجية أحياناً، وهذه نقاط ضعف أصابت الكيانية الفلسطينية منذ النشأة الأولى للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين ومنذ عام 1905 والقيادة الفلسطينية التي كان أداء الشعب الفلسطيني وتضحياته من خلالها أقوى بكثير وأجسر وأكثر بينة من خطوات أولئك القياديين والسياسيين.

أولاً خطاب عباس لا نستطيع أن نقول أنه كله سلبي، ولكن كان هناك جملة يجب ان تعرّف جيداً، ومصطلح سياسي يفهمه السياسيين وهو خطر جداً، وهو \"وقف الأعمال العدائية\"، وإذا ما رجعنا إلى منهجية الرئيس عباس السياسية يمكن أن نفسر تلك الجملة على أنها مساواة بين صاحب الحق والمعتدي وبين المقاومة التي تطالب باسترجاع حقوقها وأرضها وبين المحتل والعدوان وهذا يصب في منهجية الرئيس عباس من خلال أقواله السابقة وأفعاله ومواقفه وآخرها وليس بآخرها كان مقولاته في جدة مع وزراء الخارجية العرب، فهل يستطيع عباس سياسياً أن يلغي جميع تصريحاته التي تؤكد امن دولة إسرائيل في حدودها، وهذا ما يتعارض مع طموحات الشعب الفلسطيني الوطنية، وأن تتحول منهجية الرئيس الفلسطيني من النقيض إلى النقيض في خلال أيام؟، يمكن أن نفسره سياسياً ومن خلال ازمة العلاقة بين أميركا وإسرائيل ولو كان هناك بالشكل العلني دعم واسع لإسرائيل في عدوانها على غزة إلا أن الإدارة الأمريكية تمتعظ من سلوك ناتنياهو وحكومته والتي قال كيري عنها في اجتماعه مع وزراء الخارجية في دول أوروبا \"لا يمكن أن يحل السلام في منطقة الشرق الأوسط إلا برحيل عباس أو ناتنياهو أو الاثنين معاً\"!!، ويؤكد كلامي ما سجلته أجهزة الإعلام غفلة عن كيري معلقاُ على المنهجية العدوانية والعسكرية المتغطرسة الصهيونية قاتلة المدنيين في غزة قائلاً \"تباً لهكذا عملية دقيقة\"، هنا لابد أن نضع مرتكزات لمتغيرات في المنهجية السياسية تخضع لمتغيرات إقليمية ودولية قد اتبعها الرئيس الفلسطيني عباس بتغيير منهجيته فهو ليس لديه الشجاعة الكاملة ليعلن مثل تلك المواقف بدون دعم اميركي وأوروبي وعربي أيضا لتقليم أظافر ناتنياهو والغطرسة الإسرائيلية التي كشفت وعرت برنامج الرئيس عباس للسلام، بل التي أضعفت منهجية تعول عليها الإدارة الأمريكية في إنهاء القضية الفلسطينية، وربما التساوق مع المقاومة الآن يأتي من هذا القبيل بأن تلك القيادة قد فقدت آخر اوراق شرعيتها وبالتالي لابد من لبس لباس المقاومة والإنخراط في منهجيتها ولو لحين، لعملية إحتواء دولية لقطاع غزة وكما يطرح على المستوى الإقليمي والدولي الآن ونزع سلاح المقاومة وحل أبدي وتاريخي للصراع من خلال اهداف قزمية كفتح المعابر والإعمار، مع تناسي اهداف هامة للشعب الفلسطيني وهي الحقوق وعودة اللاجئين وفشل حل الدولتين، حيث تتجه الامور الآن في سياق بيان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي انحازت لمشروع المقاومة وهي بالأمس قد كانت في خندق مترادفات أوسلو بعد ما أسقطت حكومة الإحتلال اوسلو ذاتها، هكذا المنطق السياسي يمكن ان يكون ولكن لا نستطيع أن نقول الآن أن ما جاء في بيان اللجنة المركزية غير إيجابي، بل هو إيجابي اذا صدقت النوايا، ولكن في الدول والشعوب التي تعرف قيمة شعوبها إذا فشلت منهجية أو برنامج فإن على من فشلوا أن يرحلوا لا أن يتسلقوا جدار المقاومة، ولأن المقاومة منتصرة وقد تغير موازين القوى والتعاطي معها إقليمياً ودولياً، هكذا هو التصور.

ما بين خطاب عباس وميوعة صياغة بعض الجمل كـ\"الحراك الشعبي\" مثلا لمواجهة الاحتلال ومساندة غزة، جمل مطاطة كالعادة وهي ترادف قصة المقاومة الشعبية السلمية التي لم تفيد بشيء في مقاومة الاحتلال بل كانت منشيت إعلامي، بل كان هناك خطوات مهمة جداً للسيد عباس إذا كان يريد أن يدخل التاريخ ويمسح أو يتناسى الشعب الفلسطيني الضرر الذي ألحقته منهجيته في القضية والشعب الفلسطيني على مدار عقدين، عليه يجب أن يتخذ المواقف الآتية:

1-الوقف الفوري للتنسيق الأمني.

2-البحث في قضية أكثر من 20 ألف مقاتل يجيرون للتنسيق الأمني وما هو دورهم في المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي بجنرالاتهم برتبهم.

3-التوجه الفعلي لمحكمة الجنايات الدولية وإحياء تقرير غولدستون مدعماً بالمذابح التي افتعلتها قوات الاحتلال في الشجاعية ورفح والزيتون وجباليا وبيت حانون.

4-كان على محمود عباس في خطابه أن يعتذر للشعب الفلسطيني عن كل التصريحات التي استغلها الإحتلال في هجومه على غزة مثل التصريحات التي تناولها في جدة واصفاً المختطفين بانهم أولاد بشر، في حين أن فتى فلسطيني قد حرق، أليس هذا بشرا؟؟

5-على محمود عباس قبل أن يبحث في توافق وطني مع فصائل منظمة التحرير وحماس والجهاد الاسلامي وتحالفهم في بوتقة واحدة لدعم منهجية سياسية نضالية جديدة نثني عليها إن صحت، عليه أن يعيد النظر في جميع قراراته الصادرة بخصوص ابناء حركة فتح الذين هم الآن خارج الإطار قيادات وكوادر وعناصر.

6-اذا كان السيد محمود عباس لنسيجه وجلدته النضالية كمؤسس لحركة فتح التي كانت منهجيتها الكفاح المسلح وسيلة لتحرير فلسطين عليه أن يعيد النظر في جميع قرارات الفصل التي أتخذت بحق المناضلين ظلماً وعدواناً والتي اثرت على مسيرة حياتهم وشردتهم في أسقاع الأرض.

7-على الرئيس محمود عباس أن يعيد النظر في كل المنعطفات الخطرة التي مرت بها حركة فتح وما أثرت به على حركة النضال الوطني الفلسطيني بإعادة وحدة وشمل كل كوادر الحركة الذين تركوا أو خرجوا أو أكرهوا على الخروج من الحركة في إنشقاقات او غيره على خلفية برنامج سياسي تفاوضي مع العدو الصهيوني.

8-الإعتراف من قبل عباس واللجنة المركزية بكل تشكيلات كتائب شهداء الأقصلا كجناح عسكري لحركة فتح وإندماج جميع لأجهزة الأمنية في تلك التشكيلات وتخيص دعم مادي لتلك التشكيلات.

9- على السيد محمود عباس إعطاء جميع الحقوق لأبناء قطاع غزة وإلغاء جميع القرارات المجحفة بحق أبنائها كقطع الرواتب وتسوية أوضاع متفرغي 2005.

إن المقاومة الفلسطينية ونحن نعيش في أجوائها في قطاع غزة وكل فلسطيني في القطاع يمارس دوره القتالي في الصمود والقتال او فقد أسرته او اخوته أو أقاربه في هذا الصراع الحتمي مع الاحتلال، لا يمكن أن تجير المقاومة وتضحياتها لمتغيرات متلونة بين المقاومة ومشروع السلام السابق، فلا وجود ولا إنسجام بين مشروع المقاومة ومشروع السلام المعترف بالعدو على أراضينا الفلسطيني كقرار 338 وقرار 242، بل يجب الإحياء والإرتكاز على قرارات الشرعية الدولية مثل القرارات 181 و194 هذه استحقاقات وطنية واستحقاقات للمقاومة واستحقاقات للتضحيات التي تقدمها غزة وسبق أن قدمتها جنين ونابلس والخليل، بل العطاء الكبير الذي يقدمه أبناء شعبنا في أراضي 1948 والذين اخرجتهم قيادة منظمة التحرير من سياق الصراع، لتسميهم \"عرب إسرائيل\".

لابد ان نثني على كل البنود التي جائت في بيان منظمة التحرير الفلسطينية ودخول حركة الجهاد الإسلامي وحماس في بوتقة العمل الوطني من خلال المؤسسات الشرعية للشعب الفلسطيني، ولكن هناك من الفصائل أيضا يجب ان تعود لبوتقة منظمة التحرير، وإلا ستبقى حالة الانسلاخ والتشرذم في الساحة الفلسطينية بتناقضات الوضع الإقليمي.

هذه تصوراتنا للرئيس عباس، نأمل إذا كان في خطابه يريد أن يتجاوز الماضي وآلامه ، عليه أن يبحث بدقة فيما تم عرضه في هذا المقال إن كان صادقاً فنحن مع أي عمل بناء يبني ولا يهدم، ويد تبني ويد تحمل السلاح في مشروع وطني صادق يستوعب الجميع لبناء الإنسان والثقافة الوطنية والبنية التحتية للشعب الفلسطيني ف صراع دائم على هذه الأرض لا يمكن أن يحتمل إثنين نحن أو الإحتلال.

اخر الأخبار