لماذا لستُ أنجو ؟
أحمد جمال دبدوب
تعرف أنك ابتعدت بما فيه الكفاية ،
حين تفتح عينيك بشكل مفاجئ ،
وتدرك أنّ حياتك ما عادت حياتك التي تعرفه ،
وأنّ الغياب سرق قدرتك على تمييز طريق العودة ،
أصدقائك انزلقوا من صدرك ،
ابتساماتهم ما عادت في متناول يدك
وأحاديثهم الطويلة بشكلٍ أو بآخر ،
صارت تتسبّب في رنين جرس الإنذار بداخلك ،
اهرب ، ارجع إلى عزلتك ،
أقررتَ بالهزيمة والفشل ،
اختفى طعم المرارة من فمك وتصالحت مع الحقيقة ..
أخيرًا ،
اتّضحت الرؤية ،
بدأت في الالتفات إلى أمور لم تكن تدرك وجودها أصلاً !
وكأنك شخص غريب يطل من الأعلى على منظرٍ لا يعرفه ، مُريب ،
تقتات على ما يجول داخل رأسك ،
صار السكوت أبلغ من أي شيء آخر ،
تقاوم الإحباط، إلى ان تقاوم رغبتك العارمة بالحُب ،
لتقاوم شعورك بالذنب على الفائض من الأشياء في حوزتك وتقاوم
في الوقت ذاته ،
شعور قلبك بالحسرة ،
لأنّ في متناول يده كل ما لا يحب ،
والشيء الوحيد الذي يحبه لا يصل إلى يده ،
تعيش في سريرك معزولاً عن العالم.
لا تقرأ كما كنت في السابق ،
لا ترقص ،
لا تغنّي ،
لا تشرب الشاي ،
تفكر وتفكر وتفكر إلى أن يغلبك النوم ،
النجاة صورةٌ تؤرّقني في الذاكرة ،
لماذا لستُ أنجو ؟
أحمد جمال دبدوب