حوكمة المنظمات الأهلية في فلسطين ودورها في تعزيز التنمية

تابعنا على:   21:50 2018-12-15

أ. فوزي العصافرة

تعتبر منظمات العمل الأهلي مكونا أساسيا في أي مجتمع، بوصفها قنوات منظمة للمشاركة المجتمعية بصنوفها المختلفة وتختلف نظرة الدولة إلى هذه المنظمات من حيث المفهوم ودرجة الأهمية، ونطاق العمل وطبيعة ونمط العلاقة بينهما، تبعا لمستوى التقدم الديمقراطي والحضاري في الدولة، وحوكمة أنظمة الحكم وسيادة القانون فيها من جهة، ومدى تطور مفاهيم العمل الأهلي وقيمته لدى هذه المنظمات، وأنماط عمله، وطبيعة ونوعية حوكمته من جهة ثانية، وبالتالي يتفاوت التدخل التنظيمي والتشريعي للدولة تجاه منظمات العمل الأهلي من حيث مستواه، ونوعه، وفلسفته، وفقا لهذه النظرة مقرونة بمعيار المصلحة الوطنية العامة .

 

 ونظرا للظروف التاريخية والسياسية التي أدت إلى تغييب الدولة الوطنية وأجهزتها عن إدارة المجتمع، وفرض الاحتلال الإسرائيلي هيمنته على مناحي الحياة المختلفة، ظهرت مؤسسات المجتمع المدني لتؤدي وظائف أساسية في المجتمع، توازي، في كثير من الأحيان، وظائف الدولة الوطنية في المجتمعات المستقرة، كجزء من مضامين العمل الوطني الهادف إلى تعزيز صمود المواطن وبقائه.

وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية، أصدرت عام2000 قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم ( 1) لسنة2000 ، ليوحد القواعد القانونية الناظمة لعمل هذه الجمعيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليؤكد على ترسيخ تشريع ممارسة النشاط الأهلي في المجالات المختلفة؛ الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والتنموية، التي من شأنها تحسين مستوى المواطنين في المجتمع اجتماعيا، وصحياً، ومهنيا، وماديا، وروحيا، وفنيا، ورياضيا، وثقافيا، وتربويا.

ويمكننا القول أن هذا القانون مهّد السبيل لانتقال منظمات العمل الأهلي من موقع المقاوم إلى مرحلة البناء والتطوير، وتنويع مستوى الخدمات التي يمكن تقديمها إلى المواطنين، وبعد مرور ما يزيد عن عقد ونصف على إصدار القانون، بات من الضروري  دراسة الآثار التي تركها على قطاع المنظمات الأهلية في ظل غياب ضوابط العمل داخل المؤسسات لتحقيق مبدأ النزاهة والشفافية والاستقلالية وتفعيل نظام المساءلة الذي تطبقه قله من المؤسسات الفلسطينية وكيف يمكن لنا حوكمة هذه المنظمات وقياس مدى مساهمتها في قيادة هذه المنظمات باتجاه التحول إلى الدور التنموي في المجتمع.

فعلى المدى القريب نأمل أن تصبح مبادئ الحوكمة إلزامية وان تكون جزءا من التشريعات التي تنظم العلاقة بين الإدارة من جهة وبين مساهميها وعملائها والعاملين فيها من جهة أخرى، وان يتم تعديل التشريعات القائمة لتتناسب مع مبادئ وقواعد الحوكمة الرشيدة المتعارف عليها عالميا، أما على المدى البعيد فنأمل أن تكون الحوكمة مكونا رئيسيا من ثقافة الإنسان الفلسطيني وجزءا أساسيا من قيم النزاهة والشفافية والمسائلة التي يؤمن بها ويمارسها في سلوكه اليومي فالحوكمة هي قيمة بحد ذاتها وليست وسيلة للوصول إلى غاية محددة .

 

وانطلاقا من هذه الأهمية الكبيرة  لحوكمة منظمات المجتمع الأهلية ودورها في التنمية الوطنية وترسيخ المجتمع المدني الديمقراطي القائم على القانون والتعددية، وتعزيزاً لدور منظمات المجتمع المدني في الحوار الوطني العام والمشاركة في وضع الإستراتجيات والخطط التنموية وتكاملها مع استراتيجيات الدولة الفلسطينية وخططها وبرامجها، فلابد لنا من اقتراحات وتوصيات من اجل تطوير البيئة اللازمة لتحقيق التعاون والشراكة المطلوبة، وتطوير آليات التنسيق والتشبيك مع الأطراف كافة، وتشجيع الحوار وتبادل الأفكار والآراء؛ ليتم حوكمة هذه المنظمات والالتزام بمبادئها بهدف تطوير العمل الأهلي وزيادة إسهاماته وفاعليته في تحقيق التنمية البشرية المستدامة في فلسطين .

توصيات:

1-تعديل القانونين والتشريعات المعمول به في فلسطين في المنظمات لتطبيق أوسع لمبادئ الحوكمة

2- تعميق مفهوم الحوكمة لدى المنظمات والنتائج الايجابية التي ستحصدها عند تطبيقها لمبادئ الحوكمة

3- إعداد وتطوير كادر المنظمات الأهلية ليكون قادرا على تطبيق مبادئ الحوكمة

4- ضرورة وجود خطة تنموية شاملة من خلال إشراك جميع أصحاب العلاقة

5- تطوير مؤشر قياس لمدى التزام المنظمات بقواعد مدونة الحوكمة .

6- إعطاء المدونة صبغة أكثر إلزامية وتعميم ذلك على الموظفين في المنظمات

7- ضرورة الاستفادة من تجارب المنظمات غير الربحية الناجحة في تطبيق معاير الحكم الرشيد سواء كانت محلية واو دولية .

اخر الأخبار