"جرائم" حماس كثيرة إلا هذه يا "سيادة" الرئيس!

تابعنا على:   09:58 2018-11-12

كتب حسن عصفور/ لأنه ياسر عرفات، من جسد قولا وفعلا مبدأ "القرار الفلسطيني المستقل"، ما كان يجب أن تمر ذكراه بخطاب تهديد من رئيس السلطة محمود عباس، بفرض مزيد من عقوبات على قطاع غزة، كان لذكرى الشهيد المؤسس ان تعيد "وعيا" فقد ظله خلال الـ14 عاما، والتفكير كيف لمن ورث منصب الرئيس أن يعمل بكل السبل كي لا تنتصر المؤامرة التي يرددها بلا انقطاع، لكنه قرر غير ذلك، وواصل تكريس كل ما يخدم تلك "المؤامرة" على القضية الفلسطينية شعبا وأرضا وهوية، ومشروعا وطنيا.

في خطابه يوم 11 نوفمبر، ذكرى اغتيال الشهيد المؤسس "أب الوطنية الفلسطينية" (اللقب الذي يتجاهله عباس حيثما نطق)، تحدث رئيس السلطة بخطاب فتح به كل المخاوف الكامنة، وأغلق الباب أمام الجهد المصري العام، وكأنه يرمي بقفاز التحدي السياسي، دون أي اعتبار للدور الشاق الذي يبذل بأمل تحقيق "المعجزة" لإنهاء الانقسام وقطع الطريق على تكريسه "انفصالا مؤقتا" نحو الانفصال العام.

وما لفت الانتباه في خطاب 11 نوفمبر، ليس إعلان عباس إغلاق الطريق امام مسار المصالحة، بعد أن خرج بذاته من أي دور في مسار التهدئة، والتي كان له ان يكون فاعلا إيجابيا دون فرض شروط هيمنة بلا وجه حق، لكن تلك الإشارة "الغريبة" حول أن حركة حماس منعت قيام الدولة الفلسطينية حيث قال، " هناك مؤامرة اميركية تتمثل بصفقة العصر، وهناك مؤامرة اسرائيلية لتنفيذ الصفقة، ومع الأسف هناك مؤامرة أخرى من حماس لتعطيل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة".

بلا أدنى شك، ارتكبت حماس، ومنذ انطلاقتها في نهاية 1987، عدد غير محدد من "الجرائم السياسية"، أبرزها العمل كبديل مواز لمنظمة التحرير، ما ساعد كل القوى المعادية استغلال ذلك، ورفضها كل محاولات الخالد بالانضمام لمنظمة التحرير، وممارساتها خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى، وحربها لحسابات "غير وطنية" لتدمير "اتفاق اعلان المبادي - اتفاق أوسلو"، ورفضها العمل ضمن المؤسسة الوطنية الفلسطينية التي تشكلت بعد ذلك، وهددت أي من حماس يشارك في انتخابات المجلس التشريعي 96، ثم انقلب أمرها بطلب قطري تنفيذا لمخطط أمريكي - إسرائيلي للمشاركة في انتخابات 2006، التي فتحت باب "النكبة الكبرى"، ثم انقلابها الأسود يونيو 2007، وما تلاه من جرائم في قطاع غزة.

إلا أن "المؤامرة" التي نسبها الرئيس عباس الى حركة حماس بمنعها قيام الدولة الفلسطينية، بالمعنى المباشر، هي براءة منها تماما، بل يمكن الإشارة لعكس ذلك، عندما اعترفت بشكل "خجول"، أنها تقبل بدولة فلسطينية في حدود 1967، ثم أشار الى ذلك كل من القيادي التاريخي في الحركة د. موسى أبو مرزوق وقائد حماس في غزة يحيى السنوار، أن حماس تقبل قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، أي حدود 67.

ولتنشيط "ذاكرة الرئيس"، فقد صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار 19/ 67 عام 2012 الذي أعلن عن دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، وقبلت عضوية الدولة كمراقب.

6 سنوات مضت على قرار يمكن اعتباره القرار السياسي التاريخي لتكريس دولة فلسطينية، وقبولها عضوا مراقبا على طريق الاعتراف الكامل بها، وبدلا من قيام الرسمية الفلسطينية ومنظمة التحرير بإعلان قيام الدولة، وفقا للقرار الأممي، تهرب الرئيس عباس كليا من تنفيذه، بل ومارس كل اشكال التضليل كي لا يتم التنفيذ، وأصر على أن تستمر "سلطة الحكم الذاتي"، التي فقدت كل مبررات استمرارها، كي لا يعلن دولة فلسطين، ثم تجاهل بشكل مثير للريبة الوطنية قرارات المجلس المركزي عام 2015، لإعلان الدولة بديلا للسلطة.

خلال السنوات الست، كانت كل السبل مهيأة تماما لتنفيذ القرار الأممي حول دولة فلسطين، بل أن هناك ورقة سياسية هامة جدا، كان يمكن استخدامها فورا، بتجميد "الاعتراف المتبادل" بين منظمة التحرير والكيان الى حين " الاعتراف المتبادل بين دولتي فلسطين وإسرائيل".

الرئيس عباس وحده، من رفض كل مطالب اعلان الدولة، والذي كان سينقل القضية الوطنية الى مسار جديد يحاصر به المحتلين و"الانقساميين"، لكنه واصل مسيرته متجاهلا القرار وكل قرارات المجلس المركزي والتنفيذية ولاحقا "الوطني"، الذي عقده بمواصفات سياسية وشخصية تتناسب مع فرض ما يريد، لكنه أدار الظهر لكل ذلك وأطاح بقرار الأمم المتحدة.

في يناير 2017، عقد في بيروت اجتماع اللجنة التحضرية لعقد مجلس وطني توحيدي لمنظمة التحرير، وقد تم التوافق بين كل مكونات الحركة الوطنية، ومنها فتح، حماس والجهاد، وترأس اللقاء أبو الأديب الزعنون، القيادي التاريخي في فتح، ورئيس المجلس الوطني، لكن عباس وحده ودون سواه، رفض كل ما كان، ليقطع الطريق على أول فرصة جدية لعقد مجلس وطني توحيدي وتمثيلي لكل الشعب، رفض لم يكن سوى جزء من الاستمرار في تكريس الانقسام على طريق مساعدة تمرير مؤامرة الفصل السياسي.

قبل أسابيع، دعا د. أبو مرزوق الرئيس محمود عباس الذهاب الى قطاع غزة، ومنها يعلن قيام دولة فلسطين، موقف ربما شكل "مفاجأة سياسية" للرئيس عباس وفصيله وتحالفه، وتم تجاهل "النداء الأهم" من قيادة حماس لردم مؤامرة الانقسام فالانفصال فصفقة ترامب، لكن عباس تجاهل ذلك كليا.

نعم، هناك مؤامرة على قيام دولة فلسطينية، ومؤامرة على المشروع الوطني، لكن من يرفض إعلان قرار الأمم المتحدة، ومن يرفض تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي وكذلك التنفيذية، هو من يعمل على تمرير تلك المؤامرة.

هناك فرصة وقد تكون الأخيرة قبل تغيير المشهد السياسي العام تغييرا جذريا، ان يستجيب الرئيس عباس لنداء حماس ويذهب الى مقر الخالد المنتدى بغزة، ومنها يعلن إعلانا تاريخيا بقيام دولة فلسطين من أرض فلسطين، ومن غزة تبدأ رحلة الانطلاقة الثورية الثانية لتحرير أراضي دولة فلسطين من محتلها الغاصب.

ليس بالاتهام الأجوف يمكن مواجهة المؤامرة، يا "سيادة" الرئيس!

ملاحظة: عملية خانيونس ليل 11/ 12 نوفمبر، فعل مركب، من الصعب اعتبار العدو فشل فيما أراد لأن عدد الشهداء 7 مقابل ضابط من المحتلين، لكنها اشارت أن الأجنحة المسلحة للفصائل لا تتعامل وفق بيانات الاعلام ..عيونها ساهرة، درس جديد يجب الاستفادة منه.

تنويه خاص: وصول أمين سر مركزية فتح جبريل الرجوب الى مصر بعد كل حربه عليها، يؤكد كم هي كبيرة وشقيقة حقا، وكم هم صغار كانوا وسيبقون .. وقريبا سنقرأ كلاما له نقيضا لكلام تيار أعداء مصر، الذي أطلقه مرارا وتكرارا.

اخر الأخبار