\\\"اتفاق ما اتفق عليه\\\" وتغييب المضمون السياسي!

تابعنا على:   10:26 2014-04-24

كتب حسن عصفور/ عاد طرفي الأزمة الفلسطينية لتوقيع ما سبق الاتفاق عليه، دون تقديم جديد يمكن ان يراه الفلسطيني مؤشرا أكثر جدية مما سبق ان تم تداوله في \\\"بورصة\\\" الاتفاقات الموقعة بينهما، والتي كانت تنتهي دوما بذات العبارات من ممثلي الأزمة الانقسامية، بزف البشرى للشعب الفلسطيني ونهاية \\\"عهد الانقسام\\\"، وأن الوعي والادراك والمسؤولية حسما خيار المصالحة، كلمات لو أريد العودة لها سيجدها الانسان ذات الكلمات وربما ذات الابتسامات والضحكات ايضا، وكأن شيئا لم يكن يوما قد حدث من مصائب متعددة الأركان، ولأن العجز عن تفسير ما كان ولما كان ما كان، ومن هو المسؤول عما كان، يهرب أصحاب \\\"الكارثة الوطنية\\\" الى استغلال \\\"عاطفة الشعب\\\" التواقة للوحدة الوطنية وقبر \\\"عصر الانقسام\\\"، ويحاولون تصدير حملة \\\"إرهاب فكري – سياسي\\\" لتصديقهم بأنهم فعلا حريصون على المصلحة الوطنية، وأن توقيعهم مجددا على ما سبق توقيعه مرات عدة بذات النص والشكل، هو هدية وكنز لشعب فلسطين..

الخطوة الأولى التي كان يجب أن يتقدم بها طرفي الأزمة – الانقسام، أن يعتذر كل منهما اعتذارا حقيقيا للشعب الفلسطيني أولا، ولأحرار الأمة والعالم ثانيا، عما حدث واستمر سنوات من جريمة سياسية وانسانية واهانة وطنية، فبدون الاعتذار العام عن استمرار ذلك، يصبح الكلام ليس سوى كلاما معسولا يعيد أنتاج منتج التوافق السابق، والذي ينتهي مع انتهاء الغرض الذي يراد منه استخدام كل طرف الطرف الآخر في مأزقه الذي يعيش..

والاعتذار ليس تكبيلا لجوهر المصالحة، لكنه تأكيد وقيد على من قام بجريمته تجاه الشعب، فلا يجوز أن يمر ما مر من مصائب كبرى، وكأنه لم يكن..بل يراد أن يخرج الشعب مصفقا ومطبلا لمن ارتكب \\\"الإثم الوطني\\\".. من يرفض الاعتذار عن جريمة الانقسام ويدرك قيمة الركوع أمام ارادة شعب، لا يمكنه أبدا ان يتمكن من تقديم الخير لشعبه..ومن يخجل من الاعتذار عن جريمة سياسية بحجم الانقسام لن يصل يوما لتحقيق المصالحة الفعلية، ويكتفي بمظهر هش رخو يمكنه أن ينتهي مع أول كلمة يشتم منها نيلا بالآخر..

ولأن الاعتذار قد لا يحضر مع من ارتكب جريمة الانقسام، وكي لا يقال أنها \\\"مسألة شكلية\\\"، واعتبار التوقيعات ذاتها \\\"اعتذارا\\\"، يمكن وضعها على جانب النقاش الذي غاب كليا عن الحدث الذي حدث يوم 23 ابريل في منزل اسماعيل هنية بمخيم الشاطئ بغزة، رغم انه كان أكثر هيبة وجدية لو أنه كان في قاعة \\\"المجلس التشريعي الفلسطيني\\\" أو في مقر الرئاسة الفلسطينية المعروف بـ\\\"المنتدى\\\"، ولأن البعض لا يقف أمام قيمة \\\"الرموز الوطنية\\\"، فسنتجاوز ايضا هذه المسألة، في سياق حملة المهادنة المطلوبة وكي لا يتهم كل من له ملاحظة بأنه \\\"شريك في تعميم الاحباط\\\"، كما قالها مسؤول فتح لتكرار توقيع الاتفاقات..

لكن، ما لا يجب القفز عليه أو تجاهله، مهما حاولت حملة المباخر القيام به لترويج \\\"اتفاق المتفق عليه\\\" هو غياب أو تغييب \\\"المضمون السياسي\\\" لما حدث، فمن يتابع الحدث سيجده منصبا كليا على اعادة انتاج \\\"آليات\\\" تحقيق الاتفاقات السابقة، وتجاهل كلي لجوهر المسألة السياسية، رغم انها القضية الجوهرية لأي اتفاق ممكن قصير المدى و بعيده، آني أو استراتيجي، فالقضية الفلسطينية والمعركة مع دولة الكيان لا تقف عند حدود آليات العمل، مع أهميتها ايضا، لكن تلك الآليات لا قيمة لها لو غاب عنها البعد السياسي الذي تعمل من أجله..فهي ليس أدوات لجمعيات خيرية لاعادة تسكين الموظفين أو اعادة تقاسم الحصة الأمنية بشكليها الوظيفي والمهام، أو البحث في بعد الصلح الاجتماعي، لكن الجوهري هو آليات لتحقيق المشروع الوطني التحرري الفلسطيني، وهو ما تجاهلته كل الاتفاقات التي سبقت واعيد توقيعها مجددا في منزل هنية بغزة..

ولم تكتف أطراف توقيع \\\"المتفق عليه\\\"، بتغييب الموقف السياسي من القضايا الكبرى، خاصة المفاوضات القائمة واثرها على مستقبل المشروع الوطني، وانها تشكل خروجا عن الاجماع السياسي، وتجاهل برنامح وأهداف ذلك المشروع، وما تقوم بد دولة الكيان من عمل تهويدي – استيطاني لمصادرة المشروع الوطني بل والهوية الوطنية، لكن تلك الأطراف ذاتها تجاهلت، المكتسب التاريخي للشعب الفلسطيني الذي مثله قرار الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وقبولها كـ\\\"دولة عضو\\\" مراقب، وكأن الاتفاق يحاول أن يلغي المنجز الكبير في سبيل تحقيق \\\"منجز آني\\\"، وهنا نشير أن كل آليات الاتفاق هي آليات للسلطة الوطنية، التي يهدد ابو مازن ليل نهار باعادة مفتاحها لسلطة الاحتلال، فالحكومة المقترحة هي حكومة لسلطة، وانتخابات مجلس تشريعي ورئيس للسلطة، وكأن حضور \\\"دولة فلسطين\\\" تم تأجيله الى زمن آخر..

الخطر السياسي ليس في تجاهل الانتصار التاريخي للشعب في قرار الأمم المتحدة، بل في أن اطراف الأزمة قرروا ادامة أمد المرحلة الانتقالية في ظل سلطة الاحتلال، بكل التزاماتها بما فيها \\\"التنسيق الأمني\\\"، والذي يعتبره الرئيس محمود عباس الثابت الذي لن يصاب بسوء مهما حدث..اعادة انتاج مؤسسات السلطة هو تكريس موضوعي للمرحلة الانتقالية مع الاحتلال، ما يتيح لفتح استخدامها لاحقا في اطار العلاقة مع أمريكا، وايضا دولة الكيان لتخفيف هوجة الغضب، من ان لا مساس بتغيير الوضع القائم، وان حماس قد حضرت لما تريده فتح سياسيا..فيما حماس تعتقد أنها تنازلت بالشكل كي تعبر ازمتها الشاملة في المنطقة..

حكومة لسلطة تنتج مجلسا لسلطة وتعمل على تحضير انتخابات رئيس للسلطة، فاين دولة فلسطين التي يفترض انها ستكون هي العنوان الجديد للكيانية، أم ان قرار الأمم المتحدة سيتحول لتكتيك يتم التلويح به عند \\\"الزنقة السياسية\\\"..كيف يمكن ان نصدق جدية الحديث عن المصالحة الوطنية وهناك تجاهل كلي لأهم انتصار سياسي للشعب خلال السنوات الأخيرة..

من يهرب من البرنامج السياسي والانتصار السياسي الوطني لا يمكنه أن يكون امينا للمضي في تحقيق المشروع الوطني..وكيف يمكن ترجمة \\\"مشروع المقاومة القادم\\\"، سواء العسكري كما تردد حماس ليل نهار، دون فعل، أو الجماهيري كما تقول فتح، وايضا دون تنفيذ، لكنه سؤال ايضا لم يجد له مكان حتى في كلمات الترحيب بالمنجز اللغوي الجديد..

اسئلة فرعية قد تجد ذاتها لتصبح أكثر من ذلك لاحقا..

*اين سيتم لقاء الاطار القيادي المفترض لمنظمة التحرير، هل ستسمح مصر لخالد مشعل ان يحضر الى القاهرة دون أن تقدم حماس على مراجعة موقفها من الثورة المصرية وعلاقتها بالجماعة الإخوانية..أم أنها ستكتفي بحضور موسى ابو مرزوق وتنتهي المسألة عند هذا الحد القاصر..

*كيف يمكن لمصر أن تعيد الاعتبار لحركة المعابر في رفح، اذا لم تراجع حماس موقفها، وهل الأزمة اصلا في هوية الشرطي أو الاداري الذي يقوم بعمل داخل المعبر..اليس هناك بعد سياسي لأزمة معبر رفح..

*وهل سيتم رؤية المجلس التشريعي عائدا للعمل والنشاط والمحاسبة والمراقبة، أم سيتم الاكتفاء بالحديث عنه..

*متى تبدأ مشاروات الرئيس عباس ( صحيح هنية لم يتلفظ باسمه واكتفى باللقب)، لتشكيل الحكومة، وهل سيذهب الى قطاع غزة من اجل التشاور ايضا، ام سيكتفي بالتشاور الهاتفي معها..وهل له تحديد موعد للذهاب الى قطاع غزة!

*هل ستحضر حركتي حماس والجهاد دورة المجلس المركزي القادمة بعد اتفاق المتفق عليه، كبادرة حسن نوايا من حماس نحو القادم السياسي..

* هل يمكن اعتبار المفاوضات الجارية خارج صلاحية اطراف الاتفاق وأنه لا سلطة لأحد عليها تحت ذريعة أنها باسم منظمة التحرير – رغم ان قيادة المنظمة لم تقر ذلك اصلا-!

اسئلة قد تغضب من يريد تمرير المسألة..وكأن المطلوب الرضوخ لما يتفقون عليه ومصادرة الخبرة التاريخية ودروسها وتجميد العقل الفلسطيني عند حدود \\\"إدراكهم القاصر\\\"..!

وكي لا ننسى فالموقف الأميركي والاسرائيلي من الحدث هو تأكيد بأن كارثة الانقسام واستمرارها كان الهدية الأهم لخدمة مصادرة المشروع الوطني..لكنهم بالقطع لن يغضبهم تجاهل السياسي في البعد التصالحي بل قد يكون مصدر سعادة كامنة لهم..!

ملاحظة: هل ستعتبر حماس بعد اليوم أن \\\"التنسيق الأمني\\\" خيانة لدم الشهداء..أم أن الصمت سيكون سيدهم!

تنويه خاص: شكرا لمجلس نواب لبنان لاسقاطه رمز الجريمة السياسية المعاصرة ضد اهلنا في صبرا وشاتيلا..الى بئس المصير يا جعجع!

اخر الأخبار