مصالحة أم زواج متعة ؟؟؟

تابعنا على:   21:32 2014-04-23

توفيق أبو خوصة

مع تباشير المصالحة التي زفها علية القوم بعد مخاض عسير الخائفون من المصالحة كثر ولكل أسبابه ،، المتضررون من نجاحها ليس أقل منهم ، هنا لا نتحدث عن المضمون السياسي والوطني للمصالحة ، ولكن عن الأبعاد الشخصية والاقتصادية والمجتمعية التي تؤثر في صناعة القرار على كل المستويات ذات الصلة ، كون هذه الفئات والقوى المضادة لا يمكن إغفال حضورها و تأثيرها ، لذلك يحسب حسابها في كل المحطات ، ولديهم القوة و النفوذ والأدوات و الوسائل القادرة على التدخل السلبي في المعادلة بإختلاق عوامل الفشل والإفشال و تسويغ و تسويق الذرائع والمبررات لهذه الجريمة الممتدة و أغراضها في كل مرحلة ، وهذا للأسف ما شهدناه طيلة السنوات السبع الماضية من عمر الإنقلاب المشؤوم ، مع التأكيد على أن هذه النوعية من الإنتهازيين موجودة على طرفي المعادلة ، فهل سيتوقف هؤلاء عن سعيهم المحموم في الحفاظ على مصالحهم ومكتسباتهم ؟؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك بكثير ؟؟
حقيقة السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني يتمنى التوفيق للمساعي المبذولة من أجل إنجاز مصالحة وطنية تعيد الإعتبار للنظام السياسي والمؤسسات الوطنية والتمثيلية على أسس وحدوية تعيد لم الشمل الفلسطيني وتطوي صفحة سوداء لا تشريف لأحد فيها ، بل يجمع الكافة من الحريصين على المصلحة الوطنية على إدانتها وضرورة السعي الجدي و الفعلي للتخلص من آثارها المأساوية التى بدأت بالإنقلاب الأسود وتداعياته اللاحقة وكان الطرف الوحيد المستفيد منها هو الإحتلال الإسرائيلي .
لكن تقاطع المصالح أتاح المجال أمام تلك الفئة من المتضررين والخائفين والإنتهازيين أن يكونوا سوية في الخندق الإسرائيلي في مواجهة التطلعات الوطنية الفلسطينية الداعية لإغلاق هذا الملف الأسود و مداواة الجراح النازفة التي خلفها الإنقلاب على الشرعية ، وهؤلاء منهم الساسة والتجار والقتلة والمجرمين و أغنياء الأنفاق و أثرياء التهريب ، ولا ننسى هنا تلك الشريحة التي جعلتها المتغيرات من أصحاب الحظوة والمكانة وتمتلك من الجاه والنفوذ ما لم تكن تحلم به في الظروف الطبيعية ، أما الأسوأ منهم وفيهم هم من باتوا جهاراً نهاراً يروجون لفلسفة عنصرية و إقليمية تستند لمفاهيم التمييز السلبي والتفرقة العصبوية على أسس مناطقية وجهوية وشللية وصناعة الولاءات الزائفة لتفتح أمامهم بوابات ممارسة الإقصاء والتحريض والكيد الإنتقامى ضد الآخرين ونيل المزايا والعطايا على الجانب الآخر.
لكن لا ننسى أيضا أن المصالحة لها أعداء آخرين أو على الأقل لا يريدون لها أن تتحقق لحسابات سياسية أو إقليمية أو دولية في نفس الوقت ، لكن الأهم هنا ما يتصل بالجبهة الداخلية حتى لا نعود للمربع صفر في أي لحظة مهما كانت الأسباب ، مع أن طبيعة التوافقات والإتفاقيات المنوي تنفيذها خاضعة لكل المخاطر الخلافية التي ستبرز بقوة عند التطبيق بسبب الاختلاف في تفسير بنودها ونصوصها ومحاولات التذاكي من هذا الطرف أو ذاك لإستثمارها لتصب في مصلحته ، مع أن المتغيرات التي حدثت منذ التوقيع عليها حتى الآن لابد من الوقوف أمامها بجدية و أخذها في عين الإعتبار بحكم التوازنات الجديدة المرتبطة بالعاملين الإقليمي والدولي على حد سواء . لذلك فإن هناك تخوفات وهواجس قوية لن تفارق نوبة الصحوة الحالية في المصالحة طيلة الفترة المقبلة إذا ما كتب لها النجاح في المرحلة الأولى وستظل في غرفة الإنعاش على الدوام ، وشيطان التفاصيل له من السطوة والقدرة سر باتع وسيف قاطع وزبانيته من الانتهازيين أكثر من الهم على القلب ، وبدون الخوض في الغيبيات نحن في إنتظار قادم الأيام ، النوايا والأفعال على المحك ، ونرجو الله ألا يكون ما حصل ليس أكثر من زواج متعة ، إحذروا الشعب فقد وصل لمرحلة متقدمة جدا من الزهق والقرف من طائفة المغامرين والمقامرين الذين يمارسون ترف التلذذ بعذاباته و معاناته اليومية لدرجة الغليان التي تسبق الإنفجار ، ولن يقبل هذه المرة بغير التجاوب مع إرادته في إنهاء هذا الجحيم المأساوي الذي سبق و أن صنعه الموقعون على الاتفاق الجديد !!!.

اخر الأخبار